عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-03-19, 12:12 AM   #52
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 42,534
افتراضي

تدمير وردم شواطئ بحار عـدن.. جريمة رسمية !!



17 جمادى الأولى 1435هـ - 18 مارس 2014 م 06:00 عدد القرائات 284
تدمير وردم شواطئ بحار عـدن.. جريمة رسمية !!

Share on emailShare on print



صدى عدن/ جهاد جميل محسن:
عـدن تلكم المدينة التي يتغزل بها أبناءها بـ "ساحرة المدن" و"درة البحار" ويصفها محبيها بالمدينة التي تمزج الحكايات والأساطير بالشعر والنغم والموسيقى.. وترقص على نفحات البخور والعود والفل.. وتنام بين أحضان البحر المرنم.. وتتوسد بأمان جوف الجبل الأشم..
تعتبر عـدن شبة جزيرة بركانية تقع على خليج عـدن من الساحل الجنوبي لليمن، وترتبط براً من الشمال بلسان رملي يسمى برزخ "خور مكسر" ويحيط بها عدد من الجزر أهمها "صيرة" التي تطل من ناحية الشرق وجزيرة "العمال" من الغرب، وعدد أخر من الجزر الصغيرة، جميعها تشكل منظومة بيئية تفاعلية تتأثر بعوامل المؤثرات المحيطة بها، وينحدر سطح المدينة باتجاه مرتفعات الجنوب وتظهر هذه المرتفعات في الجزء الجنوبي من المدينة متمثلة في مرتفعات جبل "شمسان" التي تزيد أعلى قممها عن 500م، وجبل حسان وجبل المزلقم في "عـدن الصغرى" وهي أقل ارتفاعاً من جبل شمسان، ويبلغ طول شواطئ المدينة بنحو 180 كيلو، تغمرها المياه بارتفاع يتراوح من بضعة سنتيمترات إلى 6 أمتار من أدنى مستوى للبحر في حالة الجزر.
هذه الشواطئ الفريدة عالمياً لم تسلم من سياسة العبث والتدمير، وجشع الاستثمار والمستثمرين الذين سعوا إلى تخريبها وردمها، على الرغم من التحذيرات التي أطلقها متخصصي البيئة من المخاطر التي ستواجه المدينة مستقبلاً بسبب تواصل أعمال الردم التي تأتي ضمن خطوات رسمية غير مدروسة متجاوزة القوانين الدولية التي تقضي بعدم المساس بمواقع المدن الساحلية والأراضي الرطبة، خصوصاً بعد أن رصدت الأقمار الصناعية أوجه التشابه بين شواطئ (اندونيسيا) التي ضربها إعصار "تسونامي" عام 2004م ودمر مدن وقرى برمتها، وبين شواطئ "عـدن" من جهة كورنيش ساحل أبين بـ "خور مكسر" ونبهت إليها تقارير منظمات البيئة العالمية، منها منظمة (رامسار) بأن مدينة عـدن تقع في المرتبة الـ 6 من قائمة 20 مدينة عالمية مهددة بالغرق، في حال تعرضت للعواصف والأنواء العاتية، وطغى منسوب مياه البحر على سواحلها بفعل العوامل والتغيرات المناخية التي ستشهدها بلدان العالم خلال العشر السنوات القادمة.
رصيف ساحل "كالتكس".
ومن ضمن السواحل والشواطئ التي تعرضت لأعمال الهدم والردم في عـدن، رصيف ساحل "كالتكس" الذي قامت ـ المنطقة الحرة ـ بردمه كمرحلة أولية، تليها مرحلة ردم كورنيش "جزيرة العمال" وهي من المناطق المدرجة ضمن قطاع (C) الذي حدده قانون البيئة مادة 82 وقرار مجلس الوزراء رقم 95 لعام 1995م، باعتبارهما مسطح مائي طبيعي يمنع المساس به، ولم تلتزم "المنطقة الحرة" وشرعت بأعمال الردم بحجة توفير مواقع شاغرة لنافذين ورجال أعمال بعد توقيعها معهم عقود وتراخيص مسبقة لبناء 7 مشاريع استثمارية وسكنية ستبنى على أنقاض تلك السواحل.
