عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-08, 04:52 AM   #1
محمد مظفر العولقي(حيد صيرة)
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-04-16
الدولة: قلــــADENــــب
المشاركات: 10,468
Smile محنة عصيبة وموقف عظيم : بقلم فواز باعوم



محنة عصيبة وموقف عظيم



===============





حين تم أختطافنا "الوالد وأنا برفقته" صبيحة العشرين من فبراير 2011م وترحيلنا في نفس الصباح الى عاصمة دولة الاحتلال "صنعاء" تم إيداعنا السجن المركزي ثم نقلنا مساء ذلك اليوم الى زنزانة حقيرة في السجن الحربي ، تلك الزنزانة كانت موجودة في عنبر مهجور بالسجن ولم يكن لنا فيها رفقة ولا جيران ، وعشنا طوال تلك الفترة ونحن في عزلة كاملة عن العالم ولم نكن نعلم ما يجري خلف جدار زنزانتنا ناهيك عن خارج اسوار السجن وكان اتصالنا الوحيد بالبشر يتم عبر السجانين الاثنين الذين كانا يتناوبان كل فترة ، وكانا هما وسيلة إتصالنا بالادارة باستثناء بعض المرات القليلة التي زارنا فيها مدير السجن برفقة ضباط ذوي رتب عالية ، وأتذكر حين كانت ترتسم على وجه مدير السجن تعبيرات تدل على فخره وهو يري ضيوفه "الكبار" ذلك النزيل الذي ذاع صيته وهو الان مجرد سجين لا حول له ولا قوة ولم يكن ذلك السجين سوى حسن باعوم ، والأمر المؤلم في الأمر أن المدير وأحيانا ضيوفه الذين يأتون "للتفرج" على باعوم يتبارون في الظهور بمظهر الكرام أصحاب الشهامة والتسامح ، فهم لا ينسون أن يعبروا لنا عن أنهم أصحاب قيم وأننا ومهما أخطأنا في حق الوطن "حسب زعمهم" إلا أننا لن نتعرض للأذي وأنهم سيلبون لنا طلباتنا من الطعام وغيره من احتياجاتنا وأننا مجرد ضيوف عندهم وعلينا الاستمتاع بطيب الاقامة !! نعم هذا بعض ما قالوه ، يقولون هذا ويتجاهلون أننا في حفرة قذرة للغاية مظلمة رطبة لا توجد بها تهوئة .. وكانت هذه الفترة من أكثر الفترات قسوة ، وخاصة إنني كنت أرى والدي وقرة عيني "أبوفادي" يموت ببطء أمام عيني ولم أكن أستطيع فعل أي شيء له حتى وصل به الحال الى درجة أنه لم يستطع أن يرفع ظهره عن الفراش كي يجلس .. أي والله .. وكان يعاني من آلام حادة في رجله وتقرحات وافرازات وأوساخ من أماكن الالتهابات المتعددة ، حتى وصل الأمر به الى شبه غيبوبة وصار وكأنه ضائع عن المكان والزمان وعيناه تحدقان في الفضاء لا يسمع ما أقوله ، وكان هناك مساعد صحي يأتي كل يومين لا يقوم الا بتنظيف جراحه وبشكل بدائي ويعدنا بإنه سيعمل على نقل الوالد للمستشفى .. طبعا زارنا أطباء مرتين بداية اعتقالنا وكانوا يكدسوا الأدوية التي لم تكن تنفع حالة الوالد لأنه كان بحاجة الى نقل سريع للمستشفى بسبب تردي حالته الصحية ، وللحق فقد كانوا متعاطفين معنا ولكن الأمر ليس بيدهم .. ورغم سوء حالته الصحية إلا أن معنوياته كانت تعانق عنان السماء يفكر دائما ويتسائل عن حال الجنوب وكنا معزولون لا تصلنا أي أخبار ولم نعلم بشيء مطلقا عن الأخبار التي كانت تتفاعل في طول البلاد وعرضها ونحن مغيبين عنها تماما.



وحين تردت حالة الوالد بشكل خطير زارنا مدير السجن بعد أن أخبره السجان بحالتنا وهاله ما رأى وقام بإبلاغ رؤساءه الذين أمروا في اليوم الثاني بنقل الوالد لمستشفى الشرطة النموذجي بالحصبة حيث تم هناك الاعتناء بالوالد بشكل جيد وتم إنقاذه من موت محقق بفضل الله ثم بفضل العناية التي حصل عليها..



