احمد الخليفي
2012-10-25, 05:29 AM
سفارة ألمانيا بصنعاء .. (الباص!) وما أدراك ما الباص !
التاريخ : الخميس/25/10/2012م
بقلم/ د. عبيد البري
http://www4.0zz0.com/2011/12/05/17/402073885.jpg
جاء المقال المنشور في موقع " عدن الغد " أكثر غرابة من المقالات السابقة لنائب السفير الألماني فيليب هولسأبفيل حول قضية الجنوب ، حيث اختار أن يكون مقاله الأخير ، عن الكرامة ، وهي بالتأكيد قضية كل القضايا ، فكان موضوعه " مسألة كرامة " عنواناً مثيراً ، لقيمة إنسانية تهفو إليها النفس البشرية .
أستهل نائب السفير مقاله بالإشارة إلى تجربة الوحدة في كل من اليمن وألمانيا ، والعلاقات القائمة بينهما ، وعن عمق الصداقة بين البلدين .. وكنا نتوقع أن يستمر حديثه بهذه الطريقة الدبلوماسية ؛ ليتحدث عن ماهية كرامة الإنسان من الناحية السياسية ، وكيفية احترامها بالمقارنة بالنص الذي تفرد به الدستور الألماني عن بقية دساتير العالم ، حيث أشار في سطره الأول : "لا يجوز المساس بكرامة الإنسان ؛ وتلتزم الدولة بكافة مؤسساتها باحترامها وحمايتها ".
وللأسف جنحت اللهجة الدبلوماسية ولم تعد معبرة - في المقال - عن المواقف الألمانية من القضايا الإنسانية والسياسية .. فاتضح أن السيد هولسأبفيل يواصل القيام بنفس الدور الذي أثار استياء واستنكار المثقفـين من أبناء الشعب الجنوبي ، ومطالبتهم للخارجية الألمانية بتقصي حقيقة ما جرى ويجري في الواقع على الأرض الجنوبية من انتهاكات لحقوق الإنسان .
ولا يمكننا التوقع بأن دعم دولة الجنوب السابقة لألمانيا الشرقية - على الصعيد الدولي - منذ مطلع سبعينات القرن الماضي ، لضرورة حصول (دولة ألمانيا الديمقراطية) على مقعدها في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى ، يمكن أن تبنى عليه مواقف من هذا الطرف أو ذاك ضد الشعب الجنوبي ! .
وإذا كان السيد نائب السفير قد هدف في مقاله إلى محاولة اقناع الحراك الجنوبي بالدخول في الحوار اليمني فإن الأمر مختلف بين أن يكون متحدثاً باسم الحكومة الألمانية ، ليبين موقفها والتزاماتها بوضوح ، وبين أن يتحدث بصفته الشخصية ، وهذا يتطلب أن يكون غير منحاز ومثقفاً ملماً بالجوانب السياسية والتاريخية - وبالأخص على الصعيد الإقليمي - ومتابعاً جيداً لكل الأحداث وخلفياتها الثقافية والاجتماعية .
إن القصور في وعي المرء يعني بالنتيجة قصوراً في معرفته للحقيقة موضوعياً وفلسفياً ، وبالتالي لا يمكنه الحديث عن استنتاجات أو مآلات أو حلول في قضية ما دون معرفة حقيقتها . وقد لاحظنا أن السيد هولسأبفيل لم يجانب الصواب في معظم الأفكار التي تحدث عنها في مقاله ، ويمكننا التعليق على بعضها كالتالي :
(أولاً) : كانت لثورة 14 اكتوبر الجنوبية منجزات تم احتواءها وطمس ثقافتها ونزع كل أسماء شهداءها من المدارس والشوارع . وعلى مدى 5 سنوات يحتفل بها الشعب الجنوبي بكثافة بشرية كتعبير احتجاجي عن واقع احتلال .
(ثانياً) : ليس عدلاً تشبيه شعب الجنوب - بأرضهم الواسعة وتاريخ دولتهم - بجماعة ركاب يبحثون عن وطن ، فالتحقوا بـ "باص الوطن " عام 1990 الذي كان سائقه الرئيس السابق .. ثم أين كان السائق الحالي عندما تم طرد الركاب ، وهل غيّر موقفه ؟! . وهل كان الباص في الاتجاه الصحيح أم في اتجاه الهاوية ؟! . ولماذا يصر الإخوة في الشمال على أخذ الجنوب معهم إلى الهاوية ؟! .
(ثالثاً) : ليس هناك وحدة سهلة ووحدة صعبة ؛ لأن أي وحدة بين شعبين لا بد أن تبنى على مشروع وحدوي ، لهدف استراتيجي واضح . فشعب ألمانيا في الجهة الغربية احتضن الشعب الألماني من الجهة الشرقية على أساس احترام كرامة المواطن الألماني ، كهدف تصدر القانون الأساسي للدولة الاتحادية ، ووُضع لتلك الوحدة مشروعاً واضحاً . وعلى العكس من ذلك ، فالوحدة اليمنية لم يكن لها مشروع ولا هدف ، عدى دستور تم الالتفاف عليه وتغييره بالكامل ، ومع ذلك كان الوطن الجنوبي هو الحاضن .
(رابعاً) : أحتوى حديث نائب السفير على العبارة التالية : " الأخطاء التي ارتكبت في الجنوب بعد الحرب مثل تهميش الجنوبيين في المؤسسات الحكومية (وخاصةً المتقاعدين بعد الحرب) وتدمير البنية التحتية الصناعية ، والاستيلاء على الأراضي ... إلخ ، والعمل في هذا المحور يجب أن يبدأ دون تأخير من قبل حكومة الوفاق الوطني .. " .
ألم يشير بذلك إلى ممارسات احتلال للجنوب ؟! .. ولما كان الأمر كذلك ، فما هو السبيل للعمل في هذا المحور ؟! .. ألم تكن حكومة الوفاق وقيادتها ضمن طاقم القيادة السابقة لذلك الباص الذي لا يزال في الهاوية ؟! .
(خامساً) : لم يطالب الشعب الجنوبي بانفصال كما أشار في المقال ، وإنما بالتفاوض بين الطرفين للنظر في قضية الاستقلال . ولم تكن الحدود السياسية في يوم ما بين ما سُمي الشمال والجنوب ، مفروضة من طرف تكتل دولي بائد مثلما تم تقسيم ألمانيا إلى دولتين .
وأخيراً أشكر الإخوة المثقفين الجنوبيين الذين سبقوني في التعليق على هذا الموضوع .. وأعتبر أن مساهمتي هذه ما هي إلا إضافة متواضعة إلى جهودهم في توضيح الأمور ؛ لعل نائب السفير الألماني يستفيد منها .
http://www.siyasapress.info/default.asp?page=1070&NewsID=5750#.UIiUh8Wl7Az
التاريخ : الخميس/25/10/2012م
بقلم/ د. عبيد البري
http://www4.0zz0.com/2011/12/05/17/402073885.jpg
جاء المقال المنشور في موقع " عدن الغد " أكثر غرابة من المقالات السابقة لنائب السفير الألماني فيليب هولسأبفيل حول قضية الجنوب ، حيث اختار أن يكون مقاله الأخير ، عن الكرامة ، وهي بالتأكيد قضية كل القضايا ، فكان موضوعه " مسألة كرامة " عنواناً مثيراً ، لقيمة إنسانية تهفو إليها النفس البشرية .
أستهل نائب السفير مقاله بالإشارة إلى تجربة الوحدة في كل من اليمن وألمانيا ، والعلاقات القائمة بينهما ، وعن عمق الصداقة بين البلدين .. وكنا نتوقع أن يستمر حديثه بهذه الطريقة الدبلوماسية ؛ ليتحدث عن ماهية كرامة الإنسان من الناحية السياسية ، وكيفية احترامها بالمقارنة بالنص الذي تفرد به الدستور الألماني عن بقية دساتير العالم ، حيث أشار في سطره الأول : "لا يجوز المساس بكرامة الإنسان ؛ وتلتزم الدولة بكافة مؤسساتها باحترامها وحمايتها ".
وللأسف جنحت اللهجة الدبلوماسية ولم تعد معبرة - في المقال - عن المواقف الألمانية من القضايا الإنسانية والسياسية .. فاتضح أن السيد هولسأبفيل يواصل القيام بنفس الدور الذي أثار استياء واستنكار المثقفـين من أبناء الشعب الجنوبي ، ومطالبتهم للخارجية الألمانية بتقصي حقيقة ما جرى ويجري في الواقع على الأرض الجنوبية من انتهاكات لحقوق الإنسان .
ولا يمكننا التوقع بأن دعم دولة الجنوب السابقة لألمانيا الشرقية - على الصعيد الدولي - منذ مطلع سبعينات القرن الماضي ، لضرورة حصول (دولة ألمانيا الديمقراطية) على مقعدها في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى ، يمكن أن تبنى عليه مواقف من هذا الطرف أو ذاك ضد الشعب الجنوبي ! .
