أبو غريب الصبيحي
2008-06-28, 07:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبه/ أبو غريب الصبيحي
28/6/2008
الخميس الأســـــود في ذاكرتي لا يمكن أن أنساه أبداً ، في ذلك اليوم كنت أنظر إلى الأطفال و الشباب الجنوبي ، و هم يستعدون ليومي السبت و الأحـــــــد ، حيث كان يصادف هذا اليوم مواصلة إمتحانات إنهاء المرحلتين الأساسية و الثانوية و إمتحانات الجامعة ، الطلاب الصغار و الكبار معاً ، يحملون كراريسهم و ملزماتهم و أقلامهم نحو أحلامهم التي تسير معهم لبناء مستقبلهم ، كنت أبتسم لهم للتلاميذ الصغار ، و أشجعهم على الإجتهاد ليبلغوا ما يصبون إليه ، فأسأل ذلك الطالب : كيف كان أمتحان اليوم ؟ ، و أداعب ذاك أيش سويت اليوم ؟ ، و يبدأ ذلك بالحديث عن الأسئلة التي جاءت في الأمتحان ، و الآخر يتحسر على ما فاته من جواب ، بينما الآخر يقول بأنه "بيزر في الإمتحان الثاني أكثر " ، يوم الخميس له نكهة خاصة للطلاب في الجنوب ، حيث يبدأون بالخروج من منازلهم لفترة للترويح عن النفس و نسيان هموم الإمتحانات ، لأن اليوم التالي "الجمعة" عطلة ، بينما كنت أتأمل هذا المشهد و أستعيد ذكريات أيام الإبتدائية و الثانوية الجميلة .
قطع تفكيري رنين هاتفي الخليوي "السيار" لصديق مرح ، و دائماً يدخل البهجه و السرور إلى نفسي ، فرديت عليه أهلاً كيف حالك ، و إذا به يخبرني بأن أحد أصدقائي في المستشفى مع قريبه المصاب و هم يبحثون عن فصيلة دمه النادره –O ، فأخبرته عن فصيلتي فقال لي : " ما تنفعش " ، قلت له باشوف أصحابي أيش فصايلهم و بأتواصل معك إن شاء الله ، لم أكن أعلم من هـــو المصاب و لم يخطر ببالي أن يكون قريبه المصاب هو نفسه الطفل حكيم ذو 15 سنه و الذي ودعناه قبل فتره في عـــدن و هو في طريقه نحو جحاف الضالع للإستعداد لأداء إمتحانات الصف التاسع (الثالث إعدادي ) ، بدأت الشمس تغيب و مع ظهور الشفق الأحمر ، ظهر صديقي العزيز الذي كان في المستشفى مع قريبه ، سارعت إليه كيف أستوى قريبك ؟ ، حصلتم على فصيلة الدم ، قال : الحمدلله نعم ، ثم التفت إلي و قال لي : " أنت تعرفه ! ، قلت له : لا تقل لي إنه حكيم ! ، قال : تعم .
ما كنت أنا أتصور بأن هذا الوقت المثلج للصدر الذي كنت أعيشه قبل دقائق سيتحول إلى فاجعة كبيره في نفسي ، بعد جوابه بكلمة نعم ، خلاص ما عدت أرى شيئ غير سواد مخلوط مع حمرة السماء و الغضب و الدموع ، هل يعقل بأن تغتال طفولة و أحلام طالب ؟ هل يعقل بأن يواجه القلم سلاح التلميذ ، برشاش جندي همجي محتل ؟ ، هل يمكن أن نصدق أن حبر التلميذ يواجه برصاص الجندي المحتل ؟ ، كم رأيت الصبر و الرجاء في عيون صديقي ، الذي آلامه أشد من ألمي على قريبه ، الطفل الشهيد حكيم ، أو كما كان يحلوا لي مناداته عند رؤيته بـ حكيم الحريري ، رغـــــم معرفتي الحديثه و الطفيفه مع الطفل الشهيد الحريري ، أهتزيت بشده عند سماعي لجريمة الإحتلال البشعة ، و أنا الذي شهد عدد من الحوادث و فقدت العديد من الأحباب في سنوات عمري الماضية ، و عاشرت العديد من الجرائم البشعة و الأليمه سواء في جنوبنا أو في محيطنا العربي و الإسلامي ، لكن و الله ما أهتزيت مثل أهتز كياني لحادثة الطفل حكيم ، تمنيت حينها له الشفاء رغم معرفتي إنه إذا شفي فلن يتمكن من مواصلة الإمتحانات ، لكن ما كانت الإمتحانات مهمة عندي ، بقدر إهتمامي بإستعادة صحته و عافيته و عودته بين أهله و أخوانه و زملائه و أحبابه ، و أشتد ألمي أكثر عندما علمت من إدارة المستشفى و الأطباء أن كلية الطفل ستستأصل لإيقاف النزيف ، أي قدر هذا الذي كنت على موعد معه يا صديقي الصغير ، أي رصاصة هذه الذي تخترق أحشائك و كليتك و كبدك ، و شاء القدر ان تكون فصيلة دمك من الفصائل النادرة –O ، ما عرفت النوم في تلك الليلة العصيبة حتى ساعة متأخرة من الليل ، في اليوم التالي و أثناء صلاة الجمعة و كلي إيمان أبتهلت إلى رب العباد الشافي العادل المنتقم ، بأن يعيد إلى الطفل صحته ، و أن ينتقم من المحتلين المجرمين الذين أرتكبوا تلك الجريمه ، التي توعد الله و الإسلام مرتكبيها أشد الوعيـــد .
في منتصف ظهيرة الجمعة تلقيت الخبر الصاعق ، مفاد الخبر بأن الطفل الشهيد حكيم الحريري أنتقل إلى جوار ربه ، و جوار أخيه شهيد الجنوب الطفل صلاح القحوم و شهداء الجنوب ، إن هذه الساعة مهما كتب قلمي فلن يستطيع أن يعبر و يصور عن مدى حزني و ألمي و فاجعتي فيها ، ساعة ما عدت أتذكر فيها إلا السواد ، ساعة يخال فيها العاقل مجنون ، نعم لقد رحل الطفل الشهيد حكيم و كلاماته التي كنت أسمعه يتحدث بها لا تزال في مخيلتي ، رحل الطفل الشهيد حكيم و لم ترحل إبتسامته عن مخيلتي ، أغتيلت أحلامه التي رسمها للمستقبل ، و لكن قضية الجنوب التي أحبها الطفل الشهيد حكيم لم تغتال ، سنظل أوفياء أبداً ما حيينا لدمك الذي رويت به تراب وطنك و وطننا الجنوبي الغالي ، سنظل أوفياء لقضية الجنوب التي أحببتها و ناصرتها رغم صغر سنك ، فأرقد يا صديقي فأنت بإذن المولى عز وجل الشهيد في جنات الخلود ، و ما عند الله خير و أبقى لك ، نعاهدك بأن دمك لن يذهب هدراً ، دمك الطاهر يا أخي الشهيد غالي جداً ، و سيدفع الإحتلال المجرم الثمن غالياً ، و أعلم إنه عندما نقتص ممن أراق دمك الطاهر لا يعني إننا ساوينا دمك بدمه ، لا دمك أغلى و أطهر من دم و رجس الإحتلال الفاشي الإجرامي المتوحش لجنوبنا ، و أول الإقتصاص سيتم على الإرهابيين الزنداني و الديلمي ، ممن أباحوا دمك و دماء الجنوبيين أطفالاً و نساء و شيوخ و شباب بفتواهم الإجرامية ، رحلت و تركت مقعدك الإمتحاني خالياً بجانب زملائك الذين كنتم بالأمس سوياً تذاكرون دروسكم ، ليشهد أمام العالم عن بشاعة الجريمه التي ارتكبها الإحتلال بقيادة مجرم الحرب الطاغية علي عبد الله صالح الأحمر و أعوانه من ذئاب الغدر .
لن ننساك يا شهيدنا الغالي و سنذكرك للأجيال القادمه و سنذكر لهم أيضاً نذالة المجرم علي عبدالله صالح و خساسته هو و عسكره ، فجريمة إغتيالك وصمة خزي و عار و صفحة سوداء في تاريخه المظلم ، فالخلود لك يا شهيدنا و مزبلة التاريخ المكان الطبيعي للمجرم علي عبدالله صالح و أعوانه .فالسلام عليك يا شهيدنا الحبيب
كتبه/ أبو غريب الصبيحي
28/6/2008
الخميس الأســـــود في ذاكرتي لا يمكن أن أنساه أبداً ، في ذلك اليوم كنت أنظر إلى الأطفال و الشباب الجنوبي ، و هم يستعدون ليومي السبت و الأحـــــــد ، حيث كان يصادف هذا اليوم مواصلة إمتحانات إنهاء المرحلتين الأساسية و الثانوية و إمتحانات الجامعة ، الطلاب الصغار و الكبار معاً ، يحملون كراريسهم و ملزماتهم و أقلامهم نحو أحلامهم التي تسير معهم لبناء مستقبلهم ، كنت أبتسم لهم للتلاميذ الصغار ، و أشجعهم على الإجتهاد ليبلغوا ما يصبون إليه ، فأسأل ذلك الطالب : كيف كان أمتحان اليوم ؟ ، و أداعب ذاك أيش سويت اليوم ؟ ، و يبدأ ذلك بالحديث عن الأسئلة التي جاءت في الأمتحان ، و الآخر يتحسر على ما فاته من جواب ، بينما الآخر يقول بأنه "بيزر في الإمتحان الثاني أكثر " ، يوم الخميس له نكهة خاصة للطلاب في الجنوب ، حيث يبدأون بالخروج من منازلهم لفترة للترويح عن النفس و نسيان هموم الإمتحانات ، لأن اليوم التالي "الجمعة" عطلة ، بينما كنت أتأمل هذا المشهد و أستعيد ذكريات أيام الإبتدائية و الثانوية الجميلة .
قطع تفكيري رنين هاتفي الخليوي "السيار" لصديق مرح ، و دائماً يدخل البهجه و السرور إلى نفسي ، فرديت عليه أهلاً كيف حالك ، و إذا به يخبرني بأن أحد أصدقائي في المستشفى مع قريبه المصاب و هم يبحثون عن فصيلة دمه النادره –O ، فأخبرته عن فصيلتي فقال لي : " ما تنفعش " ، قلت له باشوف أصحابي أيش فصايلهم و بأتواصل معك إن شاء الله ، لم أكن أعلم من هـــو المصاب و لم يخطر ببالي أن يكون قريبه المصاب هو نفسه الطفل حكيم ذو 15 سنه و الذي ودعناه قبل فتره في عـــدن و هو في طريقه نحو جحاف الضالع للإستعداد لأداء إمتحانات الصف التاسع (الثالث إعدادي ) ، بدأت الشمس تغيب و مع ظهور الشفق الأحمر ، ظهر صديقي العزيز الذي كان في المستشفى مع قريبه ، سارعت إليه كيف أستوى قريبك ؟ ، حصلتم على فصيلة الدم ، قال : الحمدلله نعم ، ثم التفت إلي و قال لي : " أنت تعرفه ! ، قلت له : لا تقل لي إنه حكيم ! ، قال : تعم .
ما كنت أنا أتصور بأن هذا الوقت المثلج للصدر الذي كنت أعيشه قبل دقائق سيتحول إلى فاجعة كبيره في نفسي ، بعد جوابه بكلمة نعم ، خلاص ما عدت أرى شيئ غير سواد مخلوط مع حمرة السماء و الغضب و الدموع ، هل يعقل بأن تغتال طفولة و أحلام طالب ؟ هل يعقل بأن يواجه القلم سلاح التلميذ ، برشاش جندي همجي محتل ؟ ، هل يمكن أن نصدق أن حبر التلميذ يواجه برصاص الجندي المحتل ؟ ، كم رأيت الصبر و الرجاء في عيون صديقي ، الذي آلامه أشد من ألمي على قريبه ، الطفل الشهيد حكيم ، أو كما كان يحلوا لي مناداته عند رؤيته بـ حكيم الحريري ، رغـــــم معرفتي الحديثه و الطفيفه مع الطفل الشهيد الحريري ، أهتزيت بشده عند سماعي لجريمة الإحتلال البشعة ، و أنا الذي شهد عدد من الحوادث و فقدت العديد من الأحباب في سنوات عمري الماضية ، و عاشرت العديد من الجرائم البشعة و الأليمه سواء في جنوبنا أو في محيطنا العربي و الإسلامي ، لكن و الله ما أهتزيت مثل أهتز كياني لحادثة الطفل حكيم ، تمنيت حينها له الشفاء رغم معرفتي إنه إذا شفي فلن يتمكن من مواصلة الإمتحانات ، لكن ما كانت الإمتحانات مهمة عندي ، بقدر إهتمامي بإستعادة صحته و عافيته و عودته بين أهله و أخوانه و زملائه و أحبابه ، و أشتد ألمي أكثر عندما علمت من إدارة المستشفى و الأطباء أن كلية الطفل ستستأصل لإيقاف النزيف ، أي قدر هذا الذي كنت على موعد معه يا صديقي الصغير ، أي رصاصة هذه الذي تخترق أحشائك و كليتك و كبدك ، و شاء القدر ان تكون فصيلة دمك من الفصائل النادرة –O ، ما عرفت النوم في تلك الليلة العصيبة حتى ساعة متأخرة من الليل ، في اليوم التالي و أثناء صلاة الجمعة و كلي إيمان أبتهلت إلى رب العباد الشافي العادل المنتقم ، بأن يعيد إلى الطفل صحته ، و أن ينتقم من المحتلين المجرمين الذين أرتكبوا تلك الجريمه ، التي توعد الله و الإسلام مرتكبيها أشد الوعيـــد .
في منتصف ظهيرة الجمعة تلقيت الخبر الصاعق ، مفاد الخبر بأن الطفل الشهيد حكيم الحريري أنتقل إلى جوار ربه ، و جوار أخيه شهيد الجنوب الطفل صلاح القحوم و شهداء الجنوب ، إن هذه الساعة مهما كتب قلمي فلن يستطيع أن يعبر و يصور عن مدى حزني و ألمي و فاجعتي فيها ، ساعة ما عدت أتذكر فيها إلا السواد ، ساعة يخال فيها العاقل مجنون ، نعم لقد رحل الطفل الشهيد حكيم و كلاماته التي كنت أسمعه يتحدث بها لا تزال في مخيلتي ، رحل الطفل الشهيد حكيم و لم ترحل إبتسامته عن مخيلتي ، أغتيلت أحلامه التي رسمها للمستقبل ، و لكن قضية الجنوب التي أحبها الطفل الشهيد حكيم لم تغتال ، سنظل أوفياء أبداً ما حيينا لدمك الذي رويت به تراب وطنك و وطننا الجنوبي الغالي ، سنظل أوفياء لقضية الجنوب التي أحببتها و ناصرتها رغم صغر سنك ، فأرقد يا صديقي فأنت بإذن المولى عز وجل الشهيد في جنات الخلود ، و ما عند الله خير و أبقى لك ، نعاهدك بأن دمك لن يذهب هدراً ، دمك الطاهر يا أخي الشهيد غالي جداً ، و سيدفع الإحتلال المجرم الثمن غالياً ، و أعلم إنه عندما نقتص ممن أراق دمك الطاهر لا يعني إننا ساوينا دمك بدمه ، لا دمك أغلى و أطهر من دم و رجس الإحتلال الفاشي الإجرامي المتوحش لجنوبنا ، و أول الإقتصاص سيتم على الإرهابيين الزنداني و الديلمي ، ممن أباحوا دمك و دماء الجنوبيين أطفالاً و نساء و شيوخ و شباب بفتواهم الإجرامية ، رحلت و تركت مقعدك الإمتحاني خالياً بجانب زملائك الذين كنتم بالأمس سوياً تذاكرون دروسكم ، ليشهد أمام العالم عن بشاعة الجريمه التي ارتكبها الإحتلال بقيادة مجرم الحرب الطاغية علي عبد الله صالح الأحمر و أعوانه من ذئاب الغدر .
لن ننساك يا شهيدنا الغالي و سنذكرك للأجيال القادمه و سنذكر لهم أيضاً نذالة المجرم علي عبدالله صالح و خساسته هو و عسكره ، فجريمة إغتيالك وصمة خزي و عار و صفحة سوداء في تاريخه المظلم ، فالخلود لك يا شهيدنا و مزبلة التاريخ المكان الطبيعي للمجرم علي عبدالله صالح و أعوانه .فالسلام عليك يا شهيدنا الحبيب