تفسير الصراع البشري.
هناك من يفسر الصراعات بين الناس بأنها صراعات دينية، أو سياسية، أو اقتصادية أو جغرافية... إلخ.. وكل هذه التفسيرات ناقصة، وجزئية، وتنظر إلى السطح لا إلى الجذور.
والتفسير المنطقي للصراع القول: ينشأ الصراع مع الآخر حين يتم النظر إليه على أنه آخر... فالصراع صراع هوية. هذه الهوية لها تجليات مختلفة، قد تكون هوية دينية، أو سياسية، أو جغرافية، أو مذهبية أو لغوية...
مثلا: الطفل يتصارع مع أخيه؛ حين ينظر إلى أن أخاه يمثل آخر بالنسبة إليه، فألعابه تختلف عن ألعاب أخيه، وملكية كل منهما مختلفة... ولكن الطفل يرى أخاه معه هوية واحدة، حين يأتي أطفال غرباء، يمثلون آخر بالنسبة إليهما معا، فتتغلب عوامل الهوية على عوامل الآخر مع أخيه...
وهكذا، تجد أبناء البلد الواحد يتصارعون بعضهم مع بعض، حين ينظر كل منهم إلى غيره أنه يمثل آخر بالنسبة إليه... ولكنهم يتحدون في مواجهة عدو مشترك، إذا أمكنهم النظر إليه على أنه آخر... فغلبة الهوية هي التي تحدد موقف الإنسان من الصراع، فمن يرى أنه يمثله وينتمي إليه فإنه يؤيده ويقف معه.
وإذا أدركنا هذه الحقيقة، وأعدنا النظر إلى الصراعات التي تملأ ساحة العالم بهذا المنظور، فإننا نصل إلى نتيجتين:
الأولى: (النزعة). الصراعات طبيعية بين البشر، والأصل في البشر هو الصراع لا السلام؛ لاختلافهم وتعدد هوياتهم. وعلينا تقبل هذا الوضع، والاستعداد له أيضا، فالأصل في الناس الدعوة إلى القوة وإلى الأخذ بعوامل القوة، وليس الدعوة إلى غيرها، فالقوة هي الطريق إلى التوازن، الذي يخفف من حدة الصراعات.
الثانية: (المنطق) أن السعي البشري إلى السلام يمثل التحدي أمام العقل البشري، ويحتاج من الإنسان مضاعفة الجهود، حتى يتغلب على النزعة الصراعية التي داخله، ويغلب المنطق على النزعة، ويبحث عن العوامل المشتركة التي تقرب الآخر من الذات، وتحقق القبول به، مع بقائه مختلفا ....
#رحى_الحرف
|