لا لسفك الدماء الجنوبية بأيدي جنوبية ( بقلم : محمد عباس ناجي )
 

من عظائم ثورة شعب الجنوب التحررية المباركة انها انطلقت على قاعدة مبدئين اساسيين هما: النضال السلمي والتصالح والتسامح والتأخي, وكانا وسيضلان هذان المبدآن هما المفخرة العظيمة التي يحق لشعبنا التفاخر بهما أمام العالم.





لكن ما حدث في يوم الجمعة 3 فبراير 2012م من سفك للدماء الجنوبية ـ الجنوبية في مدينة المعلا بالعاصمة عدن امر لا يبشر بالخير, فهذا يعني امران:

الاول: ان سلطات صنعاء قد نجحت في تحقيق اهم اهدافها وهو توجيه صراع شعب الجنوب معها الى صراع جنوبي ـ جنوبي . وهذا امر كارثي على شعب الجنوب.

الثاني: أن العناصر الجنوبية المتطرفة من الطرفين قد خدمت اهداف سلطات صنعاء في تحويل مسار ثورة شعب الجنوب السلمية الحضارية التحررية الى بداية مسار العنف. ولكن ليس مع السلطات الاستعمارية في صنعاء وإنما بين الجنوبيين. وهذا امر كارثي اكبر. وهذا يعني ان بقايا قيادات الجنوب المتطرفة السابقة ولاسيما الموجودة في بيروت عادت لتمارس هوايتها المعروفة والمفضلة في اشعال لهيب الصراعات الداخلية, مثل ما فعلت قبيل الاستقلال الاول عام 1967م عندما اشعلت حربان في شهري أغسطس ونوفمبر 1967م بين قوى ثورة 14 اكتوبر وهما الجبهة القومية وجبهة التحرير. هذان الحربان اللذان ما نزال نعاني من اثارهما حتى اليوم. فقد كان البعض في الماضي يتفاخر أن الجبهة القومية انتصرت في تلكما الحربين, ولكن تبين لنا اليوم انه انتصارا منقوصا, فأي نصر عسكري يحققه الأخ على اخيه هو هزيمة للطرف المنتصر قبل ان يكون كذلك على الطرف المهزوم.

والمثال الأخر والحي اليوم هو بأن شعب الجنوب لم ولن يكون ضد الوحدة مع الشمال أو مع بقية الاقطار العربية الأخرى من حيث المبدأ, ولكن لأن الطرف الأخر في هذه الوحدة شن الحرب على الجنوب تحت مبدأ الحفاظ الوحدة وفرض ارادته بقوة السلاح, فأصبحت هذه الوحدة بالنسبة لشعب الجنوب احتلال بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

اننا كجنوبيين ينبغي ان نبتعد عن استخدام القوة تجاه بعضنا البعض مهما كانت المبررات, وان نقبل بالرأي الجنوبي الأخر اعجبنا أم لم يعجبنا ونقارع الحجة بالحجة, فلوا ان مسيرة جنوبية خرجت لتعبر عن رأي اصحابها نقابلها بمسيرة اكبر منها في اليوم التالي, او في مدينة اخرى وفي نفس اليوم. اما ان نقاوم مسيرات بعضنا بوسائل مضرة أو بالرصاص, فهذا امر لا يقبله العقل والمنطق.

اذا كنا اليوم ننشد التحرر من القمع والظلم ونطلب حماية العالم من بطش سلطات صنعاء الاستعمارية ضد نضالنا السلمي وننشد بناء دولة جنوبية ديمقراطية حضارية تستوعب مختلف القوى السياسية المختلفة والمتعارضة في البرامج والافكار, فإننا اذا لم نقبل بهذا الواقع اليوم كيف سنقبل به غدا؟

انني عندما نظرت الى قائمة اسماء الجرحى الجنوبيين من الطرفين وحجم الاصابات واثارها الجسدية في هذا اليوم اعتبرته يوما اسودا في التاريخ الجنوبي, لان فيه سُفكت دماء جنوبية بأيدي جنوبية, فانا ضد مبدأ سفك الدماء سوى كانت جنوبية او شمالية أو عربية او غير عربية. فدماء الانسان قضية حرمها الدين الاسلامي الحنيف والقوانين والاعراف الدولية. فكيف اذا كانت هذه الدماء جنوبية؟

ادعو كل مناضل ومناضلة في ارض الجنوب ومن أي طرف الى عدم تكرار هذه الواقعة لأنها بمثابة عد تنازلي في انتصار قضية شعبنا.

المواطن الجنوبي/ محمد عباس ناجي.