ومن ضمن الوقائع التي عشناها في تلك الفترة زيارة وزير الداخلية السابق لدولة الاحتلال "مطهر المصري" للوالد بالمستشفى بعد مرور عدة أيام على نقلنا للمستشفى .. وتخلل هذه الزيارة حوار غاية في الأهمية وموقف عظيم للوالد سأرويه لكم وأنا أقسم لكم بالله العلي العظيم أن ما سأرويه لكم الان هو صحيح والله على ما أقول شهيد..



حين دخل علينا الوزير بصحبة حشد كبير من المرافقين والأطباء وغيرهم بدأ بالسلام وبالإشادة بالوالد وأنه أستاذ لكل اليمنيين وأنهم تعلموا الوحدوية منه ومن رفاقه وغيره من هذا الكلام وأن الرئيس يشكر دائما في باعوم ويقول أنه رجل شجاع صاحب مبدأ ، وشكره الوالد بدوره على لطفه وكان متحفظا في ألفاظه وبعد بعض الوقت طلب الوزير من الجميع الخروج وتركه بمفرده مع الوالد ومعي فخرج الجميع من الغرفة الواسعة وسمح لشخص واحد بالتواجد معنا وكان أحد وكلاء وزارة الداخلية لا أتذكر اسمه الان..



وحين أغلق باب الغرفة بدأ الوزير حديثه الجدي بأن قال يا أستاذ حسن أنت الان في حالة صحية ليست جيدة وكذلك الرئيس علي عبدالله صالح "وكان علي عبدالله صالح يتعالج في السعودية في ذلك الوقت" .. فلماذا لا تقوما أنتما الإثنين بعمل وطني سيسجله لكم التاريخ بأحرف من ذهب وستنقذان به الوطن من المحنة التي يعيشها .. لماذا لا تقدم على مبادرة وطنية كبرى يا أستاذ حسن ونحن سنكون عونا لك في تنفيذها .. وستختم بهذا العمل تاريخك بعمل مشرف وطني ولن ينساه لك كل اليمنيين الى الأبد .. هذا كان فحوى حديث الوزير "المصري" وسكت منتظرا ردة فعل من أبوفادي أو أي تعقيب منه ..



في حقيقة الأمر فقد تفاجأت أنا لكلام "المصري" فهو يحمل في طياته عرض واضح للقيام بصفقة ما مقابل الافراج عنا واغراقنا بالاموال وغيرها من المغريات الدنيوية ، لا ندري تفاصيل تلك الصفقة ولكنها بالتأكيد ستكون لخدمة المحتل ولن تكون إطلاقا في مصلحة الجنوب ، وتركزت أنظارنا جميعا على أبوفادي ونحن نترقب ما سيقوله وما سيرد به على الوزير "المصري" .. ولم ننتظر كثيراً ، فقد جاء رد أبوفادي سريعا صاعقا للمصري ووكيله الذين كان يحذوهما الأمل في تجاوب "أبوفادي" معهم ، فقال أبوفادي بصوته المبحوح (أنا أناضل من أجل قضية نبيلة وعادلة لن أساوم عليها إطلاقا ،وأنا لن أقوم بأي مبادرة كما تسميها ولن أتفق أو أصرح بأي شيء طالما أنا أسير ومعتقل لديكم ، أولا أنعتق من حالة الأسر هذه وبعدها أقول ما شئت وأنا حر وسأكون مسؤولاً عن أي موقف ، أما وأنا على هذه الحالة فلا ) ..



علت وجه الوزير المصري ملامح الدهشة ولكنه إزدرد لعابه وعلق قائلا " أمانة إنك رجال يا أستاذ حسن ، صح صح هذا هو قول الرجال وإنشاءالله يصير خير وأنتم هنا في أيدي أمينة وسيعتنوا بكم .. وحياك الله وهرع خارجا من الغرفة يجر ذيل الخيبة .. وقمت من مكاني لأقبل رأس الوالد ويديه والدموع تترقرق داخل مقلتي والشعور بالفخير يملأ كياني .. نعم هذا ما صار قبل أشهر يا أخوتي .. فتمعنوا







ودمتم إخوتي











---------------------------------







ملحوظة : الصورة التقطها لنا مساعد صحي بمستشفى الشرطة العام وارسلها لي بعد الافراج عنا


http://www.facebook.com/photo.php?fb...type=1&theater

__________________


محمد مظفر العولقي(حيد صيرة) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس