ان ما يتعرض له المجتمع الجنوبي من ذبح ليس هو بفعل سياسات وإجراءات وممارسات وهجمات الاحتلال المستمرة والمتواصلة،بل جزء من عملية الذبح تجري بفعل أيدي وأدوات جنوبية،فالبنية والتركيبة المجتمعية الجنوبية والنسيج الاجتماعي يتعرضان إلى عملية تخريب وتدمير ممنهجتين تطالان كل ما له من قيم ومعاني ايجابية في المجتمع،حيث أصبحنا نلمس بشكل واضح الانسحاب نحو العشائرية والقبلية والجهوية وتغليب الهموم والمصالح الخاصة على الهم والمصلحة العامة،وكذلك نشهد ضعف كبير في الاهتمام والانتماء للعمل العام والطوعي،حتى وصلت الأمور حد التطير والتطرف في توجيه الاتهامات للقائمين على العمل العام والوطني والطوعي،إما انه ما زال في رؤوسهم مياة عتيقة أو أن لهم مصالح وأهداف وباب ارتزاق من القيام بهذه الأعمال،ولعل من الهام قوله أن ما جاء به من القاهرة من قيم وثقافة جديدة ضربت إلى حد كبير هذا البعد وكرست مثل هذه المفاهيم.
ونحن نفهم أن يقوم الاحتلال بإعلان حرب غير معلنه على الشعب الجنوبي العربي في كل مناحي وشؤون حياته وفي كل قطاعاتها ومستوياتها،ولكن من غير المفهوم،أن لا تقوم القيادة التاريخية للجنوب بالحد الأدنى من واجباتها تجاه القضية الجنوبية والشعب الجنوبي،وأن لا تقوم بمحاربة والتصدي لما ينتشر ويتفشى في أوساط هذا المجتمع من مظاهر انهيار القيم والأخلاق التى ينشرها الاحتلال وثقافة الاستقواء والاستهزاء وفرض الجزية على الشعب والتجار،بل من العار أن تجد في الكثير من الأحيان أن من يقومون بممارسة البلطجة والتعدي على حقوق وممتلكات الآخرين وفرض الجزية عليهم،يجدون لهم في الكثير من الأحيان حواضن محسوبة على نظام الجمهورية العربية اليمنية نظام الاحتلال أو البعض من اللذين يندعون أنهم مع الحراك الجنوبي ،وبما يدمي القلب ويحز في النفس أن الكثير من الوجوه الاجتماعية والتي كانت منبوذة في المجتمع في مرحلة المد الوطني لعلامات الاستفهام الكبيرة على دورها المجتمعي والوطني أصبحت اليوم تتسيد وتفتي وتقرر في الشأن العام وحتى الوطني،وبعض هذه الوجوه تستمد الشرعية من قبل من لا نعرف ،بل ولم تصبح الخيانة على رأى صالح منصر السيلى غير وجهة نظر،بل ترى من يسربون الأراضي والممتلكات للاحتلال او يتعاملون مع الاحتلال،يتحركون بكل سهولة وأريحية في المجتمع وتجد هناك من يحتضنهم ويلجأ إليهم على اعتبار أنهم يقومون بتسليك المصالح أو يوفرون الحماية لهذا الشخص أو ذاك أو يوفرون الدعم لهذا الطرف او ذاك او تبادل ادوار،وفي الوقت الذي كانت فيه القيادة التاريخية لها هيبتها واعتبارها وهي الآمر النهي في كل شؤون ومناحي الحياة،وجدنا أن هذا الدور والهيبة والحضور والقرار بعد مرحلة القاهرة تراجعت إلى حد كبير،بل ولا نجافي الحقيقة أن القيادة التاريخية أو الانتماء إليها أصبح مجالاً للتندر او التذمر عند البعض،الذي كان في مرحلة العنفوان والعزة لتلك الرموز،
إننا أمام كارثة حقيقية ومحدقة بالشعب الجنوبي ،فالاحتلال ما قام به من إجراءات وممارسات لتدمير البنية والتركيبة المجتمعية لأبناء الجنوب العربي في المدن المختلطة مثل عدن ولحج وحضرموت وغيرها،يقوم بتطبيقها في مدن الجنوب،لتحقيق أهدافه وأغراضه في شل فاعلية ودور الحراك الجنوبي في المدن،وخلق مرجعيات اجتماعية مرتبطة ومنفذة لسياساته وأهدافه،ناهيك عن طحن وتدمير المجتمع الجنوبي من خلال إغراقه في الهموم والمشاكل والآفات والأمراض الاجتماعية،وعملية الطحن تلك تترافق مع خلق عناوين ومرجعيات جديدة جل وكل همها واهتمامها التحريض على القيادات الجنوبية والقيادة التاريخية والتشكيك بدورها ومصداقيتها ورموزها ودورها وطلب الدعم المادى.
أن عملية الذبح للمجتمع الجنوبي لا يجوز لنا ان نعلقها على شماعة الاحتلال،بل هناك من هو معني جنوبيا في إضعاف الحراك الجنوبي في المدن كمرجعية وعنوان لحساب عناوين ومرجعيات أخرى،وعملية الإضعاف والتهميش تلك،لن يكون المستفيد منها سوى الاحتلال ورموزه وأعوانه ،فالحراك الجنوبي بمختلف ألوان طيفه السياسي،هي الجهة الوحيدة القادرة على تحريك الشارع الجنوبي ضد كل سياسات الاحتلال وإجراءاته وممارساته،وهي الجهة التي إذا ما جرى التعامل والتعاطي بشكل جدي معها قادرة على أن تستجيب لهموم وقضايا المجتمع الجنوبي.
صحيح أن الهجمة الشرسة الغير معلنه إعلاميا التي تتعرض لها مدينة عدن وبعض مدن الجنوب مثل الضالع وشبوة وأبين من قبل الاحتلال غير مسبوقة،ولكن ما هو صحيح أيضاً أن الحالة الجنوبية هي دون المستوى،وهي غير موحدة الفعل والأداء،وهي بحاجة إلى قيادة جنوبية حقيقية،قيادة جنوبية تضع النقاط على الحروف،قيادة جنوبية تعيد الهيبة والاعتبار والاحترام للحراك الجنوبي،قياده جنوبية تلتمس الم المجتمع المدني الجنوبي،قيادة جنوبية تحظى بدعم وإسناد جدي وحقيقي.
ان عملية الذبح التي يتعرض لها الشعب الجنوبي من الاحتلال،بحاجة إلى روافع ومعاول عمل وحرث حقيقي في أرض الواقع،تحمي المجتمع من حالة الدمار الممنهجة التي يتعرض لها،حالة الدمار تلك التي تهدف إلى نخر أساسات وأركان هذا المجتمع وإدخاله في حالة مستديمة من الفوضى كالتي بداءت ألان تنتشر في الضالع وأبين والفلتات والاحتراب والتجييش القبلي والعشائري.
نعم الجنوب بحاجة إلى قيادة مؤتمنة وتضحوية ولديها الاستعداد لدفع ثمن مواقفها وقراراتها،قيادة تأخذ على عاتقها منع استمرار عملية الذبح التي يتعرض لها الجنوبيين،ومحاربة والتصدي لكل معاول الهدم التي تدفع بالحالة الجنوبية نحو الدمار الشامل ،تلك المعاول التي تدفع أن لا تتحول كل قرية جنوبية بل كل حي إلى مجتمع قائم بذاته متحلل من ارتباطاته وعلاقاته الاجتماعية والوطنية مع الأحياء والقرى الجنوبية المجاورة.
أن وقف ذبح الجنوبيين من الوريد إلى الوريد هو مسؤولية وطنية بالدرجة الأولى،مسؤولية تحتاج إلى تتضافر وتكاتف كل الجهود،ويشارك فيها كل المعنيين من القيادة السياسية التاريخية والمرجعيات السياسية والوطنية والدينية والمجتمعية والتربوية،فمسألة الذبح للجنوبيين وصلت إلى مراحل متقدمة،وهناك خشية من وصول الأمور إلى مرحلة اللا عودة،وخاصة أن عملية الذبح لا يشارك فيها الاحتلال فقط،بل حالة الانهيار والتراجع فتحت الباب على مصراعيه ،للكثير من الأدوات المأجورة والمشبوهة للمشاركة في عملية الذبح تلك،بحيث أضحى الإنسان الجنوبي حائر وتائه ويفتقد إلى الأمن والأمان،والى من يتبنى همومه وقضاياه ويعالج مشاكله،وكل يوم تزداد حالة فقدانه للثقة بالمرجعيات والعناوين والقائمة،وحالة عدم الثقة تلك وفقدان البوصلة والتوهان والإحباط ،تدفعانه للجوء إلى عناوين وخيارات تزيد من إغراقه في الوحل بدل انتشاله منه.لهذا قررنا نحن المجتمعين ومصدرين هذا البيان بان نطلب من القيادة التاريخية وكافه القيادات الميدانية ان تتحمل مسئوليتها تجاة هذا الشعب المغلوب على أمرة والذي يكن لقيادته كل حب وتقدير واحترام
.

.الموقعين على البيان

أصدقاء المناضل صالح منصر ألسيلي

عنهم العقيد الركن / الكوكني ابو مافيش