التفاصيل الرئيسية
أما آن الأوان ؟ المكلا اليوم / كتب: د. ماهر بن دهري20/2/2011
http://www.mukallatoday.com/images/2...f7e361fdb2.jpg
كلنا نسمع كثيراً المقولة التي تقول "الحكيم من اعتبر بغيره" لكن يبدو أن الحكماء في هذا الزمان قد قلوا خاصة ممن تقلدوا السلطة وتسلطوا على رقاب العباد فأكثروا في الأرض الفساد.
حين قامت الثورة التونسية وانتصرت سمعنا حاكم مصر يتبجّح أن مصر ليست كتونس وخرج حاكم اليمن ليعيد نفس المقولة وإنْ بأسلوب آخر محاولاً الضحك على المغفلين ودغدغة عواطف بعض السذج من القول أن اليمن ليست كتونس فالناس يصلون في المساجد بغير بطاقة، ويبدو أن الرئيس اليمني هو وكثير من الرؤساء المحنطين لا يتعظون بغيرهم فنراهم يكررون نفس الأساليب، الجميع لجأ في مواجهة الناس في بداية الأمر إلى استخدام أساليب القمع بالاعتماد على القبضة الأمنية الحديدية التي تصدأت دون أن يعلم هؤلاء الحكام، والكل يُخرج لنا مجموعة من البلطجية والمرتزقة ورجالات الأمن بالزي المدني وينفقون عليهم من أموال الأمة ليوهموا أنفسهم أن لهم أنصاراً، والجميع يحاول استخدام الأحزاب الكرتونية والصورية التي فرّخها أو تلك التي تسمي نفسها معارضة والتي إن تأخرت كما تأخرت أخواتها في مصر وتونس لن تجد لها مكاناً في قلوب الناس، وإن ساومت على مصير الأمة فستجد نفسها في مزبلة التاريخ والأيام هي الحكم.
إنّ على الرئيس إن كان يقرأ الأحداث التي تجري في العالم وفي اليمن من حوله قراءة واعية أن يعلم أن الأعمال بالخواتيم، وأن هذه الطائفة والبطانة التي أحاط نفسه بها لن تنفعه إن ظل يكرر نفس السياسة في حكم اليمن التي أثبتت الأيام فشلها وعدم نجاحها، وأن عليه أن يسجل لنفسه موقفاً مشرفاً ناصعاً بعد أن اسودّت المواقف واختفت الإنجازات باستثناء الإنجازات الوهمية التي يصنعها الإعلام وباستثناء ضياع البلاد ومقدراتها في أتون حروب تبدأ وتنتهي ولا يعلم أحد سببها ولا سبب توقفها، فقد بدأت عجلت التغيير بالدوران وخرج أبناء المحافظات الشمالية - الذين لن يستطيع إعلامه وصفهم بالإنفصاليين وسبقهم أبناء المحافظات الجنوبية الذين عانوا كثيراً من السياسات التمييزية ضدهم - خرجوا جميعاً يبحثون عن حال أفضل ووضع أجمل في ظل رئيس غيره، وحكومة غير الحكومات الصورية التي يتم تشكيلها بين الفينة والأخرى.
فيا أيها الرئيس أذكرك بأن الأعمال بالخواتيم ولئن كتب التاريخ بأحرف من ذهب أنك كنت أحد الشريكين اللذين وقعا اتفاقية الوحدة، فانظر إلى من وقعت معه أين هو الآن وما مصيره، أتريد أن تلحقه؟
إن الجواب على السؤال السابق ليس بالكلام بل بالأفعال، وهنا أقولها صريحة: إن الوقت قد فات على إجراء التحسينات والإصلاحات الديكورية المعهودة، فلم يعد يجدي ترقيع هنا أوتبديل هناك، فقد اتسع الخرق على الراقع وفشت المظالم، واستشرى الفساد، وخربت البلاد.
إن قراراً واحداً شجاعاً ربما يدخلك التاريخ من أوسع أبوابه ويكون حسنة تضيء في صحائف حكمك لليمن فقد مرت أكثر من ثلاثين سنة على جلوسك على كرسي الرئاسة الذي ربما ضاق بك ذرعاً ويتمنى أن يجلس عليه غيرك، ونحن لا نريد أن تصل البلاد إلى ما وصلت إليه في تونس أو مصر وما ليبيا عنك ببعيد، لا نريد أن يزداد عدد القتلى الذين يسقطون برصاص جنود أمنك الذين سيندمون حين يسقط النظام وعجباً لهم كأنهم لم يروا مصير إخوانهم ضباط الأمن المصري وهم يرجعون اللائمة على حبيب العادلي.
إن من يسمع الخطاب الرسمي ويرى الواقع يصدّق ما يقوله المثل المصري" أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب" تقول لنا لقد سئمت السلطة، فإن كنت صادقاً فاتركها وما الذي يمنعك من ذلك، وإن كنت تظن أن الله لم يخلق لنا بدلاً عنك، فأنت واهم، وإن كنت تظن أننا سنبكي على أيام حكمك فهذا الأمر يرجع لنا ونبشرك أنه لن يكون.
إن قراراً جريئاً بترك السلطة وأن يختار الشعب في انتخابات نزيهة لا كالتي عرفناها وعهدناها كفيل بأن ينقذ البلاد ويحرك عجلة التنمية وينعش الآمال في أن يعيش الناس حياة هانئة ككثير من الشعوب.
لا أذيع سراً إن قلت إن زمن الحوارات التي تستهلك الوقت قد ولى إلى غير رجعة، فمبارك أراد مهلة من الشعب تسعة أشهر ينهي فترته الرئاسية، فماذا كان الجواب من شباب الثورة؟ كان واضحاً: لا، وسنظل في الشارع حتى نسقطك، وبالفعل سقط مبارك ونظامه، وكل من جرى ولهث للحوار عاد خائباً بخفي حنين، وهكذا الحال في اليمن نسمع عن الحوارات مع السلطة سنين ولا نتيجة، أو كما يقول المثل: نسمع جعجعة ولا نرى طحناً، بالرغم من أن الحوارات السابقة ترعاها دول أجنبية لكنها لا تراوح مكانها وتظل حبراً على ورق وإن تحدث المتحاورون عن أجواء إيجابية رافقت الحوارات لكن لا نتائج على الواقع.
من كل ذلك أخلص إلى أنه لا فائدة من تكرار المكرر وتجريب المجرب والمخرب، فإن كان لدى النظام شيءٌ جديد غير الذي مللناه منه وغير أن يجرب معنا ما جربه أصحابه بن علي ومبارك فليتفضل بتقديمه وإلا فإن الحال كما يلوح في الأفق ينذر بعواقب وخيمة ونهاية حتمية وسقوط مروّع.
وكان من المحاولات البائسة التي حاول بعض المرجفين والمستفيدين من الأوضاع وبعض المرتزقة تسويقها تخويف الناس بأن الشعب مسلح وأن البلاد لو حدث بها مثل ما حدث بمصر ستنفجر وستكون صومالاً ثانية وهذا أمر أثبتت الأيام التي مضت عدم دقته وصحته. ولا يعني هذا بطبيعة الحال أننا مع الفوضى أو العنف أو إتلاف الممتلكات العامة أو الخاصة لكننا مع أن يتوقف العبث بالمال العام وأن يرتدع الظالم وأن تترك لنا الحرية في اختيار من يحكمنا فلسنا قصّر ولا ناقصي عقل ولا وصاية لأحد على الشعب.
وأختم هذه السطور بنصيحة أقول: ألم يأنِ الأوان لأن تترك لنا شيئاً جميلاً نذكرك به بدلاً من أن تطاردك لعنات الشعب حين تذكر؟ وبدلاً من أن يقال بعد ذكر اسمك: المخلوع. احسبها صح واتخذ القرار ولا تتأخر فنحن في انتظار سماعه.