وهي الخطوة التي أثارت رده فعل نشطاء البيئة الذين لجوء عبر "الجمعية اليمنية للبيئة والتنمية المستدامة" برفع دعوى قضائية أمام محكمة المنصورة الابتدائية، ضد الهيئة العامة للمناطق الحرة والمنطقة الحرة م/عـدن بواسطة "مجموعة ائتلاف الشباب للدفاع عن حقوق الإنسان" ونجحت المجموعة باستصدار قرار قضائي ابتدائي يمنع "المنطقة الحرة" من مواصلة أعمال الردم، لكنها لجأت إلى استئناف الحكم، وشرعت بوتيرة عالية بمواصلة أعمال الردم بعد تطمينات قضائية حصلت عليها بأن القرار القضائي القادم سيكون لصالحها، وهو قرار للأسف أتخذ دون استشارة الجهات المعنية بشؤون البيئة لتقييم الأثر البيئي السلبي والكوارث التي قد تهدد مستقبل المدينة في حالة تواصلت أعمال الردم بهذه الطريقة العشوائية.
غير أن جمعيات البيئة رفضت قرار الاستئناف ولجأت إلى رفع القضية أمام المحكمة العليا في صنعاء، والتي بدورها أعادت القضية لمحكمة استئناف عـدن لوجود خلل قانوني في قرار الاستئناف الصادر لصالح "المنطقة الحرة بعـدن" ولازالت القضية في طي الكتمان، بعد أن تحولت المنطقة المردومة في ساحل "كالتكس" إلى مواقع ثكنات ودبابات عسكرية مازلت مرابطة فيها.
كورنيش "جزيرة العمال".
يعد كورنيش "جزيرة العمال" الواقع أمام "فندق عـدن" الذي يعرف بكورنيش (المحافظ) وتقدر مساحته بأكثر من مئة كيلو متر مربع، من مشاريع المرحلة الثانية التي تنوي "المنطقة الحرة" بردمه وجعله حكراً لفئة معينة من المستثمرين الباحثين عن فرص للاستثمار في مواقع تطل على السواحل الداخلية للمدينة.
فكورنيش "جزيرة العمال" المهدد لخطر التخريب والردم، يدخل ضمن حرم "ميناء عـدن" وقد تم اعتماده ضمن المخطط العام للاستخدامات الخاصة بالمساحات المائية والأراضي المحاذية لميناء عـدن، ولصالح توسعة وتطوير الميناء مستقبلاً، بموجب قرارات مجلس الوزراء 1993م/ 2002م/ 2006م، وهو ما أوجد نزاع بين "هيئة الموانئ" و"المنطقة الحرة" وجرى إحالة القضية في حينه إلى وزارة الشؤون القانونية.
تحذيرات جمعيات البيئة.
ويتهم نشطاء البيئة أن "المنطقة الحرة" لم تضع ضمن تقديراتها المستقبلية الوضع العام للأثر البيئي السيئ الذي سينعكس على حياة المدينة وسكانها، بسبب استخدام سياسة ردم البحر وتضيق مستوى حالة المد والجزر والخطر الذي سيواجهه الإنسان والمجتمع والأجيال القادمة، كما أن "المنطقة الحرة" لم تلتزم بالقوانين والقرارات التي تمنع أعمال الردم والمساس بالشواطئ والأراضي الرطبة، منها القانون رقم 21 لعام 1995م، بشأن أراضي وعقارات الدولة الفقرة (لا يجوز التأجير أو الترخيص بإقامة أي مشروعات سياحية أو استثمارية على الجزر أو الشواطئ، إلا بعد التأكد من أن تنفيذ هذه المشاريع لا يؤثر على النواحي البيئية الجمالية والشواطئ المفتوحة التي لا توجد فيها أي تجمعات سكانية، والواقعة خارج حدود النمو العمراني، وتحدد محارمها بمسافة لا تقل عن 300 متر مربع)، والمادة رقم 35 من دستور الجمهورية اليمنية الذي ينص (حماية البيئة مسئولية الدولة والمجتمع، واجب ديني ووطني على كل مواطن)، وقرارات مجلس الوزراء رقم 98 لعام 2002م، بشأن وقف عمليات ردم الشواطئ في المدن الساحلية، وقرار رقم 99 لعام 2005م، بشأن خطة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية بمحافظة عـدن، وضرورة إدخال اعتبارات حماية البيئية عند تنفيذ المشاريع، والمخطط التوجيهي العام لمدينة عـدن 2005م/2025م الذي حدد فيه أن هذه المناطق تعتبر مناطق حساسة بيئياً.
