عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-21, 04:56 AM   #1624
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 42,534
افتراضي

★- كلنا جنوبيون ..★

اقرأ ماكتبه فهد الشليمي - محلل سياسي وعسكري كويتي عن الوحدة ..

الوحدة تَلفِظ أنفاسها على اﻷرض ..ولن تنجو هذه المرّة حتى وإن وضعوها تحت ‘‘عناية ‘‘ المقدسات والعقائد ‘‘المركّزة .‘‘

فشلت مليون مرة بحيث ﻻ يوجد فشل في أرض الله أبلغ من فشلها، ولم تعد هناك شرائع أو ضرورات أو ممكنات ﻹحيائها، إﻻ في حدود مرحلة اﻻنتقال إلى الفصل اﻵمن بين الطرفين.
دراما الوحدة اليمنية احتوت على أغرب " الحبكات " التي ﻻ مثيل لها في مسيرة المجتمعات البشرية منذ العصر الحجري حتى العصر الرقمي، وأنتجت واقعاً مشوهاً وأحدثت صدوعاً عميقة بين كتل المجتمع في
الجنوب والشمال، كما صنعت حروباً صغيرة كمتﻼزمة دائمة، وحروباً كبيرة مزلزلة، وربما ستكون عِبرةً موجعةً عند دراسة أحداث التاريخ والعلوم السياسية وعند وضع قواعد اخﻼقية ومحددات للتجارب السياسية القادمة .
إن محاولة استدعاء الوحدة مجدداً في ظروف الراهن الجنوبي خطر مدمر، كما أن فكرة اﻷقلمة أو الدولة اﻻتحادية التي زُرعت في "صلبها المتليّف " ، ﻻ تلد إلّا دماً متعفناً، وأي توجه من هذا القبيل لن يكون سوى
انتحاراً حقيقياً للشمال والجنوب .
فبعد هذا التعبير الكارثي الدامي التدميري لفشل الوحدة، الذي نراه اليوم، ﻻ يمكن استقامة أي مقاربة سياسية غير تلك التي تحيل إلى ضرورة تمكين الجنوب من خياراته.
المطلوب اﻵن هو الوقوف بوعي أمام محاوﻻت خلط اﻻوراق، ﻷننا سنسمع قريباً التنظير حول "المفترضات " الجديدة وبأن حكاية الوحدة قابلة لﻼستمرار في مرحلة ما بعد صالح والحوثيين ! أو ضمن عملية سياسية
متوازنة .. هذا التنظير بدأ عبر أصوات ماهرة في "تقانة " الترويج للمصطلحات وتركيبها في سياقات مختلفة ..
وعبر وجوه مكررة، تتردد على الشاشات أكثر من إعﻼنات ال ( كوكا كوﻻ ) ، وتشرح مآﻻت المشهد اليمني من خﻼل الهوى السياسي وحدود مصالح تخلو من كل شي إﻻ من جهويتها الفطرية.
وعلى خط موازٍ تتوثب أحزاب دينية (اﻻخوان ) لتستثمر بقوة في اﻻحداث الجارية عبر إعﻼمها اﻹنغماسي (اﻹنتحاري ) ليفجر كل من حوله، ويقوم هذه اﻻيام على فكرة الخلط بين مصطلحي " تقسيم اليمن " إلى
دويﻼت متعددة وبين الحلّ الذي يقوم على عودة الدولتين "الشمال والجنوب " إلى وضعهما قبل تجربة الوحدة السياسية التي قادت الى كوارث هي اﻷعظم في التاريخ .. كما تقوم بإبتزاز اﻹقليم من خﻼل الزج بشيوخ التطرف والميديا التابعة لهم إلى إرتكاب مذبحة إعﻼمية بحق الجنوب، لتتكامل مع المذابح الدموية التي ترتكبها المليشيات الحوثية على اﻷرض.
وبهذا تعود تلك اﻻحزاب مشمرةً عن ساقَي انتهازيتها اﻻحترافية لركوب الموجة العالية كالعادة قبل أن يتشافى الجنوب من دمائه ودماره، بهدف "تكريره " في إطار طروحاتها الطوباوية وأهدافها التي ﻻ تخرج في
اﻷخير عن إعادة تنشئة المجتمعات تحت سقف دولة " عبد الملك بن مروان أو هارون الرشيد ." هذه اﻷحزاب تحمل نفس أهداف التنظيمات المتطرفة وهي ﻻ تهتم بفكرة الوحدة بمفاهيما العصرية المختلفة، بل تؤمن
بإقامة إمارات داخل كل بلد على مستوى العالم اﻻسﻼمي تخضع جميعها لخليفة استانبولي أو بغدادي أو دمشقي او مكّي ... الخ . كما أن إخوان اليمن يحملون أثقاﻻً مركبةً ومعقدةً .. فهم يمثلون اﻻسﻼم القبلي
اليمني (الشمال ) من ناحية، ومن ناحية ثانية يتبعون التنظيم الدولي الذي ﻻ يؤمن أصﻼً بفكرة الدولة الوطنية. لهذا فإن الجنوب في مضمار أي " وحدة ممنتجة " لن يكون سوى أقلية مهمشة بين فكي كارثة، سواء
بقصد، من قبل دولة قبلية أو دينية، مهما ألبسوها من حُلي الشعار، أو بدون قصد، من قبل المجتمع الواسع اﻻطياف واﻷمزجة والعصبيات والمذاهب والمناطق.
المسألة الجنوبية ليست متعلقة بحضور أو غياب علي عبدالله أو عبد الملك الحوثي أو حلفاء 94، أو غيرهم ...
ﻷن البيئة التي أنتجت أولئك اﻷفراد وغيرهم وأنتجت حروبهم قادرة أن تنتج أمثالهم مرات ومرات بأثواب وتحت عناوين مختلفة.
الوحدة منذ94 فُرضت من طرف واحد، من خﻼل الهيمنة العسكرية والسياسية، لكن اﻵن لم تعد تلك اﻷدوات فاعلة وقوية فلقد نشأت قوى عسكرية وسياسية جنوبية تستطيع أن تقاوم بجدارة، وأصبحت لديها القدرة للتصدي ﻷي محاولة ﻹعادة فرض الوحدة من طرف واحد.. ولم تنشأ هذه القوة الجنوبية من بيئة طبيعية وتعايشية بين الجنوب والشمال وإنما نشأت كرد فعل قوي لحالة الصدامات التي تتوجت باجتياح الجنوب
للمرة الثانية.
لهذا محاولة فرض الوحدة مجدداً، من الداخل أو الخارج، خطر على الجنوب والشمال ﻻنها لم تعد تحمل أي معنى عدا العنف واﻹحتراب وستؤدي إلى اندﻻع صراعات تصبح خطرة ومدمرة ﻷنها ستتمازج مع هويات ايديولوجية أو دينية أو عصبية وسيتم توظيفها لترهق اﻻقليم مرة أخرى ولكن سيصبح اﻻمر حينها كارثي أكثر مما هو عليه اﻵن .

* فهد الشليمي - محلل سياسي وعسكري كويتي
جميع الحقوق محفوظة لموقع شبوة برس 2015 ©

أرجو قراءتها بتعمق🌹
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس