عندما يحترم القادة رغبات شعوبهم تبنى الأمم وترتقي الشعوب ......
)) دروس وعبر من أجل بناء مجتمع جنوبي مدني خالي من الفساد والعنصرية والمناطقية ((
بقلم : وضاح سالم فارع طالب
بكل سلاسه وبدون أدنى مقدمات طلب ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا مقابلة الملكة إليزبيت الثانية لتقديم إستقالته إعترافا منه بخسارته بالإستفتاء الذي صوت به الشعب البريطاني لفك إرتباطه من الإتحاد الأوروبي بنسبة 52 % لصالح المطالبين بفك الإرتباط بعد 43 عاما من الوحدة الأوروبية ...
وعند سؤال ديفيد كاميرون عن سبب توجهه إلى الإستفتاء الشعبي وعدم ذهابه إلى البرلمان قال أن مثل تلك القرارات التاريخية لا يمكن للبرلمان أن يتخذها وإنما من الواجب أخذ رأي ومشورة الشعب مباشرة ..
لم يخشى كاميرون من حزب مسعدة وذلك لتغييره قرار الشعب البريطاني بعدد من قطم الرز أو دبب الزيت أو مصروفه اليومي لكي يغير رأي المستفتين ....
وذلك ليقينه بإن شعبه قد وصل مرحلة من النضوج والمسؤولية الكاملة والوافية والتامة لإن يأخذ قراراته دونما تأثير من حزب مسعدة أو غيره ...
لم يفكر كاميرون ولو للحظة أو برهة بإن كرسي رئاسة الوزراء هو ملكه أو قال أنا من وبعدي الطوفان ولا يوجد غيري كعفاش أو بشار وغيره الكثيرون من حكامنا العرب .....
وإنما هو على يقين وإيمان كامل بإنه جاء ليخدم أمته وشعبه فإن عجز على ذلك تنحى وسلمها لغيره والذي بريطانيا حبلى بالعديد من الكفاءات بل هناك ملايين من كاميرون وأفضل التي بإستطاعتها وبإمكانها إدارة شؤون بريطانيا ليس لوحده وإنما يديرها من فريق عمل متكامل ليس همهم غير رفعة بريطانيا وإسعاد الشعب البريطاني ..
لم يأتي كاميرون بإنقلاب عسكري ولم يرحل بإنقلاب عسكري بل جاء عبر صندوق شفاف وإقتراع حر ورحل بعد أن أدى مهامه وواجباته الوطنية ليرحل بإستفتاء ...
لم يوظف كاميرون أبناء عشيرته أو إستجلب أبناء عمومته الكاميرونيون أو من المخلصون له بحزبه ومثله فعل حاكم لندن ، بل كان يصدر قرارات التعيين حسب كفاءة الأفراد وأهليتهم لإدارة وظائفهم ، فكان معيار الكفاءة والوطنية هما الأساس بإختيار من يتم تعيينهم ....
لا يوجد هناك قبيلة لكاميرون بإمكانها أن تتعصب لإبنها الذي قهرته نتائج الإستفتاء أو حتى بإمكانها تخوين نتائج الإستفتاء ..
فخرجت وحاربت ودمرت البلاد والعباد وأهلكت الحرث والنسل حتى تتربع هي أو يتربع كاميرون على كرسي الحكم مدى الحياة ...
لا يوجد في بريطانيا فئة من المطبلون قاموا بالتطبيل لكاميرون )) لقد حئت بما لم تستطع به الأوائل (( أو لقبته بالزعيم أو خرجت بمظاهرات مدفوعة الأجر وتهتف من غيرك حنموت يا كاميرون ...
جاء كاميرون لرئاسة وزراء بريطانيا بعد توني بلير الذي قدم إستقالته كذلك ، حيث كان كاميرون يشغل وزيرا للمالية وتزعم حزب العمال البريطاني ليكون خلف لسلفه بلير ....
لم يقوم كاميرون بتغيير الطاقم الإداري في عشرة داونينج إستريت مقر الحكومة البريطانية بالعاصمة لندن أو جاء بمدير مكتبه من قبيلة كاميرون ، حيث أن الطاقم السابق عميل لتوني بلير رئيس الوزراء السابق أو أن توني بلير قد إستأثر بجميع وظائف الطاقم من قبيلته البليريين ....
لا يوجد ذلك في بريطانيا وإنما يوجد في بلداننا العربية وبلادنا فقط ....
لم يتسدعي كاميرون الجيش لسحق إي مظاهرات أو طلب منهم تعديل نتائج الإستفتاء لإن حزب مسعدة زوره ، حيث أن حزب مسعدة معتاد على تزوير الإنتخابات وإستخدام المال السياسي وإحتياجات الشعب لتسيير أغراضه ....
ومن المستحيلات أن تستجيب قيادة الجيش البريطاني لنداء الزعيم كاميرون لتنفيذ أيا من الإجراءات السابقة ، لم ولن تستجيب لإنها تعرف مهامها التي من أجلها أسست وهي الدفاع عن بريطانيا من الأعداء الخارجيين وحماية الأمن القومي للمملكة التي لا تغيب عنها الشمس ....
لا يوجد في بريطانيا أن تم سحل وتهديد الصحفيين أو إنذارهم أو رمي التهم الجاهزة للمعارضين على سياسة كاميرون ...
لا يوجد في بريطانيا حزب أسمه مسعده حتى يستطيع كاميرون وصف أي معارض أو ناقد أو ناصح لحكومة كاميرون ...
لم يوجه كاميرون أصابع الإتهام لحاكم لندن البريطاني المسلم ومن أصول باكستانية لخسارته لنتائج الإستفتاء وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ....
لم يتحجج بحجج واهية في تقصيره أو قصوره لإداء خدمات مواطنيه البريطانيون ، ولم يرمي بالتهم على فريق معين بل وجه قدراته لمعالجة مشاكل مواطنيه البريطانيون ووقف عليها بحزم .....
لم يفكر أن يحيط نفسه بمستشارون فاسدون أو شلليات فاسدة بل أختار لنفسه من يعينوه على خدمة أمته وشعبه البريطاني .....
فلم يفكر بتاتا وأبدا أو أخذ موقفا تجاه البريطانيون من أصول باكستانيا ومسلمون كذلك أو أعتقلهم أو شرذهم أو أعترض حتى على فوز أحد أبنائهم بحكم عاصمتهم لندن ، إنها ليست شيفلد أو مدينة أخرى بل إنها العاصمة لندن .....
تلك أمثلة بسيطة لرقي وتطور العقول ونماء الشعوب والأمم وتحضرها ، حيث أستطاعت سيادة العالم بشيئين هما )) العلم و الأخلاق (( وهو ما نزل بهما الأسلام وحثنا عليهما ديننا الأسلامي الحنيف ...
أتمنى أن أرى شعبي الجنوبي وقادته الجنوبيون بمثل ما وصل إليه الشعب البريطاني وقادته البريطانيون ، حتى نتمكن من بناء دولة حضارية ومتقدمة يشار إليها بالبنان ..
علما بإن ما يتمتع به شعبي الجنوبي من أخلاق وقيم ودين تؤهله لإن يسود الأمم ويرتقي به إلى مصاف الدول المتقدمة على الرغم من وجود بعض المغرضين والحاقدين والشواذ والمنافقين اللذين ليس همهم غير تدمير الجنوب وعودة عجلة التاريخ إلى الخلف بزرع الفتن وتأجيج روح العنصرية والمناطقية ، فدعوها فإنها منتنه هكذا قالها رسول الله صل الله عليه وسلم )) العنصرية والمناطقية (( إن أردنا إستعادة دولتنا الجنوبية والمبنية على أسس وهياكل تنظيمية ويحترم فيها القانون ويطبق فيه العدل والمساواة .......
اللهم هل بلغت ....
اللهم فأشهد .....
الرسالة وصلت .....
وضاح سالم فارع طالب👍
|