عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-02-06, 12:03 AM   #464
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 42,534
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان مشايخ ودعاة وخطباء مدينة عدن
حول حوادث اغتيال قادات المقاومة واستهداف مشايخ العلم والدعوة والمصلحين

الحمد لله ذي العز والسلطان , والصلاة والسلام على من بُعث بالعدل والإيمان , سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى والنصح والبيان.
أما بعد : فنحمد الله إليكم, وهو العزيز القائل : {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}. والقائل جل جلاله : {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ}, والقائل عز سلطانه : {وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}.
لقد تابع مشايخ ودعاة وخطباء مدينة عدن كما يتابع غيرهم بكل أسف الأحداث التي تعصف بهذه المدينة الطيبة, والتي كانت نواة لتحرير البلاد من الطغيان الحوثي, وفساد النظام المتآمر, ونعلم يقينا أن ما يحاك لبلدنا ومدينتنا من مشاريع ومؤامرات ظاهرة وخفية, سوف تنكسر - بعون الله تعالى- عند عزيمة أهلنا وشعبنا المحب لدينه وأرضه, والساعي لإرساء القيم والحقوق والعدالة والأخلاق, ولأجل ما يحيق بالبلد من أزمات خطيرة رأينا أن من واجب النصح علينا كدعاة للخير توجيه النصح لأمتنا وشعبنا, تجاه الأحداث الجارية, فنقول وبالله التوفيق :

أولاً : نوصي جميع الإخوة والأخوات والعاملين في الساحة من كل الفصائل إلى رأب الصدع, وجمع الكلمة على ما فيه صلاح الدين والدنيا, كما كنا غداة الغزو الهمجي من مليشيات صالح والحوثي نقاتل صفا واحد متماسكا :{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}, فمن الخسارة اليوم أنْ أضحينا متفرقين على مشاريع مختلفة داخلية وخارجية, وهذا بداية الفشل والهزيمة الحقيقية, وهو ما حذرنا الله منه بقوله تعالى : {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.
ثانياً : مما زاد الأمر سوءا ونتج عن تفرق الكلمة وضعف الدولة ما نراه اليوم من اعتداء ظالم وضرب في خاصرة المقاومة, حيث نُعزَّى كل يوم بفقيد وشهيد كان يؤدي واجبه الشرعي والوطني, ونفجع كل يوم بركن من أركان المقاومة الأبطال الذين صالوا وجالوا في الميدان, وثبتوا في وقت الشدائد حين آثر غيرهم السكون في مخادعهم, أو الهروب, أو الاستسلام للمعتدين.
فلأجل هؤلاء جميعا وحقهم علينا : نتقدم بأصدق التعازي لأسرهم وذويهم ومحبيهم ولعموم أهلنا في المدينة, سائلين الله -عز وجل- أن يتقبلهم في الشهداء, وأن يتمم سعيهم على أيدي إخوانهم الثابتين.
ثالثاً : لقد كان لاغتيال الشيخ الداعية والمجاهد المصلح سمحان بن عبدالعزيز الراوي - غفر الله له ولجميع شهدائنا - بأيدي الغدر والخيانة, تداعياته الخطيرة, إذ كانت سابقة في استهداف أهل العلم والدعوة, وبهذه الصورة الخائنة الآثمة, فالشيخ الراوي لم يكن اسما لمع صيته واشتهرت مواقفه وتضحياته وبذله في الحرب الأخيرة فحسب, بل كان علما مشهورا, حيث كان -رحمه الله- داعية ومربيا, وواعظا مؤثرا, آمرا بالمعروف , ناهيا عن المنكر , ومصلحا صادقا لا يتأخر في إخماد الفتن, وبذل نفسه وماله لنصرة المظلوم, ولا أدل على ذلك من اختياره ضمن لجنة الصلح المشكلة مؤخرا من قبل الدولة لمعالجة المشاكل والخصومات, فكانت خسارته حقا خسارة كبيرة بحجم هذه المدينة.
رابعاً : نحن إذ نقف عند هذا الحادث الجلل لنَعلمُ أن الدين والوطن يستحق من الجميع التضحيات الكبيرة, ونعلم أن عمارة الأوطان إنما تقوم على سواعد الصادقين وتضحياتهم, ولذا كان من الواجب علينا جميعا تقدير هذه التضحيات والوقوف في صفها لاستكمال عملية البناء, كما ويتحتم على الدولة قبل الجميع أن تكون عند حجم المسؤولية والأمانة في حماية الأمن, والوقوف بحزم وسرعة في وجه تلك الاعتداءات وذلك الاستهداف لرموز وأبطال المقاومة.
خامساً : على الدولة أن تقوم بواجبها تجاه تلك الانتهاكات الخطيرة, وإن مما يؤسف حقا, ويستغرب بشدة؛ تلك الطريقة التي تتعاطى بها الجهات المسؤولة في الحكومة والمحافظة مع الأحداث, وانتهاجها التباطؤ في اتخاذ الاجراءات الأخلاقية والجنائية اللازمة, فنجدها إن قدمت تعزيتها -وهي أقل واجب أخلاقي- جاءت متأخرة, وإن استنكرت ما يقع؛ لم تزد على مجرد الأقوال دون أن نلمس الجدية والمسارعة لتحريك أجهزة الدولة المعنية للتحقيق الدقيق في تلك الحوادث أيَّا كان القتيل, فالكل في الأخير بشر ومن حق أوليائه معرفة المجرم والقصاص منه, وهو ما يزري بذوي الفقيد ويشعرهم بالإهانة وعدم التقدير لكرامة الإنسان فضلا عن مجاهد بطل, فضلا عن شيخ وداعية ومصلح كبير.
وكأننا بشهيدنا وغيره من إخوانه المجاهدين يتمثلون بقول الشاعر :
أَضَاعُوني وأيَّ فتىً أَضَاعُوا
ليومِ كَريهةٍ وسِدَادِثَغْرِ
وصبرٍ عند مُعتركِ المنَايَا
وقد شُرِعَتْ أسِنَّتُه بنَحْرِي
أُجَرَّر في الجوامع كلَّ يومٍ
فيا للهِ مَظْلِمتي وصَبْرِي
كأنِّي لم أكُنْ فيهم وَسيطا
ً ولم تَكُ نِسْبتي في آلِ عَمْرِو
سادساً : لتعلم أيادي الإجرام والخيانة ومن يحميها ويغذيها, أن سيف القصاص قائم يطلبها حتى تُشفى صدور المؤمنين منها, أو يظل مسلولا يلاحقها إلى يوم القيامة, {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ}.
ويا أولئك الآثمين : اعلموا أن تلك الطعنات الغادرة, والمخططات الخبيثة, وإن أدمت لنا جسدا أو قتلته, فلن توقف سيرنا للبناء, ولن تعيق تقدمنا نحو العدالة والأمن, ولن ترهب الصالحين أو تصدهم عن دعوتهم للصلاح والخير.
وإن عزاءنا في هذا الوضع المتردي, وأمام هذا التخاذل والتراخي من الجهات الحكومية المسؤولة ؛ عزاؤنا أن أهالي عدن بكل أطيافهم لن ينسوا مآثر أبطالهم, وسوف يسطرون ذكرهم بحروف خالدة للأجي
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس