عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-09-08, 05:55 AM   #9
ابو غيث
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-21
المشاركات: 738
افتراضي

مشتملات إعداد الاقتصاد الوطني

لو نظرنا الى مشتملات إعداد الاقتصاد الوطني للدولة لوجدنا أنها كثيرة ومتشعبة، ولكن هناك ثلاث اتجاهات منها لها الأثر الأكبر في الاقتصاد القومي للدولة وإعداده وهي الصناعة والزراعة والنقل.

إعداد الصناعة

يُعد إعداد الصناعة للعمل تحت ظروف الحرب أهم عنصر من عناصر إعداد الاقتصاد للحرب وذلك لأن نتائج الصراع المسلح في الحرب الحديثة تعتمد على قدرة الدولة في توفير متطلبات المعركة بانتظام وهو ما يقتضي إعداد الصناعة مبكراً حتى يمكن تنفيذ الانتاج الحربي من المعدات والأسلحة بالكميات والتوقيتات المحددة وفق الخطط الموضوعة.

ولكن دروس الحرب العالمية الأولى والثانية أثبتت أنه لا يمكن لأي دولة مهما بلغت من التقدم والثراء أن تُعد كل ما تتطلبه الحرب من أسلحة ومعدات وذخائر مسبقاً. حيث أن كل مخزون الدول المتحاربة استهلك بالكامل تقريبا في المراحل الأولى. ولم تستطع المصانع الحربية من تلبية طلبات الجبهات وأصبح الحل الوحيد الممكن هو تحويل جزء من الصناعات المدنية الى الانتاج الحربي.

إن إعداد الصناعة للحرب أو ما يُسمى بالتعبئة الصناعية يشمل عدداً كبيرا من الإجراءات التي يمكن تقسيمها الى ثلاث مجموعات رئيسية:

أولا: الاجراءات الإدارية وأهمها:

1ـ تحديد المؤسسات التي سيتم تحويلها للإنتاج الحربي.
2ـ تخصيص المهام الإنتاجية لكل مؤسسة مدنية.
3ـ بناء مخازن للمواد الأولية اللازمة لسرعة التحول.
4ـ وضع خطة إعادة توزيع قوة العمل والقوة البشرية وتشمل عدد العمال المطلوب استدعائهم للخدمة العسكرية حسب خطط التعبئة والاحتياط. وعدد العمال المطلوب سحبهم من المؤسسة (وتخصصاتهم) لدعم المؤسسات الصناعية الأخرى، وخطة الإعداد الفني المسبق لقوى العمل .. الخ.

ثانياً: الإجراءات الفنية وتشمل:

1ـ التوحيد (النمطية). أي عمل تصميمات متماثلة من المعدات المدنية والعسكرية، لإمكان توفير المواد الاحتياطية بأسلوب تبادلي.
2ـ التوحيد القياسي. وهو تحقيق التجانس في الأسلحة والمعدات، وهذا يعني توحيد النماذج المستخدمة.
3ـ الإنتاج التجريبي. تمارس جميع المؤسسات منذ السلم تجربة عملية الانتاج طبقا لخطة الانتاج زمن الحرب.

ثالثا: حماية المنشآت الصناعية:

إن أهم جانب في إعداد الصناعة للحرب، هو تأمين حمايتها واستمرار بقائها لكونها أحد الأهداف الحيوية التي يسعى العدو دائما للنيل منها، لذلك أصبح تأمين المنشآت الصناعية من أهم العوامل المؤثرة في قدرة الصناعة الوطنية. لذا يجب وضع التخطيط المتكامل لحماية المنشآت الصناعية ووقايتها:ـ

1ـ نشر المؤسسات الصناعية في عموم البلاد، وإقامتها خارج المدن كقاعدة عامة، وخارج المناطق الممكن إغراقها إذا ما دمر العدو المنشآت المائية (السدود) على الأنهر والقنوات القريبة منها.

2ـ محاولة وضع المؤسسات في أبنية نصف مدفونة أو تحت الأرض ولاسيما تلك التي تنتج أكثر المعدات أهمية وحيوية.

3ـ وضع خطة لتسهيل احلال بعض المؤسسات الصناعية محل بعض لضمان استمرار بقاء الصناعة إذا ما تعطلت إحدى المؤسسات.

4ـ الإعداد المسبق للمواد والمعدات اللازمة لسرعة إزالة آثار التدمير إذا ماحدث بالمؤسسة.

5ـ وأخيرا يتوقف استمرار بقاء الصناعة على درجة كفاءة الدفاع الجوي عنها أمام المهمات الجوية المعادية.

إعداد الزراعة

يُعد الإنتاج الزراعي للدولة من العوامل المؤثرة في استمرار بقاء الشعب وقواته المسلحة، لأن أي قصور في هذا المجال يؤثر مباشرة في حياة الأفراد وروحهم المعنوية، لذلك يجب أن توجه الدولة عنايتها للإنتاج الزراعي لأجل تأمين الاكتفاء الذاتي للأصناف الحيوية التي تؤثر مباشرة على قوت الشعب في الأقل. ولأجل إعداد الزراعة لمواجهة مطالب الصراع المسلح وإمداد القوات المسلحة والشعب بالمواد الغذائية يجب اتخاذ عدد من الإجراءات أهمها:ـ

1ـ تنظيم الإنتاج الزراعي على أساس المبادئ الأساسية لاقتصاديات الحرب، مع ضرورة وجود احتياطي من المواد الغذائية وتخزينها في أماكن مناسبة مسبقا بعيدا عن المدن والمناطق المزدحمة بالسكان.

2ـ التركيز على الاستثمارات الزراعية ذات العائد السريع وبما يساعد على زيادة الصادرات وتخفيض الواردات.

3ـ إنتاج المواد الضرورية ولا سيما تلك التي لها القدرة على البقاء والتخزين فترة زمنية طويلة نسبيا مثل البقول والحبوب والحاصلات اللازمة للصناعة.

4ـ تكوين احتياطي من منتوجات المواد الغذائية (معلبة ـ مغلفة ـ محفوظة) على أن يتم وقايتها للمحافظة عليها في حالة سليمة لمدة طويلة.

5ـ تطبيع المعدات الزراعية لإمكان استخدامها وقت السلم والحرب مثل الساحبات والناقلات الكبيرة ومعدات تسوية التربة وتمهيد الطرق وعجلات المياه والوقود (صهاريج النقل).

6ـ ينبغي العناية أيضا بساحات العمليات من وجهة النظر الزراعية عن طريق إنشاء التجمعات الزراعية في بعض مناطق القوات المسلحة لتأمين مطالبها.

لو نظرنا الى الدول العربية مجتمعة في إطار تعاونها معا في سبيل توفير الكفاية الذاتية لها من داخلها لوجدنا أن لديها جميعا جميع المقومات اللازمة لبناء تكامل اقتصادي زراعي فيما بينها بما يحقق اكتفاءا إقليميا ذاتيا مع إمكانية كبيرة لتصدير بعض منتجاتها. ولعل هذا من أنجح السبل وأسهلها الى التعاون العربي في سبيل المصلحة العربية العليا وقت السلم والحرب معاً.


يتبع في إعداد النقل
__________________
ابو غيث غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس