منتديات الضالع بوابة الجنوب

منتديات الضالع بوابة الجنوب (http://www.dhal3.com/vb//index.php)
-   المنتدى السياسي (http://www.dhal3.com/vb//forumdisplay.php?f=18)
-   -   الزعامات الهشّة لا تصنع تاريخ الأمم ... (http://www.dhal3.com/vb//showthread.php?t=17384)

طائر الاشجان 2009-07-25 11:00 AM

الزعامات الهشّة لا تصنع تاريخ الأمم ...
 
وجه الأخ علي سالم البيض نداءاً إلى المجتمع الدولي ناشده فيه بتحمل مسؤولياته تجاه الجنوب المنكوب ، وتزامنت هذه الدعوة مع احتدام غليان الحراك السلمي ، واستشهاد العديد من أبرياء المقاومة ، وسقوط قتلى بين صفوف قوات الإحتلال أثناء مسيرة أبين في 22/07/2009م ، وعودة النشاط البركاني في صعدة ليسفر عن مقتل ستة أفراد من جنود النظام الحاكم ، كما أعلن عن دخول علي عبدالله صالح المستشفى بزعم أنه تعرض لرضوض !! .. إن جميع هذه المعطيات تضعنا أمام الإشتداد الذي يسبق انفراج الأزمة ، وهو ما بذل المحتل قصارى جهده للحيلولة دون حدوثه ، فعلى مدى 19 عاماً تكشف وجه الإحتلال شيئاً فشيئاً من خلال ممارساته وأفعاله ، بل وحتى في أقواله حيث لم يعد يتحفّظ في التصريح بها معلناً أن الجنوب فرعٌ أعيد إلى الأصل ، ومن هذا المنطلق تعتبر خيرات الجنوب غنائم وأهله دُخَلاء ، واعتَقَدَ أنه أنهى شوطي المباراة لصالحه ، وبات من حقه كشف خطة اللعب ، والتباهي بفظاعة الخِدَع التي أدت إلى هزيمة الفريق الخصم ، وقد ساهم المنافقون من حوله في تأجيج شعوره بالعظمة ، وصُنع المستحيل الذي لا يصدُر إلا عن داهية ، وهو لهذا عظيمٌ في نظر شعبه والعالم أجمع .. ولأنه ليس كذلك في حقيقة الأمر ، فمن البديهي أن يقع في شر أعماله ، وأن يخفق في الإستحواذ على هذا النصر ، وتجييره كرصيد يستفيد منه نجله وولي عهده الأمين .. لقد عمد إلى زرع ألغام على طول مسيرته منذ استلامه مقاليد الحكم ليس أقلها تولي أقربائه وجيرانهم معهم مناصب في الدولة ، فراحوا يمارسون التجارة في دهاليز السياسة ، ويبرموا العقود لتنمية رساميلهم في البنوك تحت غطاء مصلحة الوطن ، .

لقد انصَبّ ذكاء الرجل على كيفية التصالح مع مَن حَوله فكسبَ ودّ شيوخ القبائل ، وأشركهم معه في حكم هذا الشعب ، الذي روّضتهُ أغلال أسرة آل حميد الدين على كيفية الإذعان لسوط الجلاد ، مما سهّلَ على بيت الأحمر استلام الدور ، وحذا حذوهم صغار الشيوخ فشكّلوا مملكات داخل إطار الدولة ، وتحت شعار الجمهورية . ولا شك أن لاختلاط الجنوبيين بأشقائهم في اليمن أهمية بالغة في إثراء الجدل الفكري ، وتسليط الضوء على هذه المفارقات العجيبة ، وإحياء فرضية التغيير التي على أساسها قامت ثورة 26 سبتمبر قبل ما يقرب من 47 عام ، ويمكن اعتبار هذه اليقظة في صفوف أبناء اليمن إحدى الحسنات التي تُنسب إلى الوحدة المريضة بأنفلونزا " الخوابير " .

إن الخلفية الثقافية لرئيس الدولة لا تتعدى حدود عشيرته ، ولهذا فلا غرابة أن يتعايش مع الوسط القبائلي ، ويبدع في هندسة خيوطه ، وتطويع إمكاناة الدولة لتجنب الصدام مع صُنّاع القرار العشائري ، ومَن وصفَهم ذات يوم بالثعابين ، وهو الراقص فوقها كالبهلوان ، وعليه مراقبة أفمامها ، وكلما انفتح فم ألقى إليه طعاماً ، وهكذا كانت خزينة الدولة نهباً بين شيوخ القبائل وأقربائه المتنفذين ، ولم ينسَ نصيبه من الغلة بطبيعة الحال ، أما الخاسر الأوحد في لعبة علي السياسية فهو الشعب المعدم وليس سواه .. هذه الصورة بكافة أبعادها واضحةٌ لدى الكل ، ويستمرئ المؤيدون للنظام الحاكم النظر إليها من زاوية المصالح الخاصة بهم ، ويذهبون إلى تجميل هذه الصورة بِنَظم المعلقات ، والتغني بأناشيد تمجد هذا القائد الذي تعرف البيداء وطأتهُ ، ومنجزاته التي تقوم على النهب والسلب ، وفنون البلطجة دونما خجل ، ومما يبعثُ على الضحك والبكاء في آنٍ واحد هو تصَنّع السذاجة من قِبَل الجنوبيين المُحتَضَنين من عناية فخامته وهؤلاء يمكن اعتبارهم ثعابين من نوع " الكوبرا " ذات السم الزعاف ، ولهذا كان على " الزعيم " أن يغدقَ عليهم بسخاء ، فهو يستشهدُ بهم أمام الملأ بشرعية الوحدة ، ويحققون له الطمأنينة التي ينشدها ، ولهُ فيهم مآربَ أخرى .. أما هم فيدركون جيداً أن ما هم فيه لم يكن يوماً ليتفق مع مبادئهم ، ولكن طبيعة الصراع قد وضعتهم في المكان الذي يؤمّن طموحاتهم بعيداً عن مصلحة الجماهير ووجع الدماغ ، وراحوا يجتهدون في العزف على وتر الوحدة رغم ما يشوبها من عيوب هُم أعرف الناس بها ، ويدّعون شرف الوحدة كشعار لمعركتهم مع إخوتهم الجنوبيين المطالبين بحقهم في استعادة الوطن ، وهذه المقارنة تذكرني بما قاله " نابليون بونابرت " عندما قيل له إن العرب يحاربون من أجل الشرف والكرامة ، وأنت تحارب من أجل المال فأجاب في هدوء : " كل منا يحارب من أجل الحصول على الشيء الذي ينقصه " في إشارة إلى أن العرب عديمو شرف .

حريّ بنا أن نتلمّس معالم المشهد عن قُرب ، ونستشرف ما تواريه مخابئ الغدِ الآتي فنقول :

إن أيام الرئيس في سدة الحكم باتت معدودة والرهان على استتباب الأمن بعد رحيله يُعَد ضرباً من الخرَف ، أما نهايته فحسابها ربما بمرضٍ عضال قد بدأت أعراضه ، وجعلته حيث هو اليوم طريح الفراش كما تفيد الأنباء بإحدى مستشفيات العاصمة الغير معروف طبعاً – احترازات أمنية – وليس من السهل التصديق بحكاية الرضوض بسبب تدريباته الرياضية ، إلا أن يكون قد تعرض لحادث سير ، وهو الأمر الذي لا يقبل التعتيم ، بل على العكس يزيل التأويلات التي قد تصل إلى الحديث عن محاولة اغتياله ، فالمستفيدون من التخلص منه كثيرون ، ومنهم الطامعون في خلافة العرش ، والذين يرون في بقائه تذليل الصعاب أمام نجله كونه المرشح الأكثر قوة لشغل منصب الرئاسة وفق معايير الصولجان المتعارف عليها في اليمن " الجمهوملكي " .ويبرز في هذه الجزئية دور الشيخ حميد الأحمر ، الذي ارتفع صوته مؤخراً للمطالبة بمحاربة الفساد ، وتأكيد حق الجماهير في السيادة ، وحماية مقدرات الثورة والوطن ، في خطوة استباقية لحجز موضع في مقدمة الركب المطالب بالتغيير ، ومحاربة الأيدي العابثة بمصالح العباد – وحاشى لله أن يكون أحدها - .

ويرى البعض أن الحراك السلمي للجنوبيين قد أماط اللثام عن الجانب البشع في وجه سياسة فخامته التي استهلكت عقوداً ثلاثة دون عوائد تُذكر لمصلحة السواد الأعظم من أبناء الأمة اليمنية ، فحتى الوحدة التي بدأت بمفخرة كادت تدخله التاريخ من أوسع أبوابه ، أوصلتها رعونته إلى زاوية ضيقة يصعب معها إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل فعلته المقيتة عام 94م ، والحسابات التي اعتاد عليها في حسم الخلافات على الطريقة القبلية " اتغد به قبل أن يتعشى بك " ولهذا فإن الخلاص منه ربما أعاد خلط الأوراق ، وأتاح الفرصة لوصول حكومة جديدة تطهر أجهزة الدولة مما علق بها من شوائب كانت سبباً في معاناة شعب تائه الخُطى ، مسلوب الإرادة ، يبحثُ عن تاريخه في ركام الأيام الغابرة .


تحياتي
طائر الاشجان


Loading...

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.