منتديات الضالع بوابة الجنوب - صحيفة القدس العربي اليوم : اليمن والانحدار نحو المجهول !!

لا توجد احصاءات دقيقة عن عدد القتلي والجرحي الذين سقطوا نتيجة تجدد الاشتباكات الدموية بين القوات الحكومية والعناصر التابعة لجماعة الحوثيين في منطقة صعدة، لأن المعلومات المتوفرة عن هذه الصدامات ما زالت محدودة للغاية لعدم وجود بعثات صحافية او مراقبين محايدين، وهناك تقارير تفيد بان عدد القتلي والجرحي بالمئات.
الحكومة اليمنية أوكلت مهمة التصدي للتمرد الي قوات الحرس الجمهوري، التي تعتبر الافضل تسليحا والاكثر كفاءة، وهي قوات يقودها احمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس، مما يؤكد فشل الوساطات للتوصل الي حل سلمي للازمة أولا، وتدهور الوضع الحكومي في هذه المواجهات ثانيا.
اليمن يعيش اوضاعا داخلية متفاقمة تهدد امنه واستقراره، وربما تماسكه كدولة موحدة. فإلي جانب تمرد الحوثيين في الشمال يعيش الجنوب ظروفا صعبة للغاية، ولا يمر اسبوع دون حدوث اعتصامات ومظاهرات وصدامات بين المحتجين ورجال الامن، وبدأت الاصوات التي تعبر عن النزعة الانفصالية في الجنوب ترتفع، وهناك من يشير الي دعم خارجي من دول الجوار لها، وخاصة من المملكة العربية السعودية والكويت.
فرغم العلاقات الطيبة التي تبدو علي السطح بين المملكة العربية السعودية واليمن، الا ان بواطن الامور تتحدث عن توتر مكتوم بسبب تدخل الاولي في شؤون الثاني الداخلية، سواء بشكل مباشر او غير مباشر، حيث تتزايد الهمسات عن وجود دعم سعودي لانفصال الجنوب، وقيام امارة مستقلة في حضرموت، مما يمهد لانضمامها او انضمام الجنوب بأسره الي مجلس التعاون الخليجي، فبعض المسؤولين السعوديين لم يتخلوا عن طموحهم في الحصول علي كوريدور ارضي بعرض بضعة كيلومترات بين حدود ردفان وسلطنة عمان يسمح بوصول النفط السعودي الي بحر العرب بحيث تتحرر السعودية من عقدتي مضيق هرمز وقناة السويس ومرور نفطها عبرهما.
الظروف المعيشية في اليمن تتجه من سيئ الي اسوأ بسبب ارتفاع اسعار الغذاء عالميا، واذا عرفنا ان اليمن يستورد 75% من احتياجـــاته من الغذاء من الخارج، فان الصورة تبدو قاتمة جـــدا بالنسبة الي الحكومة ومواردها الضعيفة، ويلعب الفساد المستفحل دورا معطلا في طريق محاولات حل هذه الأزمة.
التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية ضخمة، وتتزايد حدتها يوما بعد يوم، وهناك مخاوف جدية من امكانية حدوث انهيار امني، وتحول البلد الي دولة فاشلة علي غرار الصومال وافغانستان اذا لم تتم معالجة الامور بحكمة فائقة. ففي اليمن اكثر من 17 مليون قطعة سلاح، تتدرج من السلاح الخفيف الي المدفعية الثقيلة والدبابات. وقد فشلت المحاولات الحكومية المبذولة لتطويق هذه الظاهرة وتقليص مخاطرها بسبب التقاليد اليمنية الموروثة في حمل السلاح ووجود قبائل تعتبر نفسها فوق القانون، ولا تخضع لسلطة الدولة.
الحكومة اليمنية تتحمل المسؤولية الاكبر في تدهور الاوضاع، وانخفاض مستوي المعيشة لدرجة ان خمس السكــان من مجموع 23 مليون نسمة يعانون من سوء التغذية.
اليمن بحاجة الي مؤتمر مصالحة ومصارحة، تجتمع من خلاله جميع الفعاليات، وتطرح جميع القضايا علي طاولة البحث الجدي، لانقاذ ما يمكن انقاذه، وان كنا نعتقد ان الامور تتجه الي درجة من التعقيد تجعل الحلول مستعصية.

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...story titlec=