[نبراس الجنوب]

عبقتْ عطورُ الحب في الأنسام تبتسمُ = فخراً إذا ماشعشعت أنوارها الظلمُ

لمّا روى أرضُ الجنوب شهيدنا بدم = كالنهر أنبتهُ زهوراً في ذرى القممُ

قد أينعت منه سنابل قمحنا وربتْ = واخضوضرتْ ساحاتنا والسهلُ والأكمُ

روحُ الشهيدُ تطوفُ في أفياءَ من نعم = تستبشرُ الآتي وشعبي طوق ملتحمُ

منها تكادُ حشودنا بالودّ قد صُهرتْ = وتعانقتْ فيها النفوس بقلب منسجمُ

فتوحدتْ أرواحُنا في عُرسنا ومضتْ = تشفي الجروح تسامحاً وتصالحاً عظمُ

نرنو بأحداق الرجاء ، وبات ملتحفاً = سقف السماء عرندسٌ شيمائه الذممُ

عهداً علينا أننا نمشي على سبــــل = قد عُبّدت بدمائكم نفدي ونقتحـــمُ

أما من ازورّ ، وأتبع درب قاتلكم = فالخزي يلحقــه وبالخسران منهزمُ

في ذلّة تعلو محيّاه الذي نُكست = منه الجباة تنوء من أرزائها سقـــمُ

وتقزّمت منّا فلول الخبث منتنة ً = في حفرة تهفو إلى الأجداث تنقسـمُ

نبّيء عدوي إنّني آت بمعجزة = قد صاغها الباري بأيد الصّيد تنتقـــمُ

حتى إذا ثارت براكيناً به صرختْ = صوتُ الجموع فأخرستهُ وظل منكتمُ

وتزلزلتْ منها قواعدهُ إذ اضطربتْ = من هولها الأزلامُ عند القذف بالحممُ

فتكسرتْ سنن الرماح وسيفهُ نُزعت = منه المهابةَ في النّضال وصار منثلمُ

وتبددت أحلامهُ الهوجاء تقلعها = من غضبتي ريحُ السَّموم.. تُحيلها عدمُ

إني أرى النَّصرَ المبينَ سُرادقا نُشرتْ = في فجره يستنهض الأشلاءَ والهممُ

وإذا به كالرّخ يعلو في سماء غديْ = يستلهمُ الأخبارُ والتاريخُ مرتسمُ

فتهللتْ من بارق الغيم ومن ودق = وجهُ السماء فقبّلت للأرض تلتثمُ

غنّت حمامات السلام بصوتها وشدتْ = بنشيدها لحناً طروباً رائقَ النغمُ

ترسلُ في الأرجاء للدنيا مدوّنةًً = تحكي عذابات لشعب شامخٌ شَمَمُ

يرفض للعدوان والطغيان منتفضاً = بالسّلم لايبغي سوى التّحرير يحتكمُ

فدمُ الشهيد لئن وزناهُ فما رجَحَتْ = في كفة الميزان من أثقاله الأمــــمُ

مليون في مليون في مليون ترفدها = مليون أخرى في سبيل العزّ والكرمُ

ياأيها التاريخ سجل إننا عـــربٌ = نلفى النجوم إذا نرومُ ونعتلي السُـدُمُ