رسالة إلى الرئيس من خنادق العُرّ العظيم
عبد السلام بن عاطف جابر
في النظام العسكري ؛ ليس من حق الرتب الصغيرة طرح رأي بعد أن يتحدث الأكبر رتبة ، حتى لو كان رأيه صواب . و لذلك يبدأ الحديث من عند أصغر رتبة ، ولا أجد في الجيش الجنوبي المزدحم بالعقداء والجنرالات غيري أصغر رتبة "جندي" وعليه أقول ؛
قال جون كيري "الرئيس هادي ضعيف ولايستطيع قيادة الدولة" وهذا رأيه ، لكنَّ الحقيقة أن الرئيس يستطيع أن يكون قوياً بشعبه ، وحتى يتم له ذلك لابدَّ من شراكة وطنية حقيقية ، لا فيها سيد ولا مسود . . . وقد حاولنا نصح السيد جلال عبدربه وعمه ناصر خلال فترة اعتقال الرئيس ، لكنَّهم تعاطوا مع الوضع العام بمناطقية لاتليق بحجم الحدث . . .
فإذا استمر الأداء بنفس الوتيرة فالنتيجة هي الفشل والهزيمة في وجه الحوثي ، وهذا حسب توقعات الوزير الأمريكي كما أسلفنا . . . كما أنَّ باقي المناطق الجنوبية ستحذو حذو السيد الرئيس وأصحابه "المناطقية" .
وهنا لابدَّ من ذكر معلومة قد تكون مناطقية ، ولكن لامناص من ذكرها "يقول التاريخ أنَّ الزيدي يحسب ليافع حسابها ، ولذلك فهو يحاول تحييدها إذا عجز عن استمالتها إلى صفه" ، وهنا أُذكِّر السيد الرئيس بحرب ٩٤ عندما قرر أحد القادة في محور البيضاء التقدم نحو يافع واحتلال العر باعتباره موقع مسيطر قتالياً "أرض حاكمة" لكنَّ الرئيس صالح منعه ، وقال "لاتنخش عش الدبابير قد كفانا يافع الحميقاني وغباء الرفاق" .
وباختصار ومباشرة ؛ ما أوقفه الرئيس المنصور من اتفاق مبادئ في اجتماع الساعتين كان خطأ قاتل ، لو عرفه الناس لفتح باباً للمزايدين لايمكن غلقه . . . فاللجان الشعبية التابعة للرئيس ومعها كل الوحدات العسكرية التي تدين له بالولاء لن تستطيع صد هجوم الحوثي ؛ الذي سيتكون من الجيش اليمني وقبائل يمن مطلع ومرتزقة من الجنوبيين ومن اليمن الأسفل ، وخلفهم دعم إيراني مفتوح . . . والدول العظمى لن تقف مع أي طرف ، والأموال الخليجية لاتحسن إطلاق الرصاص .
عموماً ؛ كل ماسبق ليس ذو معنى ، فهو فقط من باب حشو المقال بالكلمات . وندخل في صلب الموضوع وهو "الشراكة الوطنية" التي كتبت فيها عِدَّة مقالات ، وهذا المقال كذلك يدندن حولها . وفيه نضع خطوط عريضة يمكننا الاعتماد عليها في خلق شراكة وطنية جنوبية ، كنَّا قد طرحناها على وزير الدفاع الصبيحي عندما كان قائد المنطقة الرابعة ، لكنَّه تلاعب بنا ، وقد حذرناه حينها أن -لايغره المنصب- فالعاقبة على كل مغرور وخيمة ، لكنَّه أبا واستكبر فوقع فيما حذرناه منه .
والخطوط العريضة للشراكة الوطنية الجنوبية في رأيي ؛
أولاً ؛ الحلول التي يعلنها الجنوبيون لحل القضية الجنوبية هي ( ١) تحرير واستقلال (٢). فدرالية وحق تقرير المصير بالاستفتاء (٣). أقاليم وبقاء الوحدة . . . وعلينا الإعتراف ببعضنا والقبول بخيارات كل توجه .
ثانياً ؛ هذه الخيارات الثلاثة (الاستقلال والفدرالية والأقلمه) هي حلول سياسية ويجب تحديد نطاقه في إطار "الخلاف السياسي" ويمكننا التعايش مع هذا الخلاف . . . ولكننا ملزمون بالاتفاق والتعاون فيما يخص الحياة العامة للشعب الجنوبي . وهي تتكون من (١). الأمن (٢). التعليم (٣). الصحة (٤). الغذاء (٥). التنمية (٦). البنية التحتية في كل المرافق الخدمية للمواطن العادي . . . ويمكنني الجزم أن لسان حال كل مواطن جنوبي يقول "مستعدون للتعاون في هذه المجالات في إطار الجنوب"
ثالثاً ؛ حيث أنَّ دولة الوحدة انتهت وتحولَّت إلى دولة اتحادية ، بعد توقيع كل الأطراف اليمنية -السياسية والاجتماعية والقبلية- على مخرجات الحوار . والدولة الاتحادية قد أصبحت في مهب الريح بعد انقلاب الحوثي وشركائه عليها . وحيث أنَّ الجيش اليمني والقبائل والمرتزقة بمسمَّى الحوثي والقاعدة وباقي الأذرع الإرهابية لسلطة صنعاء قد وجهت نيرانها نحو الجنوب ؛ فالجنوبيين بمختلف توجهاتهم مستعدون للدفاع عن الجنوب إلى جانب الرئيس وتحت قيادته ، ولن نتخلى عنه في محنته .
مع التعهد بعدم فرض خيارنا السياسي -تحرير واستقلال- بالقوة بدون اتفاق مع الفدراليين والأقلمجية ، وهم مطالبون بنفس الأمر "عدم الفرض" إلَّا بتوافق جنوبي يقرُّه الشعب الجنوبي . يكون هو الأساس الذي ننطلق منه كجنوبيين في الحل السياسي مع الأخوة في صنعاء بعد أنَّ نحسم القتال معهم ونمنعهم من فرض إرادتهم على الرئيس ومن معه من الأقلمجية .
رابعاً ؛ القيادات والمكونات في الحراك في تمزق وتشظي ، والشعب الجنوبي قد ملَّ منهم ومن خلافاتهم التافهة والغير مبررة ، ولذلك فلاخوف منهم ولا رجاء . وعليه ؛ فالرئيس مطالب بوضع مبادرة الشراكة الوطنية بنفسه وهذه البنود الثلاثة في رأيي هي اللبنة الأولى للمبادرة .
ختاماً أقول ؛ هذا كلام جندي "مجرَّد جندي" يسميه المصريون "حافر" قد لايسمعه الرئيس ولا أصحاب الرئيس ، لكنَّه براءة للذمَّة كيفما كان . . . وفي عِدَّة مقالات سابقة ذكرت أننا في مرحلة سوف تفرض علينا أحد أمرين إمَّا توحيد البندقية في وجه العدو أو توجيهها إلى نحور بعضنا البعض ، فلا تقتلوا أنفسكم بأيديكم فيفرح عدوكم وتهزمون .
والله أعلم .