بيريه واتر .. والحجه فطوم
الطيف - خاص - محمد احمد البيضاني
اليوم رأيت الحجه فطوم ويبدو على وجهها الغضب الشديد ، سألتها عن الأمر ، قالت أنظر ما يجري في عدن ، وإنقطاع الماء عن الناس ، في هذا الجو الحار ، كأن هذه العصابة الحاكمة ليس لها في الأمر شي ، مصالح الناس لا تعنيهم ، الناس في عدن وزنجبار بدون ماء والمياه ملوثة ، فين أيام بندر عدن .. عاصمة الجنوب العربي - بلادنا الجميلة ، أيام الماء النظيف ، واليوم الماء مقطوع وملوث ، شوف على قلة أدب ، حكومة عيال سوق الصيد ، الحجه فطوم تقول الدولة هيبة ونظام ، مش مرفاله ، ولكن تكلم من ؟؟ قلت لها يا حجه فطوم سوف أسرد عليك قصة الماء في عدن ، إنها يا حجه فطوم من أجمل القصص ، إنه التاريخ العظيم لأشخاص قد ماتوا ولكنهم سيعيشوا مدى الزمن بما خلفوا ورائهم من الخير ، التاريخ الإسلامي يذكر بكل إجلال ومحبة قصة البئر التي أشتراها الخليفة عثمان بن عفان ، رضي عنه ، ليشرب منها الناس . ويذكر التاريخ في بلادنا قصة الماء التي ترتبط بعظمة هؤلاء الرجال : الكابتن هينس ، مستر كمسري ، الفارسي بيكاجي قهوجي .
ذكر رئيس النظام في صنعاء منذ فتره بأن على الجنوبين أن يشربوا من البحر، إن هذا التصرف السوقي لا يحدث من رجل دولة ، إنه تصرف الرعاع ، إن من مواصفات الحاكم عفة اللسان واليد ، وبهذه المناسبة أحب أن أبين لك يا حجه فطوم هذه الحقيقة التاريخية للمقارنه بين تصرف البشر وأنواعهم
. عندما أستقرت بريطانيا في مستعمرة عدن وجدت إن السكان يشربوا مياه ملوثة وشبه مالحة من الآبار المتواجدة ، وهذا ما يسبب لهم أمراض في الكلى والبطن ، وهزال في الجسد ، أمرت بريطانيا الكابتن ستافورد بيتسورث هينز 1801 - 1860 - بأن يقوم بشراء منطقة الشيخ عثمان ليستطيع توفير المياة ، وقد قام الكابتن هينز بدفع مبلغ 25000 دولار للسلطان فضل بن علي محسن فضل العبدلي ثمنا لمنطقة الشيخ عثمان من أجل توفير المياة العذبة النظيفة لسكان عدن ، وذلك في 7 مارس 1849 .
يا حجه فطوم أنظري .. صورة هذه الوثيقة التاريخية التي ستبقى مدى الزمن ، تحكي قصة الحضارة ، والمحافظة على صحة وكرامة الإنسان ، أخدت الحجه فطوم الوثيقة ونظرت إليها بذهول ، وقالت شوف رحمة بريطانيا بالناس ، وكمان شوف على ناس ، دول عظيمة يحتفظوا بالوثائق ، ثم قالت الحجه فطوم من فين يا محمد صورت هذه الوثيقة المهمة ، قالت لها : هذه الوثيقة من سجلات الوثائق البريطانية 1798 – 1899 – مجلد 4 – صفحة 715 – تحرير – دورين انجرامز – ليلى انجرامز. قالت الحجه فطوم : دول عظيمة ، وآخر زمان يا محمد نعيش في دولة الوحدة اليمنية والعيال الفالتو . قلت لها عصابة صنعاء يا حجه فطوم لا يهمها من يستعمل الماء أو من يشرب الماء في عدن أو أبين ، عصابة صنعاء تشرب ماء معدني "بيريه واتر" وماء "إيفيان" . صاحت الحجه فطوم بأستغراب وقالت : إيش من ماء هذا ؟ قالت لها : هذا ماء معدني مستورد من فرنسا ، قالت الحجه فطوم : يعني مش كفاية يستوردوا الماء الأحمر والأصفر والأزرق من فرنسا ، كمان يستوردوا ماء الشرب.. ماء مستورد من فرنسا . . مرفاله وقلة أدب .. عيال فالتو .
يا حجه فطوم .. في نفس الوقت قام أحد التجار الهنود الفرس بإقامة محطة تحلية ماء البحر في منطقة صيرة وما زال أطلالها متواجدا ، وكانت هذه المحطة من معالم عدن التاريخية التي تعبر عن الحضارة والرحمة نحو الآخرين ، بغض النظر عن الدين والعرق واللون ، وكان الماء الصحي النظيف متواجدا في عدن ، كان الماء القادم من الشيخ عثمان يعرف بماء " بري " والماء من معمل التحلية يعرف ب " ماء بمبه " ، كان الناس يشربوا من كلاهما ، وفي الأربعينيات قامت السلطات البريطانية بمد شبكة للأنابيب الماء من الشيخ عثمان إلى المنطقة بكاملها وما زالت متواجدة إلى يومنا هذا ، وبجانب الآبار والمحطة قام أحد البريطانيين المسؤولين ببناء حديقة ضخمة ، متنفس للناس وملعب للأطفال وزيارتها في المناسبات ، كان أسم هذا البريطاني مستر كمسري ، والحديقة تعرف "ببستان الكمسري". ومتواجده حتى يومنا هذا .
تنهدت الحجه فطوم وقالت أشعر بالذهول من كلامك اليوم عن هؤلاء الرجال العظماء : الكابتن هينس ، مستر كمسري ، بيكاجي قهوجي ، الذين وفروا الماء للناس ، وعصابة صنعاء ، أغلقت الماء على الناس ، وأستوردت الماء من فرنسا ، لتشرب في الليل ماء معدني صحي ، والناس في عدن وزنجبار تموت من الظماء والمياة الملوثة . الحجه فطوم تقول لهده العصابة المجرمة :
أخيرآ .. الحجه فطوم تشتي تقول كلمة أخيرة بالعدني .. كلمة قصيرة نفاعه :
يا صالح .. كيف زمقت من سنحان واتر .. إلى .. بيريه واتر.
محمد أحمد البيضاني كوبنهاجن
|