الإمارات في عدن.. (الاسم كبير و العشى قلية)؟!!
وأخيرا وصلت الحكومة بكامل طاقمها تقريبا إلى العاصمة عدن لممارسة سلطاتها و الوقوف على المشاكل و الأزمات اليومية التي باتت تعاني منها المدن المحررة، أحد الوزراء أبلغني بأن رئيس الحكومة أصر على قرار العودة رغم ما شاب الليلة التي سبقت عودتها من اشتباكات مسلحة في محيط المطار يكتنف دوافعها وأسبابها الكثير من الغموض وذهب ضحيتها شاب في عمر الزهور.
بدا لافتا شجاعة "بن دغر" في إصراره على العودة، و أكاد أجزم لو أن "بحاح" لايزال في منصبه لالغى الزيارة على الفور، والسبب جاهز "دواعي أمنية"!!، وكلنا يذكر ردة فعله عندما تعرض سور مقر إقامته في فندق القصر لهجوم انتحاري كيف ظهر علينا من على متن مروحية إماراتية ليقرر لاحقا العودة إلى الرياض، تاركا العاصمة عدن غارقة بأزماتها.
عودة الحكومة بكل سلبياتها وتقصيرها يظل خطوة مهمة و داعمة لجهود التحالف العربي و الموقف السعودي الذي أضحى يصارع على أكثر من جبهة و ليس بحاجة في هذا التوقيت تحديدا إلى سوء تدبير من حليف يصب في صالح إيران و ذراعها اليمني تحالف صالح والحوثي.
لوحظ نبرة التحريض على وجود الحكومة في وسائل إعلام و صحفيين و نشطاء تلقوا تدريبا و تمويلا إماراتيا من أول يوم، في حين غاب الشيخ السلفي هاني بن بريك عن مراسيم استقبال الحكومة التي يشغل عضويتها بدرجة وزير دولة.
تحريض الإعلام يهدف إلى تحميل الحكومة كل الأزمات التي تعانيها العاصمة عدن، حتى تلك التي كان منشئها في عهد رئيس الحكومة السابق " بحاح"، و بالتالي إسقاطها شعبيا عبر حملة في مواقع التواصل الاجتماعي يجري التحضير لها.
"بحاح" ايضا حرص على تأخير حواره على قناة البي بي سي عربية إلى ليلة وصول الحكومة إلى العاصمة عدن، كما نشرت وسائل إعلام صورا لمحافظ عدن و الوزير بن بريك ظهرا خلالها يصطنعان الاحباط من سماع تعليمات و توجيهات من مسؤول يمني بدرجة رئيس حكومة أثناء اجتماع استثنائي للحكومة في العاصمة عدن.
تزداد أزمة انقطاع الكهرباء تفاقما مع دخول الشهر الكريم دون حلول جذرية و سط تبادل الاتهامات بين طرفي الأزمة لكن السبب الأكيد الذي يتفق عليه الطرفان المتصارعان هو انعدام ميزانية حكومية تشغيلية لقطاع الكهرباء، وهو ما القى بظلاله على الوضع القاتم في كهرباء عدن، وهنا يحق لنا أن نتساءل عن سبب عدم تدخل الامارات و حل الازمة المالية التي تعانيها الحكومة، بصفتها من تدير الأوضاع عسكريا ومدنيا في مدن الجنوب المحررة.
ولماذا تكتفي بإطلاق الوعود المتكررة دون شيء ملموس، وما هو مصير المنحة التي بدأت ب (1000) ميغا ولم تنتهي ب (200) ميغا بحسب تصريحات صحفية لقيادة مؤسسة كهرباء عدن لوسائل الاعلام، وكيف حلت مشكلة الانقطاع في مدينة المكلا ووصلت مولدات الاسعاف في ظرف أسبوع وتسلم المستثمر كافة مستحقاته؟.
لازلت أكرر بأن الامتعاض من إقالة بحاح لا يبرر عرقلة جهود الحكومة برئاسة بن دغر و الامتناع عن تقديم الدعم اللازم لتطبيع الحياة في العاصمة عدن و استقرار الخدمات الذي بلا شك سينعكس على موقف الحكومة في مشاورات الكويت وبالتالي الشقيقة الكبرى و زعيمة التحالف العربية مملكة الحزم.
ترغب الامارات في مسئول يعمل لديها مثل الوزير بن بريك و آخر يتم تهميشه مثل محافظ عدن ومدير أمنها، في حين يأمل بن دغر في دعم مساند لجهود لحكومته و ليس بديلا عنها،
مؤخرا أخبرني مصدر في الرياض بأن بن دغر عاد من زيارته إلى المكلا غاضبا بعد رفض الامارات استئناف الحكومة لتصدير النفط الخام من ميناء (الضبة) النفطي في حضرموت، وذلك للحصول على ميزانية تشغيلية للحكومة. بقاء الحكومة دون ميزانية يحكم عليها بالفشل.
بن دغر أطلع السعوديون على مسببات غضبه فكان الرد بأن الرياض تحترم المسؤل القوي الذي يؤدي مسؤليته دون الانتظار لإفساح المجال له من أحد، وهي ربما رسالة سعودية لأكثر من طرف.
أجدر بالإمارات دعم الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا و الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة منعا للانزلاق نحو فوضى خلاقة في الجنوب لن يصمد بعدها أي مشروع بما فيها مشروع الاستقلال و استعادة الدولة.
منظمات المجتمع المدني بالعاصمة عدن حذرت من ترسيخ ثقافة "اللادولة" و شرعنة مليشيات دينية، كان ذلك يحدث في الوقت الذي تعتقل كتائب "أبو اليمامة" أئمة وخطباء مساجد معارضون للتوجه الجديد، بيان المنظمات حذر أيضا تقويض مؤسسات الدولة و إصدار قرارات من جهات غير ذي مسؤولية قانونية وغير مخولة بإصدار قرارات.
إن الأمر الذي لا يحتاج إلى تدليل بأن إسقاط الحكومة الشرعية و عرقلة جهودها يصب في صالح مشروع إيران و حلفائها في اليمن تحالف صالح والحوثي، وأي جهود تعرقل أداءها وتفشلها تلتقي مع المخطط آنف الذكر، فهل ما نشاهده اليوم يستحق ان يطلق عليه دعما مساندا للحكومة الشرعية؟ أتمنى ذلك.
وعلى قولة المثل الشعبي الذي يقول: (الاسم كبير، والعشى قليه)!!.
د. نيفين العلوي
|