الفردي
2011-09-19, 09:48 PM
القيادة المرقَّعة
يقال أنَّ العلم تراكم خبرات , و كلما زادت تجارب و خبرات المرء في مجال معين أصبح خبيراً فيه . لكنه في المجالات الأخرى قد يكون جاهلاً فيها , و إذا أمتلك بعض الخبرة فيها , يسمى حاملاً لبعض المعرفة . و متى أستطاع هذا الخبير في مجاله أن يسقط خبراته بالقياس على حياة الناس , حقَّ له أن نسميه حكيماً .
و من هؤلاء الحكماء الذين لا يقرءون و لا يكتبون , رجل دفعني القدر للقاء به يوم الخميس الماضي , فتعلمت منه درساً سياسياً , لم أتعلمه من كل السياسيين الكبار و الصغار الذين قابلتهم حتى اليوم . فقد ذهبت لإصلاح إطارات سيارتي في أحد مراكز إصلاح الإطارات (بنشر) و من خلال الحوار الذي دار بيني و بين فني أصلاح الإطارات تعلمت الدرس , و لكي يكون الدرس واضحاً سأروي المحادثة التي دارت بيننا لتعمَّ الفائدة .
الحوار
بعد أن أتمَّ الفني فحص الإطارات قال : الكفرات ( إطارات ) لم تعد صالحة للاستخدام , فإذا كنت تملك إمكانية استبدالها بدَّلناها .
فقلت له : أصلح الإطار المعطوب , و قم بوزنها و لك الشكر .
فقال : يا أبني قد تكون أنت متعلم و أنا جاهل , و لكنَّي أكثر منك خبرة في البنشر .
ثم قال : يا ولدي عندك ثلاثة تايرات مرقَّعة , و كل واحد فيه رقع أكثر من الآخر , و إذا أنت مصر على تركيب كفرات مرقَّعة فلا تلوم إلاَّ نفسك , فستهلك سياراتك و قد تهلك أنت معها . فالكفر المرقَّع يجعل السيارة ترتج دائماً وهذا الارتجاج يعطل العكوس و المقصات و الأذرعة و قماشات الفرامل و كبروسر المكيف و السيور و هيكل السيارة و حتى المحرك , و ستظل سيارتك متوقفة أكثر الوقت , و ستتعطل عن عملك , كما أنَّ الكفر المرقَّع قد ينفجر في أي لحظة و بلا سبب , و إذا كان مركب في الأمام فانقلاب السيارة أمر حتمي و قد تقتل نفسك .
فقلت له : أنا قد جرَّبت هذه الإطارات و متعوِّد عليها ركبها و بس , أو تريد تخسرني هذه الكفرات المجربة
فقال : صدقني فيك شبه من أصحابنا , من وين أنت يا ولدي
قلت : ما وجه الشبه بيني و بين أصحابكم , و سأقول لك من أين أنا .
فقال : عندما بدا الحراك في بلادنا جنوب اليمن بدأ من كل شرائح المجتمع المتقاعدين العسكريين و الأكاديميين و طلبة الجامعة و طلبة المدارس و العمال , و منهم كفاءات يشار إليهم بالبنان , ثم أصبح الحراك في 2008 ثورة سلمية شعبية هادرة , و أصبحت عربة الثورة الجنوبية لا يمكن إيقافها . و فجأة بدأوا بتركيب كفرات مرقَّعة لعربة الثورة أعني بقايا الحزب الاشتراكي , و فجأة اختلفوا في من يكون قدَّام من الثلاثة الرؤساء و كل رئيس أسوء من الثاني . و هذا أنت يا ولدي معك ثلاثة كفرات مرقَّعة و مصَّر عليها وهن والله ما يمكن تمشي بهن 200 كيلو إلاَّ و قد بنشرين و قطعينك بالطريق أكثر من مرة .
فضحكت ثم قلت : شكراً على هذه الفائدة و أنا أبشرك أنَّي كما توقعت جنوبي .
فضحك وقال : بشرك الله بالخير , ولا يهمك أركب لك الكفرات المرقَّعة و أوزنها لك , و هي و الله لا ينفعها أي ميزان في العالم يصلحها .
ثم قلت له : ركب يا والدي أربعة إطارات جديدة و أرمي هذه المرقَّعة إلى الزبالة , و خلني أجرب إطارات جديدة مهما كان نوعها .
و بعد انتهائه من عملة , دفعت إلية بقيمة الإطارات الجديدة و أجرته عن عمله و زدته في الأجر , و أعطيته تخزينت الخميس و قلت في نفسي لا داعي لها , فقد أدى الغرض عنها النبشري .
فقال : لماذا كل هذا يا ولدي .
فقلت له : لقد أعطيتني ما هو أثمن و أنفع من المال .
فقال : و ما هو الأنفع من المال .
فقلت له : المعرفة و القياس , فكما أن الإطارات المرقَّعة ستهلك عربة النقل , فالقيادات المرقَّعة ستهلك عربة الثورة الجنوبية و البوادر نراها و نسمعها بل و نشعر بها .
انتهى ,,,,,,,,,,,,,,,,,
17 سبتمبر 2011
http://siyasapress.net/default.asp?page=1070&NewsID=2922
يقال أنَّ العلم تراكم خبرات , و كلما زادت تجارب و خبرات المرء في مجال معين أصبح خبيراً فيه . لكنه في المجالات الأخرى قد يكون جاهلاً فيها , و إذا أمتلك بعض الخبرة فيها , يسمى حاملاً لبعض المعرفة . و متى أستطاع هذا الخبير في مجاله أن يسقط خبراته بالقياس على حياة الناس , حقَّ له أن نسميه حكيماً .
و من هؤلاء الحكماء الذين لا يقرءون و لا يكتبون , رجل دفعني القدر للقاء به يوم الخميس الماضي , فتعلمت منه درساً سياسياً , لم أتعلمه من كل السياسيين الكبار و الصغار الذين قابلتهم حتى اليوم . فقد ذهبت لإصلاح إطارات سيارتي في أحد مراكز إصلاح الإطارات (بنشر) و من خلال الحوار الذي دار بيني و بين فني أصلاح الإطارات تعلمت الدرس , و لكي يكون الدرس واضحاً سأروي المحادثة التي دارت بيننا لتعمَّ الفائدة .
الحوار
بعد أن أتمَّ الفني فحص الإطارات قال : الكفرات ( إطارات ) لم تعد صالحة للاستخدام , فإذا كنت تملك إمكانية استبدالها بدَّلناها .
فقلت له : أصلح الإطار المعطوب , و قم بوزنها و لك الشكر .
فقال : يا أبني قد تكون أنت متعلم و أنا جاهل , و لكنَّي أكثر منك خبرة في البنشر .
ثم قال : يا ولدي عندك ثلاثة تايرات مرقَّعة , و كل واحد فيه رقع أكثر من الآخر , و إذا أنت مصر على تركيب كفرات مرقَّعة فلا تلوم إلاَّ نفسك , فستهلك سياراتك و قد تهلك أنت معها . فالكفر المرقَّع يجعل السيارة ترتج دائماً وهذا الارتجاج يعطل العكوس و المقصات و الأذرعة و قماشات الفرامل و كبروسر المكيف و السيور و هيكل السيارة و حتى المحرك , و ستظل سيارتك متوقفة أكثر الوقت , و ستتعطل عن عملك , كما أنَّ الكفر المرقَّع قد ينفجر في أي لحظة و بلا سبب , و إذا كان مركب في الأمام فانقلاب السيارة أمر حتمي و قد تقتل نفسك .
فقلت له : أنا قد جرَّبت هذه الإطارات و متعوِّد عليها ركبها و بس , أو تريد تخسرني هذه الكفرات المجربة
فقال : صدقني فيك شبه من أصحابنا , من وين أنت يا ولدي
قلت : ما وجه الشبه بيني و بين أصحابكم , و سأقول لك من أين أنا .
فقال : عندما بدا الحراك في بلادنا جنوب اليمن بدأ من كل شرائح المجتمع المتقاعدين العسكريين و الأكاديميين و طلبة الجامعة و طلبة المدارس و العمال , و منهم كفاءات يشار إليهم بالبنان , ثم أصبح الحراك في 2008 ثورة سلمية شعبية هادرة , و أصبحت عربة الثورة الجنوبية لا يمكن إيقافها . و فجأة بدأوا بتركيب كفرات مرقَّعة لعربة الثورة أعني بقايا الحزب الاشتراكي , و فجأة اختلفوا في من يكون قدَّام من الثلاثة الرؤساء و كل رئيس أسوء من الثاني . و هذا أنت يا ولدي معك ثلاثة كفرات مرقَّعة و مصَّر عليها وهن والله ما يمكن تمشي بهن 200 كيلو إلاَّ و قد بنشرين و قطعينك بالطريق أكثر من مرة .
فضحكت ثم قلت : شكراً على هذه الفائدة و أنا أبشرك أنَّي كما توقعت جنوبي .
فضحك وقال : بشرك الله بالخير , ولا يهمك أركب لك الكفرات المرقَّعة و أوزنها لك , و هي و الله لا ينفعها أي ميزان في العالم يصلحها .
ثم قلت له : ركب يا والدي أربعة إطارات جديدة و أرمي هذه المرقَّعة إلى الزبالة , و خلني أجرب إطارات جديدة مهما كان نوعها .
و بعد انتهائه من عملة , دفعت إلية بقيمة الإطارات الجديدة و أجرته عن عمله و زدته في الأجر , و أعطيته تخزينت الخميس و قلت في نفسي لا داعي لها , فقد أدى الغرض عنها النبشري .
فقال : لماذا كل هذا يا ولدي .
فقلت له : لقد أعطيتني ما هو أثمن و أنفع من المال .
فقال : و ما هو الأنفع من المال .
فقلت له : المعرفة و القياس , فكما أن الإطارات المرقَّعة ستهلك عربة النقل , فالقيادات المرقَّعة ستهلك عربة الثورة الجنوبية و البوادر نراها و نسمعها بل و نشعر بها .
انتهى ,,,,,,,,,,,,,,,,,
17 سبتمبر 2011
http://siyasapress.net/default.asp?page=1070&NewsID=2922