عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-06-23, 03:13 AM   #100
أبوسعد
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-12-05
المشاركات: 3,920
افتراضي


وادي سوات وإقليم دارفور واختلاف المواقف
2009-06-23


أعرف جيدا أن أمتنا العربية مستهدفة ، وهذا الاستهداف ليس وليد الساعة وإنما يغوص في تاريخنا منذ ما يزيد على ألفي عام ،أورد بعض الأمثلة ، كلنا نعرف عن دولة حمير التي قامت في منطقة جنوب اليمن ، وكان لها شأن في التجارة والقوة البحرية التي أوصلت تجارتها إلى جنوب شرق آسيا ، لم يرق ذلك التقدم الاقتصادي والعمران والقوة الحميرية للحبشة ، وعلى ذلك قررت الحبشة القضاء على هذه الدولة العربية الصاعدة ، لكن الحبشة لا تستطيع بمفردها فرض إرادتها على الدولة الحميرية فاستعانت بإمبراطورية بيزنطة لإلحاق الهزيمة بالدولة العربية في جنوب جزيرة العرب ، وكان لها ما أرادت ، فاستنزفت قوة حمير وحوصرت وتم احتلالها من قبل الأحباش بمعونة بيزنطية وزحفت تلك القوة الغازية شمالا حتى وصلت مكة المكرمة ونستدعي في هذه الحالة سورة البروج وسورة الفيل .
في هذا السياق انظروا إلى حال اليمن اليوم وما يجري على أرضها ، قوم يريدون الوحدة مشروطة بعدالة ومساواة وقضاء مستقل ، وقوم آخرون يريدونها لكن بطريقتهم وأهم معالم تلك الطريق الاستبداد ، والاستيلاء على ممتلكات الغير إلى الحد الذي دعا فريقا من السياسيين الرئيس علي عبد الله صالح أن يختار بين خمسة عشر رجلا يعيشون في دائرة رعايته ــ هم المستولون على ممتلكات الغير بغير حق ـــ أو الوحدة اليمنية القوية ، وحتى هذه اللحظة لم يعلن اختياره ، وهذا الموقف قد يجر اليمن كله إلى حالة لا تحمد عقباها . أريد أن أذكر فخامة الرئيس علي عبد الله صالح بأن الذكاء والمكر السياسي والمناورات السياسية التي أبقته في سدة الحكم حقبا من الزمن لم تعد مجدية الآن وعليه وحزبه الاستماع إلى مظالم الناس ومطالبهم والعمل على تحقيق العدالة ورد الحق إلى أصحابه إن أراد الحزب ورئيسه بناء دولة الوحدة القوية .
( 2 )
مثال آخر لو نظرت إلى خارطة جمهورية الصومال عضو جامعة الدول العربية لأدركنا الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية لموقع الصومال الجغرافي ، والسؤال لماذا يترك الصومال يتضرج في دماء أبنائه ويترك لتنهشه الحبشة وكينيا وغيرهما ، هل لأنه ليس به بترول كما هو حال الكويت ؟ لماذا تفازع العرب لإنقاذ الكويت من سطوة دولة عربية أخرى وتم الاستعانة بجيوش وأساطيل الدول الكبرى وجيوش جرارة من أكثر من ثلاثين دولة ، ولا يحرك العرب ساكنا تجاه الصومال ؟ إن أمتنا مستهدفة من كل القوى الأجنبية ومع كل الأسف نجد من يعين أعداء أمتنا علينا بعض حكامنا وقادتنا . الرئيس حسني مبارك حاكم مصر بارك التدخل الإثيوبي في الصومال لمواجهة الحركة الوطنية الصومالية المجاهدة من أجل وحدة الصومال ، وتبعه في التأييد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وزعماء عرب آخرون لاذوا بالصمت الرهيب على ما يجري في الصومال .لن أتحدث عن ضياع دولة بني كعب العربية والتي تعرف الان باسم عرب استان ، ولما استعادها الشهيد صدام حسين المغدور به في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي لم يعنه العرب للتمسك بها بل إنهم خذلوه . أذكركم بالجولان ولواء الاسكندرون وسبتة ومليلا .
( 3 )
أورد مثالا ثالثا هنا : ماذا يجري في باكستان وبالتحديد وادي سوات هذه المنطقة يريد سكانها أن يطبقوا على أنفسهم أحكام الشريعة الإسلامية فقط ، فقامت قائمة الحكومة المركزية في إسلام أباد وشنت عليهم حربا ضارية استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة بما في ذلك الطيران الحربي ، بل استعانت الحكومة المركزية بالقوات الأمريكية الأمر الذي أدى إلى تشريد ما يزيد على مليونين من السكان يعيشون الآن في مخيمات اللجوء والشتات ، إلى جانب آلاف القتلى ولم يتحرك المجتمع الدولي لنصرة هؤلاء السكان من قهر الدولة لهم ومحاربتهم بمساعدة قوات حلف النيتو .
(4 )

في دارفور السودان حركات مسلحة متمردة على الدولة أحرقت الأخضر واليابس وقتلت عشرات الآلاف من الناس وشردت أكثر من مليون من البشر وتفازع المجتمع الدولي الغربي لنصرة تلك الفرق الانفصالية الباغية في السودان الخارجة على النظام والتي ترتكب أبشع الجرائم في حق الشعب في دارفور بغية تحقيق مصالح آنية ذاتية لحفنة من الحاقدين العملاء وخونة الوطن ، وراحت الدول الغربية وأمريكا تناصر تلك الحركات المسلحة الخارجة على القانون وتسلحها وتجعل لها منابر دولية من أجل النيل من السودان ونظامه السياسي.
ما الفرق بين إقليم وادي سوات الباكستاني وإقليم دارفور ؟ الفرق بكل بساطة أن حكومة باكستان تسير حسب رغبة أمريكا والدول الغربية وهي تعمل كعميلة لها في باكستان وأفغانستان . أما السودان فإن حكومته حكومة وطنية سودانية لا تقبل أن تسير حسب رغبة المتربصين والأتباع وعلى ذلك فلابد أن تستهدف من قبل الأعداء وعملائهم .
آخر القول: في السودان يناصرون المنشقين على الدولة ، وفي باكستان يناصرون الدولة للنيل من الشعب وشتان بين الأمرين. .


2009 © Al Sharq . All Rights Reserved
أبوسعد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس