المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يومان من الدهر .. لن تنساهما المحروسة عدن


طيف الجنوب
2010-07-20, 10:27 PM
سوف تستعيد عدن بريقها وتلبس ثوب الفرح باذن الله سبحانة وتعالى عما قريب
ويتم تطهير الجنوب وعدن الحبيبة من براثين الشماليين ومخلفاتهم


يومان من الدهر .. لن تنساهما المحروسة عدن
بقلم... نادرة عبد القدوس


يومان مرعبان ، مرا على عدن ، لم تشهد لهما المدينة مثيلاً من قبل .. يومان من الدهر شهدتهما هذه المدينة المحروسة بعين الله تعالى على غير العادة ، منذ عقود طويلة .. يومان .. الأول منهما متميزاً عن الآخر ، وكان يفترض أن تضاء فيه الأنوار وتطلق في السماء الألعاب النارية ، كيف لا وهو اليوم الذي شهد فيه شمال الوطن وصول الرئيس الخامس علي عبد الله صالح إلى سدة الحكم ؟ وهو احتفاء سنوي كان معمولاً به كل 17 يوليو ، حتى قيام دولة الجمهورية اليمنية ، بتوحيد شمال وجنوب الوطن ، ثم تغيرت التسمية إلى يوم الديمقراطية.

كان يوم السبت الموافق 17 يوليو 2010م ، بالنسبة لمدينة عدن ، يوماً أسوداً ، معتماً ليلاً وقائظاً ، مغبراً نهاراً ، خيمت فيه على الناس مشاعر الحزن والكآبة والإحباط ؛ فقد اتفقت مؤسستي الكهرباء والمياه في هذا اليوم (الأغر) ، على استنباط طريقة جديدة في تعذيب مواطني هذه المدينة الصابرة ـ التي لم ينطلِ على أهلها تسميتها بالعاصمة الاقتصادية والتجارية ـ تمثلت في قطع المياه والتيار الكهربائي ، دون أي إنذار مسبق ودونما أي اعتذار ، كأسلوب حضاري . على فكرة ، كانت السلطات البريطانية ، في المستعمرة عدن ، عندما توشك على قطع التيار الكهربائي أو المياه عن حي أو أحياء في المستعمرة بسبب خلل ما أو إصلاح ما ، تقوم بتنبيه المواطنين عبر وسائل الإعلام أو عبر سيارة تجوب الشوارع بمكبرات الصوت ، ولا تنسى الاعتذار لهم .
كان يوماً أحلكاً ، فالانقطاع لم يكن لفترة وجيزة ، بل لساعات متواصلة حيناً ، ومتقطعة حيناً آخراً ، خُربت على إثرها كثير من الأجهزة الكهربائية ، فهل ستقوم المؤسستان بتعويض أصحابها ؟ هذا ضرب من الخيال ، لأننا نعيش الديمقراطية اليمنية ، التي من ميزاتها لا للشكوى . أما حال الأطفال والشيوخ والمرضى في ذلك اليوم ، فحدث ولا حرج .. ضجت المدينة بصرخات الأطفال وبكائهم من شدة الحرارة والعطش ، والنساء كن يرفعن أصواتهن بالدعاء على مؤسستي الكهرباء والمياه ، أما الرجال ، فقد عبروا عن استيائهم وغضبهم الجم بإحراق إطارات السيارات في الشوارع والأحياء السكنية ، غير عابئين بأطقم الشرطة والأمن الذين لا يعرفون غير لغة السلاح .
مدينة عدن .. آآه يا عدن .. يا صابرة على كل الابتلاءات منذ احتلالك عام 1839م من قبل الإنجليز وحتى الساعة ، وربما حتى قيام الساعة ( ألم يوجد حديث شريف يقول أن من علامات الساعة خروج نار من عدن ؟) متى ستعيشين كبقية المدن المتحضرة ؟ وأنت سيدة المدن بمينائك وبثروتك الحيوانية والسمكية وبمناخك الدافئ وبسمائك الصافية وبثروتك البشرية ؟ يا عدن متى تعود الابتسامة إلى ثغرك ؟ عدن .. يا عدن .. بطيبة روحك وبدفء قلبك تمنحين وتغدقين في عطاءاتك ، ولكن الجاحدين يتنكرون لك ، ولا يبتغون لك غير الإفقار والإذلال والقهر ، وتسألين عن السبب ؛ فلا تسمعين غير صدى صوتك.. يلتحفك الشقاء .. ويعتصرك الألم .
عدن .. يا عدن .. يا مدينة المدن .. لا تبتئسي ؛ فالله وحده يرعاك .. وها هي السماء اليوم (19 يوليو) ترسل لك ماءها رقراقاً فأنعشك ، وها هي الشمس تلطّفت بك ، فغاب عنك هجيرها ، هكذا أنت يا عدن الحبيبة ، محروسة بعون المولى ، فهل من مدّكر؟