موضوع في غاية الروعة والإتقان والشمولية .
فما نراه اليوم من مستوى عال في النضال يعطينا أحساس رائع بقدراتنا في الوصول إلى مستوى أرقى وأعلى ولا تزال جعبة الحراك مليئة بطرق وأساليب عديدة بينما المحتل استنفد كل أوراقه.
شعور نظام الاحتلال بان المظاهرة ستكون عارمة هو ما جعله ينزل كل قواته إلى الميدان وهذا أمر ليس سهل فإدراكنا لأهمية هذا الشيء يعطينا دفعات أخرى لمواصلة النظام لان السؤال القائم الآن وفق ماحدث في هذا اليوم أن الاحتلال كان يدرك بان الكراهية لوجوده طاغية ولهذا استعد لها بكل ما يملك ولكن نحن لسنا إلا في البداية ولدينا الكثير والكثير وإبداعات الشباب لا حدود لها .
واتفق معك تماما بان من يمتلكون القرار السياسي في أي دولة لا يهمهم مايهم الرأي العام فللسياسة مصالح وأبعاد أخرى . ويجب أن يعلم الكل أن النضال طويل بل يستدعي الأمر توطين النفوس على ذلك لكي لايدخل السام والملل في النفوس نتيجة التأخير فالأمر بعيد ونضال شاق وطويل وجهود خارقة ودموع من كل عين وتوقع الأسوأ يعطينا دافعية كبيرة ونفس طويل وطولة بال وصبرا على الأهوال والشدائد . وأنا على يقين بان الجنود التابعين للنظام كانوا يمقتوا تصرفاتهم وهم يستعرضون أسلحتهم إمام شعب اعزل وأكثر شيء يمكن أن يمتلكه حينذاك قنينة ماء يتقاسمها مع رفاقه وان لم يكن الشعور هذا موجود ولكن بعد العودة إلى الثكنات من كل بد سيكون حاضرا.
والنظام سيجد نفسه إمام سؤال يحتاج إلى استحقاق مستقبلي وهو كيف لو سمح للجنوبيين بإقامة مظاهراتهم بدون أي تخويف أو إرهاب؟ أكيد الجواب مزلزل للنفوس ويقض المضاجع التي ترى نفسها على عروش وتدرك إنها عروشا خاوية.
شعب الجنوب اظهر في هذا الزمن قوة أخلاقية وإرادة قوية كانت كامنة في النفوس لم يعهدها من قبل فنحن كما عرفنا كنا نلجئ إلى السلاح من أول وهلة ونسلم بالأمر عند التباشير الأولى داخليا أو خارجيا لكن اليوم اختلف الأمر فنحن في ثورة سلمية لأكثر من ثلاث سنوات نقاتل بالصوت والشعار واليافطات وخياراتنا والحمد لله مفتوحة ومتعددة وصبرنا رائع بكل المقاييس فلأول مرة شعب شرقي عربي له هذا النفس الطويل والصبر على الظلم ومع ذلك فهو مرفوع الرأس شامخ الكرامة والعزة ينظر إليه العدو باحترام قبل الصديق. والجنوب اليوم أكثر توحدا من أي وقت مضى بل أن اشد المتفائلين لم يكن يتوقع حدوث ذلك ولكنه كما نقول دائما أنها أخلاق جنوبية كامنة في الأعماق وتظهرها الشدائد والضرورة.
الشيء الذي يغيب عن بعض الناس هو التطور المتسارع للحراك والنمو الكبير في وقت قياسي فما كنا به قبل سنتين غير ماهو قبل سنة واليوم غير عن السنة الماضية بل لا أبالغ لو قلت أن كل يوم يمر تحدث أمورا مبهرة وتثير الإعجاب بالتطور الرائع للحراك .
لدينا عيوب ولدينا نواقص ولكن اجزم قبل سنتين إننا لم نستطيع تحديدها واليوم نستطيع أن نحددها وهذا من باب التقرب للكمال وليس العكس.فكفى المرء فخرا أن تعد معايبه كما يقال .
ورؤية المشهد بشكل عام ومن جميع الزوايا يؤكد لنا إننا العلى فنظام يعيش أسوأ فتراته وأيام له كان يظنها أفراح تحولت إلى أتراح ومنها مايجلب له الخزي والعار بمقاييس الأخلاق ونظام على شفير الهاوية باقتصاده واستنفاد إمكانياته وخلو جعبته من الحلول يجعله يمارس ردود الفعل وليس الفعل والدليل ماحدث اليوم وماحدث من قبل وسيحدث مستقبلا. والشيء الوحيد الذي يعرفه هو استعراض السلاح والقوة وهما أمران اظهرا الفشل الذريع وبالتالي ليس معه إلا الانهيار أو الانتحار وماهو عنه ببعيد .
المارد الجنوبي شكرا لك على مقالك الرائع وأتمنى تثبيته