اسد الضالع
2010-04-28, 12:56 AM
(( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً )) صدق الله العظيم
صوت الشعب :خاص
مشروع البرنامج السياسي للمجلس الأعلى الحراك السـلمي لتحرير الجنـوب
الفهرس:
المقدمة
الباب الأول
الاتجاهات العامة للبرنامج السياسي
الباب الثاني
الفصل الأول
سبب فشل الوحدة وإعلان الحرب
الفصل الثاني
الموقف الإقليمي والدولي من الحرب والاحتلال
الباب الثالث
القضية الجنوبية
الفصل الأول
ماهي القضية الجنوبية
الفصل الثاني
حق شعب الجنوب بالتخلص من الاحتلال
الباب الرابع
الحراك السلمي الجنوبي – المقدمات والانطلاقة
الفصل الأول
مقدمات الحراك السلمي الجنوبي
الفصل الثاني
انطلاقة حراك شعب الجنوب السلمي الحضاري التحرري
الفصل الثالث
توحيد الاداه السياسية للحراك السلمي الجنوبي
الباب الخامس
المهام الوطنية لشعب الجنوب
في مرحلة التحرير من الاحتلال
الفصل الأول
اشكال وأساليب النضال السلمي
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ
صدق الله العظيم
مشروع البرنامج السياسي للمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب المقدم إلى المؤتمر العام الأول المنعقد في الفترة من : / / م تحت شعار (( لنواصل نضالنا دفاعاَ عن كرامتنا وتحرير وطننا وتحقيق استقلالنا واستعادة دولتنا ((جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ))
المقدمة
مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب هو الحامل السياسي للقضية الجنوبية وقائد ثورة شعب الجنوب السلمية من اجل التحرر واستعادة دولة الجنوب الوطنية المستقلة ذات السيادة الكاملة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) يظم في صفوفه القوى الشعبية السياسية والاجتماعية والمهنية والثقافية والإبداعية ومختلف الشرائح والفئات الاجتماعية المكونة لشعب الجنوب التي تؤمن بالنضال السلمي أسلوباً ومنهجاً مستمراً للذود عن حق شعب الجنوب في الحرية والكرامة والعزة والهوية والاستقلال .
· إن مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب يضع أمام شعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبمختلف تكويناته السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الشعبية. وأمام العالم هذه الوثيقة التاريخية ليوضح فيها أن هذا الشعب كان وما زال جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، ويستلهم نضاله الوطني من تراثه الحضاري الضارب في أطناب التاريخ الذي شيده على ارض جنوب جزيرة العرب منذ أكثر من سبعة ألاف سنة.. شعباً يعشق الحرية ويناضل منذ القدم ضد الظلم والاستبداد والاستعمار ، وقدم التضحيات الجسام في سبيل الحفاظ على استقلاله وحماية ترابه الوطني من براثن الغزاة والمحتلين، وكانت أرضه وما تزال مقبرة للغزاة المحتلين ، وان هذا الشعب لم يكن ذات يوم جزء من شعب آخر أو دولة أخرى ، وإنما شعب مستقل في أصول جذوره الإنسانية منذ آلاف السنين . غير انه كان على الدوام محباً في تقديم يد العون للآخرين ويحترم حقوقهم وجيرتهم عليه ، ويقدس انتمائه العربي.
· هذا الشعب الذي كان طموحاً لتحقيق الوحدة العربية والتقارب والتعاضد بين أبناء البشرية جمعا واشترك مع شعب ودولة الجمهورية العربية اليمنية في 22 مايو 1990م في مشروع وحدة سلمية قائمة على الشراكة المتساوية بين طرفين مستقلين اعتقاداً منه أن الطرف الآخر سيبادله نفس المشاعر ، لكن ما حصل هو العكس ، فقد قامت سلطات الجمهورية العربية اليمنية وجيشها بشن حرباً عسكرية استعمارية ظالمة في عام 1994م واحتلال الجنوب أرضاً وأنساناً ضاربة بعرض الحائط اتفاقيات مشروع الوحدة بين الطرفين وقرارات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربي والشرعية الدولية المتمثلة في قراري مجلس الأمن الدولي (924) و (931) لعام 1994م التي رفضت فرض الوحدة بقوة السلاح ، فقتل الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ وشرد عشرات الآلاف من أبناء وقيادات شعب الجنوب إلى خارج وطنهم واستولى على كل ممتلكاتهم العامة والخاصة.
· على اثر احتلال الجمهورية العربية اليمنية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 7/7/1994م قامت سلطات الاحتلال بأبشع الأعمال ضد شعب الجنوب من تدمير لمؤسسات دولته وجيشها والاستيلاء على الأرض ، ونهب ثرواته وتدمير ومحو لحضارته وتاريخه وأذلال كرامتة اعتقاداً منها أن هذه التصرفات التي لم يقم بها الاستعمار البريطاني ضد شعب الجنوب كفيلة بضمان استمرار احتلالها لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، غير أن شعب الجنوب اعتبر احتلال وطنه قضيه مقدسة، وبدأ نضاله من اجلها منذ اللحظة الأولى لشن الحرب عليه، حيث ظل يقاوم ببسالة ولمدة ( 70) يوماً ، ثم اتخذ نضاله أشكال وأساليب متعددة ، ومنها ظهور حركات سياسية وفعاليات شعبية ، فقدم شعبنا خلال هذه الفترة قوافل من الشهداء والجرحى وآلاف المعتقلين ، وحيث شكلت هذه الأشكال النضالية إرهاصات أولية لانطلاقة الحراك السلمي الذي عبر شعب الجنوب عن دعمه لها بالتفاف شعبي غير مسبوق ، وروح مسئولة رائعة من خلال تطبيق مبدأ التصالح والتسامح والتضامن والتخلص من أثار صراعات الماضي.
· لقد كان توحد قوى الحراك السلمي الجنوبي في كيان سياسي واحد تم الإعلان عنه في 9 مايو 2009م هو مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب ، الذي عبر عن هويته وتوجهاته ورؤيته على الصعيدين الداخلي والخارجي من خلال هذا البرنامج الذي يحدد معالم المهام المرحلية النضالية لشعب الجنوب وأدواتها وأساليبها وهدفها الاستراتيجي والمتمثل في تحرير شعب الجنوب لأرضة واستعادة دولته المستقلةـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ـ ذات السيادة على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية ، ونظامها السياسي الديمقراطي التعددي وسياستها الداخلية وعلى مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والدفاعية والأمنية ، ومنطلقات سياستها الخارجية على المستويين العربي والدولي ، وإنها ستكون عامل بناء في نشر السلم والاستقرار الإقليمي والدولي .
الباب الأول
الاتجاهات العامة للبرنامج السياسي
· تلبية لنداء الوطن واستشعاراَ بالمسئولية الوطنية العليا الملقاة على عاتق تكوينات الثورة الشعبية السلمية التحريرية لشعب الجنوب ، وتطلعاته وتضحياته داخل الوطن المحتل وفي الشتات وعلى قاعدة الإرادة الشعبية المشروعة لأبناء الجنوب الداعية إلى وحدة الصف الجنوبي وقوته المتعاظمة و الاستمرار في تأدية مهامه الكفاحية ووحدة إرادة مختلف التكوينات لمناضلي الجنوب الأحرار في مواجهة قوات الاحتلال ، فقد تجسد بالفعل توحيد القيادة السياسية لثورة شعب الجنوب السلمية في 9/5/2009م في مدينة زنجبار وإعلان قيام (مجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب ) لقيادة ثورة الجنوب الشعبية السلمية بقيادة المناضل \علي سالم البيض الرئيس الشرعي لدولة الجنوب .
· لقد شكلت هذه الخطوة المتقدمة انتقال نوعي لتنظيم وتوحيد كفاح ونضال شعبنا الجنوبي السلمي للفترة القادمة وانتصار عظيم لهذا الشعب المكافح في خيارات نضاله الأكثر فعالية ، وبوحدة مناضلي القوى السياسية و الاجتماعية الجنوبية بإعلان مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب الذي جاء لمحصلة حوارات بين مكونات الثورة السلمية نتج عنها اتفاق زنجبار (9 مايو 2009 ) .
ويعتبر المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب ، هو القيادة السياسية والشعبية الجنوبية المعبر عن حق شعب الجنوب الشرعي و العادل في النضال من اجل التحرير من الاحتلال العسكري الهمجي المتخلف ( الجمهورية العربية اليمنية ) ويقود نضال شعب الجنوب ، لنيل الاستقلال واستعادة دولته الوطنية ذات السيادة على كامل ترابها ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) سوف يؤدي مهمته التاريخية في قيادة النضال السياسي السلمي حتى تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الوطني المشروع لشعب الجنوب الأصيل .
· يؤكد المجلس إن الوطن يتسع لكل أبنائه دون استثناء ولا مكان فيه للإقصاء والاستبعاد والتخوين و التشكيك .
و يدعوا جميع فئات وشرائح المجتمع الجنوبي الباسل من أحزاب ، ومنظمات المجتمع المدني ، ومشايخ و سلاطين و وجاهات اجتماعية ورجال أعمال ورجال دين ورجال فكر وصحافة وأكاديميين وتجار ومثقفين وطلاب وعمال رجالاَ ونساء شباباَ وشيوخَ للمساهمة الفعالة في نضال شعبنا السلمي الهادف إلى التخلص من الاحتلال ونيل الاستقلال واستعادة دولتنا الوطنية .
· ويرى المجلس أن الوطن المغتصب أمانه في أعناق كل أبنائه في الداخل و الخارج وان الواجب الوطني و الأخلاقي و الديني يدعوهم للإسهام في النضال المستمر للخلاص من الاحتلال وان يسهم كل منهم حسب قدراته وإمكانياته في أي وقت وأينما كان لتحرير وطنه وإنقاذ شعبة من وطأة ما حل به من الامتهان من قبل المحتل الهمجي المتخلف نظام الجمهورية العربية اليمنية .
· إن مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب ، يشكل إطاراَ جامعاَ لوحدة المناضلين الجنوبيين . المقتنعين بالأهداف النبيلة التي يؤكدها هذا البرنامج السياسي ,ويعمل المجلس بوعي عالي الأهمية الخاصة لتطوير أسس البناء التنظيمي و السياسي لتكويناته – كحامل سياسي منظم – يرقى إلى مصاف الهدف النبيل المجسد للإرادة الشعبية الغالية لجنوبنا الذي ألحقت به واقع الاحتلال فاجعة لم يعتادها في تاريخه الحديث و القديم .
.
· إن ما يميز مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب اتساع قاعدته الاجتماعية الشعبية ، حيث شملت مختلف قرى ومناطق ومديريات ومحافظات الجنوب وعلى نحو غير مسبوق, هذه القاعدة التي تخوض نضالاَ سلمياَ وهاهي اليوم تشرف على نهاية العام الثالث على التوالي دون انقطاع وهي بذلك تهيئ الظروف المناسبة للانتقال إلى الإشكال النضالية الأرقى و الأوسع من إشكال النضال السلمي .
· أن مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب يلتزم التزاماَ صارماَ بمبدأ العمل للحيلولة دون السماح لأي عمل يسهم في إعادة إنتاج الماضي والصراعات السياسية وسوف يعمل المجلس على تقوية أواصر الصلاة الايجابية مع وبين كل قوى الجنوب الحية ، ملتزماَ إرادة شعب الجنوب الواعي في طي صفحات الماضي الأليم و الاستفادة من دروسه وعبرة ، و الالتزام بقيم التصالح و التسامح و التضامن الجنوبي وتحويله إلى ممارسة في الوعي و السلوك ، هذا الفعل الإنساني الأخلاقي النبيل المجسد لثقافة جنوبية حضارية متميزة تشكل الجسر المادي و المعنوي الذي توحدت عليه إرادة الشعب وانتفضت دفاعاَ عن وجودها من نزوع الطمس و التدمير العنيف في ثقافة غزاة 7/7 .
· وسيناضل المجلس يد بيد مع كل قوى الجنوب السياسية و المدنية و الشعبية المؤمنة بحق شعب الجنوب بالحرية و الاستقلال واستعادة الدولة وسيعمل بإخلاص وتفاني على تيسير كل السبل لوحدة الإرادة النضالية في إطار كفاحي واحد ، لاستعادة دولة (ج.ي.د.ش) وعلى كامل السيادة يلتزم مجلسنا بالآتي:
1- احترام الرأي و الرأي الأخر باعتبار جميع أبناء الوطن شركاء فيه حاضراً ومستقبلاً مؤمناَ بان التعدد و التنوع سنه الله في خلقة وعامل حماية من الاستبداد و الطغيان في المجتمعات وعامل تراء في المجتمعات غير المتعسفة لمبدأ التنوع في إطار الوحدة الجنوبية .
2- تجسيد قناعاته المبدئية الرافضة للاستبداد بكل اشكالة من خلال إسهامة العملي في نشر وترسيخ ثقافة التعدد والرؤى المختلفة من خلال التزام قاعدة الاعتراف المتبادل بحق التعدد و الاختلاف في الرأي و التنوع على صعيد الذات ومع الأخر الوطني و الخارجي .
3- الالتزام بلغة الحوار بأبعادها الحضارية باعتبارها لغة العصر .
4- منح ثورتنا السلمية الشعبية إبعادها الإنسانية و الأخلاقية وبما يجسد ثقافة شعبنا في
الجنوب وأخلاقياته وعاداته الأصيلة ومشروعية نضاله وعدالة قضيته .
5- مناشدة كل أبناء الجنوب و على اختلاف انتماءاتهم السياسية – الاجتماعية الفكرية ا- المهنية الارتقاء إلى حجم ومكانة قضية شعبنا وحقه في التحرر و الاستقلال واستعادة الدولة وبهذا الخصوص يرى مجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب إن وحدة القيادة السياسية التاريخية في الخارج ووحدة جهودها وجهود كل أبناء الجنوب في الخارج من شأنه وحدة الأداة وتكاملها مع الداخل تحت قيادة الرئيس المناضل / علي سالم البيض وتقوية نضال شعبنا وتقريب يوم الخلاص .
· يرفض المجلس ما تقوم به سلطة الاحتلال (ج.ع.ي) من رعاية وتفريخ للإرهاب و استدعاء خلاياه النائمة وزعزعة الأمن و الاستقرار و السلم الاجتماعي واستهداف الأرواح البشرية و محاولة إلصاقه بأبناء الجنوب وهي محاولات مفضوحة ومكشوفة ومعلومة للرأي العام المحلي و الإقليمي و الدولي ويحذرها من مغبة استمرار اللعب بالنار ، معا تأكيدنا على رفض أبناء شعبنا للإرهاب والعنف وعدم الانجرار إليه .
