تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : 21 فبراير اليوم الملحمة/ بقلم : أبو نائف الحضرمي


البيت الجنوبي
2012-02-26, 09:55 PM
21 فبراير اليوم الملحمة



أن الموجة العارمة من الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة التي شهدتها مدن وقرى وأرياف وحواضر وبوادي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ما هي إلا تعبيراً واضحاً وصريحاً لرفض الانتخابات الرئاسية التي جرى إقامتها في اليمن في 21 فبراير الجاري تنفيذاً للمبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية القائمة في صنعاء .. إن هذه الموجة العارمة من الاحتجاجات لا تعبر عن رفض ما يسمى الانتخابات الرئاسية بحد ذاتها بل تعبر عن رفض أبناء الجنوب لما آلت إليه الأوضاع السياسية في الجنوب بعد حرب صيف 1994م الذي اجتاحت فيها قوات نظام صنعاء ارض الجنوب وعاثت فيها فساداً ونهباً وقضت على الوحدة السلمية الطوعية التي أعلنت في 22 مايو 1990م وتحولت من وحدة سلمية إلى احتلال عسكري همجي في أبشع صور الاستعمار الذي عرفته البشرية .. هذا الرفض الشعبي العارم يعبر بوضوح عن رفض أبناء الجنوب أيضاً لما يحاك من وراء الكواليس لما يسمى الفيدرالية أو أي تعبير آخر .. وما الشعارات التي ترفع في الفعاليات الاحتجاجية المطالبة بهدف واحد وهو استعادة الدولة الجنوبية وعاصمتها عدن هو المطلب الرئيسي والوحيد الذي لا يقبل الشعب الجنوبي مطلب سواه .

إن الحقيقة التاريخية التي يجب أن يؤمن بها الجميع هي أن إرادة الشعوب لا تقهر وهي المنتصرة في النهاية وهذا ما أثبتته ثورات كثير من الشعوب في أصقاع المعمورة وأثبتته ثورات الربيع العربي .. ولذا فإن ثورة شعب الجنوب الذي يواجه أبشع الأنظمة فاشية في العصر الحديث وواجه آلتها العسكرية وأجهزتها الأمنية بمختلف أسمائها ومسمياتها بنضال سلمي متصاعد على مدى أكثر من خمس سنوات حتى الآن لابد أنه سيصل إلى اليوم المنشود .

إن السكوت المريب وغض الطرف عن نضال شعب الجنوب من القوى الإقليمية والدولية والعربية يشكل خطراً كبيراً على أمن واستقرار المنطقة خاصة في ضل تصاعد نشاط تنظيم القاعدة والقوى الإرهابية الأخرى التي يصعب السيطرة عليها فيما بعد كما هو حاصل في الصومال والعراق .. لذا فإن دول الجوار دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية مدعوة اليوم للوقوف إلى جانب نضال شعب الجنوب من اجل استعادة حريته ودولته كما هي واقفة إلى جانب نضال الشعب السوري التواق للحرية ..

لقد رأينا الملحمة التاريخية العظمى التي رسمها أبناء الجنوب في 21 فبراير والتي تم فيها إفشال الانتخابات الرئاسية اليمنية فقد كان لعزوف أبناء الجنوب عن التوجه لمراكز الاقتراع تارةً ومنع صناديق الاقتراع من دخول مناطقهم تارةً أخرى ومهاجمة الدوائر التي وصلت إليها الصناديق وإحراق بعضها تارةً ثالثة مؤشراً حقيقياً على الإصرار والعزم الأكيد للشعب الجنوبي الذي حسم خياره واختار طريقه الذي لا رجعة عنه الا وهو طريق استعادة الدولة وتحقيق الاستقلال الثاني .

إن ما جرى في الجنوب يوم 21 فبراير يبعث رسائل عدة وفي اتجاهات متفرقة وإن أهم هذه الرسائل وأولها موجهة لقوى ثورة التغيير في الشمال ولكل القوى السياسية اليمنية رسالة مفادها بان الوقت قد حان ليستعيد أبناء الجنوب دولتهم المستقلة وعلى القوى السياسية في الشمال أن تتعامل مع الواقع كما هو وليس كما تريد هي .. وعليها أن تتنازل عن سياسة المكابرة ودس الرؤوس في الرمال التي كان يمارسها الطاغية علي عبد الله صالح تجاه الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد .. فالتقارير الإعلامية الكاذبة والتصريحات المزيفة والأكاذيب والأضاليل حتى وان كانت من اللجنة العليا للانتخابات التي للأسف الشديد تتكون من القضاة ولكنها يشوبها الكذب والدجل .. فكل هذا لا يمكن أن يغير من الواقع شيئاً وإن التعتيم الإعلامي الذي تمارسه وسائل الإعلام المحلية والعربية والتقارير الإعلامية المزيفة والكاذبة والتي يبثها مراسلو وسائل الإعلام العربية المشهود لها بالدور الرئيسي في ثورات الربيع العربي كالجزيرة والعربية لا يمكن أن تغير من الأمر شي أيضاً .

لقد فشل اليمنيون وللأسف في الحفاظ على وحدتهم عندما تغلبت الروح الأنانية وحب الذات على حب الوطن ولذا فان التمسك بوحدة قد ماتت منذ أكثر من 16 عاماً ما هو إلا نوع من الكبرياء الساقطة التي لا يمكن إلا أن تودي إلى مزيداً من العنف وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة .. إننا نرى إن إعادة بناء دولتين شقيقتين متجاورتين يعيشان بسلام وأمن واستقرار وبعلاقة أخوية واقتصادية وسياسية قوية أفضل بألف مرة من دولة واحدة غير مستقرة وغير آمنة ولا يقبل أبناءها بعضهم بعض .

إن التقليل من شأن قوة الحراك الجنوبي الذي تمارسه وسائل الإعلام والتصريحات السياسية للقادة السياسيون في الشمال سيضر كثيراً بالعلاقات بين أبناء الشعبيين في الشمال والجنوب .. لذا فان الإقرار بفشل الوحدة وبدء حوار فوري بين الجنوب والشمال لاستعادة الدولتين هو الحل الوحيد الذي لا مناص منه لإخراج اليمن من نفقه المظلم الذي وضع فيه .

الرسالة الثانية موجهة إلى القوى السياسية الجنوبية والشخصيات الجنوبية ولكل المتهمين بالشأن الجنوبي من أهله وأبناءه .. رسالة مفادها أن الشعب الجنوبي في 21 فبراير قد اسقط كل الرهانات وكل الخيارات التي يروج لها البعض كالدولة الاتحادية والفيدرالية والحكم الكامل أو الواسع الصلاحيات وغيرها من الأطروحات .. رسالة مفادها إن قطار الحرية والاستقلال قد انطلق وبسرعته القصوى نحو الهدف المنشود وعلى من حزم أمره مع شعب الجنوب عليه أن يمتطي أحدى عربات هذا القطار ومن اختار طريقاً آخراً سيجد نفسه وحيداً ذات يوم مهما كان دوره وتاريخه وتأثيره .. فالقضايا والمصالح الوطنية الكبرى لا تؤخذ بالرغبات والأمنيات الشخصية بقدر ما تقررها تضحيات ونضالات الشعوب .

الرسالة الثالثة موجهة إلى القوى الإقليمية والدولية الراعية للمبادرة الخليجية والتي تدعم كما تقول ( وحدة واستقرار اليمن ) فهؤلاء قال لهم شعب الجنوب في 21 فبراير إن دعم وحدة اليمن قد فات أوانه عندما لم تستطع هذه القوى أن تمارس ضغطاً حقيقياً على شركاء الحرب الظالمة التي شنت على الجنوب في العام 1994م .. ولم تلزمهم بإيقاف الحرب لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الرافضة لفرض الوحدة بالقوة ولم تلزمهم بالجلوس إلى طاولة الحوار مع قيادة الجنوب ولم تمارس الضغط على نظام صنعاء لتنفيذ وثيقة العهد والاتفاق بعد الحرب الظالمة .. فبعد هذا كله فان الحديث عن وحدة اليمن ما هو إلا وهم من أوهام الخيال بعد أن قال شعب الجنوب كلمته .. أما أمن واستقرار اليمن بعد التجربة المريرة لا يمكن أن يكون إلا بحل الدولتين .. فشعب الجنوب قد حسم أمره بقرار لا عودة عنه وما التضحيات الجسام التي يقدمها أبناء الجنوب من قوافل الشهداء والجرحى والأسرى إلا خير دليل على ذلك .

إن القوى الإقليمية والدولية إذا كانت حقاً تبحث عن امن واستقرار اليمن عليها أن تدعم نضال شعب الجنوب التواق للحرية والاستقلال وان تدعم شعب الشمال التواق للحرية والتغيير وتدعم بناء دولة يمنية حديثة في صنعاء .

الرسالة الرابعة موجهة إلى قوى الحراك الجنوبي السلمي .. رسالة مفادها إن شعب الجنوب قد حسم أمره واتخذ قراره ووحد صفه يوم 21 فبراير وأعاد صناديق الاقتراع إلى صنعاء خالية تماماً من أصوات أبناء الجنوب الأمر الذي يضع على كل قيادات الحراك الجنوبي أمام مهمات أكثر جسامه .. وأجد أن أكثرها إلحاحاً في هذه المرحلة الراهنة هي عقد مؤتمر جنوبي لتوحيد قيادات الحراك في جبهة وطنية واحدة وتحت قيادة موحدة تمثل كل أبناء الجنوب في الداخل والخارج وتحت قيادة الزعيمين الرئيس علي سالم البيض والزعيم حسن احمد باعوم كرمزين من رموز ثورة التحرير الجنوبية الثانية .. وذلك لإسكات كل الأصوات التي تتحدث عن عدم وجود قيادة موحدة وعن تعدد مكونات الحراك مع إن كل قوى الحركة الجنوبية التحررية موحدة خلف قيادة الرئيس علي سالم البيض والزعيم حسن أحمد باعوم .

إن المرحلة القادمة تتطلب مزيداً من رص الصفوف ومزيداًَ من النضال ومزيداً من التمسك المطلق بالخيار السلمي فهو الخيار الوحيد اليوم القادر على قهر جبروت الآلة العسكرية لسلطة الاحتلال وهو القادر على تحقيق مطالب أبناء الجنوب في استعادة وطنهم وحريتهم واستقلالهم .. وليعلم القاصي والداني أن الليل الدامس لابد أن يتبعه ضوء الفجر المشع وان نضال أبناء الجنوب سيتوج بإذن الله ذات يوم بميلاد جديد لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كما أعلنها السيد الرئيس علي سالم البيض في 21 مايو 1994م ..

المجد والخلود لشهدائنا الابرار .. الشفاء العاجل لجرحانا .. الحرية لمعتقلينا في زنازين سلطة الاحتلال .. وإنها لثورة حتى التحرير والاستقلال واستعادة الدولة بإذن الله ..



بقلم : أبو نائف الحضرمي