حاجة حراكنا إلى وحدة إندماجية وليس إلى تحالفات جبهوية
بسم الله الرحمن الرحيم
بالقدر الذي نشيد فيه بمبادرة المناضل الفذ ابن الجنوب الحر أحمد عمر بن فريد بشأن الدعوة إلى وحدة مكونات الحراك السلمي في الداخل ، تلك الدعوة التي تعكس حرص المناضل بن فريد على وحدة أداة الحراك ، فإنها في الوقت نفسه تبرهن على إن المناضل أحمد ــ رغم كونه لا يسكن الجنوب حالياَ ــ فإنها تبرهن على إن الجنوب حالياَ هو من يسكن في جوانح بن فريد ..
وعليه ومن منطلق المساهمة في البحث الجدي عن رؤية لوحدة مكونات حراكنا السلمي فإنني ألفت نظر المناضل أحمد إلى الأمور التالية لعله يا خذها بعين الاعتبار :
1) إن صيغة بنود مشروع تكوين " الجبهة الوطنية المتحدة لتحرير الجنوب " قد جاءت خليط بين صيغ التحالف الجبهوي لمكونات الحراك وبين الوحدة الاندماجية لتلك المكونات .. فمن حيث المبداء فالمشروع بتكويناته الهيكلية المبينة يعطي انطباع بالوحدة الاندماجية وليس بالتحالف الجبهوي ..كون لكل نمط له خصوصيته وله هيكليته التي تميزه .. فإن كان المشروع هو مشروع جبهوي بحسب ما يوحي به اسمه ، فإنه لم يتح للمكونات أية أدوار يمكن أن تؤديها خارج نطاق تحالفها الجبهوي ..
2) إن التحالف الجبهوي يتم عادة بين أحزاب وأطر سياسية تملك من المقومات والبرامج والتوجهات ما يميز بعضها عن بعض ، ولاسيما في الإستراتيجية والتكتيك .. بينما مكونات الحراك هي عبارة عن تشكيلات نضالية ملتزمة بوحدة الهدف ـ وهو التحرير واستعادة دولتنا المستقلة ـ وتصب نضالاتها وفعالياتها في بوتقة واحدة مشتركة في كل المناسبات ، كما إن جماهير كل مكون هي نفس جماهير المكونات الأخرى المشاركة في تلك الفعالية أو غيرها .. وبالتالي فان التنسيق الضعيف فيما بينهم هو بمثابة تحالف جبهوي ولو بصورته الهشة .
3) إن وجود أية تحالفات جبهوية ـ في ضل وضعنا الراهن ـ ما هو الاّ إبقاء الحال على ما هو عليه ، وبالتالي قد يمثل ذلك مصدر إضافي لضعف وهوان قدرات وإمكانيات مكونات الحراك ، بل يمكن له أن يمثل إعاقة لانطلاقة القوى الفاعلة للحراك إلى أفاق أرقاء .. كون مثل تلك التحالفات غالبا ما تتعرض وفي أي مرحلة وأمام أي موقف لخلافات وتباينات قد تعصف بها وتؤدي بها إلى التفكك والاستقلالية في العمل .. وبهذا فإننا سنضل نراوح في مكاننا إن لم نعيش مراحل الانقسامات والتشتت والفرقة ــ وذلك في أحسن الأحوال ــ إن لم تدفع بنا تلك الأوضاع إلى التعصبات والتحالفات المناطقية والقبلية لا سمح الله . وهنا تكمن خطورة مثل تلك التحالفات الجبهوية واستمرارية الحفاظ على كياناتها الهيكلية الهشة ، علاوة على إتاحة هذه الأوضاع الإمكانية لظهور العديد من المكونات التي لا تزال في عالم الغيب .. وهات لك من ترضية وتوفيق بين هذا وذاك ، ولا ننسى إنه بقدر ما للشباب من اتحاد فان للنساء والطلاب وغيرهم من الفئات الاجتماعية والمهنية والقبلية أيضا اتحادات .
4) إن المدخل العلمي والصحيح لوحدة مكونات حراكنا السياسي هو بوجود الأسس والقواعد الفكرية والنظرية لأفاق ذلك النضال . وقد أصاب المناضل أحمد الحقيقة عندما أكد على أهمية أن القيم والأسس المبينة في مشروع " ميثاق الشرف " وكذلك الاتجاهات المبينة في خطاب السيد الرئيس علي سالم البيض يشكلا البرنامح السياسي للجبهة الوطنية المقترحة .. وهنا نؤكد على انه فيما إذا تم إقرار تلك المبادئ والقيم والأسس النظرية والفكرية المتضمنة في مشروع ميثاق الشرف وفي اتجاهات خطاب السيد الرئيس فإن ذلك كفيل بأن يشكل الأساس المبدئي والبرنامج السياسي للنضالات الموحدة لجميع مكونات الحراك ، الأمر الذي سيعكس نفسه على أهمية العمل الموحد في إطار مكون واحد ، كونه سيؤدي إلى قناعة بأن حراكنا السياسي لا يتطلب إلى تحالفات جبهوية وإنما يتطلب إلى الوحدة الاندماجية لجميع مكوناته ، كخطوة تاريخية نحن في أمس الحاجة لها وبالذات في مرحلتنا الحالية ، حيث تقع مسؤولية تحقيقها على عاتق قيادات تلك المكونات وستضل عالقة في أعناقهم أمام الله والوطن وأجيالنا القادمة . فالمسؤولية هي وطنية وتاريخية لا يمكن التغاضي عنها .
لذلك أراء أهمية البداء في مناقشة مشروع ميثاق الشرف وإثرائه وفقا لمتطلبات المرحلة ومن ثم إقراره هو واتجاهات خطاب السيد الرئيس علي سالم وعتباهما البرنامج السياسي لمرحلة التحرير ، برنامج ملزم لكل مكونات الحراك .
5) علينا أن ندرك بان الظروف الموضوعية والذاتية لوحدة الحراك متوفرة فيما إذا استطاعت جماهير شعبنا من أن تتجاوز خلافات قيادات مكونات الحراك ، وأن تضعها أمام مسؤوليتها في تلبية متطلبات النضال التحرري وتجاوز الحسابات الضيقة . نحن نآمل في وجود صيغ ترتقي بـ الحراك وبـ نضالات جماهيرنا إلى مستويات متقدمة ، ولن يتحقق ذلك إلاّ في الوحدة الاندماجية لجميع مكونات الحراك بدون منن ولا زنن .. فحقيقة الأمر فإن مكونات حراكنا السياسي لا تحتاج إلى تحالفات جبهوية بقدر ما تحتاج إلى وحدة " قيادات " تلك المكونات في إطار موحد مندمج ، تقوده عناصر مجربة ترتقي في مسؤوليتها إلى مستوى عنفوان جماهير شعبنا التواق للحرية . وعليه فإن وحدة تلك المكونات أو بالأصح وحدة " قياداتها " في إطار موحد مندمج هو المطلوب لتأدية مهام مرحلة التحرير ..
6) إن واقع الحال يقول إن وجود عدداَ من المكونات النضالية المتباينة قيادياَ في الداخل يعود بالأساس إلى غياب القيادة الموحدة في الخارج ، كون وجود أو غياب قيادة موحدة في الخارج يعكس نفسه بالضرورة على وحدة القيادة في الداخل .. وعليه يحذونا الأمل في أن تتسارع وتيرة المساعي إلى وحدة القيادة في الخارج الكفيلة بتمثيل الجنوب على المستوى العربي والدولي وكذلك الكفيلة على قيادة العمل الموحد في الداخل .. لذلك من المهم أن يكرر السيد الرئيس علي سالم البيض دعوته لقيادات الخارج لإيجاد صيغة واضحة لطبيعة مهامهم ومسؤولياتهم الوطنية وحثهم على تحمل واجباتهم في خوض النضال السياسي بكل ما يملكونه من قدرات وإمكانيات وتأثيرات .
مع خالص تقديري
عضو الهيئة الوطنية لدعم الحراك ــ سويسرا ــ .
|