تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ثورة 14 اكتوبر عام 1963 في الجنوب العربي


عبدالرحمن حيدرة
2008-10-13, 12:06 PM
هذا المقال عمره خمس سنوات وقد نشر عام 2003 في ملتقى الحوار العربي .ولأهميته وفائدته نعيد نشره هنا ، وكل عام والجميع بخير ، وشعب الجنوب انشاء الله ينال حقوقه ويحكم نفسه.وللجميع تحياتي ورحم الله شهداء ثورة 14 اكتوبر ، وحيا الله شعب الجنوب.

ثورة 14 اكتوبر عام 1963

جاء قيام ثورة 14 اكتوبر عام 1963 ملبيا لطموحات الشعب في الحرية والاستقلال والذي ناضل من اجلها ضد الاستعمار البريطاني منذ مجيئه عام 1839م حيث لم يهتم الا بعدن فقط اما باقي المناطق فقد ضلت تعيش حياة القرون الوسطى او افضل قليلا .وقد ساعدت عدة عوامل على قيام الثورة هناك .اولا المناخ الدولي العام المناهض والمقاوم للاستعمار ، ثانيا قيام انقلاب في الشمال ادى الى تغيير النظام السابق وقيام نظام جديد مدعوما من مصر ، الدعم المعنوي والسياسي من مصر ورغبتها في طرد برطانيا من الجنوب ، بل وتصفية حسابها معها .ثالثا رغبة شعب الجنوب في الاستقلال وقيام دولة مركزية واحدة.

وقد شاركت كل الفصائل السياسية في الجنوب العربي في النضال ضد الاستعمار البريطاني ، وكل فصيل كان له طريقته ومبرراته للاسلوب الذي يتبعه ، ولكن في الاخير لم يجني ثمرة الاستقلال الا فصيل واحد هو الجبهة القومية بعد ان ابعدت بالقوة العسكرية الفصيل العسكري الاخر وهو جبهة التحرير والتي كانت تتلقى دعمها واومرها من مصر !وطردت السلاطين وباقي القوى الاخرى الى خارج الحدود .

والان بعد 40 عاما على قيامها مالذي حققته واين اخفقت .؟؟ الاجابة تختلف حسب اختلاف المتحدث ! فهي عند بعض ان لم نقل كل السلاطين او مؤيديهم والبعض القليل من الناس لم تكن ضرورية وهم يعتبرون انها ثورة اتت من الخارج اي من مصر وكانت حربا بالنيابة عن المصريين ضد البريطانيين !ويؤكدون ان بريطانيا كان ستنسحب من الجنوب العربي مثلما انسحبت من دول الخليج العربي وغيرها بدون قتال .ولم يكن هنالك مبررا لسقوط الوف الضحايا من اهل ردفان والضالع وغيرها ، ومئات من الجنود البريطانيين !

اما المؤيدون للثورة ورجالها فهم يعددون انجازاتها من تحقيق الاستقلال ، الى توحيد امارات الجنوب العربي تحت سلطة دولة واحدة وقوية ، واشاعة العدل والنظام في كل ربوع اليمن الجنوبي ، وتوفير بعض الخدمات مثل التعليم ، والعلاج المجاني ، وبعض الطرقات الى كل ارياف الجنوب المترامي الاطراف ، زائد سياسة الاصلاح الزراعي والتأميم .وانا ارى ان التأميم كان ضرره اكثر من نفعه .

وقد عملت هذه الثورة نقلة نوعية في تفكير الناس ، وغيرت من طريقة واسلوب حياتهم في بعض نواحي الحياة ، ولكن بسبب انها استخدمت العنف ضد معارضيها والمختلفين معها في الراي فقد وقعت في مشاكل كبيرة ،ذلك ان الطبقة الحاكمة الجديدة في الجنوب اتوا من عائلات فقيرة ومعدمة ولم تكن لديهم الخبرة الضرورية في السياسة وادارة شئون المجتمع ، وقد وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها من مقاتلين فقراء متحمسين لافكارهم الى قادة دولة !!وكان البعض منهم لايمتلك كفائة قيادية او ادارية وكل مؤهله انه موال لقادته او لافكار الثورة ومغامرا ، وقد تم ابعاد السلاطين بخبرتهم الطويلة وجهاز الدولة القديم وحل محله الموالون للجبهة القومية .

وقد انتقل العنف من تصفية وابعاد المعارضين الى فصائل الجبهة القومية الحاكمة ، كان اول تلك الصراعات عام 1969 بين عبداللطيف الشعبي والتيار المعادي له في الجبهة ،ثم صراع عام 1978 م بين سالم ربيع علي والمعارضون له ،واخرها كان احداث 13 يناير عام 1986م والتي تركت جروحا وانقسامات والاما لازال الجنوب يعاني منها حتى الان .وهكذا يضهر لنا ان العنف يأكل ابنائه !فبعد أن أكل المعارضين اكل الحاكمين انفسهم .!

ومما لاشك فيه ان الثورة في الجنوب دخلت في منعطف اخر اشد خطورة ووعورة وهو الوحدة اليمنية والتي كانت تراود اليمنيين لعدة سنين وقد بدأت في البداية وكانما هي الخلاص للجنوبيين من الصراعات والانقسامات ،ولكن الرياح تاتي بما لاتشتهي السفن ، فالوحدة قامت على اسس عاطفية وغير واقعية ، والشمال دخلها بنية الاستحواذ على الجنوب ، مما ادى الى حرب 94 والتي ادت عمليا الى احتلال الجنوب وتشريد قيادته ، وانهاء جيشه ، وتغيير جهاز الدولة والنظام السابق ، واحلال نظم وقوانين وعادات واساليب الشمال محلها ، وقد ادى هذا لاضرار كبيرة بشرية ونفسية ،واجتماعية ،واقتصادية ، للشعب في الجنوب ، ومما لاشك فيه ان تلك الحرب وتداعياتها افقدت الجنوب استقلاله او جعلته مشوها اوله معنى اخر تحت مسمى الوحدة .!!