ويؤكد مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب تمسك شعبنا بمواصلة النضال السلمي كخيار امثل اختاره عن وعي و قناعة وتصعيده باشكالة ووسائله واساليبة المتعددة حتى العصيان المدني و الانتفاضة و الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة على انه وفي حال واصلت سلطة الاحتلال القوة المفرطة وإرهاب الدولة ضد نضالات شعبنا السلمية فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن إجبار شعبنا في تبني خياراته الشرعية الأخرى المكفولة لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال عملاَ بقولة تعالى ((فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) صدق الله العظيم
· إن مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب الذي يضم في صفوفه مناضلين يدركون جميعاَ حجم واجباتهم ومسؤولياتهم وإنها تكمن في خوض النضال السلمي التحرري حتى الاستقلال واستعادة الدولة فقط وان شعبنا في الجنوب وبعد استعادة دولته هو من يقرر مصيره بنفسه ويحدد مستقبلة.
· وعلي صعيد الموقف العربي و الإقليمي و الدولي:
يعمل المجلس على بناء دولته الحضارية المستقلة التي ستكون بإذن الله عامل أمن واستقرار ونما في المنطقة وفي العالم كجزء فاعل في المنظومة الإقليمية و الدولية . وقائمة على احترام القوانين و المواثيق و المعاهدات الدولية وحقوق الإنسان وراعية مصالح الشعوب و الأمم واعتماد مبدأ الديمقراطية و التعددية السياسية و الحزبية و التداول السلمي للسلطة واحترام حرية الرأي والرأي الآخر و الصحافة القادرة على تحمل مسئولياتها في محاربة الإرهاب و الفساد بكل صورة وأشكاله. ومن أجل قضية شعبنا في الجنوب يؤكد مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب مجدداَ على استمراره في دعوة الهيئات و المنظمات العربية و الإقليمية و الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي و الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بعدم السكوت على معانات شعب الجنوب الواقع تحت الاحتلال الهمجي الغاشم الذي يسيطر على الجنوب الأرض و الإنسان وتدمير مكتسبات دولته جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالقوة العسكرية منذ 7/7/1994م واستمرارة في مناشدة الأشقاء و الإخوة العرب بسرعة تحريك ملف الجنوب في مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الإجراءات القانونية وفقاَ لقرارات مجلس الأمن رقم ( 924، 931) والموقف العربي و الإقليمي إثناء الحرب وعلى قاعدة فك الارتباط سلمياَ .
الباب الثاني
الفصل الأول
سبب فشل مشروع الوحدة واعلان الحرب
سبب فشل الوحدة وإعلان الحرب
لقد توحده أجزاء من جغرافية المنطقة في الفترة السابقة واللاحقة للإسلام ولكن المعلوم في الأمر أن الكيانات التي توحدت بالقوة العسكرية لأتلبث أن تنتهي وتفكك بالوسيلة نفسها .
وبالتالي لايمكن القول أن المساحة الجغرافية الحالية (الجمهورية اليمنية )كانت تخضع لسلطة نفوذ لدولة واحدة عبر التاريخ .
وفي العصر الحديث قامت حروب عدة بين (ج.ي.د.ش) و(ج.ع.ي) كان أولها حرب 1972 م وحرب 79 19 م نتج عن تلك الحروب اتفاقيات وحدوية بدا من اتفاقية القاهرة وبيان طرابلس واتفاقية الكويت وبيان 30 /نوفمبر/1989 م (بيان عدن) الذي كان لهذا البيان الحدث الأهم لتحضيرات إعلان مشروع الوحدة التي صاغت آليات ومحطات ملزمة للانتقال إلى دولة إلى الوحدة في أطار وجود دولتين والاستفتاء على دستور دولته الوحدة وانتخاب مؤسساتها الدستورية (مجلس النواب ,الرئاسة, الحكومة ) وجاءت الاتفاقية الموقعة في 22/مايو 90 م انتهاكاً صارخا للاتفاقيات الوحدوية السابقة بوجه عام وتلغي نصوص اتفاقية عدن وكل الاتفاقيات التي قبلها .
ويعتبر إعلان الوحدة اليمنية يوم 22/مايو/90 م خرقاً دستورياً فاضحاً ومرتجل متجاوزا كل الأعراف الدولية وحمل في طياته بذور الأزمة منذ إعلان مشروع الوحدة 22/مايو/90 م الذي اغفل وبشكل متعمد حق شعب الجنوب ومنها:
اولاً: مصادرة الحق الثابت والشرعي لشعب الجنوب المتمثل بالاتي
أـ مصادرة حق الشعب بالاستفتاء على الوحدة قبل إعلانها لكي يقول كلمته بنعم أو لا .
ب ـ عدم مراعاة حق شعب الجنوب بالمساحة والثروة مقابل عدد سكان جمهورية عربية يمنية .
ج ـ إغفال مبدى الشراكة دستورياً في المناصب السياسية السيادية مثل مجلس النواب ,الرئاسة ’ الوزراء ,الثروة , والمؤسسات المدنية والعسكرية .
د ـ أحرام الجنوبيين من الحق المكتسب والمثبت قانوناً قبل دولته الوحدة
مثل التطبيب والتعليم المجاني وصناديق الرعاية ودعم الأسعار .
هـ ـ عدم معالجة أوضاع العاملين في جميع المرافق المدنية في مجال , الزراعة ’ التعاونيات , السياحة , والخ......
وـ لم يراعا الفوارق بين شعب (ج.ي.د.ِش)و(ج.ي.ع) سياسياً , ثقافياً ,اقتصادياً,واجتماعياً.
زـ الاستعجال في إعلان يوم 22/مايو متجاوزاً كافة الأسس والقواعد الدستورية والقانونية وعدم مراعاة خصوصية كل شعب من الشعبين الماتلفين (ج.ي.د.ش) و(ج.ع.ي) ملغياً بذلك كل لاتفاقيات السابقة سالفة الذكر يدل دلالة واضحة على النوايا الانتقامية المبيتة التي تحيكها سلطة (ج.ع.ي) ضد شعب ودولة (ج.ي .د.ش) ولمؤامرة إقليمية تم الإفصاح عنها بعد حرب الخليج .
ثانياً: استهداف قادة الجنوب والتمرد على مشروع الوحدة .
انه ومنذ اليوم الأول لإعلان مشروع الوحدة بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية والتحام قيادة الدولتين بقيادة واحدة تسمى مجلس الرئاسة ,النواب ,الحكومة ,الشورى . وانتقال قيادات الجنوب إلى صنعاء بدئ شريك الوحدة سلطة الجمهورية العربية اليمنية بالتمرد على اتفاقيات الوحدة ووضع العراقيل أمام كل الجهود الرامية إلى دمج مؤسسات الدولتين المدنية والعسكرية على أساس وطني لبناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون .
وبالإشارة إلى اتفاقية 22 /ابريل 90 م صنعاء التي حددت توزيع السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بين دولتين وتحديد مرحلة انتقالية لفترة سنتين ونصف امتدت إلى ثلاث سنوات وأجراء انتخابات تشريعية يوم 27/ابريل 93 م عسى أن تكون الفترة الانتقالية قد حسمت كافة الأمور سواءً في دمج المؤسسات المدنية والسكرية وبناء الدولة الحديثة المتفق عليها قبل إعلان الوحدة واستكمال التشريعات المنظمة لهذه الدولة ولكن مرت سنوات المرحلة الانتقالية والأمور تزداد تعقيدياً وتسويفاً للجنوبيين وذلك من خلال التهميش والإقصاء والاستهداف وفرض واقع نظام الجمهورية العربية اليمنية تشريعاً ومالياً وإدارياً المنافي لعقد الشراكة وكا مقدمات لإقصاء الشريك الجنوبي من المعادلة السياسية التي بدأت سلطة الجمهورية العربية اليمنية بالأعمال التالية :
1ـ بدا عملية الاغتيالات السياسية لقادة الجنوب الذي بلغ (150)شهيد تقيد ضد مجهول .
2ـ العمل بمعيارين تجاه المؤسستين العسكرية والأمنية لدولتين المعيار الأول تجاه المؤسسة العسكرية للجمهورية العربية اليمنية يتم العمل تجهاها على تعزيز قدراتها من حيث التنظيم والتسليح ورفع جازيتها فنياً وقتالياً المعيار الثاني تجاه المؤسسة العسكرية والأمنية لدولة الجنوب يتم العمل المنظم على تعقيد الاجرائات الإدارية والمالية ونخر جازيتها القتالية وعدم ترتيب وضعها الوظيفي والمعيشي وخلق حالة التذمر القصوى لجميع المقاتلين .
3ـ إصرار شريك الوحدة الممثل بالجمهورية العربية اليمنية ببقاء الأوضاع على ما هي علية قبل الوحدة لجهاز الدولتين المدني والعسكري والاحتفاظ بكل مقومات دولة الجمهورية العربية اليمنية المادي والبشري عكس دولته الجنوب التي سلمت جميع مقوماتها وبدون أي تحفظ لشريك الوحدة بما في ذلك التنازل عن الكرسي الأول والعاصمة والعملة والمساحة والثروة وجحود قلماً وجد مثيلاً له في التاريخ لذلك فان سلطة الاحتلال قد أسقطت شرعية الإعلان الطوعي السلمي لمشروع الوحدة بعد ضم الجنوب وإقصاء شعبة ونهب ثروته بديلا عن الشراكة والاتحاد الطوعي
4ـ استغلال خلو اتفاقية الوحدة من أي ضمانات تؤمن حقوق ومصالح الطرفين ومصداقية الجنوبيين للوحدة ا قدم ألجميع إلى انتخابات 93 م تلك الانتخابات يمكن أن تفرز توازن سياسي يضمن استمرار مشروع الوحدة ولكن كانت نتائج تلك الانتخابات قد إعادة الوضع إلى ماقبل 22/مايو /90 م حيث صوت الجنوبيين لقادة الجنوب حتى لمن كان له موقف من تلك القيادة وكذلك شعب الشمال صوت لقيادته
5ـ أثارت الصراعات القبلية والسياسية الضيقة بين أبناء الجنوب بهدف تمزيقهم.
6ـ وبناء على ماتقدم أن وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في عمان 20/فبراير /94 م كا مشروع إنقاذي جديد ومخالف للاتفاقيات الوحدوية السابقة هي الأخرى لم يلتزم بها الشريك الأخر الممثل بالجمهورية العربية اليمنية بعد أن حسم خيارة بحل الخلاص ف مع الشريك الجنوبي عن طريق الحرب والحسم العسكري .
ثالثاً : الحرب على الجنوب ودفن مشروع الوحدة .
ما أن مر شهر على توقيع وثيقة العهد والاتفاق وبعد أن جرى الإعداد والتحضير للحرب من قبل رئيس الجمهورية العربية اليمنية علي عبد الله صالح الذي أعلن الحرب يوم 27/ابريل ـ94 م في ميدان السبعين في صنعاء على الجنوب وبعد ساعات فقط الموقف عسكرياً في عمران وكانت البداية في الحرب والطلقة الأولى في نعش الوحدة وكان لهذا الحرب الأهداف التالية :
1ـ الانقلاب على عقد الشراكة بين (ج.ي.د.ِش) و(ج.ع.ي) .
2ـ القضاء على قوى الحداثة التي كانت ترغب في بناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون .
3ـ الاستيلاء للقوى المتنفذة على مقومات دولة الجنوب من أصول ثابتة ومتحركة .
وفي 4/مايو 94 م قرر الجنوبيين خوض الحرب دفاع عن الكرامة وبمقاومة شعبية جنوبية عنيفة أدى إلى إعلان الرئيس علي سالم البيض فك الارتباط بين شعب الجمهورية العربية اليمنية وشعب جمهورية اليمن الديمقرا طيه الشعبية يوم 21 /مايو /94 م وقد ترتب على ذلك القرار التاريخي إصدار عدد من المواقف الايجابية المساندة شعب الجنوب ومنها :
1,ـ بيان صادر عن وزراء مجلس التعاون الخليجي يوم 25 /مايو /94 في خميس مشيط مضمونة فقد رحب مجلس التعاون الخليجي بالوحدة اليمنية عند قيامها بالتراضي بين الدولتين في مايو 90 م وبالتالي فان بقائها لا يمكن أن يستمر ألا بتراضي الطرفين ورافق هذا الموقف موقف مصر الذي كان أكثر وضوحاً رافضاً للحسم العسكري لضم الجنوب بالقوة .
2ـ مع استمرار العملية العسكرية على الجنوب تم إصدار قرارات الشرعية الدولية لمجلس الأمن الدولي المتمثلة بالقرارين (924ـ 931) وكذا جهود وتقارير السيد الأخضر الإبراهيمي مبعوث وممثل ألامين العام للأمم إضافة إلى مداخلات الدول الخمس دائمة العضوية والمثبتة في محاضر مجلس الأمن وخاصة جلسة 29 /يونيو 94 م برقم 3394 وفيها أجمعت هذه الدول على عدم جواز فرض الوحدة بالقوة .
ومع غروب يوم 7/7/94 م خرج الجنوب من المعادة السياسية لدولة الوحدة وتعرضت كل مكوناته ومؤسساته لتصفية الممنهجة حيث قام المنتصر في الحرب منذ اليوم الأول بأبشع الممارسات والسلوكيات المناقضة لأي توجه وحدوي آو مواطنة متساوية .وتم استبدال مضمون الوحدة السلمية بوحدة الضم والاحاق واستباحة كامل أراضي الجنوب وثرواته للفيد والنهب وطمس الهوية والتاريخ .
الفصل الثاني: الموقف الاقليمي والدولي من الحرب والاحتلال
· بعد أن رفض نظام الجمهورية العربية اليمنية كل الدعوات الصادرة عن الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والقيادة المصرية التي كان موقفها واضحاً ورافضاً لفرض الوحدة بالقوة، واستمرار الحرب الهادفة إلى تدمير واستباحة أرض الجنوب ومنجزات شعبه ونهبها وقتل النساء والأطفال والشيوخ من قبل الآلة العسكرية للجمهورية العربية اليمنية عقد مجلس الأمن الدولي عدة اجتماعات لبحث الحرب الدائرة بين الدولتين واصدر قراره رقم (924) في الأول من يونيو 1994م، وكانت أهم بنوده، تأييده لجهود ودعوات الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والوقف الفوري لإطلاق النار، وأن الخلاف بين الطرفين لا يمكن حله باستخدام القوة وإنما بالمفاوضات والوسائل السلمية، وأن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن ذلك في فترة لا تزيد عن أسبوع، ويقرر إبقاء المسألة (الملف) قيد النظر الفعلي.
وعلى ضوء قرار مجلس الأمن الدولي عين الأمين العام للأمم المتحدة السيد الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً له لحل الخلاف بين الطرفين.
· كما عقدت الدورة (51) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربي يوم 3 يونيو 1994م وأصدر بيانا نص على أنه ((انطلاقاً من أن حقيقة الوحدة مطلباً لأبناء الأمة العربية فقد رحب مجلس التعاون الخليجي بالوحدة اليمنية عند قيامها بالتراضي بين الدولتين في 22 مايو 1990م وبالتالي فإن بقائها لا يمكن أن يستمر إلا بالتراضي بين الطرفين )) وأيد البيان ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم (924) لعام 1994م.
· في يوم 27 يونيو 1994م عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً للاستماع إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي أوضح بأن السلطات في صنعاء قرنت موافقتها على نص القرار الدولي بوضع عدة شروط لا يمكن للجنوب القبول بها، وبالمقابل أوضح التقرير إنه ((وبينما كان المبعوث الخاص بالمكلا أجتمع بمجموعة من الزعماء السياسيين الجنوبيين يمثلون 22حزباً سياسياً ومختلف المنظمات أعرب هؤلاء الممثلون عن دعمهم للسيد علي سالم البيض ولإعلان الدولة الجديدة في 21 مايو 1994م )) وعن موقف الدول العربية أضاف التقرير بأنه ((ذكًر جميع الزعماء المبعوث الخاص أن جميع البلدان رحبت بالإجماع بالوحدة ودعمتها عندما تحققت بين الدولتين وأعلنوا تأكيد موقفهم أن الأمر يتوقف على الشعب وعلى زعمائه الذين هم أطراف في النزاع لكي يقرروا بأنفسهم عن طريق الحوار السلمي إذا كانوا سيعيشون في دولة موحدة أو يعودون إلى الحالة التي كانت قائمة قبل 22مايو 1990م عندما كانت هناك دولتان مستقلتان كل منهما عضو في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة بلدان عدم الانحياز)) وأوضح التقرير أن رأي الزعماء العرب ورأي الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد على ضرورة إرسال مراقبين دوليين للفصل بين القوات وبما يضمن ووقف دائم للقتال والدخول في حوار يفضي إلى حل عادل.
· إن أهم ما أفصح عنه كل من قرار مجلس الأمن الدولي رقم (924) والتقرير الأول للأمين العام للأمم المتحدة ما يلي:
1. اتخاذ مجلس الأمن الدولي لهذا القرار وبالإجماع وتأكيده على عدم مشروعية الحرب التي شنتها الجمهورية العربية اليمنية ضد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هو بمثابة رفض قاطع من العالم لفرض الوحدة بالقوة.
2. لم يرضخ المجتمع الدولي لمطالب نظام صنعاء بإدانة فك الإرتباط واستعادة دولة الجنوب يوم 21 مايو 1994م كما فعل ذلك في وقائع قرارات أخرى. عندما أدانت أربعة قرارات لمجلس الأمن الدولي محاولة انفصال كاتنجا عن الكونغو عام 1960م وأكدت على وحدة الكونغو,. وكذا الحال محاولة انفصال بيافرا عن الإتحاد النجيري عام 1970م. ويعود السبب في عدم إدانة مجلس الأمن لقرار استعادة دولة الجنوب، لأن هذا القرار نتاج لقرار الحرب غير المشروعة التي شنها الطرف الآخر، ولأن دولة الوحدة قامت على أساس تعاقدي بين دولتان عضوتان في الأمم المتحدة ، وقبولهما بتلك الصفة في المنظمة الدولية اعتراف من أعضاء المنظمة بأهليتهما الدولية كدولتين مستقلتين ذات حدود وشعب وهوية متميزة وإلا لكان تم تمثيلهما في دولة واحدة.
· لقد كشفت سلطات صنعاء عن نواياها المسبقة الحاقدة على الجنوب والهدف المخفي من دخولها مشروع الوحدة من خلال عدم استجابتها لقرار المجتمع الدولي واستمرار الحرب دون مراعاة لأبسط المعاهدات الدولية أثناء الحرب من قتل وتدمير للجنوب بشرياً ومادياً، ولاسيما القصف المتواصل لعاصمة الجنوب مدينة عدن، مما جعل مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا أخرا في 29 يونيو 1994م واتخذ قراراً ثانياً هو القرار رقم (931) الذي جاء في مقدمته إن المجلس ((إذا يؤيد بقوة النداء الموجه من الأمين العام للأمم المتحدة من أجل الوقف الفوري والتام لقصف مدينة عدن..وإذ يدين عدم الاكتراث بهذا النداء)) وأكدت بنود هذا القرار: ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والشجب بقوة لإيقاع إصابات ودمار بين المدنيين نتيجة للهجوم المستمر على عدن، وإنشاء آلية مقبولة للجانبين ويفضل أن تشترك فيها بلدان من المنطقة لرصد وقف إطلاق النار، وأكد قرار مجلس الأمن الدولي ((تأكيده أن الخلافات السياسية لا يمكن حسمها عن طريق استعمال القوة)) وإنما بالحوار وبدون شروط مسبقة، و إعادة التأكيد على أن تبقى هذه المسألة قيد النظر الفعلي. وتكليف الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقريراً مرحلياً عن تنفيذ هذا القرار بأسرع ما يمكن وعلى أي حال في غضون 15يوماً من اعتماد هذا القرار. وبهذا يكون المجتمع الدولي قد أوضح ما يلي:
1. هول الجريمة التي أرتكبها نظام صنعاء بحق شعب الجنوب وإنها كانت بحق حرب إبادة بشرية ومادية واستهداف متعمد من القصف بمختلف وسائل التدمير الجوية والبحرية والبرية لمدينة عدن كرمز تاريخي وسياسي لشعب الجنوب، وإن اعتراف المجتمع الدولي بهذه الواقعة يعطي لشعب الجنوب حق المطالبة بتقديم المجرمين إلى محكمة الجنايات الدولية.
2. عبر المجتمع الدولي عن رفضه للشروط المسبقة التي كان الطرف الآخر قدمها للقبول بالحوار مع الطرف الجنوبي، وبين اعتراف المجتمع الدولي بالجانبين كطرفين متساويين.
3. تبني المجتمع الدولي لإنشاء آلية مراقبة دولية للفصل بين القوات (مراقبين دوليين) أثبات آخر عن اعترافه بالطرفين المستقلين.
4. إبقاء المسألة (قيد النظر) هو تأكيد على عدم اعتراف المجتمع الدولي بأي حلول قائمة على الحسم العسكري في حينها وفي المستقبل.
