منتديات الضالع بوابة الجنوب - مشهد جنوبي يحدد مصير الوحدة مستقبلا

مشهد جنوبي يحدد مصير الوحدة مستقبلا
2010/03/17 الساعة 16:24:01
فيصل الصفوانيhttp://dhal3.net/vb/user_images/writ...695881379.jpeg
المسيرات التي حدثت يومي السابع والثامن والعشرين من فبراير الماضي في بعض المحافظات الجنوبية مختلفة تماما عما حدث في السابق، كونها جات تلبية لدعوه وجهها علي سالم البيض لابناء الجنوب طالبهم فيها بحمل الشارات الخضراء والخروج في مسيرات احتجاجية معبرة عن رفض الاحتلال الشمالي للجنوب .
وتلك هي اول دعوة يوجهها البيض لشعب الجنوب منذ بدى يروج لمشروعه المتمثل بـ"فك الارتباط" والذي يهدف الى فصل الجنوب عن الشمال بطرق سياسية سلمية تحت مضلة الجامعة العربية والمجتمع الدولي .
لقد اكتسب المشهد الاحتجاجي سالف الذكر أهمية أكبر من ذي قبل وبدت دلالاته السياسية اكثر عمقا من مشاهد سابقه.
ودافعنا في الكتابة عن المشهد مبعثه شعورنا باهميته وادراكنا لتبعات ابعاده المستقبلية على مجريات الصراع بين ابناء الجنوب ودولة الوحدة ، ولعل ايضاحي هنا لهدف الكتابة عن الحدث قبل الدخول فيه هو بقصد اقناع القارئي بعدم اخضاع هذا الراي للتصنيف العشوائي المتحامل، ففي مقالات سابقة صنفها البعض على انها متحيزة للانفصال أو محرضة عليه ،وسالني احدهم بالهاتف في سياق لومه التهديدي لي قائلا: ما الذي ستستفيده من الانفصال وانت شمالي ؟
لم ارد عليه لان سواله لي كان مبنيا على قراة خاطئة مرتكزة على موقف متعصب ومتحامل ضد الانفصال والمتعصبون دائما لايجيدون قرأه الآراء ومعرفة حقيقتها ،اما انا فاني اكتب بدافع عرض قرأتي التحليلية للاحداث دون ان يكون لي موقفا منها لاني في قرارة نفسي انبذ التمترس خلف هذا او ذاك ، فلا الوحدة تعنيني ولا الانفصال يهمني لانها مشاريع خالية من الوطن الذي ابحث عنه في هذا البلد.
وبالعودة الى الاهمية الخاصة التي يكتسبها مشهد الثامن والعشرين من فبراير،فقد جاء نتاج خطابين متناقضين من شريكي وحدة 22مايو 1990،وخصمي حرب94، إنهما الرئيس ونائبه السابق ،فقد كان لخطاب الرئيس في تاريخ24/3/2010 اسهاما كبيرا في صناعة المشهد الجنوبي، كان الخطاب الرئاسي كعادته ماضويا في لغته تصعيديا في اهدافه اذ وصف معارضيه في الخارج بالخونة والعملاء والمتأمرين ولم يأتي بجديد سوى كلمة يا "للعار" من باب التندر والسخرية ،
ادرك البيض انه المقصود بخطاب الرئيس كونه من ابرز سياسين الجنوب في الخارج مطالبة بما يعرف بـ"فك الارتباط" فوجه خطابه الأول لشعب الجنوب بتاريخ25فبراير،
مطالبا اياهم بالخروج الاحتجاجي الرافض لاستمرار الاحتلال الشمالي للجنوب ، على حد قوله .
اذا هي عملية سجال بين الرئيس ونائبه السابق تعيد الى اذهاننا ملامح مرحلة ماقبل حرب94،حيث افضى السجال الخطابي بين الرئيس ونائبه الى حرب انتصر فيها الرئيس وانهزم فيها نائبه ودفع تبعاتها كافة اليمنيون في الشمال والجنوب وإن كانت وطاتها في الجنوب اكثر.
من جانب أخر بدى ذلك المشهد مميزا لانه رد الاعتبار للثنائية الشخصية المعهودة في تاريخنا السياسي والتي تتحكم بصناعة احداث مشاهده السياسية وتحتكر حق المتاجرة بنتائجها.
ونحن اليمنيون مغرمون بطبعنا بالمعارك الثنائية عبر مراحل تاريخنا ومن السهل جدا ان نرهن مصائرنا بين شخصين هما قطبي صراع ولانبدي ممانعة ان نكون وقودا للصراع لاننا تعودنا ان نلغي ذاتنا الجمعية وان نعفي انفسنا من حق المشاركة في تقرير المصير.
