عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-06-28, 05:27 AM   #762
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 42,534
افتراضي

التحالف العربي: لا بلح الشام ولا عنب اليمن........ .. احمد عبداللاه

يقبعون ضيوفا كبارا على دولة الكويت منذ ما يربو على العشرة أسابيع، في مشاورات لا نهائية، ومن حولهم ولد الشيخ وسفراء 18 دولة، وهي الجوقة الدبلوماسية التي التحق بها الزياني والعربي لإضفاء مزيد من «البريستيج» على صالات التشاور، بوجوه رمزية بروتوكولياً، أكثر من كونها قوى ضاغطة.
يتوج هذا التدافع السيد الصبور جداً، بان كي مون، الذي سيختتم عهده بغارة ناعمة تترجم محنة التلاطف الأممي مع طرف يتمترس خلف مفاهيم «قوة وسلطة الأمر الواقع».. في محاولات أممية غير معهودة لاسترضاء طرف نزل بحقه قرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع بصورة غير ملتبسة، ولتمكينه كما يبدو من تفكيك القرار الأممي وإعادة غربلة بنوده وتركيز التشاور حول الجوانب التقنية، مع محاولة نزع الأهداف التي بنى عليها القرار.
وهكذا أصبح الاهتمام الدولي منصبا على مفاهيم الشراكة والحفاظ على سقف التوافق، ووضع أسس المحاصصة، حتى قبل إزالة الأسباب التي فجرت اليمن. ويوم بعد آخر تمنح فنون الاسترضاء الطرف الذي يتمدد على الأرض وقوداً معنوياً اضافياً، مستغلاً بشكل ذكي كل ملابسات الموقف الدولي وميول دول التحالف الواضح نحو السلام قبل إنجاز المهمة المعلن عنها.
التحالف العربي ومعه «الجيش الوطني والمقاومة»، كما يبدو الحال لم يتمكن من تسجيل تفوق حاسم وشامل منذ الأشهر الاولى لعاصفة الحزم/الأمل، خاصة في مناطق يعتبرها تحالف أنصار الله/صالح عرينه الاستراتيجي، والتي بدونها ينكسر ويسعى إلى طلب السلام بأثمان باهظة، أو تُنزل به هزيمة ماحقة، وهذا أمر قاد، مع مرور الوقت، إلى تزايد الضغط الدولي على دول التحالف العربي من زوايا عدة وفي سياقات مختلفة.
لا أحد يحمل عقلا سياسيا حقيقيا يمكنه أن يثق بأن أنصار الله/صالح سيسلمون السلاح وينسحبون من المدن، ومن مؤسسات الدولة ويلغون كل إضافاتهم العميقة والمدروسة في جسد المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية.. وأن يشاركوا بقدر متكافئ مع الآخرين في حكومة وحدة وطنية ويذهبوا إلى حوار جديد في الموفمبيك الصنعاني، ثم يحملوا مع الاخرين وعلى قدم المساواة أعباء المراحل المقبلة بسلام ووئام! تلك رومانسية أممية يطغى فيها السعي لكسب نجاح مؤقت للمبعوث ومؤسسته الأممية ليصحو العالم على مرحلة أشد قسوة وأشد كارثية وتعقيدا.
التحالف العربي كما يقرأ أداءه كثيرٌ من المراقبين، ومن خلال تصريحات وزراء خارجية بعض الدول الرئيسة فيه، يسعى بشكل جاد لسلام ما، حتى بدون كسب المعركة بصورة نهائية، أو تحقيق الهدف الرئيس منها، ما جعل من أنصار الله وحليفهم قادرين على تسويق أنفسهم كقوة طاغية في اليمن، لا يستطيع أي طرف مواجهتها، ولا يمتلك أي طرف الحق بأن يقف أمامها بشكل متكافئ في أي عملية سياسية مقبلة، مع اعتقادهم المتين بأنهم سيخرجون من الحرب أكثر قوة، إذ لم تعد أمامهم أي تهديدات جديدة، أو أي مبررات لأي تدخل خارجي في حال انجزوا مهمة السلام هذه وفقا لمنهجهم وأهدافهم، كما أن قواعدهم الشعبية الثورية قابلة للتوسع في حال دب الاحباط إلى معنويات المقاومين باطيافهم المختلفة. تلك أنصاف الحلول التي تضع الفرقاء أمام خريطة طريق على ورق، بدون خلق أرضية تتعادل عليها الأوزان وتسندها ضمانات حقيقية، ما هي إلا تكرار لمشاوير سابقة قطع فيها المتحاورون اليمنيون فصولاً طويلة وكثيفة تحت إشراف المنظمة الدولية والغرب والشرق والعرب أجمعين، ثم بعد عناء طويل قادت إلى كارثة اختطاف الدولة الهشة في صنعاء، وأنتجت واقعا جديدا تحاول الأمم المتحدة مجدداً التصالح معه واستيعابه ضمن خريطة ولد الشيخ لإعادة تدوير الأزمة.
وجنوباً تتعزز مخاوف كبرى من أن تصبح المناطق المحررة ساحة مفتوحة تتقاطع فيها نيران مختلفة.. خاصة إذا تُرك الجنوب معلقاً بين إرادات متضاربة يخضع لمنهج الترقيعات السياسية، ولم يتم التعامل مع القضية الجنوبية بشكل جاد وعلني، وفق منهج واضح وعادل ولم يتم تنظيم مقاومته في إطار رسمي موحد وثابت، وإعدادها لمواجهة الأخطار المحتملة ولكسر شوكة الارهاب على المدى البعيد. هناك اذن معضلات حقيقية وخطيرة في المشهد اليمني، وما خريطة طريق ولد الشيخ الممنتجة من حاصل جمع مواقف متضاربة إلا محاولة للتطبيق العملي، بإرادة الشرعية الدولية، لشعار الشراكة والوفاق الذي يتبناه أنصار الله في مشاورات الكويت، بدون المساس بمكتسباتهم وهيمنتهم الكبيرة على الارض.
ومن هنا يمكن للمراقبين القول إن اليمن خلف الشام ذاهبان نحو مجاهيل كبرى وتمديد لسنوات صعبة من الحروب والدمار، وإن التحالف العربي في حال خضوعه للضغوطات الخارجية لن يطال بلح الشام ولا عنب اليمن.

أحمد عبد اللاه
Jun 27, 2016
القدس العربي
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس