صحيفة اماراتية : جنوب اليمن يتحرك
نحو "اﻻنفصال"
الجمعة 07 , سبتمبر,2012 , 03:27
Tweet Tweet 0 Bookmark and
Tweet Tweet 0 Bookmark and
أبوظبي - صدى عدن - الخليج اﻻماراتية
التحركات الداخلية والخارجية التي صعدتها
مكونات الحراك الجنوبي المطالبة ب “فك
اﻻرتباط” بين جنوب اليمن وشماله، والتي
تصدرها مؤخراً نائب الرئيس اليمني السابق
علي سالم البيض وطابور من السياسيين
الجنوبيين المقيمين في المنفى وفي الداخل،
لم تكن بعيدة عن تفاعﻼت الشارع الذي انخرط
في سلسلة تظاهرات وفعاليات سياسية ﻷنصار
الحراك الجنوبي نظمت في أكثر المحافظات
الجنوبية رداً على تحركات شرعت فيها الحكومة
اﻻنتقالية واللجنة التحضيرية للحوار الوطني
لمواجهة مشروع اﻻنفصال، وخصوصاً بعد
إعﻼن أكثر قادته أنه ماض بمختلف الوسائل بما
في ذلك العنف المسلح .
في اﻷسابيع الماضية كانت المظاهر اﻻنفصالية
طاغية كلياً على المشهد السياسي في
المحافظات الجنوبية زاد من ذلك التقارير التي
تحدثت عن استعدادات لمرحلة الكفاح المسلح
وترتيبات ﻻنتخاب برلمان جنوبي قال ناشطون
إنه سيتولى قيادة المفاوضات مع الحكومة
بشأن فك اﻻرتباط وتحديد مستقبل العﻼقة بين
الدولتين، فضﻼً عن ترتيبات تتعلق بإعادة بناء
الجيش الجنوبي الذي يقول قادة الحراك إن
رئيس النظام السابق علي عبدالله صالح عمل
على تدميره .
تفاعﻼت نشطاء الحراك الجنوبي التي شملت
كذلك تنظيم ندوات وفعاليات سياسية للبحث
في مطالب الحراك الجنوبي وآليات تحقيقها
كانت بحسب ناشطين موازية لتحركات شرعت
فيها اللجنة لتحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني
والتي كانت رفعت إلى الرئيس المنتخب عبد ربه
منصور هادي رسالة تضمنت مطالب عاجلة
للتهيئة لمؤتمر الحوار وفي طليعتها اﻻعتذار
الرسمي للجنوب وكذلك محافظة صعدة عن
الحروب التي قادها رئيس النظام السابق علي
عبدالله صالح منذ العام 1994 وحتى العام
. 2010
وأثار إعﻼن الرئيس عبد ربه منصور هادي
الموافقة على مقترحات اللجنة في هذا الشأن
جدﻻً واسعاً وخصوصاً في المحافظات الجنوبية
وسط دوامة خﻼفات عاصفة بين مؤيد للفكرة
رأى أنها كافية ﻹنهاء مظاهر اﻻحتقان وإعﻼن
المصالحة وفتح صفحة جديدة لليمن الموحد
ومعارض يرى عدم كفاية هذه الخطوة في
لملمة الجروح التي خلفتها حرب صيف 1994
في الجنوب وحروب صعدة الستة بعدما أنتجت
مظاهر حكم ذاتي في محافظة صعدة
وانفصال شعبي في المحافظات الجنوبية لم
يسبق لها مثيل .
التهيئة للحوار
بعيداً عن النقاط العشرين التي تضمنها رسالة
اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني والتي
رأت اللجنة بسائر أعضائها الذين يمثلون تيارات
سياسية مختلفة بما في ذلك الحراك الجنوبي
والحوثيين أهمية إنجازها للتهيئة لعقد المؤتمر
الذي يعول عليه الخروج بحلول جذرية وعادلة
ﻷكثر المشكﻼت اليمنية تعقيداً حظيت قضية
اﻻعتذار للجنوب باهتمام أكثر اﻷوساط
السياسية، باعتبارها من أكثر الملفات حساسية
والتي أرجئ النقاش حولها طوال السنوات
الماضية نتيجة التعقيدات الكبيرة في هذه
القضية .
واتخذت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار
الوطني هذه الخطوة سعياً إلى قطع الطريق
أمام أي عراقيل قد تواجه مؤتمر الحوار الوطني
الذي يقول المسؤولون اليمنيون إن فشله في
التوصل إلى حلول جذرية للمشكﻼت اليمنية من
شأنه أن يضع اليمن من جديد في مربع العنف .
وتقول الناطقة الرسمية للجنة التحضيرية
لمؤتمر الحوار الوطني أمل الباشا إن اللجنة
أجمعت بسائر أعضائها على ضرورة تنفيذ
خطوات مهمة وأساسية في طريق التهيئة
لمؤتمر الحوار الوطني المقرر عقده في
نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل .
استناداً إلى ذلك تضمنت مطالب اللجنة قضايا
جوهرية تصدرها التسريع في تنفيذ خطة
هيكلة المؤسستين العسكرية واﻷمنية واﻹفراج
عن جميع المعتقلين، وتسريع إصدار قانون
العدالة اﻻنتقالية وتوجيه اعتذار رسمي من قبل
اﻷطراف التي شاركت في حرب صيف ،94
واعتبار تلك الحرب خطأ تاريخياً ﻻ يجوز تكراره
والتواصل الجاد مع مكونات الحراك الجنوبي
السلمي في الداخل والخارج للمشاركة في
الحوار, ومعالجة آثار حرب صيف 1994 وكذلك
توجيه اعتذار رسمي ﻷبناء صعدة وحرف
سفيان والمناطق المتضررة من قبل كافة
اﻷطراف المشاركة في الحروب الستة منذ 2004
واعتبار تلك الحروب خطأ تاريخياً ﻻ يجوز
تكراره .
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني سامي
غالب أن اللجنة التحضيرية للحوار الوطني
قدمت فرصة ثمينة للرئيس هادي في مطالبها
التي رأت أهمية إنجازها لتهيئة اﻷجواء ﻻنعقاد
مؤتمر الحوار الوطني وضمان نجاحه، ويشير
إلى أن من شأن تنفيذ هذه المطالب التمهيد
لحوار وطني خﻼق تعزز فيه شرعية الرئيس
باﻹنجاز وتمكّنه ﻻحقاً من تكريس اسمه كقائد
تحولي وضع شعبه على المسار الصحيح .
ورغم ذلك فإن لدى غالب مخاوف من التأخير
في هذه الخطوات إذ يرى أن فترة السماح
لوﻻية هادي الرئاسية توشك على اﻻنتهاء
وشعبيته عرضة للتآكل السريع في بلد يتناهشه
أمراء جماعات ومقامرون واقطاعيون
عسكريون ومصطفون حزبيون وقبليون
ومذهبيون وجهويون يستشرسون من أجل
الخصم .
اتفاق سياسي
تتفق سائر أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء
المشترك المؤتلفة مع النظام السابق في
الحكومة اﻻنتقالية وكذلك شبان الثورة في
اﻻعتراف بالقضية الجنوبية والحاجة إلى إزالة
آثار حرب صيف 1994 كما تتفق على أهمية
اﻻعتذار للجنوب لمواجهة مشاريع اﻻنفصال
التي ينادي بها قادة الحراك الجنوبي التي
تحظى بتأييد شعبي واسع في المحافظات
الجنوبية .
ويقول الدكتور ياسين سعيد نعمان أمين عام
الحزب اﻻشتراكي اليمني المستشار السياسي
للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن الهدف
من اﻻعتذار بشأن ما جرى في حروب صيف
1994 وحروب صعدة الست هو الخروج بموقف
أخﻼقي جديد تجاه الحروب بشكل عام، ويشير
إلى أن اﻻعتذار يجب أن يوجه إلى الشعب وليس
إلى أفراد أو مجاميع أو أحزاب حيث إن الشعب
هو من عانى ويﻼت هذه الحروب .
ويلفت نعمان إلى أن اﻻعتذار ﻻ يمكن أن يلغي
أي توجهات في التحقيق بشأن الحروب وتحديد
الطرف الذي ارتكب جرائم فيها وكذلك الطرف
المدان، إذ إن الحديث عن اعتذار اﻷطراف
المختلفة عن الحروب ﻻ يعني الصمت عما
حدث فيها من مآسي سيعالجها قانون العدالة
اﻻنتقالية .
يلفت نعمان إلى أن “اﻻعتذار سيصدر رسمياً
ومن كافة اﻷطراف وسيوجه إلى الشعب في
الجنوب وأبناء صعدة وكل المتضررين من هذه
الحروب من أجل أن يسير البلد إلى اﻷمام فعلى
اليمنيين طي صفحة الماضي بإدانة هذه
الحروب التي خلقت الفجوات الوطنية .
كما يجب على النظام السياسي والكﻼم لنعمان
أن يقدم نفسه وﻻ سيما بعد ثورة التغيير التي
سقط فيها مئات الشهداء بوجه أخﻼقي جديد
يدين فيه الحروب والعنف وﻻ أعتقد أن هناك
من سيتعالى على قضية من هذا النوع .
الحراك الجنوبي
على خﻼف رؤى مؤيدة للوحدة تتبناها القوى
السياسية بمختلف توجهاتها يرى قادة الحراك
الجنوبي وأنصارهم أن اﻻعتذار لم يعد مطلوباً
اليوم ويصف القيادي في الحراك شﻼل هادي
وهو رئيس المجلس اﻷعلى للحراك بمحافظة
الضالع أن أحزاب اللقاء المشترك أعداء للجنوب
وأصحاب مشاريع تُدار في الغرف المغلقة لكن
أبناء الجنوب تصدوا لها وأسقطوها وقد
انتهجوا خيار النضال السلمي في مسيرتهم في
حين أن الخيارات أمامهم اليوم تظل مفتوحة بما
فيها حق الكفاح وحق العزة والكرامة .
ويقول ناشطون جنوبيون إن اﻹعﻼن عن
اﻻعتذار للجنوب أو أي تعاطي مع القضية
الجنوبية لن يكون مقبوﻻً إن لم يكن قائماً على
أساس فك اﻻرتباط . . ويشير هؤﻻء إلى أن
اﻻنفصال صار أمراً واقعاً واﻻنفصال السياسي
قادم ﻻ محالة وفي اقل التقديرات تشاؤماً
ستنتهي القضية إلى إعﻼن اتحاد فيدرالي لمدة
خمس سنوات يتم فيها إعادة بناء المؤسسات
الجنوبية وإقامة الجيش واﻷمن الجنوبي لكي ﻻ
تحدث فوضى بعد اﻻنفصال حسب المقررات
الغربية التي ﻻ يؤيد فكرة اﻻنفصال الفوري في
ظل الظروف التي يعيشها اليمن اليوم .
البيض: حوار بين دولتين
حيال الدعوات التي توجهها القوى الوطنية
لقادة الحراك الجنوبي المشاركة في مؤتمر
الحوار الوطني يذهب نائب الرئيس اليمني
السابق علي سالم البيض إلى عدم اﻻعتراف
بالحوار الوطني الذي تدعو له صنعاء إﻻ في
إطار ندّي بين دولتين دولة الجنوب )جمهورية
اليمن الديمقراطية الشعبية( ودولة الشمال
)الجمهورية العربية اليمنية(، اللتان توحّدتا في
مايو/ أيار ،1990 معتبراً أن الوحدة اليمنية
فشلت ويجب اﻻعتراف بذلك
يشير إلى أن الحوار الذي يطالب به الجنوبيون
ينبغي أن يكون بين دولتين ويفضي إلى فك
اﻻرتباط بينهما بطرق سلمية ويحافظ على ما
تبقى من أواصر ووشائج اﻹخاء بين الشعبين
الجارين .
يرى البيض أن على الجميع اﻻعتراف بأن
الوحدة بين الدولتين فشلت وعلينا أن نؤسس
لعﻼقات مستقبلية بين القطرَين العربيَين
الشقيقين بمنظومة اقتصادية تراعي مصلحة
الشعبين، وتخلق مزيداً من القواسم المشتركة
بين عدن وصنعاء في حين أن الحوار الذي
يتحدثون عنه مرتبط بالتزاماته بالمبادرة
الخليجية التي وقعوا عليها كأطراف متصارعة
على السلطة في صنعاء وﻻ تعني الجنوب .
بين خياري السﻼم والعنف
رأي الشارع في المحافظات الجنوبية حيال
قضية اﻻعتذار للجنوب ﻻ يبدو منسجماً كثيراً، إذ
إن عدداً ﻻ يستهان به من السكان يرفضون
الدعوات اﻻنفصالية المتطرفة وصعوبة تحقق
هذا الهدف أو بناء دولة جديدة بعد وحدة
اندماجية استمرت ﻷكثر من 22 عاماً .
ويشير هؤﻻء إلى أن اليمن صار محتاجاً أكثر من
أي وقت مضى إلى طي صفحة الماضي وبدء
صفحة جديدة في يمن ما بعد الثورة التي
ينبغي أن ينعم فيها الجميع باﻷمن واﻷمان في
ظل ديمقراطية تضمن مشاركة الجميع من دون
استثناء أو إقصاء .
ويرى آخرون أن اﻻعتذار سيكون مقبوﻻً في
حال خضوع كل الضالعين والمتورطين في
الجرائم التي ارتكبت في الجنوب باسم الوحدة
من أركان ورموز وحلفاء النظام السابق ويشير
هؤﻻء إلى سجل طويل بجرائم القتل
واﻻنتهاكات والنهب التي حصلت في المحافظات
الجنوبية منذ أن وضعت حرب صيف 1994
أوزارها .
كما يتحدث هؤﻻء عن الحاجة إلى إعادة اﻻعتبار
لكل الكوادر التي أقصيت من مناصبها وتسوية
أوضاع شهداء وجرحى الحراك الجنوبي
السلمي وإعادة كل ما تم نهبه من الجنوب
وكذلك مؤسسات الدولة التي جرى تصفيتها
وبيعها تحت مسمى الخصخصة .
رغم أن الشارع الجنوبي يجمع على الخيارات
السلمية إﻻ أن الخيارات اﻷخرى بدأت في
الظهور يتصدرها خيار الكفاح المسلح في
توجهات بدت واضحة كثيراً في اﻷيام الماضية
مع لجوء بعض مكونات الحراك إلى الدفع
بانصارها ﻻرتداء بزات عسكرية وترديد القسم
بالوﻻء للجنوب تعبيراً عن خيار الكفاح المسلح
لتحقيق أهداف الحراك في فك اﻻرتباط بأي
وسيلة .
أكثر من ذلك اﻻستعدادات الجارية لتنظيم
احتفال كبير خﻼل شهر سبتمبر/ أيلول الجاري
لمناسبة الذكرى الثﻼثين لتأسيس الجيش
الجنوبي الذي يقول قادة الحراك إن حرب صيف
1994 استهدف بشكل مباشر القضاء عليه
وخصوصاً أن الرئيس السابق علي عبدالله
صالح حل هذا الجيش عن طريق اﻹبعاد
القسري واﻹحالة على التقاعد .
ويؤكد القيادي في الحراك الجنوبي محمد
صالح طماح أن هناك حاجة ﻷن يعد الجنوبيون
أنفسهم لﻼنتفاضة الكبرى في هذه المسيرة،
ويؤكد أن تحرر الوطن ﻻ يمكن أن يتحقق من
دون التضحيات وتوحيد الصفوف، وعلى
الجنوبيين أن يعملوا من أجل طرد اﻻحتﻼل
اليمني بكل الوسائل السلمية والسﻼح باعتبار
ذلك واجباً إنسانياً وأخﻼقياً
|