ثقافة العبيد: المتنبي نموذجاً!
التعليقات استحضر طه حسين في مقدمة كتابه «سجن أبي العلاء» كتاباً ألفه الشاعر الفرنسي بول فاليري عن الرسام الفرنسي ديجاس، والعلة التي استحضره من أجلها هي موازنة أبي العلاء به. فكثير من صفاته تشبه ما ألِفَه وأحبَّه من صفات أبي العلاء، وهذه الصفات تجرِّد من حب طه حسين وإيثاره لأبي العلاء نموذجاً تشخِّصه هذه الصفات التي تتبادل معه علة نموذجيته ومعلولها.
وهي تشير –من غير شك- إلى نموذج مختلف عن نماذج الشعراء الذين تمتلئ بهم ذاكرة شعرنا العربي، خصوصاً كبارهم أو فحولهم الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس كما فعل كبيرهم المتنبي. وإذا أردنا أن نجمع هذه الصفات في جامع (لأن المساحة لا تتسع لتفصيلها) فإنها تدلنا على شخصية مستقلة ومسؤولة أتم استقلال وأتم مسؤولية، وإلى ذلك فهي أبعد ما تكون عن الأنانية والعبث وأدل ما يمكن الدلالة بها على الإيثار والكرم والجدية.
ولقد أخذت النموذجية التي تصنعها هذه الصفات تتأكد لدى طه حسين في القيمة التي أسبغها على من درسهم من الشعراء وغيرهم من قادة الفكر والثقافة. وقد يكون المتنبي أوضح من تصطدم به نموذجية المثقف بالمقاييس التي صنعها طه حسين، بسبب الضخامة التي تمثلها شاعرية المتنبي في الثقافة العربية، سواء في الحفاوة المعلنة به، وكثرة التمثل بشعره، والدراسات والكتب المؤلفة عنه، أم في شيوع نموذجه عملياً في الثقافة العربية وسريانه في الصميم منها.
ولم يجحد طه حسين المتنبي عبقريته الشعرية، فالمتنبي شاعر فذ في تاريخ الثقافة العربية، لكن شاعريته هذه لا تعبر –فيما رأى- عن شخصية مستقلة ومسؤولة ولا تدلل على الإيثار والكرم. وهي -في هذا المعنى- نقيض للصفات التي أحب طه حسين أبا العلاء من أجلها. ويكفي أن نقف على وصفه لشعر المتنبي في سيف الدولة، إذ يرى أن شعره هذا ليس من أجمل شعر المتنبي فقط بل من أجمل الشعر العربي كله وأروعه وأحقه بالبقاء. لكنه يرى امتياز هذا الشعر في كثرته فهو أكثر شعر قيل في ممدوح من شاعر واحد، وفي انقطاع المتنبي لممدوحه فلم يقل شعراً لا يتحدث به عن سيف الدولة أو إليه طوال إقامته عنده. و قد لاحظ طه حسين تمسك المتنبي بهذه الخصلة الأخيرة كلما تحول من ممدوح إلى غيره، إلا أن يأذن له ممدوحه أو يطلب منه.
إنه شعر جيد ورائع وكثيف و–أيضاً- متنوع على الرغم من خلوصه لشخص واحد. هكذا يصف طه حسين شعر المتنبي، وهو وصف يوافر على المتنبي أبرز ما يتمدح به الشعراء في الثقافة العربية وأبرز مقومات البلاغة والبراعة البيانية التي جمعتها مؤلفات البلاغة العربية واستقامت بها مقاييس النقد العربي القديم. لكن هذا الشعر –على الرغم من براعته- ينفي القيمة الثقافية عن شخصية المتنبي لأنه يكشف عن شخصية متناقضة ومتهالكة ومفرغة من مقومات المسؤولية والاستقلال وراسفة في الذل والعبودية والأنانية. وقد تكاملت دلائل هذا كله في المتنبي بأكثر ما يمكن الاستدلال عليه، وبأوضح ما يمكن استبيانه عند غيره من الشعراء.
كان النقد الذي اتجه إلى طه حسين بسبب كتابه «عن المتنبي» كثيفاً وقاسيا، ولكن نموذج المتنبي سيبقى -بفضل طه حسين- أوضح نموذج لثقافة العبيد!
ننصح كل: جنوبي عربي. بإن يقرا جيداَ عن ثقافة العبيد. وإن لا ينفذونها البعض. بدون قصد أم دراية وبعضهم دفع حياته. وهو لا يعرف بإنه : عبد مملوك ينفذ فقط. مثله مثل العبيد. عند ما كانوا يتصارعون ويموتون. من أجل فرحة وأتسلية ملاكهم. أنتم تموتون مثلكم مثل : العبيد من: ( ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م). العبيد: لم ولن. سينتصرون في أرض: الله.. الجنوب العربي.
قصيدة السادة
قصيدة راقتني
من قال أنا سيد ترى العبد موجود **** وش ينفعك وقت ( ن ) تسيدك عبدك
لافات عمرك مستحيل ( ن ) بك يعود **** ماتنفعك حسرات عمرك وجهدك
أحيان بعض الهرج لازم له حدود **** لاجات كلمه من صحيب ( ن ) تهدك
لاصكتك ضيقه تدوره مفقود **** بعض الأوادم علة ( ن ) فوق كبدك
لاكنت مبسوط ( ن ) تلاحظه مشهود **** والود وده يلطمك فوق خدك
ماصابه من المرجله رقم معدود **** تقدر على عده ويزرى يعدك
ودك بقصف العمر فيهم ولايزود **** صوب الرديه وده اليوم شدك
لكن تسامى عنهم وأكسب الفود **** لاتتركه يقرب لبيتك وحدك
يكثر من حلوفه مع جملة وعود **** لايسمع الصيحه بجالك يهدك
إبليس دايم فوق صدره وبجنود **** يحسب حساب إنه قرينك وندك
لاتاخذ بعلمه ولو كان مسرود **** ولاتخبره سرك يبيح بسدك
يلحق مواقيفك بنكران وجحود **** هذا حصيل اللي جنيته بيدك
ترى العظيم اللي تسمى بنمرود **** مات بعذاب ( ن ) ماتوقاه زندك
الطايله متوارثه من ثرى جدود **** وأما أنت مانعرف لساسك وجدك
العز بيته يعمره راعي الجود **** ليتك تعرف مكان قبرك ولحدك
كل ( ن ) بيجيه الموت في يوم موعود **** وتسكن بحفره تمتلكها لوحدك
منقوله
المصدر: الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري
التعديل الأخير تم بواسطة نور ; 2014-01-18 الساعة 05:28 PM
|