لقد اراد الرئيس الصالح من خطابه المستفز لمناوئيه ان يقول للعالم خارج اليمن ان مشروع الانفصال هو عبارة عن هاجس تأمري يدور في رؤوس السياسين المعارضين في الخارج لانهم فقدوا مصالحهم وأقصيوا من مناصبهم ،
ومن باب رد الفعل اراد علي سالم البيض ان يثبت للمجتمع الدولي ان الانفصال لم يعد مطلبا خاصا بالسياسين ولكنه أصبح مطلبا جماهيريا ملحا لابناء الجنوب واراد ان يوكد هذا لقيادة المملكة العربية السعودية بالذات خصوصا وانه وجه خطابه للجنوب عبر قناة عدن عشية انعقاد مؤتمر وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي .. فما هي الاهداف التي حققها خطاب كلا من الجانبين؟
من المعروف ان البيض منذ غادر صمته وخرج من منفاه الاختياري في سلطنة عمان وهو يطالب بمشروع "فك الارتباط" ودعوته الجنوبيون للخروج للتعبير عن رفض الاحتلال الشمالي للجنوب هو اشبه باستفتاء شعبي على مشروع "فك الارتباط" الذي يعني الانفصال، ايضا اراد البيض ان يقيس حجم مكانته السياسية عند ابناء الجنوب وهل صوته مازال مسموعا عندهم ؟
وفعلا تحقق للبيض ماراد فقد خرج الجنوبيون يتدافعون باعداد هائلة خصوصا في منا طق الغليان مرتدين الشارات الخضراء حاملين اعلام اليمن الجنوبي سابقا وصور البيض مطالبين بشعاراتهم المكتوبة وهتافاتهم المدوية بخروج الاحتلال الشمالي من ارض الجنوب،وكأن الجنوبيون ارادوا ان يمنحوا مشروع البيض(فك الارتباط)الشرعية الجماهيرية موكدين للعالم اجمع انهم عازمون على العودة الى ما قبل 22مايو90،حيث كانت لهم دولة ،وتلبيتهم لدعوة البيض لم تأتي فقط حبا في شخص البيض ،بل جات في اطار السعي الشعبي الرامي لتحقيق احلام وتطلعات المخيال السياسي الجمعي لابناء الجنوب والمتمتثل بالعودة الى الدولة الماضوية بكل مكوناتها التقليدية ومفاهيمها الشمولية وهنا يفصح الوعي الجمعي عن تشضي قدراته الاستيعابية والادراكية التي توهله لانتاج الحلول وهذا ما سنحاول نناقشه في كتابات لاحقة.
مانود الاشاره اليه هنا هو ان خطاب البيض حقق نتائجه السياسية المرجوة وتلبية الجماهير لدعوته منحته شرعية أكبر في المحافل الدولية والاقليمية للمطالبه بـ "فك الارتباط " وفتحت شهيته للخطابه التثويرية ليستعيد مشروع الزعامة عاهة السياسة اليمنية المستديمة ،من جانب اخر فان المتابعون من خارج اليمن أدركوا ان الأشخاص الذين وصفهم الرئيس في خطابه بأنهم خونه وعملاء ما زالو في ظمير الشعب الجنوبي قادة وزعماء وان الانفصال مطلب جماهيري لابناء الجنوب.
وهذه واحدة من اهم مثالب الخطاب الرئاسي المتكررة في صنعاء،انها محاذير الاستخدام العشوائي لمفردات الخطاب السياسي ،
فالموقف الرئاسي كما تفصح عنه اللغة الخطابية للرئيس يراهن على استخدام القوة والدليل على ذلك انه يصف الاحتجاجات الشعبية انها حركات تمردية وتخريبية وهذا توصيف لغوي مجافي للصواب وتشخيص سياسي غير واعي لاسباب الحدث وتبعات المشكله ولايساعد على انتاج حلول بقدر ما يسهم في رفع وتيرة التصعيد وزيادة حدة التعقيد مع ان السلطة برغم رفع جاهزيتها العسكرية والامنية واعلان حالة الطوارئي في مدينة الضالع يوم 28فبراير المنصرم ، الاانها لم تتمكن من حجز المتظاهرون ومنعهم من الوصول الى الساحات الرسمية في الضالع وردفان والحبيلين وزنجبار
الحدث الذي لفت انتباهي في تلك المسيرات والذي لاحظته من الصور التي نشرتها بعض المواقع وهو خروج طلاب وطالبات في سن التعليم الأساسي بازيائهم وحقائبهم المدرسية ، مع ان اغلب اولئك الطلاب كما يبدو من مواليد مرحلة ما بعد الوحدة وخروجهم لهتك عراها العنكبوتية يوكد ان الرفض الجنوبي لهذه الوحدة يمتد الى وجدانيات الاجيال القادمة وهذا بالنسبة لنا هو اخطر التبعات السلبية التي افرزتها وحدة 94، والمشكلة الأكثر خطورة ان الموقف المتصدي للدفاع عن الوحدة هو موقف دفاعي عن سلبية الوحدة لاكثر.
واذا افترضنا من وحي المشهد الاحتجاجي ومعطياته ان هناك صراع بين الوحدة والانفصال على المستوى النفسي لابناء الجنوب ،سنجد ان الوحدة تحولت الى مشروع سياسي فوقي يفرض على ابناء الجنوب بقوة السلاح ويواجه برفض سكاني حاد في حين ان الانفصال صار مطلبا سكانيا لغالبية ابناء الجنوب ، مع العلم ان الانفصال بمشروعه الحالي لايعد مشروعا سياسيا امنا لخروج ابناء الجنوب من هذا النفق الوحدوي ، بقدرما هو ردة فعل انعكاسية لاختلال معايير دولة الوحدة،وهذا الاصرار الجنوبي على العودة الى الهوية السابقة هو نتاج جهوية دولة الوحدة وعدم قدرتها على تحقيق موازين العدل الاجتماعي والشراكة السياسية بين ابناء اليمن من اقصاه الى اقصاه غير ان ابناء الجنوب هم اكثر احساسا بالفقدان للحق من غيرهم.
[email protected]

http://dhal3.net/vb/images2/index_abc_03.gif