عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-14, 06:03 AM   #18
نبراس الجنوب
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-09-03
المشاركات: 1,145
افتراضي

حول ثنائية الوحدة والانفصال
14/ديسمبر/2012م الجمعة



د. عيدروس نصر ناصر النقيب


يستمر الجدل حول ثنائية الوحدة والانفصال في اليمن كواحدة من القضايا الأكثر سخونة وتعقيدا في عملية التحول السياسي الذي تشهده البلاد، كما تبدو هذه القضية كأكبر التحديات في إطار عملية الانتقال الذي يفترض أن تحدثها أو تكون قد أحدثتها الثورة الشبابية السلمية في العام 2011م وقبلها الحراك السلمي الجنوبي المندلع في العام 2007 كأول ثورة سلمية عربية.

هذه الإشكالية لا تأتي من الفراغ ولا نتيجة لعمل فوضوي يقوم به بعض هواة الشغب والمناكفة ولكنها تنبع من حقيقة لم يعد بمقدور أحد إنكارها وهي فشل المشروع الوحدوي الذي جرى محاولة الوصول إليه في العام 1990م، وما تلاه من أزمات سياسية متتالية انتهت بحرب أحرقت الأخضر واليابس وأهم ما أحرقته هو المشروع الوحدوي نفسه الذي تحول إلى مجرد سلم يمر عبره الناهبون واللصوص والنصابون والمجرمون والفاسدون لتحقيق مآربهم المتعددة، وبنتيجة لهذا تحول أحد طرفي المشروع الوحدوي (الجنوب) إلى غنيمة حرب، ليس بيد الطرف الآخر (الشمال) ولكن بيد قوى النفوذ والتسلط والنهب التي كانت قد أكملت نهبها للشمال منذ سنين خلت.

من سوء حظ الحياة السياسية في اليمن أن الكثير من قاداتها يتفاعلون مع تطورات الأحداث ببطء يتفوق على بطء السلحفاة في حركتها، بينما تسير الأحداث والمتغيرات بسرعة الومضة الضاغطة على زر اللابتوب أو رسالة الموبايل،. . . هذا الترهل والبطء في تفاعل الساسة مع تغيرات الأحداث يؤدي إلى كوارث كبيرة لأن هؤلاء الساسة المترهلين هم من يصنع القرار السياسي، وهم بهذا التباطؤ وضعف تفاعلهم مع المتغيرات المتسارعة، يعيقون حركة التاريخ ويثبطون من إمكانية الاستجابة السريعة لمتطلبات التغيير بما يخدم مصالح البلد ويقلل من الخسائر الكبيرة التي يتسبب بها بطء اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب.

في العام 2007م عندما اندلعت ثورة الحراك السلمي الجنوبي كانت كل محاولة داخل البرلمان اليمني لطرح مطالب المتقاعدين العسكريين تواجه بالتجاهل واللامبالاة وأحيانا بالتهجم واتهام الأغلبية وقيادة البرلمان كل من يتبنى هذه القضية بالانفصالية, اعتقادا منهم (أي جماعة الأإلبية) بأن القبضة الأمنية وحدها تكفي لسحق أصحاب المطالب المشروعة، وفي أحسن الأحوال كان مطهر المصري يأتي ليقول لنا أن سبعمائة من الخارجين عن القانون يرفعون أعلام الانفصال، . . .ليته شاهد احتفال الثلاثين من نوفمبر 2012 في المنصورة وفي حضرموت وشبوة وردفان وغيرها ليرى كم صار هؤلاء السبعمائة.

من بين علامات التبلد السياسي أن يعمد بعض الساسة والإعلاميين إلى إلصاق تهمة الانفصالية بكل من يطالب بإزالة المظالم الكبرى التي ألحقتها الحرب بالجنوب والجنوبيين، في محاولة لاستبقاء نتائج حرب 1994م وتخليدها كحقائق تاريخية غير قابلة للتغيير، وترويع دعاة الحق بهذه التهمة اعتقادا بأن الخوف منها سيرغم أصحاب الحقوق على التنازل عن حقوقهم، وهم بذلك لا يفعلون ما يفعلون تجاهلا لما لهذه النتائج من آثار تدميرية ولكن لأنهم مضطرون إلى الدفاع عن الغنائم المهولة التي حققوها بفعل هذه الحرب وهنا لا يجدون إلا فزاعة الانفصال لترويع كل من يحاول التعرض لمنكرات تلك الحرب وما ترتب عليها من جرائم.

ومن سوء حظ هؤلاء أن الادعاء بالوحدوية لم يعد مصدر فخر لدى الجنوبيين وربما لدى غالبية اليمنيين، كما إن الاتهام بالانفصال والانفصالية لم يعد مخيفا أو مسببا للشعور بالغضب، بل أن الكثير من المواطنين الجنوبيين يعتبر إلصاق صفة الوحدوية باسمه تهمة مهينة، واتهامه بالانفصالية شرف يعتز به، ومنشأ هذا النوع من الشعور هو تلك الصورة القبيحة التي ارتبط بالوحدة وهي منها براء، والمقصود هنا ما تصرف به أدعيا الدفاع عن الوحدة من تكريس لسياسات النهب والاستيلاء والعشوائية والعنجهية والبطش والتعالي والنصب والاحتيال ونشر الرشوة وما توصل إليه الحال من
نبراس الجنوب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس