منتديات الضالع بوابة الجنوب - ربيع الشعوب العربية وصيفها الساخن بقلم/ ابوعامر اليافعي

أحداث ثورتي تونس ومصر استحتقتا عن جدارة إن تسميا بربيع الشعوب العربية ليس لأنها حدثتا في فصل الربيع ولكن نظرا لأحداثها ونتائجها التي أبهرت العالم اجمع لدرجة أن رئيس ابر دولة في العالم " باراك اوباما " قال عنهما لقد أثارتا إعجابنا بل لقد ألهمتمونا بروعة التضحيات والسلوك الحضاري والإرادة العظيمة في الانتصار للإنسان .

جميع سكان المعمورة وقفوا أمام شاشات التلفاز يتابعون الأحداث في تونس ومصر أولا بأول ويتناقلون ماحدث فيما بينهم ليروون أعظم الأحداث نبالة واحتراما في التاريخ الحديث .

شعر الكثير بان العالم كله وليس العرب فقط مقبلا على حقبة تاريخية تتميز بأرقى المشاعر والأفكار الإنسانية التي طالما كان ينشدها .

شعرنا جميعا بان الأجيال التي ساهمت أو عاشت هذه الفترة بأنها أجيالا محظوظة لأنها شاهدت بأم أعيننا أمورا لم تكن لتصدق لو لم يراها أنها حدثت بالكيفية الجميلة هذه والشكل المدهش هذا .

وتظل الثورة المصرية فريدة من نوعها فالأرض في ظلها سكنت والعالم حبس أنفاسه أيام وليال وكأن مصر هي مركز الكون وهي من تقرر كيف سيكون المستقبل القريب والبعيد .

فالغرب تناقض في تصريحاته وإسرائيل صمتت صمت القبور إزاء مايحدث والشرق يراقب متحفزا لأيام قادمة يصنع فيها أيضا ربيعا أنضر.

بلا شك اعتقد العرب والعالم معهم بان ربيع الشعوب العربية بدأ ربيعيا من ثورة الياسمين ولن ينتهي إلا إلى ربيعا أجمل فيه كل أنواع الورود والزهور وكل ذلك كان مرهونا بمدى نجاح الثورة المصرية ولهذا السبب انتظرت الشعوب العربية ما تؤول إليه الأمور في القاهرة وفي ميدان التحرير بالذات .

وما أن انتهت الثورة بانتصار مذهل ومبهر وجميل كأجمل ماتكون النهايات حتى انطلقت التظاهرات والاعتصامات عارمة في ليبيا والجزائر واليمن والبحرين والأردن والعراق وفلسطين وعمان والمغرب وسوريا وفعاليات محدودة وعلى استحياء أو عبر المواقع الاجتماعية في دول الخليج الأخرى والسودان ولبنان .

هدف تغيير النظام وشعار " الشعب يريد إسقاط النظام " استحوذ على مشاعر الملايين في الدول العربية وكلمة " ارحل " تعطي نشوة عارمة بالسيطرة والسؤدد للمستضعفين والمظلومين والمهمشين لشعورهم بان الأمر أضحى أمرهم وبكلمة "ارحل" يرون أنفسهم إنهم هم من ينهون ويأمرون بعد أن كان الأمر والنهي لغيرهم وهو عليهم مستديماً.

ومع ولوج فصل الصيف المعهود بحرارته الشديدة في المنطقة انقلب الوضع السياسي في أكثر البلدان راديكالية إلى حمم ونار وقذائف من لهب وصعقت الجماهير العربية ومعها العالم بحجم المأساة المروعة فالمظاهرات تقصف بالطائرات في ليبيا وبالمدفعية في اليمن وبالدبابات بسوريا وبالمصفحات في البحرين وبالرصاص في الجزائر وانقلب الربيع الضاحك إلى صيفا ساخنا يسيل دما ودموعا أكثر سخونة وفقدت الثورات بريقها السلمي بإجبارها إلى التحول من الهتاف إلى أزيز الرصاص وفرقعات القذائف وتلبس ما لبس عليها من الكذب والدجل والتشويه وغدت الثورات جرحا اكبر وألما أعظم وهلعا اشد .

وتحولت القنوات الفضائية إلى منصات للعهر والتزييف وصناعة الخبر الكاذب بل وغابت عنها النزاهة والحيادية وظهرت بعضها كطرف في الصراع ولم يعد ربيع العرب ربيعا ولا الثورات ثورة ولا الأنظمة أنظمة محترمة فالحال تغير والوضع تبدل والمنظر صار أكثر قتامة وماكنا ننتظره جميلا أضحى قبيحا ودميما .

وفي وسط هذا التبدل وانقلاب الحال يبقى في الثورات العربية بريق أمل ونورا مشع في الركن الجنوبي من جزيرة العرب في وطن الجنوب العربي ربيعا مستمرا لا يتأثر بانقلاب الفصول ولا بتحول الظلم إلى لغة الرصاص لأنه هو من أشعل الشمعة المضيئة لكل العرب وهو من صنع الربيع العربي قبل أربع سنوات وهو من علم الشعوب كيف تصبر وتقاوم بالكلمة والشعار والهتاف وأنشودة الإنسان الخالدة .

ستذوي كل الثورات مع اقتراب الخريف وتموت في فصل الشتاء غير أن الثورة الجنوبية اكبر من أي مناخ واقدر على كل الفصول لأنها جاءت إبداعا وابتكارا ولم تكن تقليدا وتمثيلا لأنها تتحدث عن ظلم ظليم وقهر سحيق وعناء عميق .

وسيبقى الجنوب العربي ملهما في نضاله وثورته وتاريخه وتحضره وأخلاق أهله الحميدة ولنا الحق أن نفتخر بالانتماء والولاء لهذا الشعب الذي يستحق تعظيم سلام وكل احترام من كل الأنام .

http://***********/vb/showthread.php?t=6280