[علي المفلحي]

عدن.. تاريخها وثقافة شعبها قبلة للسواح في الأعياد (تقرير مصور
.
عاشت محافظة عدن جنوبي اليمن خلال ايام عيد الأضحى المبارك هذا العام اجواء عيدية فرائحية ، خالية من مظاهر العنف والفوضى والإقتتال لأول مرة منذ العام 2011 .
.
تدفق الى المحافظة أكثر من نصف مليون سائح ووافد قبل وخلال إجازة العيد ، وازدحمت اسواقها وشواظئها ومتنفساتها وحدائقها وكذا معالمها الأثرية بالزائرين ، حركة سياحية كبيرة شهدتها عدن هذا العام .
.
وتميزت عدن منذ القدم بإحتضانها للجميع ، والتعايش الديني والطائفي ، تتعدد الديانات بين سكانها ،ويبقى الإسلام دين شعبها الأول ، فزائريها لا يودون مغادرتها لما لمسوه من محبة و ألفة وسلام بين سكانها ومواطنيها ،
.
يقول “أحمد عبيد” احد الزائرين للمحافظة في العيد : ان عدن وسكانها الطيبين ومعالمها الأثرية وسواحلها الذهبية الجميلة هي من تجذبنا لزيارتها في كل عام ،P1050629
.
واضاف “احمد” الذي التقى به منذوب “عدن حرة” في مجمع عدن مول السياحي : “حتى في شدتها ومرورها بأزمات ومشاكل عدة لكن تبقى عدن قبلتنا السياحية الأول في اليمن ، ورغم اني زرت عدة محافظات يمنية إلا انني ــ بصراحة ــ لم اجد مثل جمال عدن وطيبة وثقافة اهلها ” .
.
تجولت كاميرة “عدن حرة” في المجمع الذي كان مكتظاً على اخره في ثاني وثالث ايام العيد ، كانت البسمة ترتسم في وجوه جميع الأطفال والشباب الذين كانوا يمرحون ويلعبون بألعاب مختلفة بحسب أعمارهم ، والأمهات اللاتي كن يرتدين زيهن الشعبي الخاص “عباية وبرقع″ فرحين برؤية اطفالهن يلعبون ويجرون هنا وهناك .
.
وقالت احدى الأمهات التي قالت بأنها تدعى “أم عزيز″ بأنها وزوجها واطفالها جاؤوا من العاصمة صنعاء لقضاء إجازة العيد في عدن ــ وهو الحال لألاف الأسر ــ ، مضيقة بالقول “لا يحلو لنا قضاء العيد إلا في عدن ، أطفالي اصروا النزول الى عدن رغم ان والدهم عرض عليهم السفر الى القاهرة ، لكنهم رفضوا ذلك “
.P1050638
وردت على منذوب “عدن حرة” الذي ابدى استغرابه من حديثها بالقول ” لا تستغرب يا اخي ، فعدن برغم كل المنغصات التي يحاول البعض اقحامها على سكانها ، تجد اهلها يضحكون دوماً ، تبقى عدن جميلة ، والأجمل من ذلك أهل عدن وطيبتهم ومدنيتهم وثقافتهم وتعايشهم مع الأخرين .
.
إنشغلت “أم عزيز″ بالحديث مع مندوبنا عن عدن ، لكنها سرعان ما نظرت على يمينها للتفقد احد اطفالها الذي كان واقفاً بجانب احدى الالعاب في المجمع ، فلم تجده ، انتابها الخوف وهرعت تجري هنا وهناك للبحث عنه ، وتسأل اي شخص تراه امامها عن طفل يرتدي “فانيلا” حمراء وبنطلون قصير “أسود” ، لكنها تفاجأت بشاب في العقد الثاني من عمره يحمل طفلها وبيده “ايسكريم” ، والشاب يتحدث مع احد رجال الأمن في المجمع عن عثوره على الطفل ، هرعت الأم مسرعة نحو طفلها واختطفته بشغف من الشاب وهي تقول له “شكرا لك شكرا لك” ، وابتسمت للشاب وعبرت عن شكرها واحترامها له لحفاظه على طفلها .
.
والتفتت الى يسارها فوجدت مندوبنا يقف بجانبها فرحاً بالعثور على الطفل ، وقالت له : “هذه عدن يا اخي وهؤلاء هم اهلها وشبابها ، فهل عرفت الان لماذا اصر أطفالي على زيارة عدن بدلاً من اي محافظة او دولة أخرى ؟!
.P1050650
لم تكن هذه الواقعة الوحيدة خلال إجازة عيد الأضحى المبارك في محافظة عدن هذا العام الا انها كانت ابرزها ، فهناك الكثير من الطرائف الجميلة التي حدثت في مجمع “عدن مول” ، ويطول الحديث عنها في تقريرنا هذا ، نتركها في تقارير لاحقة .
.
واصل مندوبنا بالتجول في مديرية كريتر التي تعتبر عاصمة المحافظة ويسميها اهلها بـ “عدن” ، من بوابة مجمع عدن مول السياحي عند الخروج تطل منطقة صيرة الساحلية وقلعتها التاريخية الأثرية التي تعددت روايات المؤرخين العرب بشأنها ، وتفيد الروايات التاريخية بأن قلعة صيرة بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي وتحديدا في سنة 1173 من قبل الحاكم التركي على عدن الأمير عثمان الزانغابيلي التكريتي.
.
وتعتبر القلعة من أشهر المعالم التاريخية الأثرية لمدينة عدن ، التي يفتخر سكانها بها ، وتشهد القلعة إقبالاً كبيراً للزائرين في مواسم الأعياد وكذا في بقية الأيام العادية ، فكل من صعد الى قلعة صيرة يجب ان يأخذ معه كاميرا لسحر المناظر التي تسعد ناظريها وتجذب الالاف من زائريها .
.P1050645
وكان لمنذوبنا كذلك ، دفع رسوم مالية تقدر بـ “50 ريال” للشخص الواحد الذي يود ان يزور معالم عدن ، وبدأ بالصعود على سلالم طويلة جدا استحدتث مؤخراً ، فكان المنظر يزداد جمالاً كلما ارتفع قليلاً عن مستوى سطح البحر ، ولابد ان يتوقف الزائر قليلاً عند صعوده ليلتقط انفاسه ، لكن المشاهد الخلابة لمديرية كريتر والبحر الذي يحيط بالقلعة من الأربع الجهات ، تنسيك مشقة الصعود وتدفعك أكثر لمواصلة الصعود ليكتمل المنظر البديع .
.
كانت القلعة حينئذ تبدو كعروس مكسية بأزهى أنواع الزهور والعطور ، تقف بشموخ واباء ، بإنتظار عريسها الذي جاء ليمسك بيديها ويسير معها أمام المدعويين ، الذين كانوا كثيرون جداً ملؤوا حوضها وسقفها يراقبون بدهشة وإعجاب للطراز المعماري التاريخي الرائع للقلعة .
.
.
مشاهد لا توصف ، ومناظر لا تخطر ببال ، في كل جهة يذهب نظرك فيه ، تجد لوحة مرسومة بأزهى صورة ، منطقة صيرة الساحلية ، ومديرية كريتر بكاملها ، وأجزاء من مديرية خورمكسر وامتداد ساحلها الذي بنى العشاق فيه معبد ، ومنطقة حقات ومعاشيق اللتين لهما ذكريات جميلة لازالت عالقة في أذهان ابناء واهالي هذة المدينة الخلابة .
.
.P1050667
مئات الزائرين لهذة القلعة التاريخية خلال ساعة واحدة فقط ، وفي كل ساعة يزورها مئات اخرين ، والاف الصور تلتقط من جميع زوايا القلعة ، لكن الأهم من ذلك ان كل زائر يحرص على التقاط صورة خاصة به “سيلفي” وهو في اعلى هذا الصرح التاريخي العظيم لتكون له ذكرى جميلة في هذه المدينة التي تحمل معان كثيرة له .
.
.
لكل محافظة ودولة طقوس خاصة خلال الأعياد والمناسبات ، لكن طقوس مدينة عدن كانت الأجمل ، رغم الإمكانيات البسيطة وافتقارها للرفاهية والبذخ المصطنع ، فكانت الطبيعة الربانية من اهم المميزات التي جعلت مدينة عدن في مصاف المدن المنتعشة سياحياً .