المواطنة انتساب جغرافي، والهوية انتساب ثقافي. المواطنة انتساب إلى أرض معينة، والهوية انتساب إلى معتقدات وقيم ومعايير معينة.
فما العلاقة بينهما؟ نذكر فيما يلي أمثلة للعلاقات بينهما، وللمشكلات التي تثيرها هذه العلاقات، فنقول:
- الهوية لازمة للمواطنة؛ لأن المواطنين لا بد لهم من نظام سياسي، وعلاقات اقتصادية واجتماعية، وقوانين تضبط هذه العلاقات. وكل هذا إنما يبنى على معتقدات وقيم ومعايير؛ أي على هوية معينة.
- ليس الوطن الذي ينتسب إليه المواطنون هو الذي يحدد لهم نوع الهوية التي إليها ينتسبون. فالوطن الواحد قد تتعاقب عليه نظم مختلفة بل ومتناقضة. فالروس كانوا مواطنين روساً، حين كانوا ينتمون إلى الاتحاد السوفييتي، وحين كان نظامهم الاقتصادي اشتراكياً، وكان نظام حكمهم دكتاتورياً، وهم الآن مواطنون روس بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وبعد حلول الرأسمالية محل الاشتراكية، والديمقراطية محل الدكتاتورية.
- فالهوية إذن هي النظارة التي يرى من خلالها المواطنون ما هو مناسب أو غير مناسب، صالح أو غير صالح لوطنهم. فإذا اختلفت النظارات اختلف تقويم الناظرين إلى ما ينظرون إليه، وإن اتفقوا على الحقائق الحسية.
- وإذا صح هذا فإن المواطنين مهما كان إخلاصهم لوطنهم وحرصهم على مصلحته لا يمكن أن ينظروا إلى تلك المصلحة باعتبارهم مواطنين فقط، بل لا بد أن ينظروا إليها بحسب هوياتهم. لكن بعض الناس يتوهمون أنه بإمكان المواطنين في بلد ما أن يحلوا مشكلاتهم بمجرد انتمائهم الوطني. فيقولون مثلاً: لماذا لا نجلس باعتبارنا سودانيين فقط أو سوريين فقط، أو يمنيين، أو خليجيين، أو مصريين، وننسى انتماءاتنا الدينية والأيديولوجية لنحل مشكلة من مشكلاتنا الاقتصادية؟ نعم هنالك مشكلات يمكن أن يحلها الناس حتى باعتبارهم بشراً، ودعك من أن يكونوا مواطني دولة من الدول، ولكن ما كل المشكلات كذلك، وإلا لما انتمى الناس أصلاً إلى ثقافة من الثقافات، بل نظروا إلى كل مشكلة باعتبارهم بشراً لا غير.
فبعد هذا كله هل عرفنا ماذا نقصد عندما نقول نريد هوية الجنوب العربي وايضاً نريد وطن نستوطن وهو (جمهورية اليمن الدموقراطي الشعبي ) المعترف الى عام 90