ماذا بعد خروج هادي إلى عدن؟
الشيخ عبدالرب السلامي الشيخ عبدالرب السلامي
أرشيف الكاتب
من مقالات الكاتب
مؤتمر الزيف
الجنوب بعد الإنقلاب على الرئيس هادي (بين توحيد الصف أو صلاة الجنازة على الحراك)
حتى الفيدرالية تحتاج إلى قوة!!
قراءة خاصة في بيان مجلس الأمن
بقلم: عبدالرب السلامي
في صبيحة يوم أمس الحادي والعشرين من شهر فبراير 2015م تفاجأ العالم بأخبار خروج الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من تحت الحصار المفروض عليه من جماعة الحوثي في صنعاء، ووصوله سالما إلى مدينة عدن الجنوبية ليعلن أنه لايزال الرئيس الشرعي للبلاد وليقلب المشهد السياسي رأسا على عقب.. ولا تزال التساؤلات قائمة ماهو المتوقع بعد خروج الرئيس هادي إلى عدن؟
في تقديري أن هناك عدة أمور متوقعة خلال الأيام القادمة ينبغي قراءتها بعناية وبالذات من القوى الوطنية في اليمن عموما وفي الجنوب خصوصا، باعتبار تلك القوى هي المعنية بالتغيير والانفراج المنشود.
أولا: تعيش الحركة الانقلابية الحوثية -في هذه الأثناء- حالة من الإرباك السياسي، ولذا من المتوقع أن ترتمي أكثر في أحضان الرئيس السابق صالح الذي سيحاول توظيف حالة الإرباك الحوثية لا ستعادة كثير من مواقع القوة التي سلبها إياه الحوثيون في الفترة الماضية وعلى رأسها شرعية مجلس النواب والمؤسسة العسكرية والأمنية..
هذه العودة العفاشية للشرعية النيابية ستتناغم الى حد كبير مع الشرعية التي يسعى لاستردادها الرئيس هادي، وعلى الرغم من خطورة هذه اللعبة لكنها في تقديري تصب في النهاية في صالح تحجيم النفوذ الحوثي، وبالتالي على القوى الوطنية اليمنية أن لا تتخوف كثيرا من التقدم العفاشي المحتمل وأن لا يهيمن عليها هاجس الخيانة الهادوي، وأن تتعاطى مع الأمر بإيجابية وحذر في آن معا!!
ثانيا: يوجد اليوم لدى الحوثي استعداد لتقديم تنازلات كبيرة في سبيل الحفاظ على نفوذه السياسي الحالي، ولذا من المتوقع أن يستجند على وجه السرعة بالسيد جمال بن عمر وبالدول العظمى باحثا عن صيغة جديدة للحوار السياسي بعيدا عن شرعية الرئيس هادي، ولو أدى الأمر إلى التضحية بكبش الفداء محمد بن علي الحوثي وإعلانه الدستوري!
ومن هذا المنطلق على القوى السياسية الوطنية أن تدرك أن ميزان المعادلة قد بدأ في التغير لصالح المشروع الوطني، وبالتالي عليها أن لا تقدم في حواراتها السياسية أي طوق نجاة للإنقلابيين.
ثالثا. لا نتوقع دعما دوليا للرئيس هادي من أول لحظة، لكن في حال نجاحه في تشكيل اصطفاف وطني يضم القوى السياسية والاجتماعية والثورية الشمالية والجنوبية الرافضة للإنقلاب وفي حال نجاحه في فرض شرعيته وسلطته الرسمية في العاصمة المؤقتة عدن هنالك ستتغير المعادلة الدولية تلقائيا.
فإغلاق الدول العظمى سفاراتها في صنعاء لم يأت عبثا، وإنما جاء على خلفية توقعات تلك الدول لحرب أهلية قد تكون طويلة لكنها ضرورية -في نظرهم- لتصفية الملعب لطرف سياسي واحد في الداخل ولطرف واحد في الإقليم يتم التعامل معه كشريك مصالح في نهاية المطاف، وهذا هو منطق السياسة الأمريكية والغربية في المنطقة!
ومن هذا المنطلق يصبح إيجاد اصطفاف وطني تحت مظلة الرئيس هادي -في هذه اللحظة- ضرورة وطنية ويصبح إيجاد دعم خليجي لذلك الاصطفاف ضرورة استراتيجية أيضا.. فعلى هذه الأطراف الثلاثة (الرئيس هادي، والقوى الوطنية اليمنية، ودول الخليج) أن يدركوا هذه الحقيقة وأن لا يتجاوزوها إلى غيرها من التدابير الجزئية، فتغيير الموقف الدولي مرهون بمدى تماسك هذه الأطراف الثلاثة وقدرتها على تغيير الواقع على الأرض.
رابعا: إذا قدر الله سلامة الرئيس هادي ونجاحه في الإمساك أمنيا بالوضع في عدن وإعلانها عاصمة مؤقتة لليمن، فإن الحركة الحوثية ستسعى لإسقاط هادي جنوبيا، أو على الأقل إرباك المشهد عليه في الجنوب، ولذلك نتوقع مايلي:
1. ستتغير لغة الحوثيين الاعلامية تجاه الجنوب، وسنسمع في الأيام القادمة كلاما معسولا عن مظلومية الجنوب وجرائم حرب 94م وقد يصل الخطاب الاعلامي الحوثي مداه بالحديث التخديري عن حق الجنوب في تقرير المصير! ، لكنه سيظل كلاما للاستهلاك السياسي وخطابا موجها للداخل الجنوبي ضد الرئيس هادي، وسينتهي الخطاب في حال تتغير المعادلة السياسية كما لاحظناه خلال الأشهر الماضية.
ولهذا على قوى الحراك الوطني الثورية والسياسية على اختلاف سقوفها (الاستقلالية والفيدرالية) أن تدرك فقه اللحظة وتستثمر متغيرات الموقف وأن لا تنجر إلى مربع الصراع الجنوبي الداخلي ضد الرئيس هادي.
2. أتوقع أن الحشود العسكرية الحوثية تجاه الجنوب ستتوقف وبالذات في جبهتي يافع والضالع، وسيبدأ الغزل الحوثي لأبناء محافظة لحج باعتبار المظلومية المشتركة، وسيتم العزف على وتر المناطقية الجنوبية وإحياء أيام “بعاث” جذعة، وهي سياسة حوثية مؤقتة الهدف منها إيجاد أرضية قبلية للنفوذ الإيراني في الجنوب في مقابل النفوذ السعودي في القبائل المجاورة.
هذه السياسة الخطيرة تحتم على أبناء قبائل محافظة لحج عموما وقبيلة يافع الأكثر حضورا في الخليج على وجه الخصوص أن يكونوا على مستوى عال من الوعي وأن يقدروا مصلحة قبائلهم ومناطقهم ومستقبل أجيالهم في إطار من الرؤية الشاملة التي تتجاوز المصلحة السياسية الآنية، وأن لايكرروا تجربة 94م من الباب الآخر!
|