· في ظل الرفض المطلق من قبل المجتمع الدولي لفرض الوحدة بالقوة كانت قيادة الجمهورية العربية اليمنية تتعامل مع الموقف الدولي نظرياً وترفضه عملياً متخذه أسلوب المماطلة والحوار غير الجدي، فقد وافقت على توقيع اتفاقية مع قيادة الجنوب في موسكو بتاريخ 30 يونيو 1994م نصت على الوقف الفوري لإطلاق النار والقبول بمراقبين دوليين لوقف الحرب، لكنها وقعت عليها لمجرد كسب الوقت، أما على الأرض فقد كانت حربها على الجنوب مستمرة وتهدف إلى إخضاع شعب الجنوب، ولاسيما عندما اشتدت مقاومته مع ما تبقى من وحدات جيشه دفاعاً عن العاصمة عدن والمناطق المجاورة لها، فسخر الطرف الآخر الدين الإسلامي أبشع استخدام من خلال إصدار الفتاوى الدينية التي أباحت قتل المواطنين الجنوبيين المدنيين واعتبرت الجنوب دار كفر يحق قتل شعبه ونهب ممتلكاته العامة والخاصة، ولهذا تم قصف المصادر المزودة لعدن بالمياه، ومستودعات المواد الغذائية وفرض حصار كامل على مدينة عدن لعدة أسابيع، ومنذ بداية الحرب صدرت الأوامر العسكرية بالسماح للمعتدين بنهب كل ما يمكن لهم الحصول عليه كعامل تشجيع لحثهم على مواصلة القتال.
رغم إن الجمهورية العربية اليمنية أعلنت يوم 7 يوليو 1994م يوم انتصارها على شعب الجنوب واحتلالها لأرضه معتقدة إن ذلك الإعلان هو نهاية المطاف، لكنها كانت واهمة، فقد عبر شعب الجنوب عن رفضه لذلك منذ ذلك اليوم المشئوم الذي أصبح يوم إعلان موت ودفن مشروع الوحدة واحتلال الجنوب من قبل الشريك الآخر( ج. ع. ي) .
· كما أن المجتمع الدولي كان واضحاً في قراراته بأن القضية ستظل قيد النظر الفعلي. وهذا ما تجلى بأن مجلس الأمن الدولي حتى بعد إعلان صنعاء انتهاء الحرب عاد ليناقش القضية من جديد بالاستناد إلى قراره رقم (931) وذلك من خلال التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي في منتصف شهر يوليو 1994م الذي حمل بين دفتيه الحقائق التالية:
1. فقرات التقرير والوثائق التي سبقته عندما كانت تشير للقيادة في صنعاء تقول الجانب اليمني وعندما تشير القيادة في عدن تقول زعماء الجنوب وهي بذلك تعطي لكل جهة صفتها الحقيقة كطرفين مستقلين.
2. أن حكومة صنعاء قبلت بوجود مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار والإعلان في ثمان مرات عن قبولها بوقف إطلاق النار لكنها ترفضه على الأرض فقد جاء في التقرير ((وحيث أنه كان من الواضح أن أحد الطرفين أقوى بكثير من الطرف الآخر،أخذ يتضح أنه يجري ألتماس حل عسكري ويجري تجاهل القرارين 924(1994م) و931(1994م))).
3. بعد قصف مصادر المياه لعدن أن الحياة فيها خطيرة للغاية لعدم توفر البديل ولا المعدات القادرة على ضخ المياه. وأن السلطات في صنعاء رفضت طلب منظمة الصليب الأحمر بهدنة مؤقتة لوقف إطلاق النار للسماح لها بتزويد المدينة بالمياه والمواد الغذائية والطبية ودفن جثث الموتى.
4. إنه رغم توقف القتال إلا أنباء موثوقة بعث بها مراسلو الصحف تؤكد القيام بأعمال نهب وخرق للقانون وإضرام حرائق مما أثر على الكثير من الممتلكات العامة واستهداف الممتلكات الخاصة بما في ذلك منازل زعماء الجنوب.
5. بما أنها لا توجد إحصائيات دقيقة للأشخاص الذين فقدوا أرواحهم وأصيبوا إلا إنه من المعروف أن هناك عدداً كبيراً وللغاية من القتلى والمصابين وكثير ممن دمرت منازلهم ومن اضطروا إلى الفرار بعيداً عن ديارهم للنجاة بعد أن لحق الدمار والخراب بممتلكاتهم
6. من الملفت للاهتمام إن الأمين العام للأمم المتحدة كان يدرك أن انتهاء الحرب ليس نهاية المطاف وان قضية الجنوب سوف تعود إلى سطح الأحداث ، فقد جاء في تقريره انه أثناء اتصاله برئيس الجمهورية العربية اليمنية قال (( أعربت عن الأمل أن تترجم بسرعة الالتزامات التي قطعتها حكومة صنعاء على نفسها إلى عمل ، وأشرت أيضا إلى إن وقف الأنشطة العسكرية لن يؤدي في حد ذاته إلى إنهاء الأزمة في اليمن ، ومن اللازم على سبيل المثال الاستعجال لتحقيق الوفاق وإجراء حوار سياسي بين الطرفين ...الخ ).ويضيف في تقريره(( إن انتهاء القتال في حدا ذاته لا يشكل الحل الدائم ولن يتسنى التوصل إلى هذا الحل إلا عن طريق إجراء حوار سياسي بين الجانبين حسبما طلب بإلحاح القراران 924 ( 1994م ) و931(1994م) )) .
إن عنجهية سلطات الجمهورية العربية اليمنية بعد احتلالها لأرض الجنوب رفضت كل هذه النصائح التي هي أغلى من أن تكتب بماء الذهب ورفضت العمل بقرارات الشرعية الدولية ، وعبرت بذلك عن عقلية استعمارية عنصرية مارقة ضد شعب الجنوب الذي بالمقابل يعتبر قرارات المجتمع الدولي هي المرجعية الأولى لقضيته العادلة .
في يوم7 يوليو 1994م قدمت حكومة الجمهورية العربية اليمنية رسالة إلى المجتمع الدولي أعلنت فيها انتهاء الحرب والتزمت بتحقيق عدة مطالب ، لكنها لم تعمل بأي واحدة منها ولو في حدها الأدنى. بل مارست أبشع الأساليب الاستعمارية ضد شعب الجنوب، ولا زالت الحرب ونهج الحرب مفروضة على الجنوب حتى اليوم .
الباب الثالث
القضية الجنوبية
الفصل الأول
ماهية القضية الجنوبية:
القضية الجنوبية هي قضية حق طبيعي ومكتسب قضية أرض وشعب ودولة وهوية وتاريخ سياسي وتراث كفاحي وثقافي (دولة تاريخية) أخضعت بالغدر والعدوان لاستعمار بدائي هو أسوا من الاحتلال الأجنبي .
وهي قضية حق سياسي وقانوني وجيو/ثقافي وتاريخي وهي قضية موضوعيه الوجود تختزن شروط وعوامل قوتها من شرعيتها وعدالتها بمواجهة القوة, هذه القوة التي أثبتت التجربة التاريخية الانسانيه عجزها عن أن تخلق الحق, بمقابل قدرة الحق على خلق أسباب القوه وهذه الحقيقة أثبتتها التجربة ألمعاشه اليوم بمقاومة شعب الجنوب ورفضه للهيمنة العسكرية لسلطة الجمهورية العربية اليمنية, منذ بدء الاحتلال, ليخرج منذ ثلاثة أعوام بقضه وقضيضه يناضل سلمياً لاستعادة عزته وكرامته رافضاً للاحتلال ومطالباً بالاستقلال واستعادة دولته المستباحة من قبل سلطة الاحتلال.
وإذا كانت القضية الجنوبية, قد بدأت كما يرى المجلس الأعلى لقيادة مجلس الثورة في الجنوب, مع إعلان قيام(الجمهورية اليمنية) في 22/5/1990م الناتجة عن اندماج (ج.ي.د.ش) مع (ج.ع.ي) تلك الوحدة التي حملت بداخلها كمشروع أسباب فشلها بسبب الاندماج الذي لم يراعي أبسط شروط الوحدة بين الشعوب لتأمين مصالح الطرفين مما شجع سلطة صنعاء على اعتبار الوحدة مجرد عودة الفرع إلى الأصل معتبراً أل(ج.ع.ي) أصل و أل(ج.ي.د.ش) فرع وهو أمر متعارض مع مبدأ الوحدة السياسية بين الكيانات السياسية. وعلى هذا كانت مؤشرات القضية الجنوبية واضحة من خلال محاولة هيمنة سلطة صنعاء على السلطة بالتنصل عن اتفاقيات دولة الوحدة المعلنة محولاً ظهره لكل الاتفاقيات الوحدوية. وقد كان اعتكاف البيض الأول بعد أشهر من إعلان الوحدة احتجاجاً على ممارسات نظام صنعاء أول مؤشر عن موت إعلان الوحدة. ومحاولة لإعادة الحياة لها. دون جدوى, وقد استمرت أزمة الوحدة بصوره متزايدة مما أعاق دمج مؤسسات الدولتين العسكرية والمدنية بل ظلت كل دوله محتفظة بمؤسساتها, وفتح الباب من قبل سلطة صنعاء لمفاقمة الفوضى الأمنية فشجع على الاختطافات والاغتيالات والحروب القبلية ثم انتقل إلى استهداف القيادات الجنوبية بالاغتيال فقتل منهم أكثر من 153 شخص حتى تمكن من إضعاف القيادة الجنوبية ووضعها في موقف العاجز عن دفع الخطر عن ذاتها ناهيك عن القيام بمسؤوليتها مما سهل عليه إعلان الحرب الشاملة ضد الجنوب من ميدان السبعين في 27 ابريل 1994م رافضاً كل القرارات والمناشدات الدولية لوقف الحرب وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن 924 و 931 . وكذا دعوة مجلس التعاون الخليجي ومواصلاً الحرب حتى أتم احتلال أراضي دولة الجنوب في 7/7/1994م وتم اعتبار هذا اليوم يوماً مقدساً, لتصبح حربهم مقدسة وممارستهم للسلب والنهب والقتل والسفك في الجنوب أداءً لشعائر مقدسه, واعتراض الجنوبيين لها يمثل في إنجيلهم _ كفر مقدس ولكي تصبح الجرائم المرتكبة بحق الجنوب : الأرض والإنسان والتاريخ _ وبالقوة _ ضرب من أداء الواجب الديني, أسنده المقدسات بوعيد الموت وخطوط الدم والعيون الحمر ووو.... وما شابه.
وتهمة "الردة" جاهزة إذا مارفع الجنوبيون أنينهم أو طلبوا حقهم فالحكم عليهم بحد الردة وفق تعاليم آلهة (الوحدة _ الغنيمة) و(الغنيمة _ الوحدة).
ومن التكريس العصابي للمقدسات الزائفة لتقرير مصير الشعب الجنوبي في دور القربان الجماعي لآلهة الغنيمة السبئيه المعاصرة, إلى فرض ثنائيات الإلغاء من قبيل: الأصل /الفرع, هذا المفهوم المصطنع يجلي بقوه ثقافة تنزع _ بالفعل _ إلى التدمير الشامل للآخر (الجنوب) + الاغلبيه/ الاقليه + دار إيمان/دار كفر... الخ.
فضلاً عن ممارسة التمييز العنصري الصريح ضد شعب الجنوب, الذي منح مكانة (الفرع) في الشجرة الأم (الأصل) وهو مايعني أن الأرض تخص الأصل دون الفرع . وهو مايجري العمل به لتحويل شعب الجنوب إلى شعب بلا أرض, لا هوية له ولا وجود, هكذا تجلت الأهداف المبيتة لدى (ج.ع.ي) من وراء قبول إعلان (الوحدة) وتكشفت أكثر في أهداف حرب احتلال الجنوب المسنودة بفتوى دينيه _ صكت من دير المطامع السياسية لقوى الحرب القبلية _ الاسلامويه _ أباحت الأرض والعرض والدم.
فجرى تقاسم أراضي الجنوب الخاصة والعامة كإقطاعيات بين أمراء الحرب ونافذي الاحتلال بملايين الأمتار وتم تحاصص حقول النفط الجنوبية حتى البحر لم يسلم من المحاصة فنهبوا الأرض بالكيلومترات من أملاك الدولة وأراضي المواطنين وأراضي الجمعيات الزراعية, لأفرق, فالجنوب كله عندهم فيد حرب وغنيمة نصر مباح للفاتحين. كما نهبوا كل مصانع ومؤسسات الدولة ومزارعها وتعاونياتها بأصولها الثابتة والمنقولة وألقوا بأصحاب الحق (العمال الجنوبيين) إلى أرصفة الجوع والمهانة فسلبوهم مصادر عيشهم وحرموهم من ثروات وأراضي بلادهم التي يتملكها الفاتحون الوافدون من خارجها, زد إلى ذلك تصفية الجنوبيين من كل أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية والنزوح ألقسري للآلاف من كوادر وأبناء الجنوب ليصبح شعب الجنوب بأكمله يعيش حالة اغتراب معطل القدرات مصادر الحقوق مسلوب الإرادة منتهك الكرامة محضرو على أبنائه الحلم والطموح الإنسانيين, شعب محروم من أرضه وثرواتها مفروض عليه أن يعيش في سجن الهزيمة العسكرية مقطوع الصلة بماضيه منفي قسراً من حاضره.
ومعلوم أن شعباً بلا ماضي لا حاضر ولا مستقبل له, ولكي يتم ذلك نفذ الاحتلال عملية سياسية ممنهجة لتدمير القيم الوطنية والمدنية الجنوبية وزرع ثقافة القبيلة التي تمثل محور الفكر السياسي لسلطة الجمهورية العربية اليمنية فقام بإعادة إنتاج العلاقات القبلية بدلاً عن العلاقات المدنية وثقافة القانون السائدتين في الجنوب من خلال فرض المشايخ والعقال في الريف والمدينة حتى مدينة عدن ذات الثقافة المدنية في تسامح وتعايش كل الأجناس والأديان فيها جرى أريفتها ابتداءً بتعيين مشايخ وعقال الحارات وانتهاءً بإهمال المكتبات والمسارح وهذا ما لم تعرفه عدن طوال تاريخها.
