2012-09-19, 09:27 PM
|
#138
|
قلـــــم فضـــي
تاريخ التسجيل: 2008-09-03
المشاركات: 1,145
|
أشباح من المستقبل
محمد عبدالله الموس
الأربعاء 19 سبتمبر 2012 01:42 مساءً

نكاد نجزم أن الجنوبيين لا يشكلون تهديدا لأي جهة كانت بقدر تهديدهم لأنفسهم، ولسنا بحاجة إلى استدعاء الماضي البعيد والقريب المليء بالشواهد فالحاضر فيه ما يفي بالغرض وزيادة.
تشهد عدن فعاليات يومية مختلفة بين ميدانية وورش وندوات ولقاءات، بعضها مع جهات ومنظمات خارجية، يتمخض عن بعضها انتخاب قيادات لا تحمل القضية الجنوبية كأولوية!.
على الجانب الآخر ينفجر الجنوبيون في وجوه بعضهم بأساليب تخلو من ابسط قواعد اللياقة، ويرسمون الخطط الليلية لإفشال فعاليات بعضهم كما حدث عند إعلان التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي التي عرفت بـ (غزوة ميركيور) ثم اقتحام ساحة الفعالية التضامنية مع شباب المنصورة التي أقامها التكتل ثم محاولة إفشال فعالية القوى السياسية الجنوبية التي أقيمت احتجاجا على استهداف الرموز الجنوبية التي أعادت إلى الأذهان التصفيات التي شهدتها سنوات ما بعد الوحدة المغدورة، وأخيرا، ونجزم انه لن يكون آخرا، اقتحام قاعة اللقاء الذي عقده القيادي الجنوبي الأستاذ/ محمد علي احمد في محافظة شبوة، فيما لم يحرك هؤلاء ساكنا في مواجهة فعاليات تنتقص من الحق الجنوبي، ولا داعي لذكر التفاصيل حتى لا نتهم بالتحريض، لكن المتأمل العاقل ستتبين له هذه الحقيقة المفزعة.
تصفية حسابات بأثر رجعي أم هوس التفرد أم ادعاء ملكية الجنوب، أيا كان السبب أو التسمية فهي تعني العودة إلى المربع الأول وذبح الجنوب للمرة الثالثة.
لا يختلف اثنان على أن كارثة الجنوب المستمرة سببها إقصاء الآخر الجنوبي، وما ندفعه اليوم من ثمن باهظ من أرواح أبناءنا ومن ضياع للتراكم الذي حدث في الجنوب طوال سنوات، سواء في المعرفة أو التأهيل والمهارات أو المدنية أو في الثروة الوطنية، سببها عدم قدرتنا على قبول بعضنا وتحويل تنوعنا المعرفي من عامل إثراء إلى عامل إفقار بفعل إقصاء وذبح وتشريد الرأي الآخر، فما نحصده اليوم هو ما زرعتموه بالأمس وما نزرعه اليوم سيحصده أبناءنا غدا، أما مصحوبا بترحمهم على أرواحنا، وأما بكيل اللعنات علينا كما نفعل مع من أوصلنا إلى ما نحن فيه من بؤس ومعاناة وإذلال.
المستقبل يولد في رحم الحاضر، ونحن لا نرى في الأفق الجنوبي، حتى الآن، المستقبل الذي نأمل، متحررا من أخطاء ورواسب السنين العجاف التي غلب عليها اللون والرائحة والطعم والرأي الواحد، فما نراه سوى أشباح قادمة من الماضي البائس، قفزت إلى المستقبل مرة أخرى رغبة في تكرار نفسها في مأساة تكاد تتكرر، هي أشباح لا تحمل مشاريع أكثر من مشاريع تعالج مشاكلها الخاصة، وهي مشاكل أصعب على الحل من مشاكل وطن، إنها أشباح بدأنا نراها ونشم روائحها النتنة، أشباح لا تملك ملكات الابتكار ولا تجيد إلا أن تكرر نفسها بوصفها أشباح مخيفة لا أكثر.
لا يمكن لجنوب مستقر أن يولد من رحم حاضر يغلب عليه طابع رفض الآخر ولا يمكن للعالم أن يأمن على مصالحه، التي تتركز في الجنوب، مع أطراف لا تحترم مصالح بعضها ولا تؤمن بحقوق الآخرين المرتبطة بالمواطنة، واعلموا أن زمن الوكيل الحصري قد ذهب ولم يعد له مكان في زمن المعلومة العابرة للقارات، فالشعوب، وفي المقدمة منهم الشباب، هي من تحمي مصالحها وهي تعرف كيف تتبادل المصالح مع الآخرين.
|
|
|