علي شايف الحريري
2012-05-02, 02:40 AM
تصحيح اخطاء الجبهة القومية ضرورة ثورية
احمد سالم ابو سلطان
لا توجد قضية أسئ فهمها مثل قضية شعب الجنوب العربى . هذا ما قاله باتريك كريجر فى احد مقالاته . من يتعاطف مع القضية الجنوبية يتعاطف معها نتيجة للظلم الصارخ الذى لحق بشعب الجنوب العربى ، ولكنه تعاطف يبقى دون وعى كاف لعمق الظلم وماهيته ، فيرونه ظلم نظام جائر ، ولا يرونه ظلم احتلال احلالى استئصالى ، احتلال شعب لارض شعب . والقول ان لك الحق فى تقرير المصير لانك مظلوم شئ ، والقول ان لك حق التحرر من احتلال ، لان الاحتلال فى ذاته ظلم ، مهما كانت ممارساته ، ناهيك ان تكون ممارساته عدواينة تستهدف الشعب الجنوبى ، لهو شئ مختلف تماما . وهذا ما نراه ونلمسه ونحسه ونعيشه لحظة بحلظة . نرى الامر انه احتلال صريح وذلك بعد اصطدامنا بالواقع ، وادراكنا اننا شعب اخر اتحد مع شعب اخر لم يرع العهود ، طامع فى ارضنا ، لا بل يعتبرها ارضه وملكه الشرعى الذى اعطاه اياه التاريخ ، وكأننا شعب طارئ على هذه الارض .
كيف يستطيع عربى او اجنبى فهم هذا الحقيقة ؟ وكيف له ان يدرك فعلا ان الامر احتلال حقيقى ، وان توصيفنا الوضع كذلك ليس توصيفا اعتباطيا ؟ . لن يدرك عربى ذلك الا اذا ادرك انه كان لنا مشروعنا السياسى الذى طرح منذ مطلع الخمسيات ، وهو مشروع وحدة الجنوب العربى فى دولة واحدة ، شعب له سيادته واستقلاله الذى يقضى بعدم تبعيته لاحد لانه لم يكن تابعا لاحد . وان الذى حدث هو التفاف على المشروع الوطنى الجنوبى ، بدأته بريطانيا بطرح مشروع مقابل هو اتحاد الجنوب العربى ، وهو تجميع مهلهل لسلطنات ضعيفة لن يكتب له الاستمرار الا بالاعتماد على بريطانيا ، ولذلك ارادت ان تبدل اسلوب هيمنة انتهى عصره عبر الحماية وتستخدم اسلوب للهيمنة عبر معاهدة عسكرية تبقيها فى عدن ، اى تبدل الشكل القانونى لوجودها مع بقاء الجوهر ، فالاعتماد الحيوى على بريطانيا ماهو الاشكل جديد لبقاء الوضع على ما كان .
الالتفاف الآخر حصل من احزاب عاملة فى الساحة ، يشكل اغلبية قوامها قوى يمنية ترى فى " جنوب اليمن المحتل " - المصطلح الامامى - جزء من بلادها وحقا من حقوقها وعلى راسها حزب الشعب الاشتراكى الذى يحظى بدعم النقابات التى تتشكل من اغلبية يمنية . ثم دخلت على الساحة قوة تحظى بدعم عربى ومصرى وهى حركة القوميين العرب التى ضمت الحركتين فى الجنوب واليمن ( حركة القوميين العرب معروفة بقوتها التنظيمية والتى افادت فرعها فى الجنوب ) التى جمعت حولها عدة قوى اخرى وشكلت " الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن " والتى طرحت مشروعا معارضا وهو " وحدة اليمن " وقد صيغت اهدافها فى اليمن وانطلقت منه . ثم ظهرت " جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل " مدعومة من مصر واليمن كبديل عن الجبهة القومية التى لم تكن اداة طيعها فى يد مصر ، والسبب يعود الى سيطرة القوميين العرب عليها ، والقوميون العرب رغم دعمهم لعبد الناصر الا انهم - كحركة قوميين عرب فى العالم العربى وفروعها - حافظوا على استقلالهم الفكرى والتنظيمى وعلى استقلال قرارهم ، بل تبنى تيار فيها اتجاها يساريا ابعد عن الوسطية والمهادنة . الجبهة القومية وجبهة التحرير تعاديان تماما فكرة ان يكون الجنوب العربى دولة واحدة . ونتيجة للدعم العربى التى حضيت بها الجبهتان سياسيا وماليا واعلاميا ، وان خسرته الجبهة القومية بظهور التحرير ، الا ان النتيجة كانت ضرب المشروع الوطنى الجنوبى الذى عاداه الجميع : بريطانيا حيث تعتبره تقويضا لوجودها ، واليمن حيث تعتبره سلبا لحقوقها فى المنطقة ، وعادته مصر بفعلها ( ولاندرى هل كان لها موقف معاد ) عندما دعمت الجبهة القومية ، التى تعنى حركة القوميين العرب ، والتى تؤمن بوحدة المنطقة وضحت بالجنوب من اجل الحلم ( هذا عند الجنوبيين اما اليمنيون فى الحركة فهم يرون الجنوب ملكهم ولا يختلفون عن سياسى يمنى اخر ) . ثم د انشاءها ودعمها جبهة التحرير ، التى هى امتداد حزب الشعب الاشتراكى . وحزب الشعب الاشتراكى كان لايؤمن بالجنوب العربى وطنا مستقلا ، بل كان يطالب بتسليمه لليمن مباشرة ، ثم عدل من موقفه ليطرح الاستقلال تكتيكيا .
تعرض مشروع وحدة واستقلال وسيادة الجنوب العربى لضربات من مختلف الاتجاهات ، ولم يكن له ان يحضى بدعم خارجى وهناك دولة عضو مؤسس فى الجامعة العربية وعضو فى الامم المتحدة تعارض هذا المشروع ، وتعمل على ضمان عدم تأييد الدول العربية . ولذلك شق المشروع المقابل طريقة بدون اى تحد سوى تحد الحماية البريطانية المتأهبة للخروج فى الاساس ، وضمن له الدعم السياسى والاعلامى والمالى ، وضمنت له الدعاية القومية العارمة ، ضمن كل ذلك التاييد الشعبى ونزع التاييد عن المشروع الاخر ( رغم ان التاييد متواضع ويتركز فى عدن ولحج ولا يشمل كل سكان الجنوب العربى )
لقد تم اختطاف مشروع الرابطة الذى يقوم على وحدة المنطقة ، التى لم تكن موحدة يوما ما ، فى دولة واحدة ، واسمت المنطقة باسم " الجنوب العربى " توفيقا بين الاسماء المختلفة للاسماء المحلية التى تتكون منها ، يعكس هذا الاسم استقلالا ويمنح تميزا ، لانه اسم مستقل من ناحية سياسية وقانونية فلا توجد دولة اخرى قائمة تحمله رسميا وقانونيا . وقصدت الرابطة بالجنوب العربى مستعمرة عدن والمحميات الغربية والشرقية ، ومجموع اراضى مستعمرة عدن والمحميات الغربية والشرقية تشكل ارض لها حدودها المعروفة وان لم يرسم جزء كبير منها ، وهى الحدود مع السعودية وعمان . اختطف هذا المشروع حيث اخذت نفس الفكرة ، فكرة توحيد المنطقة ، وربطها باليمن الدولة القائمة المعروفة ، وسحب اسم يمن عليها عن طريق تسميتها كلها جنوب اليمن مع التاكيد انها جزء لايتجزأ من الدولة القائمة ، رغم انه لايقع الى جنوب اليمن الا الجزء الاصغر من هذه المنطقة . وفرض هذا الاسم فرضا ، الذى لم يكن شائعا ومستخدما ، مقابل شيوع اسم " الجنوب العربى " .
اصبح " اسم الجنوب العربى " اسما لارض معروفة الحدود ، واصبح اسم لشعب مفرق فى سلطنات وامارات ومشيخات عديدة لامبرر لوجودها الا وجود الاستعمار فى عدن . هكذا استقر الاسم وكما رأت الرابطة ، وهكذا تعاطى المجتمع الدولى عبر لجنة تصفية الاستعمار . دخلت الجبهة القومية ثم جبهة التحرير على الخط ، واحد اهدافهما الرئيسية ، هو تصفية مشروع الرابطة واختطاف الفكرة التى اصبحت يانعة للتطبيق ، واحلال مشروعهما اليمنى مكانه دون النظر الى مصالح شعب الجنوب العربى .
لقد مورست بعد الاستقلال عملية غسيل دماغ عبر تزوير التاريخ بالقول : ان الجنوب العربى واليمن هى ارض واحدة وشعب واحد ، وان الاستعمار هو الذى قسمها وهو الذى اصطنع السلطنات تنفيذا لسياسة فرق تسد فى الجنوب . هكذا بكل بساطة ، ويطوى تاريخ سلطنات مهمة ومناطق فى غاية الاهمية ، ولايدرس اطلاقا ويتم القفز عليه تماما . ولقد درسنا فى المدارس تاريخ جميع الدول التى قامت فى " اليمن " ولم ندرس شيئا عن دولة كنده ولا الدولة الكثيرية ولا القعيطية التى تمددت على حساب الدولة الكثيرية ، ولا عن سلطنة المهرة التى تخضع لها مساحات كبيرة بما فيها سقطرى ، ولا عن سلطنة لحج التى ظهرت للوجود منذ 1728 م اى قبل احتلال بريطانيا لعدن بـ 111 سنة كاملة . لقد غيب هذا التاريخ ، ودرس تاريخ الدول فى اليمن ، التى حكمت بعضها المنطقة الغربية من الجنوب العربى ، ليقال أن التاريخ تاريخ واحد ولايوجد الا هذا التاريخ .
لا زال التزوير مستمرا ، مثل اعادة تفسير اسم الجنوب العربى ، بان الرابطة تقصد به اليمن الطبيعية ، هكذا . ولماذا لم تسمى المنطقة يمن ؟ لماذا اختارت هذه الاسم المستقل ، هل لتوحد عمان والمملكة المتوكلية اليمنية ومستعمرة عدن والمحميات فى دولة واحدة ؟ هل يعقل هذا ؟ هل فعلا قامت رابطة ابناء الجنوب العربى على اساس هذه الفكرة ؟ ومتى دعت الى ذلك ؟ هذا جانب من التزوير ، والجانب الاخر هو افراغ الاسم من مضمونه السياسى والقانونى الذى طرحته الرابطة وبسطه على هذه المنطقة كلها ، والقول ان جنوب الجزيرة كلها وعلى الاخص اليمن والجنوب العربى كله يدعى جنوب عربى ، وبغض النظر عن صحة هذا القول من عدمه ، ولو افترضنا صحته ، فكون اسم ما يشمل منطقة واسعة امر ، واستخدام شعب له بتسمية منطقته الخاصة به ويتخذه اسما رسميا لبلاده امر اخر مختلف تماما . فتسمية سوريا نفسها باسم جمهورية الشام شئ ، واطلاق اسم الشام على منطقة اوسع شئ اخر . وهنا نلاحظ التناقض الذى يقع فيه هؤلاء ، لماذا لا ينكرون على دولة اليمن عندما اسمت نفسها باسم عام يشمل منطقة واسعة جدا من جنوب مكة الى عدن ، وينكرون على شعب المنطقة شعب الجنوب العربى ان يستخدم هذا الاسم ويسمى منطقته وبلاده باسم الجنوب العربى .
ثم يعمدون الى تفريغ الاسم من مضمونه السياسى عبر احلال المضمون الجغرافى ( هذا اذا كان الاسم يحمل مضمونا جغرافيا جهويا ) ، ويعملون العكس مع دولة اليمن ويعممون المضمون السياسى للاسم ليشمل الجنوب العربى ، ويغفلون المضمون الجغرافى الجهوى القديم .
اسم يمن اسم واسع يدل على منطقة كبيرة ، وان تقوم دولة فى جزء منه وتسمى نفسها باسم يمن رسميا لايبيح لها التوسع ولافرض نفسها بدعوى وحدة المنطقة والشعب ، ولكنهم يفرضون علينا المضمون السياسى الحديث للاسم ويفرغون الاسم من المضمون الجهوى الذى لايحمل دلالة سياسة ، بينما فى اسم الجنوب العربى ، الذى هو اسم سياسى بامتياز اتخذ اسم الجهة اسما رسميا له ، اى اتخذ اسم الموقع من حيث الجهة اسما رسميا ، مثل جنوب افريقيا ، ولم يحول اسم جهة شائع الاستخدام الى اسم سياسى مثل اليمن . رغم هذا الفارق يعمل انصار اليمننة السياسية العكس فى تعاملهم مع الجنوب العربى . واي طريق سلكت الى حقك يجتهدون الى تغيير معالمها حتى يضللون خطاك ليقودونك الى اليمن وان حقك هناك ومرتبط بها .
لابد من العودة الا المشروع الرئيسى الذى خطف وجير لصالح اليمننة . وان نرجع لاساس المشكلة ، والى الخطأ التاريخى الذى ارتكب فى حق هذه المنطقة وشعبها ، وان نطرح الموضوع على الطاولة ، وان نكشف المؤامرة التى حيكت على الجنوب العربى . حتى يعى ، اولا : الشعب الجنوبى بابعاد هذه المؤامرة التى ما تزال مستمرة وما تزال تستخدم نفس الادوات التى استخدمتها الجبهة القومية ( وغيرها من الاحزاب لكن وقع على يد الجبهة تنفيذ المؤامرة واغتيال المشروع الوطنى الجنوبى العربى ) . وثانيا : حتى يعى كل من يريد معرفة الحقيقة كما هى من العرب والعالم .
ومقولات بروباجندا الجبهة القومية والحزب الاشتراكى التى نسمعها اليوم ، وعادت لتلاك مرة اخرى لسلب حقوقنا وسلب كياننا قد لخصها دستور ( ج ى د ش ) فى المقدمة القائمة على بروباجندا ولخصت فى اربع مواد اساسية من الدستور لتكون قانونا ساميا ملزما . ولنقف عند هذه الفقرات من الدستور .
نقف عند جزء من المقدمة ، والمواد : 1 ، 2 ، 3 ، 61 .
ملاحظة : هذه النصوص مترجمة من نسخة اصلية انجليزية .
" مقدمة الدستور :
لقد ناضل شعبنا اليمنى فى الشطرين من ارض الوطن ببسالة جنبا الى جنب من اجل طرد الغزاة الطامعين فى ارضهم والنظام الامامى الرجعى فى الشطر الشمالى من الوطن وضد الاستعمار والاقطاع وحكم السلاطين فى الشطر الجنوبى من الوطن . ذلك هو التعبير الحى لوحدة الشعب اليمنى والارض اليمنية .
فجر الشعب اليمنى ثورة 26 سبتمبر ودافع عن النظام الجمهورى فى الشطر الشمالى من الوطن . وفجر ايضا ثورة 14 اكتوبر تحت قيادة الجبهة القومية وحقق الاستقلال فى الثلاثين من نوفمبر .
كل ذلك يؤكد ، بالرغم من الاوضاع غير الطبيعية للتقسيم الكاذب للارض اليمنية والشعب ، ان نضاله فى الشطرين مرتبط ديالكتيكيا بوحدته ، ليس فقط ضد مؤامرات الامبريالية والرجعية ضد الوطن اليمنى ، بل لهدف التخلص نهائيا من التقسيم واستعادة الاوضاع الطبيعية من اجل الوحدة الديمقراطية لليمن
منذ خطوة 22 يونيو 1969 م التصحيحية المجيدة ، فقد تحقق عددا من المنجزات التقدمية فى جميع الميادين ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ثم يقول : " نضال الشعب اليمنى مرتبط ديالكتيكيا بالنضال العربى والشعوب الاخرى فى طريقها الى الحرية ، والديمقراطية ، والتقدم الاجتماعى ، والسلام . يؤمن شعبنا اليمنى ان نضاله مرتبط بحركات الثورات العربية من اجل تحقيق الوحدة العربية الديمقراطية التقدمية " . انتهت .
تمثل مقدمة الدستور تلخيصا لغسيل الدماغ الذى مورس عبر اطلاقات نستطيع ان نطلقها مع المملكة العربية السعودية اكثر من اطلاقها مع اليمن اذا تملكتنا شهوت التوحد مع السعودية واصبحنا كلفين بها ، وامنا بالأيدولوجية السلفية . ولكن ابناء اليمن الذين وفدوا للجنوب ، وابناء الجنوب العربي القريبين حدوديا مع اليمن ، لايدركون هذه الحقيقة اطلاقا ، وينسون منطقة كبيرة مهمة من الجنوب العربى وهى المنطقة الشرقية وكأنه ليس لها و لسكانها وجود ، ودون اعتبار لمشاعرهم اطلاقا . اصحاب هذه المنطقة ، التى لا جنوب عربى بدونها ، ولا جنوب يمنهم ، هم اقرب الى السعودية منهم الى اليمن ، وسكان المهرة خصوصا شرقها اقرب الى عمان . ولان هذه المنطقة هى الاكبر مساحة والاكثر اصالة وتضرب بثقافها فى التاريخ ، وهى العمق ، وهى التى جعلت من دولة الجبهة والحزب دولة ، فهى احق بان يُنظر للأمر من زاويتها ، لا من زاوية الضالع والحجرية ويافع وزنجبار القرى التى فرضت هدف تحقيق الوحدة اليمنية ( مع احترامنا التام لسكانها ومواطنيها ، ولكن نتحدث عن قادة تأثروا بالموقع الضيق ونسوا باقى الوطن باكمله ) وربطت الجنوب العربى باليمن .
تبين فى واقع الامر بما لا يدع مجالا للشك ، بل اصبح حقيقة مثل حقيقة الشمس فى رابعة النهار ، ان هناك شعبين وهويتين وثقافتين وعقليتين ونفسيتين ومنظومتي قيم مختلفتين وارضين وحتى جغرافيتين . وان اى وحدة يجب ان تقوم على اساس شعبين وهويتين واعتبار الحقوق والمصالح ، وليس على اساس هذه الاطلاقات التى لا معنى لها والتى تعتبر بروباجندا فارغة المضمون سوى من الدعاية السياسية المغرضة ، والربط التعسفى عبر شعارات جوفاء .
" المادة(1) . جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جمهورية شعبية ديمقراطية ذات سيادة . تعبر عن مصالح العمال ، والفلاحين ، والنخبة المثقفة ، والملاك الصغار ، وكل الطبقة العاملة . تهدف الى تحقيق اليمن الديقراطى الموحد ، وانجاز الاساس لمرحلة الثورة الديمقراطية الوطنية من اجل شق الطريق للانتقال الى بناء الاشتراكية " .
تفرض هذه المادة من الدستور تحقيق الوحدة فرضا . وهذا يعتبر ربط مصير بالقوة وجر الشعب الجنوبى على بطنه جرا الى اليمن . هل راينا دولة فى التاريخ كله تفرض على نفسها وحدة ؟ ماهذه السياسة العوجاء التى لم توجد الا فى الجنوب ؟ لا نستغرب ذلك فهذا منطق من لايرى فى الجنوب العربى وطنا لأهله ، الذى لا تستطيع ان تفهمه الا اذا وقفت على حقيقة الرؤية .
واذا كانت هناك شعوب لديها قابلية للاستعمار ، كما يصف مالك بن نبى ، فهناك اقوام لديهم قابلية للمؤامرة . والجنوبيون فى الجبهة القومية من هذا النوع ، وقابلية المؤامرة هذه ترتكز على انعدام الخبرة السياسية وحسن النية التام والايدلوجية القومية والايدلوجية اليسارية التى احكمت اغلاق العقل غير الخبير والمجرب اصلا ، ولذلك ابتعلوا السموم ابتلاعهم للعسل بكل فرح ونشوة وبكل ذكاء خارق .
المادة (2) . الشعب اليمنى شعب واحد وهو جزء من الامة العربية ، والجنسية اليمنية واحدة . وتشكل اليمن وحدة تاريخية و اقتصادية وجغرافية .
هذه المادة من اغرب مواد الدساتير . اذ تعتبر ان شعبين فى دولتين شعب واحد ، وتتجاوز المفهوم السياسى للشعب الذى يعنى مواطنى دولة معينة قائمة فى ارض معينة ، وتخلط بين النظر من زاوية سياسية وزاوية اجتماعية التى قدر ترى فى شعوب الجزيرة العربية شعبا واحد . هذا الحديث يمكن تمريره كشعار سياسى ، او على اساس انه حديث من زاوية اجتماعية ، مثل قولنا الشعب العربى شعب واحد ، اما ان تحول دولة هذا الكلام الى مادة دستورية ، وتنص فى دستورها ان : الشعب العربى شعب واحد ، وتسمى نفسها الجمهورية العربية ، وتعتبر جنسيتها هى جنسية كل العرب ، فهذا جنون مطبق . وهذه المادة الدستورية وقانون الجنسية لا يختلف مثقال ذرة عن هذا الجنون المطبق . ولو لم يكن هذا المجنون شموليا ، ويضرب بيد من حديد وفقير ويقحب فى تنكه ، لتدفق اليمنيون زرافات ووحدانا ولتم ابتلاع الجنوب بهذا القانون . تصور لو منحت قطر الجنسية للسعودين بهذه الطريقة ، فلو كان للسعودية نوايا مبيته فما عليها الا الدفع بعدد كاف من سكانها ولابتلعت قطر بحكم الدستور التى خطته بيدها ، ولانتهى امرها . لا يعنى منح الجنسية الا اعطاء حقوقا كاملة لشعب اخر بالمجان ودون اى تبعات ، ومنح حقوقا متساوية مع اصحاب الارض ، حتى فى الارض ، دون اى التزامات . . وفى المحصلة النهائية لا يعد منح الجنسية لشعب اخر الا تنازلا عن السيادة والاستقلال .
هل يربط عاقل وطنه بهذه الطريقة ببلاد اخرى ؟ هل يمكن ان يلزم انسان نفسه تجاه اخر بما لم يلزم به نفسه الطرف الاخر ؟ هل تمنح دولة جنسيتها لشعب اخر عن بكرة ابيه حتى لولم يكن للشعب الاخر دولة قائمة ؟ فلو افترضنا ان ما يسمى الشطر الشمالى لم يكن فيه دولة قائمة ، لايمكن منحه جنسيتك بدون ان تبسط سلطتك على هذه الارض ، والا فتحت الباب للسكان هؤلاء لتخريب دولتك او الاستفادة منها مجانا ، فما بلك اذا كانت لهم دولة ؟ حتى ارض الصومال التى اعلنت استقلالها لا تستطيع اعطاء سكان الارض الاخرى من الصوماليين جنسيتها والا فتحت الباب لهم للاستفادة والعودة الى ارضهم . فما بالك اذا كانت لهذا الشعب دولته . اليس معنى هذا تعال وخذ كل شئ وضمه لدولتك وفى احسن الاحوال الاستفادة المجانية . لا يمكن ان يفعل هذا الا شخص لايدرك ابعاد هذه الحماقة ، او متامر لا تهمه مصلحة الجنوب ، ولو جئت بحمار جنوبى اقطل يفهم الكلام وحدثته عما جرى لمات من الغيظ من هذا المزاد العلنى على وطن ومستقبله حتى على مصير حميره . لكن هذه هى افعال عبدالفتاح اسماعيل . الا ما اشد ذكاء هذا الرجل ! يكفيه المقدمة والثلاث المواد الاولى من الدستور ، وليستلقى على ظهره وينبطح على بطنه ويتدحرج من جدار الى جدار لاعبا بالكؤوس والقنانى منتظرا تنفيذ الصفقة الرابحة ، والعودة الى بلاد الاباء والاجداد . اراد العودة ظافرا الى بلاده ولكن على ظهر حمار الجماهير الاشتراكية المتزرة ببردعة من ثلاث طبقات : وحدة تاريخية لم تحصل ، واقتصادية عبارة عن فرية ، ولو قال وحدة اقتصادية مع السعودية بل اندونسيا لكان اكثر اقناعا باعتبار المغتربين وحوالاتهم ، والطبقة الثالثة التى لاتقل افتراء وخرافة هى : وحدة جغرافية التى جمعت بين هضبة حضرموت الصخرة الصلداء المتفردة الشامخة فى وجه صحراء الربع الخالى مع جبال اليمن التى هى جزء وامتداد لسلسلة جبال السروات - الحجاز - من خليج العقية الى بلاد الحبشة قبل ان يحدث صدع البحر الاحمر . وهل يقصد شئ اخر بالوحدة الجغرافية غير تشابه الاحجار ؟ اذا لم يكن هناك حتى تشابه فى الاحجار كيف يتحدث عن وحدة جغرافية ؟ ماهى هذه الوحدة الجغرافية ؟ فى الحقيقة هى سوفسطائية لا معنى لها اذا لم تعنى الاحجار والرمل . وحتى وحدة الحجارة والرمال لو صحت فليست السند القانونى الذى يعلوا على ارادت الشعوب ، ليست القدر المقدور ، وتصوير الامر كذلك هو قلب للمسألة رأسا على عقب واستغفال واستهبال واستهتار بالشعوب . لايمكن تفسير هذه التفاهات ، الى حد الاستعباط والاستحمار ، التى تلغى الشعوب وارادتها الا بتفسير واحد وهو انهم نظروا من الضالع الى قعطبة ولم ينظروا من ثمود ورماه وتريم وسيئون والكسر والخشعة والعبر وزمخ ومنوخ والوديعة التى تنفتح على رحابة الافق الى مالانهاية ، ولا من المكلا والشحر والغيظة وسيحوت . ونظروا من نهاية البحر الاحمر عند باب المندب الذى يقود الى المخا والحديدة ، وليس من ساحل حضرموت وبحر العرب الذى يفرض على الانسان ان يتطلع الى رحابة العالم ، ويضع اليمن وراء ظهره ، ويقوده الى كينيا وتنزانيا والهند وماليزيا واندونيسيا والى ماشاء من بلاد العالم . لقد حشرونا فى جحر ضبط وحمكوا على مصيرنا بتشابه بضعة احجار فى نهاية جبال سلسلة جبال السروات ، وسمروا انظارنا على جبال الظلمات .
" المادة (3) . الحزب الاشتراكى اليمنى ، مسلحا بالنظرية الاشتراكية العلمية ، هو القائد والموجه للمجتمع والدولة ، وهو الذى يحدد الافق العام للتطور الاجتماعى وخط السياسة الداخلية والخارجية للدولة .
الحزب الاشتراكى اليمنى يقود نضال الشعب ومنظماته الجماهيرية نحو الانتصار المطلق لاستراتيجية الثورة الديمقراطية الوطنية وانجاز مهام مرحلة الثورة الديمقراطية الوطنية من اجل تحقيق بناء الاشتراكية .
تعمل جميع منظمات الحزب ضمن إطار الدستور " .
الحزب الموجه ، الذى يفرض ما يشاء ، الذى فرض قضية عبدالفتاح اسماعيل التى تتمثل فى انشغاله ببلاده اليمن وبالعودة اليها مظفرا ، هذا الحزب هو الذى فرض هذا الزيف وهذا المصير المحتوم على الشعب الجنوبى ( وعند بعض الجنوبيين كانت معبر جهنم ، دون وعى انها كذلك ، التى يجب ان نسقط فيها للتطهر والخروج الى الوحدة العربية ) عندما وسم على جبينة بالحديد والنار ، بل فى كل رقعة من جسده ، وسم " يمنى جنوبى " بل نحت مخه واعصابه نحتا على شكل هذا الاسم . ولقد سلب بهذا الوسم الحارق اكبر حق ، حق الشعب الجنوبى العربى فى ان يكون شعبا مستقلا مثل شعوب الارض وفى ارضه الخاصة . وهكذا اصبح الشعب الجنوبى بيد من هب ودب ، ان يمارسوا عليه ما يشاءون عبر جبهة المؤامرة ، ووليدها الحزب الاشتراكى .
" المادة (61) . على كل مواطن ان يشارك من اجل انجاز وحدة الشعب اليمنى وارضه ويحمى ويطور علاقاته الاجتماعية الجديدة ، ويناضل ضد التقاليد العشائرية والمناطقية والانفصالية والقبلية ، والايدلوجيات والعادات التى تتعارض مع اهداف الثورة الوطنية الديمقراطية . "
لم يكتف القائد والموجه بهذا القدر من شد الرباط المحكم على الجنوب ، ولم يكتف باستغفال شعب باكمله ، بل جعل كل مواطن مسؤول عن تحقيق مؤامرته ، مسؤول عن القيام بواجبه فى الانتحار على المذبح المقدس ، ليدخل الى جنة الخلد اليمن الديمقراطى الموحد . من حق اى شخص ان يحلم ويسعى لتحقيق حلمه ويتحمل نتائجه ، اما ان يحلم نيابة عن شعب لشعب ، ويلزم الشعب بحلمه من اجل بلاد اخرى وشعب اخر ، فهذه هى الكارثة بعينها والجريمة التى تستحق اشد الانكار . وهذه المادة هى دق اسفين بين فئات الشعب ، وهى تعبير عما حدث من قبل تنفيذا لخطط الجبهة التصوفية ، وتاكيدا له واصرارا على بقاء هذا الاسفين ، وحول الشعب الى كتلتين ، كتلة تعتبر الدولة والحزب ملكها وكتلة تعتبر الدولة غير معبرة عنها ان لم تعتبرها عدوها الاول ، وظهرت فى حرب 1994 م ، حين تقاعس قطاع كبير من الشعب عن الدفاع عن الوطن غافلين عن حقيقة الحرب يحسبون انها صراع بين الحزبين .
ان تجاوز البنية التقليدية يتطلب وقتا لا قرارا ، وياتى تحصيل حاصل لانتشار التعليم والتثقيف حتى فى اشد البلاد محافظة ، وما نشاهده فى السعودية خير دليل على ذلك ، فما بالك فى دولة تزيل كل الفوارق قانونا وتزيل العقبات واقعا ، فلا شك ان المجتمع سياخذ فترة اقل للوصول الى مرحلة متقدمة ومن تلقاء نفسه مع المحافظة على اصالته . ولايمكن تطبيق قرار اجتثاث التقاليد والاعراف الا بان تتخذ الدولة موقفا عدائيا من فئات بعينها وهى الغالبية ، وان تنفذه عن طريق فئات معينة وجيش من الجهلة والتافهين بقوة الدولة .
وتبقى الايجابيات غير منكورة ، ولقد حوى الدستور ايجابيات كثيرة . وتبقى هذه المقدمة والمواد هى الكارثة التى مازلنا نعانى منها الى الان . وتبقى الجبهة رغم الايجابيات الحاضن الذى حوى داء فتاكا بل قد تكون هى الداء بعينه. ان اغتيال مشروع الجنوب العربى الذى يرى فى الجنوب العربى شعبا مستقلا وارضا مستقلة هى الخنجر المسموم الذى اعد باحتراف شديد واعطى للضحية لينتحر ، وتشد على يده يد الصانع الماهر .
ان اخطاء الجبهة القومية تتمثل فى اهدافها الستة جميعا التى زعمت انها اهداف ثورة 14 اكتوبر المزعومة والتى تصور على انها تنزيل من ربع العالمين وليس اهداف وضعها بشر لايؤمون اصلا بهذا الشعب واستقلاله ويردون اتخاها حجة دمغة علينا وهى حجة تدينهم لا تديننا وتكشف مؤامرة قذرة لا تقل قذارة ودناءة عن مؤامرة الوحدة . ويبقى هدف : تحقيق الوحدة اليمنية ، الذى كان مبررا لتزوير التاريخ وصناع الزيف وغسيل الدماغ ، وفرض اليمننة وسوقنا باتجاه اليمن وربطنا التعسفى بها هو اكبر اخطاء الجبهة الكارثية ، وبهذا الهدف الذى ربط الجنوب العربى باليمن تعسفا ، شطبت الجبهة القومية الشعب الجنوبى واستقلاله وسيادته ، وهو امر ما نزال ندفع ثمنه اليوم باهضا فى عدم تفهم قضيتنا .
28\4\2012
احمد سالم ابو سلطان
لا توجد قضية أسئ فهمها مثل قضية شعب الجنوب العربى . هذا ما قاله باتريك كريجر فى احد مقالاته . من يتعاطف مع القضية الجنوبية يتعاطف معها نتيجة للظلم الصارخ الذى لحق بشعب الجنوب العربى ، ولكنه تعاطف يبقى دون وعى كاف لعمق الظلم وماهيته ، فيرونه ظلم نظام جائر ، ولا يرونه ظلم احتلال احلالى استئصالى ، احتلال شعب لارض شعب . والقول ان لك الحق فى تقرير المصير لانك مظلوم شئ ، والقول ان لك حق التحرر من احتلال ، لان الاحتلال فى ذاته ظلم ، مهما كانت ممارساته ، ناهيك ان تكون ممارساته عدواينة تستهدف الشعب الجنوبى ، لهو شئ مختلف تماما . وهذا ما نراه ونلمسه ونحسه ونعيشه لحظة بحلظة . نرى الامر انه احتلال صريح وذلك بعد اصطدامنا بالواقع ، وادراكنا اننا شعب اخر اتحد مع شعب اخر لم يرع العهود ، طامع فى ارضنا ، لا بل يعتبرها ارضه وملكه الشرعى الذى اعطاه اياه التاريخ ، وكأننا شعب طارئ على هذه الارض .
كيف يستطيع عربى او اجنبى فهم هذا الحقيقة ؟ وكيف له ان يدرك فعلا ان الامر احتلال حقيقى ، وان توصيفنا الوضع كذلك ليس توصيفا اعتباطيا ؟ . لن يدرك عربى ذلك الا اذا ادرك انه كان لنا مشروعنا السياسى الذى طرح منذ مطلع الخمسيات ، وهو مشروع وحدة الجنوب العربى فى دولة واحدة ، شعب له سيادته واستقلاله الذى يقضى بعدم تبعيته لاحد لانه لم يكن تابعا لاحد . وان الذى حدث هو التفاف على المشروع الوطنى الجنوبى ، بدأته بريطانيا بطرح مشروع مقابل هو اتحاد الجنوب العربى ، وهو تجميع مهلهل لسلطنات ضعيفة لن يكتب له الاستمرار الا بالاعتماد على بريطانيا ، ولذلك ارادت ان تبدل اسلوب هيمنة انتهى عصره عبر الحماية وتستخدم اسلوب للهيمنة عبر معاهدة عسكرية تبقيها فى عدن ، اى تبدل الشكل القانونى لوجودها مع بقاء الجوهر ، فالاعتماد الحيوى على بريطانيا ماهو الاشكل جديد لبقاء الوضع على ما كان .
الالتفاف الآخر حصل من احزاب عاملة فى الساحة ، يشكل اغلبية قوامها قوى يمنية ترى فى " جنوب اليمن المحتل " - المصطلح الامامى - جزء من بلادها وحقا من حقوقها وعلى راسها حزب الشعب الاشتراكى الذى يحظى بدعم النقابات التى تتشكل من اغلبية يمنية . ثم دخلت على الساحة قوة تحظى بدعم عربى ومصرى وهى حركة القوميين العرب التى ضمت الحركتين فى الجنوب واليمن ( حركة القوميين العرب معروفة بقوتها التنظيمية والتى افادت فرعها فى الجنوب ) التى جمعت حولها عدة قوى اخرى وشكلت " الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن " والتى طرحت مشروعا معارضا وهو " وحدة اليمن " وقد صيغت اهدافها فى اليمن وانطلقت منه . ثم ظهرت " جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل " مدعومة من مصر واليمن كبديل عن الجبهة القومية التى لم تكن اداة طيعها فى يد مصر ، والسبب يعود الى سيطرة القوميين العرب عليها ، والقوميون العرب رغم دعمهم لعبد الناصر الا انهم - كحركة قوميين عرب فى العالم العربى وفروعها - حافظوا على استقلالهم الفكرى والتنظيمى وعلى استقلال قرارهم ، بل تبنى تيار فيها اتجاها يساريا ابعد عن الوسطية والمهادنة . الجبهة القومية وجبهة التحرير تعاديان تماما فكرة ان يكون الجنوب العربى دولة واحدة . ونتيجة للدعم العربى التى حضيت بها الجبهتان سياسيا وماليا واعلاميا ، وان خسرته الجبهة القومية بظهور التحرير ، الا ان النتيجة كانت ضرب المشروع الوطنى الجنوبى الذى عاداه الجميع : بريطانيا حيث تعتبره تقويضا لوجودها ، واليمن حيث تعتبره سلبا لحقوقها فى المنطقة ، وعادته مصر بفعلها ( ولاندرى هل كان لها موقف معاد ) عندما دعمت الجبهة القومية ، التى تعنى حركة القوميين العرب ، والتى تؤمن بوحدة المنطقة وضحت بالجنوب من اجل الحلم ( هذا عند الجنوبيين اما اليمنيون فى الحركة فهم يرون الجنوب ملكهم ولا يختلفون عن سياسى يمنى اخر ) . ثم د انشاءها ودعمها جبهة التحرير ، التى هى امتداد حزب الشعب الاشتراكى . وحزب الشعب الاشتراكى كان لايؤمن بالجنوب العربى وطنا مستقلا ، بل كان يطالب بتسليمه لليمن مباشرة ، ثم عدل من موقفه ليطرح الاستقلال تكتيكيا .
تعرض مشروع وحدة واستقلال وسيادة الجنوب العربى لضربات من مختلف الاتجاهات ، ولم يكن له ان يحضى بدعم خارجى وهناك دولة عضو مؤسس فى الجامعة العربية وعضو فى الامم المتحدة تعارض هذا المشروع ، وتعمل على ضمان عدم تأييد الدول العربية . ولذلك شق المشروع المقابل طريقة بدون اى تحد سوى تحد الحماية البريطانية المتأهبة للخروج فى الاساس ، وضمن له الدعم السياسى والاعلامى والمالى ، وضمنت له الدعاية القومية العارمة ، ضمن كل ذلك التاييد الشعبى ونزع التاييد عن المشروع الاخر ( رغم ان التاييد متواضع ويتركز فى عدن ولحج ولا يشمل كل سكان الجنوب العربى )
لقد تم اختطاف مشروع الرابطة الذى يقوم على وحدة المنطقة ، التى لم تكن موحدة يوما ما ، فى دولة واحدة ، واسمت المنطقة باسم " الجنوب العربى " توفيقا بين الاسماء المختلفة للاسماء المحلية التى تتكون منها ، يعكس هذا الاسم استقلالا ويمنح تميزا ، لانه اسم مستقل من ناحية سياسية وقانونية فلا توجد دولة اخرى قائمة تحمله رسميا وقانونيا . وقصدت الرابطة بالجنوب العربى مستعمرة عدن والمحميات الغربية والشرقية ، ومجموع اراضى مستعمرة عدن والمحميات الغربية والشرقية تشكل ارض لها حدودها المعروفة وان لم يرسم جزء كبير منها ، وهى الحدود مع السعودية وعمان . اختطف هذا المشروع حيث اخذت نفس الفكرة ، فكرة توحيد المنطقة ، وربطها باليمن الدولة القائمة المعروفة ، وسحب اسم يمن عليها عن طريق تسميتها كلها جنوب اليمن مع التاكيد انها جزء لايتجزأ من الدولة القائمة ، رغم انه لايقع الى جنوب اليمن الا الجزء الاصغر من هذه المنطقة . وفرض هذا الاسم فرضا ، الذى لم يكن شائعا ومستخدما ، مقابل شيوع اسم " الجنوب العربى " .
اصبح " اسم الجنوب العربى " اسما لارض معروفة الحدود ، واصبح اسم لشعب مفرق فى سلطنات وامارات ومشيخات عديدة لامبرر لوجودها الا وجود الاستعمار فى عدن . هكذا استقر الاسم وكما رأت الرابطة ، وهكذا تعاطى المجتمع الدولى عبر لجنة تصفية الاستعمار . دخلت الجبهة القومية ثم جبهة التحرير على الخط ، واحد اهدافهما الرئيسية ، هو تصفية مشروع الرابطة واختطاف الفكرة التى اصبحت يانعة للتطبيق ، واحلال مشروعهما اليمنى مكانه دون النظر الى مصالح شعب الجنوب العربى .
لقد مورست بعد الاستقلال عملية غسيل دماغ عبر تزوير التاريخ بالقول : ان الجنوب العربى واليمن هى ارض واحدة وشعب واحد ، وان الاستعمار هو الذى قسمها وهو الذى اصطنع السلطنات تنفيذا لسياسة فرق تسد فى الجنوب . هكذا بكل بساطة ، ويطوى تاريخ سلطنات مهمة ومناطق فى غاية الاهمية ، ولايدرس اطلاقا ويتم القفز عليه تماما . ولقد درسنا فى المدارس تاريخ جميع الدول التى قامت فى " اليمن " ولم ندرس شيئا عن دولة كنده ولا الدولة الكثيرية ولا القعيطية التى تمددت على حساب الدولة الكثيرية ، ولا عن سلطنة المهرة التى تخضع لها مساحات كبيرة بما فيها سقطرى ، ولا عن سلطنة لحج التى ظهرت للوجود منذ 1728 م اى قبل احتلال بريطانيا لعدن بـ 111 سنة كاملة . لقد غيب هذا التاريخ ، ودرس تاريخ الدول فى اليمن ، التى حكمت بعضها المنطقة الغربية من الجنوب العربى ، ليقال أن التاريخ تاريخ واحد ولايوجد الا هذا التاريخ .
لا زال التزوير مستمرا ، مثل اعادة تفسير اسم الجنوب العربى ، بان الرابطة تقصد به اليمن الطبيعية ، هكذا . ولماذا لم تسمى المنطقة يمن ؟ لماذا اختارت هذه الاسم المستقل ، هل لتوحد عمان والمملكة المتوكلية اليمنية ومستعمرة عدن والمحميات فى دولة واحدة ؟ هل يعقل هذا ؟ هل فعلا قامت رابطة ابناء الجنوب العربى على اساس هذه الفكرة ؟ ومتى دعت الى ذلك ؟ هذا جانب من التزوير ، والجانب الاخر هو افراغ الاسم من مضمونه السياسى والقانونى الذى طرحته الرابطة وبسطه على هذه المنطقة كلها ، والقول ان جنوب الجزيرة كلها وعلى الاخص اليمن والجنوب العربى كله يدعى جنوب عربى ، وبغض النظر عن صحة هذا القول من عدمه ، ولو افترضنا صحته ، فكون اسم ما يشمل منطقة واسعة امر ، واستخدام شعب له بتسمية منطقته الخاصة به ويتخذه اسما رسميا لبلاده امر اخر مختلف تماما . فتسمية سوريا نفسها باسم جمهورية الشام شئ ، واطلاق اسم الشام على منطقة اوسع شئ اخر . وهنا نلاحظ التناقض الذى يقع فيه هؤلاء ، لماذا لا ينكرون على دولة اليمن عندما اسمت نفسها باسم عام يشمل منطقة واسعة جدا من جنوب مكة الى عدن ، وينكرون على شعب المنطقة شعب الجنوب العربى ان يستخدم هذا الاسم ويسمى منطقته وبلاده باسم الجنوب العربى .
ثم يعمدون الى تفريغ الاسم من مضمونه السياسى عبر احلال المضمون الجغرافى ( هذا اذا كان الاسم يحمل مضمونا جغرافيا جهويا ) ، ويعملون العكس مع دولة اليمن ويعممون المضمون السياسى للاسم ليشمل الجنوب العربى ، ويغفلون المضمون الجغرافى الجهوى القديم .
اسم يمن اسم واسع يدل على منطقة كبيرة ، وان تقوم دولة فى جزء منه وتسمى نفسها باسم يمن رسميا لايبيح لها التوسع ولافرض نفسها بدعوى وحدة المنطقة والشعب ، ولكنهم يفرضون علينا المضمون السياسى الحديث للاسم ويفرغون الاسم من المضمون الجهوى الذى لايحمل دلالة سياسة ، بينما فى اسم الجنوب العربى ، الذى هو اسم سياسى بامتياز اتخذ اسم الجهة اسما رسميا له ، اى اتخذ اسم الموقع من حيث الجهة اسما رسميا ، مثل جنوب افريقيا ، ولم يحول اسم جهة شائع الاستخدام الى اسم سياسى مثل اليمن . رغم هذا الفارق يعمل انصار اليمننة السياسية العكس فى تعاملهم مع الجنوب العربى . واي طريق سلكت الى حقك يجتهدون الى تغيير معالمها حتى يضللون خطاك ليقودونك الى اليمن وان حقك هناك ومرتبط بها .
لابد من العودة الا المشروع الرئيسى الذى خطف وجير لصالح اليمننة . وان نرجع لاساس المشكلة ، والى الخطأ التاريخى الذى ارتكب فى حق هذه المنطقة وشعبها ، وان نطرح الموضوع على الطاولة ، وان نكشف المؤامرة التى حيكت على الجنوب العربى . حتى يعى ، اولا : الشعب الجنوبى بابعاد هذه المؤامرة التى ما تزال مستمرة وما تزال تستخدم نفس الادوات التى استخدمتها الجبهة القومية ( وغيرها من الاحزاب لكن وقع على يد الجبهة تنفيذ المؤامرة واغتيال المشروع الوطنى الجنوبى العربى ) . وثانيا : حتى يعى كل من يريد معرفة الحقيقة كما هى من العرب والعالم .
ومقولات بروباجندا الجبهة القومية والحزب الاشتراكى التى نسمعها اليوم ، وعادت لتلاك مرة اخرى لسلب حقوقنا وسلب كياننا قد لخصها دستور ( ج ى د ش ) فى المقدمة القائمة على بروباجندا ولخصت فى اربع مواد اساسية من الدستور لتكون قانونا ساميا ملزما . ولنقف عند هذه الفقرات من الدستور .
نقف عند جزء من المقدمة ، والمواد : 1 ، 2 ، 3 ، 61 .
ملاحظة : هذه النصوص مترجمة من نسخة اصلية انجليزية .
" مقدمة الدستور :
لقد ناضل شعبنا اليمنى فى الشطرين من ارض الوطن ببسالة جنبا الى جنب من اجل طرد الغزاة الطامعين فى ارضهم والنظام الامامى الرجعى فى الشطر الشمالى من الوطن وضد الاستعمار والاقطاع وحكم السلاطين فى الشطر الجنوبى من الوطن . ذلك هو التعبير الحى لوحدة الشعب اليمنى والارض اليمنية .
فجر الشعب اليمنى ثورة 26 سبتمبر ودافع عن النظام الجمهورى فى الشطر الشمالى من الوطن . وفجر ايضا ثورة 14 اكتوبر تحت قيادة الجبهة القومية وحقق الاستقلال فى الثلاثين من نوفمبر .
كل ذلك يؤكد ، بالرغم من الاوضاع غير الطبيعية للتقسيم الكاذب للارض اليمنية والشعب ، ان نضاله فى الشطرين مرتبط ديالكتيكيا بوحدته ، ليس فقط ضد مؤامرات الامبريالية والرجعية ضد الوطن اليمنى ، بل لهدف التخلص نهائيا من التقسيم واستعادة الاوضاع الطبيعية من اجل الوحدة الديمقراطية لليمن
منذ خطوة 22 يونيو 1969 م التصحيحية المجيدة ، فقد تحقق عددا من المنجزات التقدمية فى جميع الميادين ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ثم يقول : " نضال الشعب اليمنى مرتبط ديالكتيكيا بالنضال العربى والشعوب الاخرى فى طريقها الى الحرية ، والديمقراطية ، والتقدم الاجتماعى ، والسلام . يؤمن شعبنا اليمنى ان نضاله مرتبط بحركات الثورات العربية من اجل تحقيق الوحدة العربية الديمقراطية التقدمية " . انتهت .
تمثل مقدمة الدستور تلخيصا لغسيل الدماغ الذى مورس عبر اطلاقات نستطيع ان نطلقها مع المملكة العربية السعودية اكثر من اطلاقها مع اليمن اذا تملكتنا شهوت التوحد مع السعودية واصبحنا كلفين بها ، وامنا بالأيدولوجية السلفية . ولكن ابناء اليمن الذين وفدوا للجنوب ، وابناء الجنوب العربي القريبين حدوديا مع اليمن ، لايدركون هذه الحقيقة اطلاقا ، وينسون منطقة كبيرة مهمة من الجنوب العربى وهى المنطقة الشرقية وكأنه ليس لها و لسكانها وجود ، ودون اعتبار لمشاعرهم اطلاقا . اصحاب هذه المنطقة ، التى لا جنوب عربى بدونها ، ولا جنوب يمنهم ، هم اقرب الى السعودية منهم الى اليمن ، وسكان المهرة خصوصا شرقها اقرب الى عمان . ولان هذه المنطقة هى الاكبر مساحة والاكثر اصالة وتضرب بثقافها فى التاريخ ، وهى العمق ، وهى التى جعلت من دولة الجبهة والحزب دولة ، فهى احق بان يُنظر للأمر من زاويتها ، لا من زاوية الضالع والحجرية ويافع وزنجبار القرى التى فرضت هدف تحقيق الوحدة اليمنية ( مع احترامنا التام لسكانها ومواطنيها ، ولكن نتحدث عن قادة تأثروا بالموقع الضيق ونسوا باقى الوطن باكمله ) وربطت الجنوب العربى باليمن .
تبين فى واقع الامر بما لا يدع مجالا للشك ، بل اصبح حقيقة مثل حقيقة الشمس فى رابعة النهار ، ان هناك شعبين وهويتين وثقافتين وعقليتين ونفسيتين ومنظومتي قيم مختلفتين وارضين وحتى جغرافيتين . وان اى وحدة يجب ان تقوم على اساس شعبين وهويتين واعتبار الحقوق والمصالح ، وليس على اساس هذه الاطلاقات التى لا معنى لها والتى تعتبر بروباجندا فارغة المضمون سوى من الدعاية السياسية المغرضة ، والربط التعسفى عبر شعارات جوفاء .
" المادة(1) . جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جمهورية شعبية ديمقراطية ذات سيادة . تعبر عن مصالح العمال ، والفلاحين ، والنخبة المثقفة ، والملاك الصغار ، وكل الطبقة العاملة . تهدف الى تحقيق اليمن الديقراطى الموحد ، وانجاز الاساس لمرحلة الثورة الديمقراطية الوطنية من اجل شق الطريق للانتقال الى بناء الاشتراكية " .
تفرض هذه المادة من الدستور تحقيق الوحدة فرضا . وهذا يعتبر ربط مصير بالقوة وجر الشعب الجنوبى على بطنه جرا الى اليمن . هل راينا دولة فى التاريخ كله تفرض على نفسها وحدة ؟ ماهذه السياسة العوجاء التى لم توجد الا فى الجنوب ؟ لا نستغرب ذلك فهذا منطق من لايرى فى الجنوب العربى وطنا لأهله ، الذى لا تستطيع ان تفهمه الا اذا وقفت على حقيقة الرؤية .
واذا كانت هناك شعوب لديها قابلية للاستعمار ، كما يصف مالك بن نبى ، فهناك اقوام لديهم قابلية للمؤامرة . والجنوبيون فى الجبهة القومية من هذا النوع ، وقابلية المؤامرة هذه ترتكز على انعدام الخبرة السياسية وحسن النية التام والايدلوجية القومية والايدلوجية اليسارية التى احكمت اغلاق العقل غير الخبير والمجرب اصلا ، ولذلك ابتعلوا السموم ابتلاعهم للعسل بكل فرح ونشوة وبكل ذكاء خارق .
المادة (2) . الشعب اليمنى شعب واحد وهو جزء من الامة العربية ، والجنسية اليمنية واحدة . وتشكل اليمن وحدة تاريخية و اقتصادية وجغرافية .
هذه المادة من اغرب مواد الدساتير . اذ تعتبر ان شعبين فى دولتين شعب واحد ، وتتجاوز المفهوم السياسى للشعب الذى يعنى مواطنى دولة معينة قائمة فى ارض معينة ، وتخلط بين النظر من زاوية سياسية وزاوية اجتماعية التى قدر ترى فى شعوب الجزيرة العربية شعبا واحد . هذا الحديث يمكن تمريره كشعار سياسى ، او على اساس انه حديث من زاوية اجتماعية ، مثل قولنا الشعب العربى شعب واحد ، اما ان تحول دولة هذا الكلام الى مادة دستورية ، وتنص فى دستورها ان : الشعب العربى شعب واحد ، وتسمى نفسها الجمهورية العربية ، وتعتبر جنسيتها هى جنسية كل العرب ، فهذا جنون مطبق . وهذه المادة الدستورية وقانون الجنسية لا يختلف مثقال ذرة عن هذا الجنون المطبق . ولو لم يكن هذا المجنون شموليا ، ويضرب بيد من حديد وفقير ويقحب فى تنكه ، لتدفق اليمنيون زرافات ووحدانا ولتم ابتلاع الجنوب بهذا القانون . تصور لو منحت قطر الجنسية للسعودين بهذه الطريقة ، فلو كان للسعودية نوايا مبيته فما عليها الا الدفع بعدد كاف من سكانها ولابتلعت قطر بحكم الدستور التى خطته بيدها ، ولانتهى امرها . لا يعنى منح الجنسية الا اعطاء حقوقا كاملة لشعب اخر بالمجان ودون اى تبعات ، ومنح حقوقا متساوية مع اصحاب الارض ، حتى فى الارض ، دون اى التزامات . . وفى المحصلة النهائية لا يعد منح الجنسية لشعب اخر الا تنازلا عن السيادة والاستقلال .
هل يربط عاقل وطنه بهذه الطريقة ببلاد اخرى ؟ هل يمكن ان يلزم انسان نفسه تجاه اخر بما لم يلزم به نفسه الطرف الاخر ؟ هل تمنح دولة جنسيتها لشعب اخر عن بكرة ابيه حتى لولم يكن للشعب الاخر دولة قائمة ؟ فلو افترضنا ان ما يسمى الشطر الشمالى لم يكن فيه دولة قائمة ، لايمكن منحه جنسيتك بدون ان تبسط سلطتك على هذه الارض ، والا فتحت الباب للسكان هؤلاء لتخريب دولتك او الاستفادة منها مجانا ، فما بلك اذا كانت لهم دولة ؟ حتى ارض الصومال التى اعلنت استقلالها لا تستطيع اعطاء سكان الارض الاخرى من الصوماليين جنسيتها والا فتحت الباب لهم للاستفادة والعودة الى ارضهم . فما بالك اذا كانت لهذا الشعب دولته . اليس معنى هذا تعال وخذ كل شئ وضمه لدولتك وفى احسن الاحوال الاستفادة المجانية . لا يمكن ان يفعل هذا الا شخص لايدرك ابعاد هذه الحماقة ، او متامر لا تهمه مصلحة الجنوب ، ولو جئت بحمار جنوبى اقطل يفهم الكلام وحدثته عما جرى لمات من الغيظ من هذا المزاد العلنى على وطن ومستقبله حتى على مصير حميره . لكن هذه هى افعال عبدالفتاح اسماعيل . الا ما اشد ذكاء هذا الرجل ! يكفيه المقدمة والثلاث المواد الاولى من الدستور ، وليستلقى على ظهره وينبطح على بطنه ويتدحرج من جدار الى جدار لاعبا بالكؤوس والقنانى منتظرا تنفيذ الصفقة الرابحة ، والعودة الى بلاد الاباء والاجداد . اراد العودة ظافرا الى بلاده ولكن على ظهر حمار الجماهير الاشتراكية المتزرة ببردعة من ثلاث طبقات : وحدة تاريخية لم تحصل ، واقتصادية عبارة عن فرية ، ولو قال وحدة اقتصادية مع السعودية بل اندونسيا لكان اكثر اقناعا باعتبار المغتربين وحوالاتهم ، والطبقة الثالثة التى لاتقل افتراء وخرافة هى : وحدة جغرافية التى جمعت بين هضبة حضرموت الصخرة الصلداء المتفردة الشامخة فى وجه صحراء الربع الخالى مع جبال اليمن التى هى جزء وامتداد لسلسلة جبال السروات - الحجاز - من خليج العقية الى بلاد الحبشة قبل ان يحدث صدع البحر الاحمر . وهل يقصد شئ اخر بالوحدة الجغرافية غير تشابه الاحجار ؟ اذا لم يكن هناك حتى تشابه فى الاحجار كيف يتحدث عن وحدة جغرافية ؟ ماهى هذه الوحدة الجغرافية ؟ فى الحقيقة هى سوفسطائية لا معنى لها اذا لم تعنى الاحجار والرمل . وحتى وحدة الحجارة والرمال لو صحت فليست السند القانونى الذى يعلوا على ارادت الشعوب ، ليست القدر المقدور ، وتصوير الامر كذلك هو قلب للمسألة رأسا على عقب واستغفال واستهبال واستهتار بالشعوب . لايمكن تفسير هذه التفاهات ، الى حد الاستعباط والاستحمار ، التى تلغى الشعوب وارادتها الا بتفسير واحد وهو انهم نظروا من الضالع الى قعطبة ولم ينظروا من ثمود ورماه وتريم وسيئون والكسر والخشعة والعبر وزمخ ومنوخ والوديعة التى تنفتح على رحابة الافق الى مالانهاية ، ولا من المكلا والشحر والغيظة وسيحوت . ونظروا من نهاية البحر الاحمر عند باب المندب الذى يقود الى المخا والحديدة ، وليس من ساحل حضرموت وبحر العرب الذى يفرض على الانسان ان يتطلع الى رحابة العالم ، ويضع اليمن وراء ظهره ، ويقوده الى كينيا وتنزانيا والهند وماليزيا واندونيسيا والى ماشاء من بلاد العالم . لقد حشرونا فى جحر ضبط وحمكوا على مصيرنا بتشابه بضعة احجار فى نهاية جبال سلسلة جبال السروات ، وسمروا انظارنا على جبال الظلمات .