شواطئ بحيرات البجع.
كما أن محمية بحيرات عـدن المعروفة لدى السكان بـ "بحيرات البجع" على طريق الجسر البحري، لم تسلم من حالة العبث والردم من قبل بعض الأشخاص الذين حاولوا البسط على أجزاء منها، لولا تدخل جهود جمعية "مبَرة الإخاء في عـدن" من خلال بناء حوش عليها، ولم يتبقى من مساحة هذه المناطق الرطبة سوى واحد كيلو متر تقريباً.
وتعتبر محمية بحيرات عـدن ـ المملاح ـ من المناطق الرطبة والحساسة، كونها تمثل بيئة وسطية بين اليابسة والماء لذا فهي سريعة الجفاف والنضوب، وتكتسب أهميتها من خلال دورها الحيوي في توازن النظام البيئي الساحلي وتلطيف المناخ المحلي للمدينة، حيث تساهم مسطحاتها المائية التي تزيد مساحتها عن 900 هكتار، في تخفيف درجات الحرارة خلال فصل الصيف.
وكانت هذه المنطقة تشكل رقعة واسعة تغمرها مياه البحر، حتى الثمانينات من القرن الآفل، قبل أن تتعرض لأعمال الردم والتضييق منذ بداية سنوات الوحدة.
متنفس "خليج عـدن" بكريتر.
متنفس "خليج عـدن" هي المساحة التي تتوسط "مجمع عـدن مول" و"فندق ميركيور" في كريتر، وكانت هذه المساحة مغمورة بمياه البحر قبل أن يتم ردمها وتركها لتكون آخر المتنفسات المتبقية في المدينة، بعد الاتفاق على تحويلها إلى "كورنيش" عام، وقد وضعت له التصاميم الهندسية الجاهزة.
هذا المتنفس الوحيد تعرض قبل عام ونصف لعملية بسط من قبل أحد المستثمرين النافذين، الذي شرع بحفر أساسات البناء وسط حماية أمنية مشددة، بغرض بناء مشروع استثماري تحت اسم (أبراج كريتر التاريخية) وهي عبارة عن مجمعاً سكنياً يتألف من 6 عمائر مطلة على شاطئ البحر، ستبنى على مساحة تبلغ 26180م.
ولازالت إجراءات التقاضي في المحكمة بعد لجوء منظمات المجتمع المدني بتنظيم وقفات احتجاجية ومنع المستثمر من تنفيذ مشروعه.
وتشير بعض الوثائق الصادرة عن الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بمحافظة عـدن، إلى أن هذا المتنفس تم صرفه من قبل الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" لشيخ "محمد ناجي الشائف" عام 2007م، وإنه قد تم سحب الأرضية منه وإلغاء المشروع نهائياً، بعد أن تخلى المستثمر بشروط المحضر المتفق عليه، في أن يقوم بأعمال التشييد خلال مدة 3 أشهر من تاريخ التوقيع على المحضر، ونصت (الفقرة الثانية) على أن ينجز المشروع خلال عامين من استلام الأرضية التي منحت له بتوجيهات رئاسية مباشرة، وفي حال مرت الفترة الزمنية المحددة من دون القيام بأية أعمال استثمارية، فإن الهيئة العامة للأراضي مخولة بسحبها منه.
وبعد مرور الفترة القانونية المحددة على هذا الاتفاق لم يقم المستثمر بأي بناء على الأرضية، ما دعا بهيئة الأراضي والمساحة بإلغاء المشروع وسحب الأرضية في تاريخ 5 يونيو 2010م، غير أن "الشائف" استغل ظروف الثورة الشبابية والفوضى الأمنية وقام بالبسط عليها مجدداً.
وكان تقرير رسمي قد حذر بأنه لا يجوز بناء مشروع عقاري على أرض خصصت لتكون متنفساً سياحياً عاماً، بحسب ما تم إقراره عام 2005م، ويؤكد التقرير: أن أي مشروع سيبنى على هذه المساحة سيكون متعارضاً مع قرار المكتب التنفيذي للمحافظة عام 2006م، باعتبار منطقة "كريتر" منطقة تاريخية، يجب المحافظة على خصوصيتها الطبيعية.
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس