[علي المفلحي]

إستنزاف تاريخ الشعوب وحضارتهم


لم يكن بامكان دولة أو دول أن تزيل دولة ما على من على الخارطة إلا باتباع ثلاث خطوات:
_ صناعة أحداث تشغل شعبها لعقود من الزمن ومن ثم العودة لنقطة الصفر.

_ إفراغ مؤسسات الدولة تدريجيا وعلى رأسها القضاء والأمن ومن ثم وضع حلول سطحية مؤقتة لمشكلاتها بعيدا عن جوهر الأزمة ليتسنى سرقة رجالها بعد تغيير أفكارهم عن المبادئ الوطنية.

_خلق عدة تيارات سياسية مبنية على الآيدلوجية والمناطقية والقبلية ومن ثم تهميش القواسم المشتركة وتضخيم أبسط الخلافات بين أبناء شعبها.

اليمن والجنوب العربي وسوريا والعراق وليبيا والصومال ولبنان تعد أهم الدول التي تواجه خطر استنزاف تاريخهم وحضارتهم، وبكل تأكيد فان ضعفاء النفوس من أبناء تلك الدول كانوا في مقدمة مستقبلي ذلك المخطط الذي وجد بهم بوابة لاتوصد في وجه اعداء أوطانهم، أكتفي بذكر نموذج وآحد حديث العهد في أعمار الدول لعل وعسى يستفد من أراد الاستفادة منه: اقرأوا سبب زوال هوية ونظام الحكم في الأحواز العربية التي التهمتها إيران دون وجه حق.


ان ماعجز عنه المغكرين والساسة في ابعاد ذلك الخطر على دولهم من خلال إصرارهم على البقاء كلاعب أساسي في لعبة هدم تاريخ شعوبهم وطمس حضارة دولهم من قبل أعداء الأمة سيفتح المجال أمام أجيال تتسابق للمشاركة بقوة في تلك اللعبة الغير اخلاقية والغير إنسانية على حد سواء، وبكل تأكيد سيكون من حقهم الإصرار على البقاء من ظمن تشكيلة يسعى الملايين من بني جلدتهم الإنضمام لها! أليس هناك من يروج بأن غنائم الحرب هي غنائم الحرية؟!!

بعيدا عن الشمولية والأممية سأخص هنا الجنوب العربي الذي كان إتحاد إمارات الجنوب والذي أصبح جمهورية اليمن الشعبية ومن ثم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، دولة تم ازالتها بحكمة واقتدار من قبل اعداء هذه الدولة التي ما أن تلبثت أن تقف على قدميها إلا ويأتي دور اللاعبون من أبنائها ضد وطنهم لتبدأ عملية استنزاف تاريخ وحضارة هويتهم، كل قوم يحاربون أسلافهم، كل جيل يرفض التعاطي مع إحتياجات الجيل القادم الذي سينظر لأسلافه بأنهم سبب تأخرهم علميا واقتصاديا عن اللحاق بركب التطور والنمو الإقليمي والعالمي من حولهم، عقود من جهود الأجداد تمت إزالتها بجرة قلم من اللاعبين المتحمسين، وبجرة قلم سنكلف الأجيال القادمة عقود من أعمارهم يبحثون عن اسم وطنهم الذي جرجرته أقلام متشبعة بحبر لايمت لوطنهم بأي صلة !! ألم ينادي شعب الجنوب بالوحدة 30 عاما ومثلها يطالب بالانفصال ؟ لماذا لانقف مع أنفسنا أمام عقارب ساعة تاريخ الأمم والشعوب التي تسير ببطئ كلما أحسن التمعن فيما يحمي حاضره ويصون مستقبله؟ لماذا يصر شعب الجنوب أن معنى الصعب هو المستحيل؟

أعتقد أن شعب الجنوب يستطيع أن يؤخر تسلل خطر استنزاف تاريخهم وحضارتهم إذا ما أراد أن يحقق أهدافة المشروعة دينيا ودنيويا، وذلك من خلال تنمية القواسم المشتركة فيما بينهم والنأي بأنفسهم عن صغائر الامور كمرحلة أولى ملزمة على صغيرهم وكبيرهم حتى لا يكونوا جزء من تشكيلة تلك اللعبة الخبيثة دون علمهم كما هو حال أسلاف أسلافهم، يجب على شعب الجنوب الذي يطمح الى مستقبل واعد وغدا مشرق في ظل دولة مسلمة عربية مستقلة تتعايش مع الجميع من منطق الند وليس التبعية، أن يسعى جاهدا الى إعادة بناء مؤسسات دولته رغما عن أنف المعارضين له، وأن يدرك خطورة ءن يكون ضحية لتلك الحلول الترفيعية التي لاتلامس جوهر قضيته، وأن يعمل على رأب الصدع بين الفرقاء حتى يصبحوا شركاء في الداخل والخارج ليفتحوا بذلك أفق وآسع أمام الأجيال القادمة للإنضمام لصفوف الدفاع عن الوطن والعمل على خدمته ومواصلة الانتصارات ومن ثم تسليم الراية لمن سيخلفهم، وأن يجيد التعامل والتعاطي مع ما تروج له وسائل الإعلام التابعة لأعضاء فريق اللعبة الخبيثة، فلا قبائل شبوة متعاطفين مع عفاش والحوثي ولا علما ومثقفو حضرموت يهادنون القاعدة ولا قادة وكوادر أبين مستسلمون لأنصار الشريعة ولا رجال وتجار يافع الأوفياء يكنزون المال والسلاح ولا شباب المقاومة الشرفاء في المنصورة وخور مكسر بلاطجة ولا أبناء لحج البواسل يساومون بوظائف مقابل نضالهم ولا أسود الضالع وردفان يتسابقون على المناصب،،، بالمختصر المفيد: اذا أردتم حماية أنفسكم وتاريخكم وهويتكم من الخطر الذي يستهدفكم ... عليكم باستبدال العاطفة السطحية بالحكمة العميقة.



المستشار: غسان محسن العمودي
[/radioadenfm.net/Post.aspx?id=7868