تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال الدروس المباشرة التي يجب أن نتعلَّمها من الصراع في مصر وسوريا ، وفي هذا الجزء نتناول الدروس غير المباشرة ، والتي تحتاج إلى العودة إلى القواعد التنظيمية ، ثم نسقطها على الواقع في تلك الدول لوضع الملاحظات . وبعد ذلك نضع واقع الحراك اليوم في ميزان الملاحظات التي خرجنا بها ، لنخرج بإطار نظري يمكن أن يكون علامات على الطريق .
والدروس الغير مباشرة هي :-
الدرس الأول : نتعلم عملياً ماقاله أبن خلدون والذي معناه باختصار أنَّ الطمأنينة والركود إذا سيطرت على الدولة أو الثورة أو التنظيم السياسي يأتي بعدها الاحباط ثم الانهيار فالسقوط . وخلاصة الدرس أنَّ الحراك الجنوبي في مرحلة ركود وطمأنينة !! فماذا بعدها؟؟
الدرس الثاني : تحليل البيئة التي يصارع فيها الحراك الجنوبي ومقارنتها بالصراعات والبيئات الأخرى ، والخروج بملاحظات واضحة أين نحن سائرون ؟؟
الدرس الثالث : ندرس عملياً نظرية القوة لعالم السياسة روبرت دال (إن القوة أو النفوذ تتوزع بين أفراد المجموعة أو بين المجموعات) وكيف أخطأ الأخوان المسلمون - مصر - في قياس القوة وتوزيعها على الساحة المصرية , ماأدى إلى سقوطهم . وكيف تنبَّهت المعارض لحجم قوتها الضئيل الذي لايكفي لاسقاط مرسي ، وأدركت قوة قائد الجيش المتنامية فجذبته إلى جانبها فرجحت كفتها .
ومن هذا الدرس يمكن أن نقوم بتحليل الساحة الجنوبية لنتعرف على توزيع القوة بين القيادات الجنوبية وكيف نوظِّفها ؟؟ ونحلل توزيع القوة بين أقطاب سلطة صنعاء وكيف نتعامل معها ؟
الدرس الرابع : نتعلم التراتب في نظرية القوة لروبرت دال (ترتيب الأفراد أو المجموعات بناء على القوة التي يمتلكونها) واسقاط ذلك على الواقع المصري ، وكيف استطاعت الولايات المتحدة ترتيب عناصر الأخوان المسلمين حسب قوتهم ترتيباً صحيحاً . فأصبح خيرت الشاطر رقم واحد والرئيس مرسي رقم ستة ، وبتلك المعرفة نجحت المعارضة في اسقاطهم .
ومن ذلك نتعلم كيف نعترف بحقيقة قوتنا ثم نترتب ترتيباً صحيحاً سواءً على شكل أفراد أو تنظيمات أو قبائل . ثم ترتيب اقطاب سلطة صنعاء بنفس الطريقة ، وتوظيف الترتيب الصحيح في تحقيق أهداف شعبنا .
الدرس الخامس : يقول الله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) وهذا يعني أنَّ الدعوة الثابتة هي التي ترتبط بالتنظيم وأفكاره ولاترتبط بالأشخاص مهما كان حجمهم .
وفي مصر نجد جبهة الانقاذ مبنية على اشخاص "البرادعي - عمرو موسى - صباحي" وبسبب تفرُّق الاشخاص واختلافهم ذابت الجبهة واختفى تأثيرها وعلى وشك التفكك . وأصبحت مؤسسة الجيش بكونها تنظيم متماسك هي القائد واللاعب الرئيسي ، برغم دخوله الصراع في اللحظات الأخيرة . وبالمقابل مازال تنظيم الأخوان يخوض الصراع برغم اختفاء الصف الأول والثاني من قيادة مابين السجون والمخابئ .
وفي الحراك الجنوبي نجد التنظيم الذي يجمع الناس معدوم ، والفكر القائد للجماهير معدوم ، واساس تنظيم الناس ارتباطهم بالأشخاص ، حتى في إطار التنظيم الواحد ، مثلاً : المجلس الأعلى التابع لباعوم والمجلس الأعلى التابع للبيض .
وعليه فالدرس الذي يجب تعلُّمه هو الاتجاه نحو بناء التنظيمات القوية المتماسكة التي لاتموت لمرض فلان أو موته .
الدرس السادس : نتعلم كيف تُقتنص الفرص ، وكيف نستفيد من تورط أطراف سلطة صنعاء في الصراعات العربية "سوريا ومصر" ماأدى إلى خسارة حلفائهم الخليجيين . فهل نستطيع التماهي مع المنظور الخليجي لحل القضية الجنوبية وبناء قنوات اتصال معهم تنتهي بالتعاون للخروج بحل مرضي للشعب الجنوبي , واعتبار ذلك كسب جولة من جولات الصراع .
فإذا لم نتعلَّم فلن ننجح في صراعنا ولن نحافظ على قضية ولن نسترد وطن هذا رأيي والله أعلم ،،،،،،