عبدالله البلعسي
2011-04-12, 12:44 PM
لماذا لم يعتبر «علي صالح» الدعم القطري للوحدة اليمنية تدخلاً في شؤون بلاده؟
قطر واليمن .. بين «الحكمة اليمانية» .. و«الحنكة القطرية»
أحمد علي
رغم التصريحات الحادة و«المعقوفة» مثل نصل الخنجر، التي أطلقها ضد قطــــر، ســـــتبقى العلاقـــات الأخــوية بين الدوحــــــة وصنعــاء أكبر من «علي عبدالله صالح»، الذي يعتبره شعبه أنه «رئيس غير صالح».
.. وسيبقى ما بين اليمن وقطر أكبر من كل المصالح.
.. وستبقى العلاقة بين البلدين والشعبين الشــقيقين تحكمـها «الحكمة اليمانية» و «الحنكة القطرية».
.. وربما كان الرئيس اليمني تحت وطأة الضغوطات، عندما أطلق تلك التصريحات، التي هاجم فيها قطر، دون غيرها من الشقيقات الخليجيات، معتبراً أنها «تتدخل في شؤون اليمن الداخلية»!
لقد أطلق الرئيس «صالح» تصريحاته النارية ضد قطر، بعد إعلان معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، عن تفاصيل «المبادرة الخليجية»، التي تمثل طوق النجاة لليمن، وترتكز مبادئها على تنحي الرئيس عن السلطة، لوضع نهاية للاضطرابات الدموية في بلاده.
.. وبعيداً عن تصريحات معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية، فقد كشفت التسريبات الإعلامية أهم بنود «المبادرة»، التي تمثل مدخلاً لحل الأزمة اليمنية، وفي مقدمتها تنحي «رئيس الجمهورية»، ونقل صلاحياته إلى نائبه وليس ابنه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وضمان عدم ملاحقة الرئيس المتنحي وأفراد عائلته ونظامه قضائياً.
.. والغريب أن الرئيس اليمني ركز هجومه على قطر، وكأنها هي صاحبة «المبادرة»، متناسياً أن رئيس الوزراء كان يعكس موقفاً جماعياً خليجياً لحل الأزمة اليمنية.
والدليل البيان الصادر أمس عن وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ختام اجتماعهم بالرياض, الذي أكد ضرورة قيام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتسليم السلطة إلى نائبه, والسماح للمعارضة بقيادة حكومة انتقالية.
.. والأكثر غرابة أن «علي عبدالله صالح» كان على مدى الأسابيع الماضية يطالب دول مجلس التعاون بالتدخل لإيجاد حل لمشكلته مع شعبه.
.. ويبدو أنه كان يبحث عن غطاء أو مظلة خليجية، تسمح له بالبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، لكنه فوجئ أن الحل الخليجي الأمثل يستند إلى ضرورة تلبية مطالب الإرادة الشعبية اليمنية، وفي مقدمتها رحيله عن سدة الرئاسة، ولا شيء غير ذلك.
ومشكلة «الرئيس صالح»، الذي يعتبره شعبه أنه «غير صالح»، أنه يريد ضمان مصالحه الشخصية على حساب المصلحة اليمنية، وهي نفس مشكلة الرئيس المدمر «معمر»، الذي يريد أن يعمّر في المنصب الرئاسي، ويبقى زعيماً مدى الحياة في «الجماهيرية»، رغم إرادة «الجماهير» الليبية!
لقد وجه «الرئيس اليمني» أصابع الاتهام إلى الدوحة، وقال: «إن مصدر قوته يستمده من شعبه العظيم، وليس من قطر أو أي جهة أخرى، معتبراً أنها تتدخل بشكل سافر في شؤون اليمن»!
.. ولو كانت ذاكرة الرئيس صالح نشيطة، أو مازالت تقوم بمهماتها «البيولوجية»، فلابد أنها تتذكر كيف وقفت قطر مع اليمن في أحلك ظروفه عام 1994، عندما أرادت قوى الانفصال أن تفصل شمال اليمن عن جنوبه، وتتنصل عن ثوابت الوحدة اليمنية، وتشطر رأس البلاد عن جسده!
.. وإذا كان الرئيس غير الصالح مصاباً بداء النسيان، فإننا نذكره بتلك التصريحات التي أطلقها عشية زيارته إلى الدوحة في الرابع من شهر إبريل الماضي، عندما قال بالحرف الواحد: «إنه يقدر لقطر مواقفها المساندة لليمن وأمنه واستقراره، ووحدته، وفي مقدمتها ذلك الموقف الأخوي المشرّف أثناء فتنة حرب الردة والانفصال في صيف 1994، والذي لن ينساه شعبنا اليمني أبدا».
.. ولا أعتقد أن هذا التصريح مجرد «كلام جرايد»، ولكنه موقف سياسي هام أعلنه الرئيس الهُمام، من نفس اللسان، الذي هاجم به قطر قبل أيام!
.. ويمكن القول إن «الرئيس صالح» إما أنه يكذب على شعبه بهذه التصريحات، أو أنه يخدعنا بها، وفي كلتا الحالتين فإن موقفه غير أخلاقي، لأنه ينتهج موقفا متقلباً، فهو مرة يهاجم الموقف القطري، ومرات كثيرة يشيد بمواقف قطر تجاه بلاده، ويؤكد دعمها لأمن اليمن واستقراره.
.. ولكل هذا فإننا نضطر أن نذكّر الرئيس، لعل الذكرى تنفع اليمنيين، بالوساطة القطرية لحل مشكلة صعدة، وإنهاء «الفتنة الحوثية»، التي تعكس حرص قطر على إيقاف ذلك الصراع الدامي، الذي أنهك «الوطن اليماني»، واستنزف موارده، وسبب الصداع للمواطن اليمني.
كما نذكّره مرة أخرى بأن قطر كانت أول دولة خليجية طرحت موضوع انضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتحمست لدمج اليمنيين في منظومة المجلس.
.. ونذكِّر الرئيس أيضاً، الذي ربما فقد صوابه، أن قطر وقفت مع اليمن ودافعت عن وحدته ووحدة ترابه، دون أن يعتبر أنها تتدخل في شؤونه الداخلية، فقد كان «صالح» سعيداً بذلك الموقف القطري الأخوي، الذي قابله يومها بقصائد المديح من شعرائه.
لقد ظلت الدوحة على مدى العقود الماضية سندا ماديا ومعنويا وسياسيا لليمن، ومن خلالها جرى طرح الكثير من القضايا اليمنية على طاولة الحوارات والمؤتمرات الخليجية.
.. ولكن يبدو أن صالح لا يعرف إلا لغة المصالح، ولهذا تبنى موقفه الطالح، ومن هنا نفهم لماذا لم يعتبر دخول قطر على خط الوحدة اليمنية بأنه تدخل في شؤون اليمن الداخلية؟!
.. ولماذا أصبح الدخول القطري تحت مظلة المبادرة الخليجية لحل الأزمة الرئاسية «تدخّلاً سافراً»، في قاموس الرئيس الذي فقد الصلاحية؟!
عموما في ضوء الاضطرابات التي يشهدها الشارع اليمني، وبعد أن سالت دماء اليمنيين المناهضين لحكم «الرئيس»، ستبقى قطر حريصة على وحدة اليمن، وستبقى اليد القطرية ممدودة بكل الحب والعطاء والخير إلى أهلنا اليمنيين، فهذا واجب الأشقاء، الوقوف مع أشقائهم، حتى لو كان الرئيس صالح يتجاهل ذلك، سواء كان تحت وطأة الضغوطات، أو تحت تأثير تخزين «القاااااات»!
.. ومع الحالة المزاجية المتقلبة التي تنتاب «الرئيس صالح» هذه الأيام، لا شيئ يصلح لعلاجه سوى أن يردد كلمات أبو بكر سالم:
يا طائرة طيري على بندر عدن..
..زاد الهوى، زاد النوى، زاد الشجن!
تم النشر في: 11 Apr 2011
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?n=55D46F75-FDE2-4DFA-8E8F-52784AC30DAD&d=20110412&writer=1
قطر واليمن .. بين «الحكمة اليمانية» .. و«الحنكة القطرية»
أحمد علي
رغم التصريحات الحادة و«المعقوفة» مثل نصل الخنجر، التي أطلقها ضد قطــــر، ســـــتبقى العلاقـــات الأخــوية بين الدوحــــــة وصنعــاء أكبر من «علي عبدالله صالح»، الذي يعتبره شعبه أنه «رئيس غير صالح».
.. وسيبقى ما بين اليمن وقطر أكبر من كل المصالح.
.. وستبقى العلاقة بين البلدين والشعبين الشــقيقين تحكمـها «الحكمة اليمانية» و «الحنكة القطرية».
.. وربما كان الرئيس اليمني تحت وطأة الضغوطات، عندما أطلق تلك التصريحات، التي هاجم فيها قطر، دون غيرها من الشقيقات الخليجيات، معتبراً أنها «تتدخل في شؤون اليمن الداخلية»!
لقد أطلق الرئيس «صالح» تصريحاته النارية ضد قطر، بعد إعلان معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، عن تفاصيل «المبادرة الخليجية»، التي تمثل طوق النجاة لليمن، وترتكز مبادئها على تنحي الرئيس عن السلطة، لوضع نهاية للاضطرابات الدموية في بلاده.
.. وبعيداً عن تصريحات معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية، فقد كشفت التسريبات الإعلامية أهم بنود «المبادرة»، التي تمثل مدخلاً لحل الأزمة اليمنية، وفي مقدمتها تنحي «رئيس الجمهورية»، ونقل صلاحياته إلى نائبه وليس ابنه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وضمان عدم ملاحقة الرئيس المتنحي وأفراد عائلته ونظامه قضائياً.
.. والغريب أن الرئيس اليمني ركز هجومه على قطر، وكأنها هي صاحبة «المبادرة»، متناسياً أن رئيس الوزراء كان يعكس موقفاً جماعياً خليجياً لحل الأزمة اليمنية.
والدليل البيان الصادر أمس عن وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ختام اجتماعهم بالرياض, الذي أكد ضرورة قيام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتسليم السلطة إلى نائبه, والسماح للمعارضة بقيادة حكومة انتقالية.
.. والأكثر غرابة أن «علي عبدالله صالح» كان على مدى الأسابيع الماضية يطالب دول مجلس التعاون بالتدخل لإيجاد حل لمشكلته مع شعبه.
.. ويبدو أنه كان يبحث عن غطاء أو مظلة خليجية، تسمح له بالبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، لكنه فوجئ أن الحل الخليجي الأمثل يستند إلى ضرورة تلبية مطالب الإرادة الشعبية اليمنية، وفي مقدمتها رحيله عن سدة الرئاسة، ولا شيء غير ذلك.
ومشكلة «الرئيس صالح»، الذي يعتبره شعبه أنه «غير صالح»، أنه يريد ضمان مصالحه الشخصية على حساب المصلحة اليمنية، وهي نفس مشكلة الرئيس المدمر «معمر»، الذي يريد أن يعمّر في المنصب الرئاسي، ويبقى زعيماً مدى الحياة في «الجماهيرية»، رغم إرادة «الجماهير» الليبية!
لقد وجه «الرئيس اليمني» أصابع الاتهام إلى الدوحة، وقال: «إن مصدر قوته يستمده من شعبه العظيم، وليس من قطر أو أي جهة أخرى، معتبراً أنها تتدخل بشكل سافر في شؤون اليمن»!
.. ولو كانت ذاكرة الرئيس صالح نشيطة، أو مازالت تقوم بمهماتها «البيولوجية»، فلابد أنها تتذكر كيف وقفت قطر مع اليمن في أحلك ظروفه عام 1994، عندما أرادت قوى الانفصال أن تفصل شمال اليمن عن جنوبه، وتتنصل عن ثوابت الوحدة اليمنية، وتشطر رأس البلاد عن جسده!
.. وإذا كان الرئيس غير الصالح مصاباً بداء النسيان، فإننا نذكره بتلك التصريحات التي أطلقها عشية زيارته إلى الدوحة في الرابع من شهر إبريل الماضي، عندما قال بالحرف الواحد: «إنه يقدر لقطر مواقفها المساندة لليمن وأمنه واستقراره، ووحدته، وفي مقدمتها ذلك الموقف الأخوي المشرّف أثناء فتنة حرب الردة والانفصال في صيف 1994، والذي لن ينساه شعبنا اليمني أبدا».
.. ولا أعتقد أن هذا التصريح مجرد «كلام جرايد»، ولكنه موقف سياسي هام أعلنه الرئيس الهُمام، من نفس اللسان، الذي هاجم به قطر قبل أيام!
.. ويمكن القول إن «الرئيس صالح» إما أنه يكذب على شعبه بهذه التصريحات، أو أنه يخدعنا بها، وفي كلتا الحالتين فإن موقفه غير أخلاقي، لأنه ينتهج موقفا متقلباً، فهو مرة يهاجم الموقف القطري، ومرات كثيرة يشيد بمواقف قطر تجاه بلاده، ويؤكد دعمها لأمن اليمن واستقراره.
.. ولكل هذا فإننا نضطر أن نذكّر الرئيس، لعل الذكرى تنفع اليمنيين، بالوساطة القطرية لحل مشكلة صعدة، وإنهاء «الفتنة الحوثية»، التي تعكس حرص قطر على إيقاف ذلك الصراع الدامي، الذي أنهك «الوطن اليماني»، واستنزف موارده، وسبب الصداع للمواطن اليمني.
كما نذكّره مرة أخرى بأن قطر كانت أول دولة خليجية طرحت موضوع انضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتحمست لدمج اليمنيين في منظومة المجلس.
.. ونذكِّر الرئيس أيضاً، الذي ربما فقد صوابه، أن قطر وقفت مع اليمن ودافعت عن وحدته ووحدة ترابه، دون أن يعتبر أنها تتدخل في شؤونه الداخلية، فقد كان «صالح» سعيداً بذلك الموقف القطري الأخوي، الذي قابله يومها بقصائد المديح من شعرائه.
لقد ظلت الدوحة على مدى العقود الماضية سندا ماديا ومعنويا وسياسيا لليمن، ومن خلالها جرى طرح الكثير من القضايا اليمنية على طاولة الحوارات والمؤتمرات الخليجية.
.. ولكن يبدو أن صالح لا يعرف إلا لغة المصالح، ولهذا تبنى موقفه الطالح، ومن هنا نفهم لماذا لم يعتبر دخول قطر على خط الوحدة اليمنية بأنه تدخل في شؤون اليمن الداخلية؟!
.. ولماذا أصبح الدخول القطري تحت مظلة المبادرة الخليجية لحل الأزمة الرئاسية «تدخّلاً سافراً»، في قاموس الرئيس الذي فقد الصلاحية؟!
عموما في ضوء الاضطرابات التي يشهدها الشارع اليمني، وبعد أن سالت دماء اليمنيين المناهضين لحكم «الرئيس»، ستبقى قطر حريصة على وحدة اليمن، وستبقى اليد القطرية ممدودة بكل الحب والعطاء والخير إلى أهلنا اليمنيين، فهذا واجب الأشقاء، الوقوف مع أشقائهم، حتى لو كان الرئيس صالح يتجاهل ذلك، سواء كان تحت وطأة الضغوطات، أو تحت تأثير تخزين «القاااااات»!
.. ومع الحالة المزاجية المتقلبة التي تنتاب «الرئيس صالح» هذه الأيام، لا شيئ يصلح لعلاجه سوى أن يردد كلمات أبو بكر سالم:
يا طائرة طيري على بندر عدن..
..زاد الهوى، زاد النوى، زاد الشجن!
تم النشر في: 11 Apr 2011
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?n=55D46F75-FDE2-4DFA-8E8F-52784AC30DAD&d=20110412&writer=1