الغاردين: الجنوبيون باتوا مقتنعين أن المعارضة التي يسيطر عليها حزب الإصلاح تبحث عن طموحاتها السياسية ولا تبالي بمعالجة القضايا الشعبية
السبت 12 نوفمبر 2011 11:47 مساءً
متظاهرون يرفعون أعلام دولة الجنوب في مسيرة بالمنصورة - أرشيف/عدن الغد
ترجمة خاصة
قالت صحيفة الغاردين البريطانية في تقرير إخباري لها نشرته أمس أن الاحتجاجات المناوئة لنظام الرئيس اليمني صالح ضعفت حدتها في الجنوب بعد أن بات أهالي الجنوب مقتنعون بفكرة أن المعارضة والتي قالت الصحيفة أن حزب الإصلاح الإسلامي يهيمن عليها باتت تبحث عن طموحاتها السياسية ولا تبالي بمعالجة القضايا الشعبية.
وأشارت الصحيفة في تقرير إخباري مطول عن الأوضاع في الجنوب أعده أحد الصحفيين فيها وهو "توم فين" أن الجنوبيين يعتقدون أنهم قد خسروا منذ قيام الوحدة على الصعيد السياسي للوصول إلى السلطة أو على صعيد توفير فرص العمل فالمحافظات السبع كافة محافظيها من المناطق الشمالية ونتيجة لذلك فالبسط على الأراضي بطريقة ممنهجة تكون من قبل متنفذين شماليين.
يقدم "عدن الغد" ترجمة خاصة بالتقرير الذي نشرته الصحيفة:
هدد قادة الحراك الجنوبي لخمس سنوات مضت والذين يطالبون بانفصال الجنوب المضطرب حيث هددوا بإلغاء اتفاقية عام 1990 وانهم سيعلنون الاستقلال وسط استياء عارم من أن يتم تجاهل قضيتهم وذلك بسبب الصراعات الدموية الدائرة في العاصمة صنعاء على السلطة والتي تقع شمال البلاد.
"إننا هنا نعطي النظام هذا التحذير الأخير فإما أن يكون لنا القرار في تقرير المصير أو أنك ستجد يمنا مقسماً إلى دولتين مرة أخرى" يقول العميد ناصر الطويل وهو قيادي بارز في الحراك الانفصالي.((وش القصد يعني فدراليه صح ولا انا غلطان ))
مرت العديد من السنوات والجنوبيين يعانون الإهمال من قبل حكومة صنعاء والذي بدوره دفع الكثير من الجنوبيين بالتساؤل عن ماهي قيمة وفائدة الوحدة التي تمت إبان العام 1990 بين الجنوب والذي تسيطر عليه القوى الماركسية والشمال الذي تهيمن عليه القبيلة.
وفي غضون هذه الأثناء ومع انشغال الرئيس اليمني بقتال الجنود المنشقين والمليشيات القبلية في صنعاء حيث يسعى الجنوبيون لاغتنام هذا الحدث خصوصاً في ظل حكومة مركزية ضعيفة في صنعاء حيث نستطيع أن نلحظ محاولاتهم لنيل الاستقلال.
بدأ الحراك من مدينة عدن الساحلية والتي كانت إحدى مستعمرات بريطانيا وقد بنيت على الشقوق البركانية الهامدة حيث برز فيها الحراك هناك الذي عانى سنوات من التهميش في ظل الحكومة الشمالية, وتحت الظلال حيث تقف فيه سيارات الأجرة ترى رايات الأعلام الأزرق والأحمر والأبيض علم الجمهورية الاشتراكية السابقة في الجنوب مع مكبرات الصوت والتي حولت الموقف إلى منبر يتم فيه إلقاء الخطب المناهضة للوحدة.
وفي أحد المباني الحكومية المهجورة والتي تقع في الضواحي حيث تطل على أزقة قد تناقضت أرصفتها وتكدست فيها أكوام من القمامة المشتعلة لا زالت تحمل تلك الذكريات المشئومة من معارك بين المتظاهرين المطالبين بالانفصال ورجالات أمن الدولة والتي لاتزال عالقة في أذهان المدينة.
صورة الرئيس علي عبد الله صالح المعلقة خارج المطار لم تسلم من حرب الحراك الخاطفة حيث تم الكتابة على عيني الرئيس بالخط الأحمر العريض "اخرج يا علي يا كلب ,الجنوب الحر".
مرت سنوات من التخويف والجلد والاعتقالات بعد منتصف الليل من قبل الشرطة السرية التابعة للنظام طالت معظم قيادات الحراك الجنوبي مما اضطرت معظم قياداته إلى الاختباء داخل البلد أو العيش خارجه, أما الآن فإنهم يتحركون بحرية تامة يجوبون كل المدينة بما في ذلك تنظيم المسيرات الأسبوعية وعقد المناقشات حول المائدة المستديرة في المطاعم والمقاهي, فنظام صنعاء قد انصبت نيرانه على الشمال.
محمد عمر أحمد جبران وهو من قادة الحراك الطاعن في السن يقول في معرض حديثه لمجموعة من الشباب الناشطين في أحد المقاهي المتداعية في مدينة عدن أنه يتحتم علينا استغلال هذه الفرصة لاستعادة حقوقنا فالجنوب يشكل خمسة ملايين من السكان البالغ تعدادهم خمسة وعشرين مليون ومع هذا فالجنوب يبقى مصدر ثروة هذا البلد العربي الفقير, إن ما يقارب 80% من إنتاج النفط يتم استخراجه من الجنوب جنباً إلى جنب ما ينتجه كلا من ميناء ومصفاة عدن بالإضافة إلى الثروة السمكية .
لكن الجنوبيين يعتقدون أنهم قد خسروا منذ قيام الوحدة على الصعيد السياسي للوصول إلى السلطة أو على صعيد توفير فرص العمل فالمحافظات السبع كافة محافظيها من المناطق الشمالية ونتيجة لذلك فالبسط على الأراضي بطريقة ممنهجة تكون من قبل متنفذين شماليين.
محمد الازعدي طالب في كلية الطب في السنة الأخيرة يتساءل "كيف يمكن لشيخ من المشائخ الشمالية بأن يمتلك مساحة قطرها يزيد على قطر إمارة دبي في حين أن المواطن العادي في الجنوب لايستطيع أن يجد مساحة 15 متراًً مربعاً لبناء بيته الخاص عليها؟ لقد قاموا بنهب مقومات الدولة وكل ما تبقى هو دماؤنا".
آخرون يرثون خسارة الثقافة الليبرالية والتي عمت مدينة عدن مرة من المرات, حيث يلقون باللوم على عاتق الثقافة المحافظة التي تسللت من شمال البلاد.
نساء عدنيات يقلن أن فرص التعليم والحصول على الوظائف كانت أفضل قبل قيام الوحدة, آخرون يبدون استياءهم من فرض الإسلاميين للباس المتزمت بعد أن أصبح لهم نفوذ بعد الحرب الأهلية عام 1994.
تقول رقية حميدان صاحبة 66 ربيعاً وهي من المدافعين عن حقوق المرأة الصرحاء وهي أول امرأة في شبه الجزيرة العربية تصبح محامية "في الثمانينيات كنا نتمتع بقدر كبير من المساواة أكثر من عدة أجزاء من مناطق أوروبا أما الآن فقد عدنا قرناً كاملاً إلى الوراء".
شهدت المظاهرات التي بدأت في فبراير وكانت مستوحاة من الحركة الاحتجاجية المصرية تعاوناً بين المتظاهرين في الشمال والمتظاهرين في الجنوب. حيث اتفق الطرفان على ألا يرفع علم اليمن والجنوب في المظاهرات تجنباً لتقويض الهدف المباشر وهو تغيير النظام ولكن النشوة كانت سبيلاً لخيبة الأمل.
أصبح الكثير من الجنوبيين مقتنعين بفكرة ان المعارضة والتي يهيمن عليها حزب الإصلاح الإسلامي تبحث عن طموحاتها السياسية ولا تبالي بمعالجة القضايا الشعبية.
ويقول صالح بن فريد العولقي وهو شيخ بارز وأحد رجالات الأعمال الجنوبية والذي يقوم بدعم الانفصاليين أن المعارضة لا تعترف بنضالنا السلمي كأحد القضايا السياسية حيث يتحدثون عنا كما لوكنا مصدر إزعاج وليس حركة استقلال.
لكن الجنوب يعاني من المتطرفين الدينيين والذي يتحتم على الجنوب المواجهة بنفسه, حيث فر الآلاف من اللاجئين عندما قام المتشددون الإسلاميون بالسيطرة على محافظة أبين وما جاورها.
تكتظ الفصول الممتلئة بالقاذورات في مدينة عدن بالنازحين بينما يذكرون الإرهاب والذين باتوا يسمون أنفسهم حماة الشريعة حيث قاموا بنهب مصانع الأسلحة بعد انسحاب كان سريعا من قبل قوات الجيش واجتياح للمدن ولكن وفي المقابل فإن البعض يتهم الرئيس صالح بما يدور اليوم في أبين وذلك لهدف جعل الجنوب غير مستحق لنيل دولته.
يقول البروفيسور أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء "عبد الفقيه" أن الحراك الجنوبي لازال يفتقر إلى وحدة وطنية وإلى القيادة القوية والدعم الدولي ويضيف "لكن المشكلة ليست إلى هذا الحد فالقضية الجنوبية بالنسبة لليمن هي نفس القضية الفلسطينية بالنسبة للشرق الأوسط فحتى يتم علاجها فلن يكون هناك استقرار في المنطقة".
من Tom Finn لصحيفة الغاردين البريطانية
ترجمة خاصة بـ"عدن الغد" قدمها :عادل الحسني
[email protected]
http://adenalghad.net/news/4982.htm