عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-11-21, 10:04 PM   #2
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

الكذب الشرعي وتغييب العقل الجنوبي

الجمعة 21 نوفمبر 2014 04:09 مساءً
عبد السلام بن عاطف جابر
كان الشعب الجنوبي يراهن على ثقافة التسامح والتصالح في رأب الصدع في صفوفه ، والعودة إلى ثقافة المواطنة في إطار الشعب الواحد . . . لكننا مع الأسف أفسدنا هذه القيمة الأخلاقية والإجتماعية السامية عندما حولناها إلى شماعة لتعليق الانبطاحات الجماعية المتلاحقة ؛ أمام هذا المكون أو ذاك ؛ أمام هذا القائد أو ذاك . . . حتى فقدنا حس المسئولية ، سواءً كانت المسئولية الفردية أو الجماعية .

واختلقنا خلال مسيرة شعبنا منذ ٢٠٠٧ ثقافة شرعنة المساوئ ؛ فأصبح الكذب سياسة ؛ والتنصل من المسئولية ذكاء ؛ وبقدرة قادر أصبح المخطئون شركاء في كل فعلٍ ذميم مهما كان الخلاف بينهم سياسياً أو أيدلوجياً . . . ولم يعد من الغريب أن ترى أحد شيوخ الهيئة الشرعية يقدم المبررات لأخطاء قيادي اشتراكي في إطار الحراك ، أو العكس . . . بل قد تجد قيادي في السلطة يبرر أخطاء قيادي في الحراك . . .

وهذا التصرف ليس من باب الود أو الحب أو التعاون أو التسامح والتصالح ؛ بل شرعنة للأخطاء من باب المصلحة الشخصية على قاعدة "لي ولك" . . . فالهدف الأبعد لهذا التصرف يكمن في جعل "تبرير الإخطاء" جزء من ثقافة الشعب الجنوبي ؛ حتى تصبح كل الأخطاء مقبولة شعبياً ، فإذا أخطأ في المستقبل هذا القيادي الذي قدم المبررات لأخطاء غيره لن يلومه أحد .

واليوم في الشارع الجنوبي نجد وطنية الشخص وعقله السياسي لاتكتمل إلَّا إذا أحسن خلق المبررات للآخرين . . . ويصبح غيره خائناً عندما ينتقد الأخطاء ويعرِّيها ، ويذكر أحداث التاريخ السيئة حتى لو من باب أخذ العظة والعبرة ، لأنَّه بذكر التاريخ يسيء لأشخاص أحياء هم قيادة ثورة الشعب اليوم...!

وتكمن خطورة هذه الثقافة "خلق المبررات" عندما تصبح جزء من الوعي الجمعي للشعب ؛ فهذا الحال يجعله تحت طائل الاستحمار الجماعي ، الذي يجعل الشعب يقبل استمرار الأخطاء ويقبل الفشل واستمراره ، لماذا...؟ لأنَّ المبررات والتبرير تمت شرعنتها أخلاقياً واجتماعيا .

سيغضب البعض من كلامي هذا ؛ لكن لايهمني غضبهم ، فمن العيب أن أقبل تغييب العقل الجنوبي عن الواقع الذي يعيشه وجرُّه إلى العالم الخيالي المليء بالآمال والتماني . . . هذا إجرام في حق الوطن . . . ومالا يعرفه سفهاء العقول من الغاضبين أنَّ العالم لايلتفت لقضية مهما كانت عدالتها إذا كانت بدون قيادة موحدة وكفوءة وقادرة . . . لن يقبل العالم الحرية والاستقلال لشعب لايحاسب قياداته الفاشلة ، ويخلعها إذا استمرت في فشلها وأخطائها "كما هو الحال في الجنوب" .

بل قد يقف في طريق الاستقلال لأنَّه لايغامر بمصالحه كما يغامر الشعب الجنوبي بحاضره ومستقبله . . . وقد يطلق عناصره للانضمام إلى الحراك ويضخ الأموال لاستكمال مهممة احباط الشعب ، كي يقبل المعروض ولايعارض ، واحتمال نجاحهم شبه أكيد ؛ فمؤشرات نجاحهم أصبحت واقعاً لاينكره إلَّا شريك في اللعبة .

فها هو أحد زعماء الجنوب الذي طعن قوى الاستقلال في ظهرها أكثر من طعنة قاتلة ، وكان من اتباع الرئيس صالح الأوفياء ، وضل يصرح بمناصرته له ، ومناصرته للوحدة ؛ وكان في كل مقابلة في صحيفة عكاظ السعودية يزدري قوى التحرير والاستقلال ، وفي مقابلة له في ٢٠١١ ، قال : الشعب الجنوبي كله وحدوي ، ولايطالب بالانفصال إلَّا قِلَّة قليلة ليس لها تأثير يذكر ، وهذه القٍلَّة فقدت مصالحها ...... إلى آخر كلامه الممجوج .

هذا الرجل عاد إلى الساحة الجنوبية اليوم وانضم إلى ساحة الاعتصام ، وهو يحمل مشروع مشبوه قد يسيطر به على قرار بقاء الساحة أو رفعها . . . وهاهو قد أصبح بطلاً قومياً تحت سقف التسامح والتصالح ، وبنفس الوقت أصبحت أنا وكل الذين ينتقدون الأخطاء ويدعون إلى إصلاحها خونة وعملاء تنهال علينا التهديدات من كل جانب ؛ أصحاب الحوثي يتهمونا بالعمالة لصالح السعودية ؛ وأصحاب السعودية يتهمونا بالعمالة لإيران ، وكل طرف يتهمنا بالعمالة والخيانة والتآمر على الشرفاء (وليسوا شرفاء) .

ختاماً أقول ؛ على الشعب أن يدرك أن دول العالم لن تكون حريصة عليه وعلى حريته واستقلاله أكثر من حرصه على نفسه . . . واستمرار اهدار الفرص . . . واستمرار تبرير الأخطاء شرعنتها وجعلها جزء من قيم السعب الجنوبي تدل على عدم الحرص على مصالح الوطن . . . . وتؤكد على أن القيادات الفاشلة والرؤساء الذين بلغوا سن الخرف بين ٨٠-٩٠ أهم بالنسبة للشعب من الوطن نفسه ، وأن النضال يكاد يكون اليوم من أجل استعادة مكانة الأشخاص وليس نضالاً من أجل استعادة الوطن .

وهذه حالة من الاستحمار الكارثي ، فمن لم يتحرر من الاستحمار لايستطيع التحرر من الاستعمار ولو ضل يناضل حتى قيام القيامة ؛ قتحرروا من استحمار القرباء حتى تستحقوا الحرية من الغرباء .

والله أعلم ،،،،،،،

التعديل الأخير تم بواسطة طبيب العقول ; 2014-11-21 الساعة 10:06 PM
طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس