جنوبي طيب
2010-07-22, 03:22 PM
لماذا أختار تنظيم القاعدة الاستيطان في الجنوب؟؟
الأربعاء , 21 يوليو 2010 م
كتب/ صالح علي الحنشي
لمـن
تخلفـوا عن الدخـــول إلى الألفيـة الثالثـة :-
مازال بعض الرفاق يصرون أنهم وحدهم من يملك الحقيقة كاملة . وما عداهم فلا يمتلك الحق حتى في القول أن لديه جزء من الحقيقة.
هم وحدهم الذين يملكون الحق أيضاً أن يكون لهم رأيهم. بينما الآخرين إذا ما أبدوا رأياً مخالف لهم فهو قد لقن لهم.
ما زال التفكير الإقصائي هو الحاضر في عقولهم..
لذلك فعلى من يرغب في مخاطبتهم أو نقاشهم أن يسافر إلى القرن التاسع عشر وتحديداً إلى عقد السبعينات منه لكي يقترب منهم قليلاً , وقد يصبح ذلك متاحاً حين تتحول فرضية السفر عبر الساعة الزمنية واقعاً معاشاً وتقنيات متوفرة في الأسواق..
بعد أن كانت قضية التواجد الفعلي لتنظيم القاعدة في اليمن موضوع جدل بين الحكومة اليمنية وبعض المعارضين لما يزيد عن عقد من السنين.. يأتي تنظيم القاعدة اليوم ليضع حد لذلك الجدل معلنا عن تواجده على الأرض اليمنية.. وبحجم يؤهله لتحدي الحكومة ومنازلتها.. أيضا..
الحكومة اليمنية التي دخلت شريكا في الحرب على الإرهاب مع دول محور هذه الحرب.. كان المعارضين للحكومة ينفون أي تواجد للقاعدة في اليمن.. وأن كل من تتهمهم الحكومة بالانتماء لتنظيم القاعدة.إنما هم عناصر متطرفة من صنع الحكومة نفسها.. ولا علاقة لها بالتنظيمات الجهادية الأخرى..
الحكومة التي لم تلق بالا لمثل تلك الاتهامات التي يتهمها بها خصومها ضلت ماضية في ملاحقة تلك العناصر المتطرفة.. وخاضت حروب كر وفر معها طوال السنوات الفائتة.. حملات مداهمة في مناطق مختلفة شنتها القوات الحكومية على أوكار لتجمعات تقول أنها تتبع تنظيم القاعدة انتهت في مرات كثيرة باعتقال أعداد منها بينما قتلت أعداد أخرى..
كان المعارضين للحكومة يشككون في جديتها في الحرب على التطرف مستندين على هروب من يتم اعتقالهم من سجون الأمن السياسي.. والتي كان أخرها هروب أربعة وعشرين متهما من سجن تابع للأمن السياسي بصنعاء لكن الحجج التي يستند إليها خصوم الحكومة في اتهاماتهم لها التي تتحدث عن عدم جديتها في الحرب على الإرهاب أو تواطؤها مع العناصر المتطرفة.. قد لا يقبل بها كل من يدرك إمكانيات دولة ضعيفة كاليمن في مواجهة خطورة وقوة تنظيم القاعدة.. الذي أصبح مصدر تهديد جدي لدول كبرى استطاع قهر كل احتياطاتها الأمنية بما تملكه من تقنيات استخباراتية.. كما رأينا. في هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث وصل تنظيم القاعدة إلى ضرب المركز الرئيسي لأعتى قوة عسكرية في العالم ((البنتاجون)).
وللوقوف على البدايات الأولى لتواجد تنظيم القاعدة في اليمن.. وكيف جاء؟؟
يمكن تحديد ذلك بمطلع عقد التسعينات من القرن الماضي.. وقد تكون أعمال التفجيرات التي استهدفت فندق عدن عام 93م هي أولى عملياتها في اليمن أن لم تخني الذاكرة..
كان حينها تنظيم القاعدة مازال ماض في الحرب على الشيوعية التي حددها بأنها خصمه الأول.. وكان الحزب الاشتراكي الذي حكم المحافظات الجنوبية والشرقية قبل إعادة الوحدة في مايو 90م.. ودخل شريكا في دولة الوحدة.. يرى فيه تنظيم القاعدة امتداد للفكر الشيوعي الذي انتهى من حرب معه في أحدى الجبهات ((أفغانستان)) للتو..
لذلك اتجه تنظيم القاعدة حين قرر أن يضع له موطئً قدم في اليمن إلى المحافظات الجنوبية والشرقية.
فهي الهدف الذي قدم من أجله إلى اليمن فهذه المحافظات هي التي كرس فيها الحزب الاشتراكي الفكر الشيوعي الإلحادي طوال فترة حكمه.. من وجهة نظر القاعدة.. لذلك فمهمة القاعدة من قدومها لليمن هي اجتثاث الحزب الاشتراكي وكذا اجتثاث الفكر الإلحادي في المحافظات التي حكمها..
لذلك تنظيم القاعدة قد وقع اختياره على التواجد في هذه المحافظات تحديدا لأهداف تصب في صلب مهمته الأولى التي يخوض الحرب من اجلها في كل البقاع التي يحارب فيها.. لكنه لم يلبث بعدها أن اكتشف أن هناك عوامل أخرى تمتاز بها المحافظات الجنوبية والشرقية تتلائم مع ما يتطلبه أي تواجد للتنظيم.. ميزات ربما لا يراها في المحافظات الشمالية والغربية..
فالمناطق الجنوبية القليلة السكان.. الواسعة المساحة.. بالإمكان إيجاد مناطق كثيرة وواسعة فيها غير مأهولة.. ولم تصلها الطرق المعبدة يضمن فيها التحرك بعيدا عن أي رقابة.. وكذا استقدام عناصره إليها وأجرى التدريبات العسكرية وإقامة المعسكرات.. دون أن يصل إليها احد..
بينما لا يجد مثل ذلك في محافظات أخرى كالشمالية.. المزدحمة بالسكان والتي ترتبط معظم مناطقها وأريافها بشبكة مواصلات.. حتى الجبلية والوعرة منها..
يوما عن يوم كانت تتوالى اكتشافات تنظيم القاعدة لميزات جديدة في المحافظات الجنوبية والشرقية ميزات يراها ملائمة لما ينفع لتأسيس دعائم قاعدة له . هذه الميزات ربما قد جعلت تنظيم القاعدة يغير إستراتيجية أهداف قدومه إلى اليمن.. وأصبحت قياداته تفكر أن انجازها للهدف الذي جاءت من اجله ليس بالضرورة أن يمنعها من التفكير بالبقاء وجعل هذه المناطق قاعدة لإعادة انطلاق نشاطاتها بعد أن وجدت ما يصلح لمثل ذلك.. لم تكن هبة الجغرافيا لطبيعة هذه المحافظات والتركيبة السكانية هما الميزتان الوحيدتان التي حفزت رغبات تنظيم القاعدة لتمديد الإقامة فيها..
كانت أيضا تبعات وآثار حكم الحزب الاشتراكي على سكان هذه المحافظات قد أوجدت بيئة يرى فيها تنظيم القاعدة محفزة لغرس شتلات التطرف ((أفكار القاعدة)). فالحزب الاشتراكي الذي رأى إن تكريس الفكر الشيوعي وغرس المفاهيم العلمانية يتطلب منه الحد من سطوة الفكر الإسلامي على فكر المجتمع الذي لا يتسع المقام هنا للخوض في تفاصيل الوسائل التي اتبعها لمحاصرة تأثير رجال الدين التي وصلت إلى حد جعل ما يدرس في المقررات الدراسية من العقيدة الإسلامية مادة هامشية الرسوب فيها لا يؤثر على نقل التلميذ من سنة دراسية إلى أخرى..
لذلك فمجتمع على هذا النحو.. بيئة جيدة جدا لغرس فكر القاعدة دون أن تقابله الصعوبات التي قد تقابله في مناطق أخرى لم يحدث لسكانها ما حدث مع سكان المحافظات الجنوبية أثناء حكم الاشتراكي فيما يتعلق بالموقف من العقيدة الإسلامية..
مع تفاقم أعمال العنف التي رافقت أنشطة الحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية وتنامي نشاط القاعدة في اليمن ذهب بالبعض إلى الربط بين القاعدة والحراك.. ربما لاقتران تزايد نشاط القاعدة مع تصعيد أعمال العنف للحراك. لكن الحقيقة أن ما كان يحدث هو تقارب في المصالح دون أي تنسيق من أي نوع بين الطرفين.
فأعمال العنف والتقطع والخطف التي كانت تنفذها عناصر قواعد الحراك قد أضعفت تواجد الدولة في هذه المحافظات وتعد تلك خدمة مجانية قدمها الحراك للقاعدة كما أن انشغال الحكومة بمواجهة تلك الأعمال للحراك.. قد استهلكت نصيب كبير من إمكانيتها وجعلها غير قادرة على الحرب على جبهتين في وقت واحد القاعدة والحراك.. لذلك فمواجهة الحكومة لما تقوم به قواعد الحراك جاء على حساب حربها على القاعدة..
لكن لا يستبعد دعم تنظيم القاعدة للجماعات التي تميل لارتكاب أعمال العنف في الحراك.. هذا الدعم قد لا تدرك جماعات الحراك نفسها أن مصدره تنظيم القاعدة.. الذي قد يصل إليها عبر قنوات لم يعرف عن أي صلات لها بالقاعدة فقد تكون واجهات اجتماعية أو ربما واجهات تجارية في الخارج..
ما كشفته العمليات النوعية لتنظيم القاعدة في محافظات عدن وأبين مؤخرا بمهاجمتها لمقري الاستخبارات في المحافظتين وكذا مقر الأمن في محافظة أبين.. تؤكد أن التنظيم أصبح يملك قوة لا يستهان بها لم تكن في حساب أحد ربما حتى الحكومة نفسها.. التي تفاجأت أن تنظيم القاعدة أصبح قادرا على مهاجمة مقر الاستخبارات في مدينة عدن وتمكنه من تحقيق الهدف الذي رسمه فلا يمكن لأي جماعة مسلحة أو حتى تنظيم أن يتمكن من النجاح في الوصول إلى مركز الاستخبارات في مدينة كعدن إلا إذا كانت لديه قاعدة لوجستية كبيرة كانت قد سهلت مهمته على ما رأيناها من دقة في التنفيذ.. وخلال أقل من شهر قام تنظيم القاعدة بعملية أخرى مماثلة في مدينة لا تبعد أكثر من 45كم عن عدن وعلى هدف مماثل أيضا..
ويسبقها بتصريح لأحدى قياداته بثته بعض الفضائيات.. كل ذلك يكشف أن تنظيم القاعدة لديه ثقة كبيرة بقدراته وبقوته التي أصبح يملكها في هذه المناطق..
تنظيم القاعدة الذي اتبع الحرب البرية في معظم حروبه وتمكن من تحقيق ضربة خاطفة ((الهجمات الانتحارية في11 سبتمبر)) في الحرب الجوية حقق فيها ما قد لا تستطيع أن تحققه دولة كبرى تملك سلاح جوي مزود بأحدث التقنيات.
لكن تنظيم القاعدة قد لا يستطيع حتى في المستقبل البعيد أن يحصل على فرصة أخرى لتكرار مثل تلك الضربة الجوية.. كما أن الحرب البرية أيضا تتطلب امتلاكه لأراض برية تقع تحت سيطرته كما كان في أفغانستان قبل دخول حلف النيتو إليها..
لذا لم يبق أمامه غير الحرب البحرية.. وقد تكون هي المشروع العسكري الذي يعد له.. وستكون مياه البحار هي الميدان القادم لخوض حروب التنظيم مع خصومه..
ولعل العمليتين التي نفذها في كل من ميناء عدن التي استهدفت المدمرة الأمريكية (كول).. والعملية الأخرى التي استهدفت الناقلة الفرنسية (ليمبرج) في ميناء المكلا.. هي ليست أكثر من تجربتين اختباريه قام بها تنظيم القاعدة على طريق خطة عسكرية لحرب بحرية شاملة.. سنراها في المستقبل القريب..
ولعل تواجد تنظيم القاعدة في المدن والمناطق الجنوبي المحاذية للسواحل الهدف منه جعلها أحدى قواعد انطلاق الحرب البحرية..
إن ترك الحكومة اليمنية وحيدة في حربها مع تنظيم القاعدة على الأراضي اليمنية بعد أن أفصحت الحيثيات عن وجود قوى للتنظيم في المناطق الساحلية في المحافظات الجنوبية والشرقية..
في ظل التحديات الاقتصادية واندلاع القلاقل في بعض مناطق من البلاد.. سيؤدي إلى إنهاك قدراتها في مواجهة أعمال الإرهاب.. وكذا ضعف مقدرتها على فرض سيطرتها على المناطق التي يتواجد فيها تنظيم القاعدة في المناطق المحاذية للشواطئ. وهو الأمر الذي يسعى للوصول إليه تنظيم القاعدة لكي يتمكن من بناء قواعد له هناك.. ستمكنه مستقبلا من شن هجمات انتحارية على السفن التجارية في الممر الدولي في بحر العرب وخليج عدن كما ستصبح البوارج الحربية المتواجدة في هذه المياه تحت مرمى نيران تنظيم القاعدة..
كما لا يستبعد أيضا أن سعي تنظيم القاعدة للسيطرة على المناطق الساحلية يأتي ضمن استراتيجيات التنظيم في قطع الطريق على مخططات إسرائيل التي حوتها مخططاتها التي تسعى من خلالها للسيطرة على ما تسميها مناطق البحار المفتوحة. التي يأتي من ضمنها بحر العرب وخليج عدن
الأربعاء , 21 يوليو 2010 م
كتب/ صالح علي الحنشي
لمـن
تخلفـوا عن الدخـــول إلى الألفيـة الثالثـة :-
مازال بعض الرفاق يصرون أنهم وحدهم من يملك الحقيقة كاملة . وما عداهم فلا يمتلك الحق حتى في القول أن لديه جزء من الحقيقة.
هم وحدهم الذين يملكون الحق أيضاً أن يكون لهم رأيهم. بينما الآخرين إذا ما أبدوا رأياً مخالف لهم فهو قد لقن لهم.
ما زال التفكير الإقصائي هو الحاضر في عقولهم..
لذلك فعلى من يرغب في مخاطبتهم أو نقاشهم أن يسافر إلى القرن التاسع عشر وتحديداً إلى عقد السبعينات منه لكي يقترب منهم قليلاً , وقد يصبح ذلك متاحاً حين تتحول فرضية السفر عبر الساعة الزمنية واقعاً معاشاً وتقنيات متوفرة في الأسواق..
بعد أن كانت قضية التواجد الفعلي لتنظيم القاعدة في اليمن موضوع جدل بين الحكومة اليمنية وبعض المعارضين لما يزيد عن عقد من السنين.. يأتي تنظيم القاعدة اليوم ليضع حد لذلك الجدل معلنا عن تواجده على الأرض اليمنية.. وبحجم يؤهله لتحدي الحكومة ومنازلتها.. أيضا..
الحكومة اليمنية التي دخلت شريكا في الحرب على الإرهاب مع دول محور هذه الحرب.. كان المعارضين للحكومة ينفون أي تواجد للقاعدة في اليمن.. وأن كل من تتهمهم الحكومة بالانتماء لتنظيم القاعدة.إنما هم عناصر متطرفة من صنع الحكومة نفسها.. ولا علاقة لها بالتنظيمات الجهادية الأخرى..
الحكومة التي لم تلق بالا لمثل تلك الاتهامات التي يتهمها بها خصومها ضلت ماضية في ملاحقة تلك العناصر المتطرفة.. وخاضت حروب كر وفر معها طوال السنوات الفائتة.. حملات مداهمة في مناطق مختلفة شنتها القوات الحكومية على أوكار لتجمعات تقول أنها تتبع تنظيم القاعدة انتهت في مرات كثيرة باعتقال أعداد منها بينما قتلت أعداد أخرى..
كان المعارضين للحكومة يشككون في جديتها في الحرب على التطرف مستندين على هروب من يتم اعتقالهم من سجون الأمن السياسي.. والتي كان أخرها هروب أربعة وعشرين متهما من سجن تابع للأمن السياسي بصنعاء لكن الحجج التي يستند إليها خصوم الحكومة في اتهاماتهم لها التي تتحدث عن عدم جديتها في الحرب على الإرهاب أو تواطؤها مع العناصر المتطرفة.. قد لا يقبل بها كل من يدرك إمكانيات دولة ضعيفة كاليمن في مواجهة خطورة وقوة تنظيم القاعدة.. الذي أصبح مصدر تهديد جدي لدول كبرى استطاع قهر كل احتياطاتها الأمنية بما تملكه من تقنيات استخباراتية.. كما رأينا. في هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث وصل تنظيم القاعدة إلى ضرب المركز الرئيسي لأعتى قوة عسكرية في العالم ((البنتاجون)).
وللوقوف على البدايات الأولى لتواجد تنظيم القاعدة في اليمن.. وكيف جاء؟؟
يمكن تحديد ذلك بمطلع عقد التسعينات من القرن الماضي.. وقد تكون أعمال التفجيرات التي استهدفت فندق عدن عام 93م هي أولى عملياتها في اليمن أن لم تخني الذاكرة..
كان حينها تنظيم القاعدة مازال ماض في الحرب على الشيوعية التي حددها بأنها خصمه الأول.. وكان الحزب الاشتراكي الذي حكم المحافظات الجنوبية والشرقية قبل إعادة الوحدة في مايو 90م.. ودخل شريكا في دولة الوحدة.. يرى فيه تنظيم القاعدة امتداد للفكر الشيوعي الذي انتهى من حرب معه في أحدى الجبهات ((أفغانستان)) للتو..
لذلك اتجه تنظيم القاعدة حين قرر أن يضع له موطئً قدم في اليمن إلى المحافظات الجنوبية والشرقية.
فهي الهدف الذي قدم من أجله إلى اليمن فهذه المحافظات هي التي كرس فيها الحزب الاشتراكي الفكر الشيوعي الإلحادي طوال فترة حكمه.. من وجهة نظر القاعدة.. لذلك فمهمة القاعدة من قدومها لليمن هي اجتثاث الحزب الاشتراكي وكذا اجتثاث الفكر الإلحادي في المحافظات التي حكمها..
لذلك تنظيم القاعدة قد وقع اختياره على التواجد في هذه المحافظات تحديدا لأهداف تصب في صلب مهمته الأولى التي يخوض الحرب من اجلها في كل البقاع التي يحارب فيها.. لكنه لم يلبث بعدها أن اكتشف أن هناك عوامل أخرى تمتاز بها المحافظات الجنوبية والشرقية تتلائم مع ما يتطلبه أي تواجد للتنظيم.. ميزات ربما لا يراها في المحافظات الشمالية والغربية..
فالمناطق الجنوبية القليلة السكان.. الواسعة المساحة.. بالإمكان إيجاد مناطق كثيرة وواسعة فيها غير مأهولة.. ولم تصلها الطرق المعبدة يضمن فيها التحرك بعيدا عن أي رقابة.. وكذا استقدام عناصره إليها وأجرى التدريبات العسكرية وإقامة المعسكرات.. دون أن يصل إليها احد..
بينما لا يجد مثل ذلك في محافظات أخرى كالشمالية.. المزدحمة بالسكان والتي ترتبط معظم مناطقها وأريافها بشبكة مواصلات.. حتى الجبلية والوعرة منها..
يوما عن يوم كانت تتوالى اكتشافات تنظيم القاعدة لميزات جديدة في المحافظات الجنوبية والشرقية ميزات يراها ملائمة لما ينفع لتأسيس دعائم قاعدة له . هذه الميزات ربما قد جعلت تنظيم القاعدة يغير إستراتيجية أهداف قدومه إلى اليمن.. وأصبحت قياداته تفكر أن انجازها للهدف الذي جاءت من اجله ليس بالضرورة أن يمنعها من التفكير بالبقاء وجعل هذه المناطق قاعدة لإعادة انطلاق نشاطاتها بعد أن وجدت ما يصلح لمثل ذلك.. لم تكن هبة الجغرافيا لطبيعة هذه المحافظات والتركيبة السكانية هما الميزتان الوحيدتان التي حفزت رغبات تنظيم القاعدة لتمديد الإقامة فيها..
كانت أيضا تبعات وآثار حكم الحزب الاشتراكي على سكان هذه المحافظات قد أوجدت بيئة يرى فيها تنظيم القاعدة محفزة لغرس شتلات التطرف ((أفكار القاعدة)). فالحزب الاشتراكي الذي رأى إن تكريس الفكر الشيوعي وغرس المفاهيم العلمانية يتطلب منه الحد من سطوة الفكر الإسلامي على فكر المجتمع الذي لا يتسع المقام هنا للخوض في تفاصيل الوسائل التي اتبعها لمحاصرة تأثير رجال الدين التي وصلت إلى حد جعل ما يدرس في المقررات الدراسية من العقيدة الإسلامية مادة هامشية الرسوب فيها لا يؤثر على نقل التلميذ من سنة دراسية إلى أخرى..
لذلك فمجتمع على هذا النحو.. بيئة جيدة جدا لغرس فكر القاعدة دون أن تقابله الصعوبات التي قد تقابله في مناطق أخرى لم يحدث لسكانها ما حدث مع سكان المحافظات الجنوبية أثناء حكم الاشتراكي فيما يتعلق بالموقف من العقيدة الإسلامية..
مع تفاقم أعمال العنف التي رافقت أنشطة الحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية وتنامي نشاط القاعدة في اليمن ذهب بالبعض إلى الربط بين القاعدة والحراك.. ربما لاقتران تزايد نشاط القاعدة مع تصعيد أعمال العنف للحراك. لكن الحقيقة أن ما كان يحدث هو تقارب في المصالح دون أي تنسيق من أي نوع بين الطرفين.
فأعمال العنف والتقطع والخطف التي كانت تنفذها عناصر قواعد الحراك قد أضعفت تواجد الدولة في هذه المحافظات وتعد تلك خدمة مجانية قدمها الحراك للقاعدة كما أن انشغال الحكومة بمواجهة تلك الأعمال للحراك.. قد استهلكت نصيب كبير من إمكانيتها وجعلها غير قادرة على الحرب على جبهتين في وقت واحد القاعدة والحراك.. لذلك فمواجهة الحكومة لما تقوم به قواعد الحراك جاء على حساب حربها على القاعدة..
لكن لا يستبعد دعم تنظيم القاعدة للجماعات التي تميل لارتكاب أعمال العنف في الحراك.. هذا الدعم قد لا تدرك جماعات الحراك نفسها أن مصدره تنظيم القاعدة.. الذي قد يصل إليها عبر قنوات لم يعرف عن أي صلات لها بالقاعدة فقد تكون واجهات اجتماعية أو ربما واجهات تجارية في الخارج..
ما كشفته العمليات النوعية لتنظيم القاعدة في محافظات عدن وأبين مؤخرا بمهاجمتها لمقري الاستخبارات في المحافظتين وكذا مقر الأمن في محافظة أبين.. تؤكد أن التنظيم أصبح يملك قوة لا يستهان بها لم تكن في حساب أحد ربما حتى الحكومة نفسها.. التي تفاجأت أن تنظيم القاعدة أصبح قادرا على مهاجمة مقر الاستخبارات في مدينة عدن وتمكنه من تحقيق الهدف الذي رسمه فلا يمكن لأي جماعة مسلحة أو حتى تنظيم أن يتمكن من النجاح في الوصول إلى مركز الاستخبارات في مدينة كعدن إلا إذا كانت لديه قاعدة لوجستية كبيرة كانت قد سهلت مهمته على ما رأيناها من دقة في التنفيذ.. وخلال أقل من شهر قام تنظيم القاعدة بعملية أخرى مماثلة في مدينة لا تبعد أكثر من 45كم عن عدن وعلى هدف مماثل أيضا..
ويسبقها بتصريح لأحدى قياداته بثته بعض الفضائيات.. كل ذلك يكشف أن تنظيم القاعدة لديه ثقة كبيرة بقدراته وبقوته التي أصبح يملكها في هذه المناطق..
تنظيم القاعدة الذي اتبع الحرب البرية في معظم حروبه وتمكن من تحقيق ضربة خاطفة ((الهجمات الانتحارية في11 سبتمبر)) في الحرب الجوية حقق فيها ما قد لا تستطيع أن تحققه دولة كبرى تملك سلاح جوي مزود بأحدث التقنيات.
لكن تنظيم القاعدة قد لا يستطيع حتى في المستقبل البعيد أن يحصل على فرصة أخرى لتكرار مثل تلك الضربة الجوية.. كما أن الحرب البرية أيضا تتطلب امتلاكه لأراض برية تقع تحت سيطرته كما كان في أفغانستان قبل دخول حلف النيتو إليها..
لذا لم يبق أمامه غير الحرب البحرية.. وقد تكون هي المشروع العسكري الذي يعد له.. وستكون مياه البحار هي الميدان القادم لخوض حروب التنظيم مع خصومه..
ولعل العمليتين التي نفذها في كل من ميناء عدن التي استهدفت المدمرة الأمريكية (كول).. والعملية الأخرى التي استهدفت الناقلة الفرنسية (ليمبرج) في ميناء المكلا.. هي ليست أكثر من تجربتين اختباريه قام بها تنظيم القاعدة على طريق خطة عسكرية لحرب بحرية شاملة.. سنراها في المستقبل القريب..
ولعل تواجد تنظيم القاعدة في المدن والمناطق الجنوبي المحاذية للسواحل الهدف منه جعلها أحدى قواعد انطلاق الحرب البحرية..
إن ترك الحكومة اليمنية وحيدة في حربها مع تنظيم القاعدة على الأراضي اليمنية بعد أن أفصحت الحيثيات عن وجود قوى للتنظيم في المناطق الساحلية في المحافظات الجنوبية والشرقية..
في ظل التحديات الاقتصادية واندلاع القلاقل في بعض مناطق من البلاد.. سيؤدي إلى إنهاك قدراتها في مواجهة أعمال الإرهاب.. وكذا ضعف مقدرتها على فرض سيطرتها على المناطق التي يتواجد فيها تنظيم القاعدة في المناطق المحاذية للشواطئ. وهو الأمر الذي يسعى للوصول إليه تنظيم القاعدة لكي يتمكن من بناء قواعد له هناك.. ستمكنه مستقبلا من شن هجمات انتحارية على السفن التجارية في الممر الدولي في بحر العرب وخليج عدن كما ستصبح البوارج الحربية المتواجدة في هذه المياه تحت مرمى نيران تنظيم القاعدة..
كما لا يستبعد أيضا أن سعي تنظيم القاعدة للسيطرة على المناطق الساحلية يأتي ضمن استراتيجيات التنظيم في قطع الطريق على مخططات إسرائيل التي حوتها مخططاتها التي تسعى من خلالها للسيطرة على ما تسميها مناطق البحار المفتوحة. التي يأتي من ضمنها بحر العرب وخليج عدن