![]() |
جريدة العرب القطرية
اليمن.. هل بدأت مرحلة التفكك والتدويل؟
ياسر سعد 2010-01-07 بدعوة رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون لمؤتمر دولي نهاية الشهر الجاري، وبالترحيب اليمني الرسمي والمتعجل به، يدخل اليمن مرحلة جديدة تشير العديد من المؤشرات إلى أن نهايتها وخيمة ليلتحق اليمن بدول عربية سبقته في التفكك والتشرذم كالعراق والصومال، وأخرى تسابقه المسار كالسودان. اليمن والذي أصبح نظامه يتوق ويتعجل عودة الانتداب إليه -وإن بمسميات وصيغ جديدة- بعد قيادة فاشلة في الحكم لعقود تفتقر للحكمة وتفتقد لمقومات الحكم الأساسية وأهدافه الاستراتيجية. فليس سرا أن الحوثيين والذين عجز الجيش اليمني وبدعم من جهات عديدة على كبح جماح تمردهم قد نالوا دعم الرئيس عبدالله صالح من قبل ليواجه بهم نفوذ الإصلاح وحضوره الشعبي. وعلى الرغم من أن الفشل العسكري أمام الحوثيين والتراجع السياسي أمام الحراك الجنوبي يستدعي تهدئة الأمور في اليمن، فإن النظام اليمني بفتحه جبهة داخلية في مواجهة ما يسمى تنظيم "القاعدة" وبدعوته الولايات المتحدة والغرب لتقديم المزيد من الدعم والتأييد له يكون قد اختار طريقا مدمرا بالهروب من مشاكل اليمن واستحقاقات فشله الذريع في الاقتصاد والتنمية والسياسة، بالتستر خلف شعار حرب الإرهاب والتصدي لخطر القاعدة. التعاون الأميركي اليمني وصل لمرحلة متقدمة بلقاء الجنرال ديفيد باتريوس بالرئيس صالح، وبتصريحات الرئيس أوباما في خطابه الأسبوعي، والذي قال فيه بعد اتهامه القاعدة بالوقوف وراء حادثة الطائرة الأميركية: "لقد وضعت على رأس أولوياتي تعزيز شراكتنا مع الحكومة اليمنية، في مجالات تدريب وتجهيز قواتها الأمنية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والعمل معها لقصف مواقع الإرهابيين الذين ينتمون لتنظيم القاعدة". الذي نخشاه أن يكون دخول الولايات المتحدة على الخط اليمني وبشكل سافر ومباشر بمثابة التمهيد لإضافة المزيد من الفوضى غير الخلاقة على اليمن المرهق والممتلئ بأنواع وأصناف من الأسلحة والتي ستؤدي باليمن للدخول لمرحلة مجهولة قد تؤدي به إلى التفكك والصوملة، خصوصا مع تصريحات كلينتون والتي قالت فيها إن على اليمن أن لا يتوقع تفقد المساعدات الغربية عليه دون قيود أو شروط. من الممكن ملاحظة أن إشعال الحروب الداخلية في عدد من الدول العربية والإسلامية بدأ نتيجة مباشرة لما يسمى بالحرب على الإرهاب، فالعرب والمسلمون هم الخاسر الأكبر من خلال دخول بلدانهم مراحل من انعدام الأمن والاستقرار، كما يحصل في باكستان وأفغانستان واليمن والصومال والعراق. في حين كانت الإدارة الأميركية ترفض أي شكل من أشكال المصالحة الداخلية، كما جرى حين تم نوع من التفاهم بين حكومة باكستان وحركة طالبان، وما بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس أكثر من مرة. وإذا كنا نرفض أخلاقيا وإسلاميا الأفعال والأعمال والتي تنسب للقاعدة من قتل الأبرياء ونشر الدمار ومحاولة إسقاط الطائرات، فإننا لا نستطيع إغماض عيوننا أو إلغاء عقولنا عن علامات استفهام كثيرة تدور حول تلك العمليات وما يرافقها. فهناك الكثير من الأكاديميين والباحثين والإعلاميين والذين ما زالوا يطرحون أسئلة منطقية حول أحداث سبتمبر 2001 ولا يستطيعوا أن يجدوا أجوبة شافية عليها. وبعيدا عن تلك الأحداث والتي شكلت انعطافة كبيرة ومدخلا لعودة الاستعمار العسكري القديم، وإن بصيغ وذرائع جديدة، فإن قصة النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب تحمل هي الأخرى الكثير من علامات التعجب والحيرة وإشارات الاستفهام. فالحادثة جاءت بعد أيام من توزيع شريط تلفزيوني من اليمن منسوب لأعضاء من القاعدة، ووالد المتهم قام بنفسه بإبلاغ السفارة الأميركية عن نوايا ابنه، كما أن الشاب النيجيري على القائمة الأميركية للممنوعين من السفر جوا. وعلى الرغم من إدراج عبدالمطلب منذ نوفمبر الماضي ضمن لائحة تضم أشخاص متهمين بتورطهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة في "أعمال الإرهاب"، فإن الرجل استطاع أن يحصل على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، في حين رفضت بريطانيا منحه تأشيرة دخول طلابية في مايو الماضي. كما كشفت تقارير أميركية أن واشنطن قد علمت باستعدادات "نيجيري في اليمن" لشن هجوم إرهابي على أراضيها قبل أسابيع من محاولة إسقاط الطائرة. في حين كتبت صحيفة "واشنطن بوست" أن عمر عبدالمطلب اتخذ لنفسه على موقع "جواهر كوم" اسما مستعارا هو "فاروق 1986". وقد كتب منذ عام 2005 نحو 310 رسالة على منتديات إسلامية تشير لتوجهاته الجهادية. فكيف يستطيع شخص بهذه المواصفات ضمن هذه الظروف تهريب عبوة متفجرة لطائرة أميركية؟ كثيرة تلك الدراسات والتحليلات والمقالات والتي تتحدث عن نجاح أجهزة استخبارات محلية ودولية في اختراق تنظيمات العنف وتوجيه أفرادها وعملياتهم، فيما يصب في مصلحة تلك الأجهزة وأجندتها. ولعل غياب المعلومات المنطقية والمترابطة حول طائرة ديترويت تعزز وتؤيد مواقف المساندين لنظرية المؤامرة. فالحادثة بإيقاعاتها وأجوائها المرعبة تعطي القوات الأميركية والغربية في أفغانستان دعما شعبيا غربيا هي في أمس الحاجة له، وهي تزود بالذخيرة الحية التيارات اليمينية في الغرب والداعية للتضييق على المسلمين ومحاصرتهم ومراقبتهم والانتقاص من حقوقهم والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثالثة، كما تشكل المزاعم بتلقي المتهم تدريباته باليمن الذريعة للتدخل العسكري في اليمن وتدويل البحر الأحمر بحجة محاربة الإرهاب واجتثاث جذوره. توقيت حادثة ديترويت ينقل الاهتمام العالمي والغربي عن متابعة التجاوزات والانتهاكات الإسرائيلية استيطانا وحصارا إلى الإرهاب الإسلامي مجددا، والذي يراد للوعي الغربي أن يعتبر المقاومة الفلسطينية جزءا منه. وبغض النظر عن الاجتهادات والمعطيات لحوادث الإرهاب المفترضة وعن توظيفاتها، يبقي العرب والمسلمون هم الخاسر الأكبر، فهم المتهمون والمرتاب بهم، وعلى أراضيهم تصول الطائرات وتجول الصواريخ الأميركية تنشر الرعب والموت والدمار. فيما مستقبل أجيالهم تختطفه أنظمة فاسدة وفاشلة، رصيدها الأساسي وربما الوحيد تفانيها في الحرب على "الإرهاب" وإخلاصها في السلام مع الاحتلال الصهيوني دون تردد برغم جرائمه المستمرة واستهتاره بها. |
Loading...
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.