شاب من شبوة تائب من تنظيم القاعدة
يحكي قصته
فضائح تنظيم القاعدة
كنا نذهب أنا وأحد أقربائي إلى المسجد، وكان جانب المسجد تسجيلات إسلامية، وهي المصيدة. وكلها أناشيد إسلامية حماسية عن الجهاد، (وكان هذا أول الفخّ)، فكنا نستمع له وبقينا نردد ما نسمع، حتى دخلنا ذات يوماً هذه التسجيلات (وهي محطة تابعة للقوم)، وقلنا للبايع: هات لنا الشريط الذي فيه هذه الأنشودة، وهات كذا وكذا. قال: ما يحتاج تشتروا، هاتوا ذاكرة جوالاتكم، وأعبِّيها لكم كامل.
قلنا: ما قصّرت. فعبأها لنا.
ونحن نسمع هذه الأناشيد إلى أن تشبعنا بحب الجهاد.
فكنّا نمرّ عليه في التسجلات، ونقول: هل في أناشيد جديدة؟ وكنت أكلِّم قريبي وهو في سني، أقول له -وأنا أضحك معه لما نسمع هذا-: وأين نجاهد الآن؟
طوالي ردّ عليّ صاحب التسجيلات قال: أنت مستعد تجاهد؟ قلت: من الآن مستعد. قال: الجهاد موجود في أبين، نقيم شرع الله فيها، والمجاهدون حققوا، وحققوا.
وعمل لنا محاضرة ما تسمع مثلها.
قلنا: كيف نصل عندهم؟ قال: إذا كنتم جاهزين كلِّموني، لكن لا تكلموا أحد([8]).
فاتفقنا معه.
فقال: السيارة جاهزة أي وقت.
فثاني يوم جهّزنا أمورنا، وجاءت السيارة، وطوالي إلى أبين.
وجدنا هناك كثير من الشباب في عمرنا، فقاموا على طول بفرزنا. وقال القائد: الذي يعرف يضرب يخرج هنا، والآخرين هنا. قال: نحن أبناء قبائل نعرف نظرب. قال: خلاص أنتم اليوم ارتاحوا، وغداً تطلعوا الجهاد. قلنا: لا نحن نريد نطلع الليلة. قال: طيب خذوا الخطة من فلان. قال: اجتمعنا بالقائد. فقال: الليلة عندنا هجمة على دورية هنا وهجمة آخرى هنا. قال: فطلعنا مع أحد الجبهات.
وصارت مواجهة قوية، فسلمنا الله وأصيب بعضنا وقتل شخص واحد منا .
لكننا أحسسنا بخوف شديد.
فكنت أكلّم صاحبي، وأقول له: نحن أتينا للجهاد والشهادة والجنة، فلماذا هذا الخوف؟ فقال صاحبي: حتى أنا مستغرب هذا الخوف الشديد. ثم قال: رجعنا إلى موقعنا.
فجيء بالمقتول، فكان بعضهم يكلّم بعضاً: حرك فمه، خليه يضحك. والمصور يصوّر. والكلّ يكبّر الله أكبر الله أكبر، انظروا إليه؛ يضحك، الله أكبر، إنها الشهادة، أنه يرى الجنة، وهذا كرامة المجاهدين. وكلام كثير. (وهذه من ظمن التغرير بالذي في الخارج).
قال: نحن انصدمنا. أيش هذا الكذب؟ ولماذا هذه الثمتيلية، وهو ميت لا يضحك ولا شيء؟ وأنتم تضحكون على من؟؟
فأسريناها في أنفسنا.
ثم كنا على الغداء نحن وبعض القادة. فقلت له: أنا البارح كنت خائفاً جداً، هل هذا تصيبكم في أول مرة؟
قال: كيف هم ما أعطوكم الحبوب؟ قلنا له: حبوب أيش؟ قال: حبوب الشجاعة. (انظر المجاهد يأخذ حبوب مخذرة لكي يلغي عقله ويفعل المصائب، هذا جهاد الإسلامي؟).
فكانت هذا الخاتمة علينا وعرفنا أننا وقعنا في ورطة.
ولو كلّمناهم بأننا سننسحب كان يقينا أن نُقتل. فاتفقت أنا وصاحبي على أن نخرج معهم، ثم ننفرد منهم، ونسلِّم أنفسنا للشرطة.
قال: فخرجنا هجمة، فلّما بدوا المواجهة انسلخنا بهدؤ حتى انتهت المواجهة، وطلع الفجر توجّهنا إلى النقطة. فلّما قربنا منها رفعنا أيدينا لهم، فخافوا الشرطةُ، وظنوا أننا نلبس أحزمة ناسفة فقال: أخرجوا ثيابكم، وأبقوا في السراويل الصغيرة. ففعلنا. فلما تأكذوا منا قالوا: من أين أتيتم؟ قلنا: من عند المجاهدين. وقصّينا لهم قصتّنا. فقال الضابط: خافوا الله نحن كفار؟ كيف غررّوا بكم، وأخرجوكم من بين أهليكم؟ ثم نادى العسكري. قال: الآن توصِّلهم شبوة وتسلمهم إلى أهاليهم.
فقال: الحمد لله الذي سلّمنا من هذا الفكر، ومن القتل عليه أو أن نقتُل مسلماً
|