" المادة (3) . الحزب الاشتراكى اليمنى ، مسلحا بالنظرية الاشتراكية العلمية ، هو القائد والموجه للمجتمع والدولة ، وهو الذى يحدد الافق العام للتطور الاجتماعى وخط السياسة الداخلية والخارجية للدولة .
الحزب الاشتراكى اليمنى يقود نضال الشعب ومنظماته الجماهيرية نحو الانتصار المطلق لاستراتيجية الثورة الديمقراطية الوطنية وانجاز مهام مرحلة الثورة الديمقراطية الوطنية من اجل تحقيق بناء الاشتراكية .
تعمل جميع منظمات الحزب ضمن إطار الدستور " .
الحزب الموجه ، الذى يفرض ما يشاء ، الذى فرض قضية عبدالفتاح اسماعيل التى تتمثل فى انشغاله ببلاده اليمن وبالعودة اليها مظفرا ، هذا الحزب هو الذى فرض هذا الزيف وهذا المصير المحتوم على الشعب الجنوبى ( وعند بعض الجنوبيين كانت معبر جهنم ، دون وعى انها كذلك ، التى يجب ان نسقط فيها للتطهر والخروج الى الوحدة العربية ) عندما وسم على جبينة بالحديد والنار ، بل فى كل رقعة من جسده ، وسم " يمنى جنوبى " بل نحت مخه واعصابه نحتا على شكل هذا الاسم . ولقد سلب بهذا الوسم الحارق اكبر حق ، حق الشعب الجنوبى العربى فى ان يكون شعبا مستقلا مثل شعوب الارض وفى ارضه الخاصة . وهكذا اصبح الشعب الجنوبى بيد من هب ودب ، ان يمارسوا عليه ما يشاءون عبر جبهة المؤامرة ، ووليدها الحزب الاشتراكى .
" المادة (61) . على كل مواطن ان يشارك من اجل انجاز وحدة الشعب اليمنى وارضه ويحمى ويطور علاقاته الاجتماعية الجديدة ، ويناضل ضد التقاليد العشائرية والمناطقية والانفصالية والقبلية ، والايدلوجيات والعادات التى تتعارض مع اهداف الثورة الوطنية الديمقراطية . "
لم يكتف القائد والموجه بهذا القدر من شد الرباط المحكم على الجنوب ، ولم يكتف باستغفال شعب باكمله ، بل جعل كل مواطن مسؤول عن تحقيق مؤامرته ، مسؤول عن القيام بواجبه فى الانتحار على المذبح المقدس ، ليدخل الى جنة الخلد اليمن الديمقراطى الموحد . من حق اى شخص ان يحلم ويسعى لتحقيق حلمه ويتحمل نتائجه ، اما ان يحلم نيابة عن شعب لشعب ، ويلزم الشعب بحلمه من اجل بلاد اخرى وشعب اخر ، فهذه هى الكارثة بعينها والجريمة التى تستحق اشد الانكار . وهذه المادة هى دق اسفين بين فئات الشعب ، وهى تعبير عما حدث من قبل تنفيذا لخطط الجبهة التصوفية ، وتاكيدا له واصرارا على بقاء هذا الاسفين ، وحول الشعب الى كتلتين ، كتلة تعتبر الدولة والحزب ملكها وكتلة تعتبر الدولة غير معبرة عنها ان لم تعتبرها عدوها الاول ، وظهرت فى حرب 1994 م ، حين تقاعس قطاع كبير من الشعب عن الدفاع عن الوطن غافلين عن حقيقة الحرب يحسبون انها صراع بين الحزبين .
ان تجاوز البنية التقليدية يتطلب وقتا لا قرارا ، وياتى تحصيل حاصل لانتشار التعليم والتثقيف حتى فى اشد البلاد محافظة ، وما نشاهده فى السعودية خير دليل على ذلك ، فما بالك فى دولة تزيل كل الفوارق قانونا وتزيل العقبات واقعا ، فلا شك ان المجتمع سياخذ فترة اقل للوصول الى مرحلة متقدمة ومن تلقاء نفسه مع المحافظة على اصالته . ولايمكن تطبيق قرار اجتثاث التقاليد والاعراف الا بان تتخذ الدولة موقفا عدائيا من فئات بعينها وهى الغالبية ، وان تنفذه عن طريق فئات معينة وجيش من الجهلة والتافهين بقوة الدولة .
وتبقى الايجابيات غير منكورة ، ولقد حوى الدستور ايجابيات كثيرة . وتبقى هذه المقدمة والمواد هى الكارثة التى مازلنا نعانى منها الى الان . وتبقى الجبهة رغم الايجابيات الحاضن الذى حوى داء فتاكا بل قد تكون هى الداء بعينه. ان اغتيال مشروع الجنوب العربى الذى يرى فى الجنوب العربى شعبا مستقلا وارضا مستقلة هى الخنجر المسموم الذى اعد باحتراف شديد واعطى للضحية لينتحر ، وتشد على يده يد الصانع الماهر .
ان اخطاء الجبهة القومية تتمثل فى اهدافها الستة جميعا التى زعمت انها اهداف ثورة 14 اكتوبر المزعومة والتى تصور على انها تنزيل من ربع العالمين وليس اهداف وضعها بشر لايؤمون اصلا بهذا الشعب واستقلاله ويردون اتخاها حجة دمغة علينا وهى حجة تدينهم لا تديننا وتكشف مؤامرة قذرة لا تقل قذارة ودناءة عن مؤامرة الوحدة . ويبقى هدف : تحقيق الوحدة اليمنية ، الذى كان مبررا لتزوير التاريخ وصناع الزيف وغسيل الدماغ ، وفرض اليمننة وسوقنا باتجاه اليمن وربطنا التعسفى بها هو اكبر اخطاء الجبهة الكارثية ، وبهذا الهدف الذى ربط الجنوب العربى باليمن تعسفا ، شطبت الجبهة القومية الشعب الجنوبى واستقلاله وسيادته ، وهو امر ما نزال ندفع ثمنه اليوم باهضا فى عدم تفهم قضيتنا .
28\4\2012