وإذا كان السيد نائب السفير قد هدف في مقاله إلى محاولة اقناع الحراك الجنوبي بالدخول في الحوار اليمني فإن الأمر مختلف بين أن يكون متحدثاً باسم الحكومة الألمانية ، ليبين موقفها والتزاماتها بوضوح ، وبين أن يتحدث بصفته الشخصية ، وهذا يتطلب أن يكون غير منحاز ومثقفاً ملماً بالجوانب السياسية والتاريخية - وبالأخص على الصعيد الإقليمي - ومتابعاً جيداً لكل الأحداث وخلفياتها الثقافية والاجتماعية .
إن القصور في وعي المرء يعني بالنتيجة قصوراً في معرفته للحقيقة موضوعياً وفلسفياً ، وبالتالي لا يمكنه الحديث عن استنتاجات أو مآلات أو حلول في قضية ما دون معرفة حقيقتها . وقد لاحظنا أن السيد هولسأبفيل لم يجانب الصواب في معظم الأفكار التي تحدث عنها في مقاله ، ويمكننا التعليق على بعضها كالتالي :
(أولاً) : كانت لثورة 14 اكتوبر الجنوبية منجزات تم احتواءها وطمس ثقافتها ونزع كل أسماء شهداءها من المدارس والشوارع . وعلى مدى 5 سنوات يحتفل بها الشعب الجنوبي بكثافة بشرية كتعبير احتجاجي عن واقع احتلال .
(ثانياً) : ليس عدلاً تشبيه شعب الجنوب - بأرضهم الواسعة وتاريخ دولتهم - بجماعة ركاب يبحثون عن وطن ، فالتحقوا بـ "باص الوطن " عام 1990 الذي كان سائقه الرئيس السابق .. ثم أين كان السائق الحالي عندما تم طرد الركاب ، وهل غيّر موقفه ؟! . وهل كان الباص في الاتجاه الصحيح أم في اتجاه الهاوية ؟! . ولماذا يصر الإخوة في الشمال على أخذ الجنوب معهم إلى الهاوية ؟! .
(ثالثاً) : ليس هناك وحدة سهلة ووحدة صعبة ؛ لأن أي وحدة بين شعبين لا بد أن تبنى على مشروع وحدوي ، لهدف استراتيجي واضح . فشعب ألمانيا في الجهة الغربية احتضن الشعب الألماني من الجهة الشرقية على أساس احترام كرامة المواطن الألماني ، كهدف تصدر القانون الأساسي للدولة الاتحادية ، ووُضع لتلك الوحدة مشروعاً واضحاً . وعلى العكس من ذلك ، فالوحدة اليمنية لم يكن لها مشروع ولا هدف ، عدى دستور تم الالتفاف عليه وتغييره بالكامل ، ومع ذلك كان الوطن الجنوبي هو الحاضن .
(رابعاً) : أحتوى حديث نائب السفير على العبارة التالية : " الأخطاء التي ارتكبت في الجنوب بعد الحرب مثل تهميش الجنوبيين في المؤسسات الحكومية (وخاصةً المتقاعدين بعد الحرب) وتدمير البنية التحتية الصناعية ، والاستيلاء على الأراضي ... إلخ ، والعمل في هذا المحور يجب أن يبدأ دون تأخير من قبل حكومة الوفاق الوطني .. " .
ألم يشير بذلك إلى ممارسات احتلال للجنوب ؟! .. ولما كان الأمر كذلك ، فما هو السبيل للعمل في هذا المحور ؟! .. ألم تكن حكومة الوفاق وقيادتها ضمن طاقم القيادة السابقة لذلك الباص الذي لا يزال في الهاوية ؟! .
(خامساً) : لم يطالب الشعب الجنوبي بانفصال كما أشار في المقال ، وإنما بالتفاوض بين الطرفين للنظر في قضية الاستقلال . ولم تكن الحدود السياسية في يوم ما بين ما سُمي الشمال والجنوب ، مفروضة من طرف تكتل دولي بائد مثلما تم تقسيم ألمانيا إلى دولتين .
وأخيراً أشكر الإخوة المثقفين الجنوبيين الذين سبقوني في التعليق على هذا الموضوع .. وأعتبر أن مساهمتي هذه ما هي إلا إضافة متواضعة إلى جهودهم في توضيح الأمور ؛ لعل نائب السفير الألماني يستفيد منها .
http://www.siyasapress.info/default.asp?page=1070&NewsID=5750#.UIiUh8Wl7Az