الشهيد صالح متاش
, يبلغ من العمر 65 عاماً, ورغم أنه قد بلغ من العمرعتيا ووهن العظم واشتعل الرأس شيباً, إلا إنه كان يتمتع يحيوية الشباب اليافع وبهمة عالية, يتواجد دائماً في مقدمة الصفوف للشباب في كل الفعاليات والاحتجاجات للثورة السلمية الجنوبية منذ انطلاقتها, لم يتخلف يوماً وكل ما كان يملكه هو باص هايس أبيض أصبح معروف لدى كل الشباب الثائر, لانهم كانوا يتنقلون على تلك الحافلة بصحبة الشهيد ويبادلهم الابتسامة الأبوية المصحوبة بالهمة والعزيمة, كان سريع التلبية لأي دعوة للحراك السلمي الجنوبي للفعاليات والمظاهرات, وعند وصوله إلى ساحة النضال السلمي يترك باصه جانباً ويشق الصفوف صوب مقدمة المسيرة ويلف على رأسه علم الجنوب وفي يده اليمنى علم الجنوب أيضاً, ويردد الهتافات المعروفة التي تلهب وترفع همم الشباب.
من صفات الشهيد التواضع ودماثة الخلق والسيرة وعفيف اليد واللسان, يمتلك شجاعة كبيرة ويحمل هماً وحيداً وهو أن الشباب يتمسكون بوحدة صفهم ويحملون الراية حتى الوصول إلى الهدف.
عندما امتدت يد الغدر إليه كان الشباب كالعادة يتلفون من حولة وسقط مضرجاً بدمائه, وكانت الأعيرة النارية تنهال عليه من جميع الجهات, ولكن شجاعة الشباب كانت عظيمة, حيث بقوا على جانبه, والكل يحاول أن يناديه, ولكن عجزت الألسن عن الحديث سوى كلمة شهيد ياعم صالح شهيد يا عم صالح, عندما لاحظوا ان الرصاصة قد أخترقت رأسه وتيقنوا أن رفيقهم قد فارق الحياة وانتقل إلى الرفيق الأعلى.
هكذا كانت إرادة شيخنا المتاش أن يعيش لينفق عمره في سبيل ان يحيا حياة حرة كريمة وفق قيم وأخلاقيات تنأى به ان يكون إمعه, أو شهادة في سبيل تحرير الوطن من براثن التخلف والظلام, وإنها هذه هي السعادة والحقيقة أن يعيش الإنسان بمبادئة وقيمه التي بها يكتب التاريخ وينقش آثاره لتبقى مناراً تهتدي بها الأجيال من بعده.
من ارشيف كل يوم شهيد"11"
