يا عزيزي ... من المعروف بأن عواصم الدول دائما هي من تستوعب الجميع بدون أستثنا، وأنها بذلك الوضع في كونها المركز الوطني سوف يصبح ليس لديها من الأبناء الخصوصيين لتميزهم عن بقية أبناء كل الوطن الساكنين فيها، وبأن الجميع سيتساوون فيها بكل الحقوق والواجبات.
هذا يعني أن الحوطة والتي كانت عاصمة يوما ما ليس لها أبناء وكذلك جميع عواصم السلطنات والمشيخات في الجنوب لذا فلا يحق لأبناء أي عاصمة سابقة في التاريخ المعاصر للجنوب أن تشكل جمعية من أبناءها
ولذلك سنلاحظ بأن جميع الآهلين في مدن العواصم يعتبرون هم المحظوظين الوحيدين على مستوى كل الوطن، وذلك من خلال التمتع بأمتيازات العيش فيها بصرف النظر عن منابع أصولهم الجذرية والتي هي في الأخير نابعة من أصل هذا الوطن.
وهذه الامتيازات دمرها نظام الجبهة القومية والحزب الاشتراكي طوال فترة حكمه لعدن
أسأل الله أن لا يحدث هذا بعد الاستقلال وانما أتمنى أن ينعم شعب الجنوب كله في مدنه وقراه بالامتيازات بصرف النظر عن أصولهم
أيضاً حتى أن المهاجرين من الأجناس الأخرى سوف يتوصل بهم الحال مع مرور الزمن إلى هذا المستوى من المواطنة، وذلك من بعد أن أندثرت منهم كل أثآر الروابط العرقيةالقديمة، وقد أرتبط حنينهم ومصيرهم بهذا الوطن الحامل.

ولكن الغريب في الأمر ... ونتيجة لموروث السياسات الأستعمارية الأجنيية، والتي أسست لوجود ثقافات جديدة حينها، منها ما هو لاجل خلق علاقات يتمييز فيها المواطن المهاجر على حساب المواطن الأصيل.
هذا يحدث في كل استعمار ويحدث أيضا من قبل الأنظمة الدكتاتويرية مثل نظام صدام الذي قام بترحيل آلاف العائلات العربية الى كركوك الكردية ليضمن ولاء المدينة عن طريق التغيير الديمو جرافي للتركيبة السكانية فيها وأنا أوافقك على هذا ولكن هل الذين جاء بهم الاستعمار -ومعظمهم هنود- كانوا عالة على الجنوب أم انهم كانوا كوادر علمية وادارية ساهمت في نهضة عدن؟ مع العلم أن ارتباط عدن بالهند موجود من قبل الاستعمار البريطاني والدليل أن قاضي عدن عندما زارها ابن بطوطة كان من أصل هندي
وأن بروز مثل هذه الأشكاليات المجتمعية، هي دائماً ما تظهر على السطع لدى تلك الدول المستقلة من الأستعمار الأجني، والذي قد قام بأستجلاب المهاجرين والتشجيع على توطينهم ليكونوا له الأكثر وفاءً وأخلاصاً من الوطنيين الأصليين،وحتى أن تستقيم له كل مصالحه الأستعمارية بعيدا عن الأعين الوطنية.
في النهاية كان هناك مناضلين من أصل هندي ناضلوا ضد الاستعمار البريطاني (منهم محمد علي لقمان)وضد الاحتلال اليمني في 94م وحتى الآن لدينا قيادات عدنية من جميع الأجناس تناضل جنبا الى جنب مع اليافعي والضالعي والبدوي والحضرمي
وحتى إنه في أحيان أخرى ومن بعد جلاء المستعمرين سنجد بأنه قد تبقى هنالك شئ من تلك النوازع التمييزية لا تزال كامنة في النفس إلى حين أن تسنح لهم الفرص للمطالبة بذلك الحق المزعوم برغم بطلانه أصلاً.
عدن كانت عاصمة لمدة 23 عاما فقط وهذا لا يكفي لانهاء أصول أهلها حتى بوجود الهجرات الداخلية وانما التنوع الذي تميزت به عدن فكان لأنها مدينة ميناء وهذا ما يميز مدن الموانئ في العالم كله