لقد قامت سلطات الاحتلال بإحياء وتشجيع الاحتراب والثأر القبليين كممارسة لسياسة فرق تسد الاستعمارية بأسوأ صورها وبأخبث المقاصد وأرذلها وليس بغريب على سلطة الاحتلال أن تقوم بالعدوان على حرمة موتانا حيث نبشت المقابر لإثارة الفتنة بين أبناء الجنوب ثم قيام رئيس ال (ج.ع.ي) ذاته بالتحريض في م/أبين على الثأر من خصوم الماضي السياسيين فأين علماء الدين من قوله تعالى: (( والفتنه أشد من القتل )) صدق الله العظيم وقد تم ذلك بالتزامن مع تدمير قيم المدنية في الجنوب بفرض قيم الماضي المعادية لقيم عصرنا الراهن ومثله العلمية والعقلانية قام الاحتلال بتدمير المعالم التاريخية والرموز والآثار الثقافية الجنوبية القديمة والحديثة كعملية سياسية منظمة تستهدف طمس هوية الجنوب ومحو وجوده من خريطة الحاضر ولان ذلك غير ممكن كان لابد من شطبه من ذاكرة التاريخ (معالم ورموز وآثار ومآثر وإنجازات حضارية مادية وثقافية ومعنوية) ولم يقف نزوع التدمير عند هذا الحد بل يعمل بجهد على تزوير التاريخ تحت شعار سياسي مغتصب وزائف عن واحديه التاريخ وواحدية الثورة اليمنية ولم تسلم أيضاً متاحف الجنوب وثورته وشهدائه من حمى التدمير فأشهر وأقدم مسجد في مدينة عدن (مسجد أبان) تم هدمه وإعادة بنائه بطريقة تقضي على وجودة التاريخي كما تم المساس بمنارة عدن التاريخية كما حولوا متحف الثورة في ردفان إلى مخبز عسكري أما معسكر 14 أكتوبر في العند فقد تم تحويل اسمه إلى معسكر 7 يوليو.
إن شعباً من شعوب العالم لم يتعرض لجريمة تدمير رموزه ومعالمه وتزوير تاريخه مثلما تعرض له شعبنا منذ أن اخضع لما هو أسوا من الاحتلال في 7/7/1994م الأسود.
وفي الجانب الاقتصادي:- استولى المحتلون على كل شيء: مصانع ومؤسسات ومزارع الدولة وتحاصصوا الأرض وحقول الأرض وتملكوا البر والبحر فارضين بالقوة ميزان ظلم لامثيل له في التاريخ ينص على أن أرضهم لهم وأرض الجنوب وثرواتها لهم, ولأن شعب الجنوب كان يخضع لنظام سياسي ركز الملكية بيد الدولة ولم يسمح بنمو الرأسمالية في القطاع الخاص فقد تم احتلال الجنوب وليس فيه رؤوس أموال لا تجارية ولا صناعية وفوق ذلك لم يسمح للرأسمال الجنوبي المهاجر بالاستثمار والمنافسة بل تعرض للنهب وكلاء الشركات الأجنبية الجنوبيين بإرغامهم على التخلي عن وكالاتهم ومحاربة أي نشاط اقتصادي جنوبي سابق أو لاحق فأستأثر الاحتلال بالسلطة والثروة ليفرض اقتصاداً استعماريًا على الجنوب تبدأ دورته في صنعاء وتعود أرباحه وفوائده إليها لتكتمل أركان المحو للجنوب الغنيمة بحرمان شعب الجنوب الشامل من السلطة والثروة والمكانة والدور والفرصة أي إرغام إرادته على التسليم بإرادة الاحتلال طالما سلب كل أسباب القوة المادية والمعنوية التي تمكنه من استعادة عزته وكرامته المسلوبتين كما قدر عقل القوة المهيمن على ثقافة الاحتلال وهو تقدير أنطلق من واقع الجمهورية العربية اليمنية وتاريخ الإخضاع المهيمن اللذين فرضهما الأئمة والقبائل الزيدية على المناطق الشافعية (تعز وإب وتهامة) ولم يأخذ في الاعتبار أن شعب الجنوب يمتلك ثقافة أخرى علاوة على أن قضيته لها وجود موضوعي كدولة تحت الاحتلال لن يتنازل عن حقه الطبيعي المكتسب وسيواصل كفاحه مبدعاً عوامل وأسباب أخرى بديله عن قوة المال والسلاح والسلطة حتى تنتصر إرادته وليستعيد حقه الشرعي غير المنقوص والحرية والسيادة على أرضه مستنداً إلى الأسباب الحقائق التالية:
1- تحرير القضية الجنوبية من أسر الغموض وتعدد التعاريف وقطع دابر التردد بين الموقف الجنوبي الواحد المعترف بأنه يخضع لاحتلال عسكري والاختلاف في فهم الخلاص منه.
2- إخراج الحركة الشعبية من حالة العفوية إلى التنظيم بتحمل مجلسنا مهمة الحامل السياسي والشعبي لنضال شعب الجنوب الموحد حول الهدف المعلن.
3- تجسيد الإرادة الشعبية الجنوبية التواقة إلى الاستقلال وتحرير دولتها من الاحتلال بإعلان المجلس الأعلى لقيادة الثورة السلمية الجنوبية.
4- توحيد الخطاب السياسي وفق وحدة الهدف الواضح غير القابل لتعدد التفسيرات.
5- وضع شعبنا أمام مسؤولية حماية تضحياته والانتصار لإرادته التي يعتقد مجلسنا جازماً إنه جزءً من الشعب لأنه جسد إرادة غالبية شعب الجنوب التواقة للانعتاق والمستعدة للتضحية إلى بلوغ هدفها الكبير في الحرية والاستقلال واستعادة الدولة ومن أجل ذلك سيتحمل مجلسنا مخاطر وتبعات النهوض بخيار الإرادة الشعبية الجنوبية التي نهضت من تحت أنقاض الدمار والخراب كطائر الفينق للخلاص من احتلال بدائي هو الأسوأ والأقسى في تاريخنا القديم والحديث.
6- لقد أدت حرب صيف 1994م ونتائجها وتداعياتها إلى تدمير الوحدة السلمية التي أعلنت في 22 مايو 1990م وإفراغها من مضامينها التاريخية السياسية كمشروع حضاري حداثي لدولة عصرية وقد تحول الجنوب إلى ساحة غزو وفيد ونهب للثروات والحقوق وطمس منظم للهوية والثقافة والتاريخ السياسي للجنوب, وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وخلالها تم تشريد واعتقال واغتيال الكثير من المواطنين والقيادات الجنوبية وتهميش أبناء الجنوب وجعلهم أتباعاً لا يملكون حق القرار ليس على مستوى الوزارات أو الدوائر فحسب ولكن حتى على مستوى أصغر الوحدات الإدارية على أرضهم وكذلك ممارسة سياسة الإفقار والتجويع الممنهج بحقهم.
7- تستمد القضية الجنوبية مشروعيتها وقوتها من كونها تناضل من أجل الحق وكونها تحظى بتأييد شعبي واسع داعماً ومؤيداً لها وأصبح مايهم الجنوبيون ليس فقط استعادة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المهدورة ولا التعويض عن كل الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم بسبب الوحدة لكنهم يتطلعون إلى دولتهم المستقلة ذات السيادة وإلى حياة كريمة لهم ولأبنائهم من بعدهم على أرضهم ولذلك وتأكيداً لهذا الرفض فقد لعب المفكرون والكتاب السياسيون الجنوبيون وبعض الصحف الأهلية دوراً بارزاً في كشف النوايا المبيتة بعد الحرب وما تلاها من ممارسات مشينة أدت إلى الهيمنة والسيطرة على الثروة وإلغاء الهوية الجنوبية وتاريخها.
ولقد استحوذ نظام صنعاء على الجنوب حيث وجدت وترسخت مصالح كبيرة غير مشروعة ليس من السهل أن يتنازل عنها بسهولة وعليه فليس أمام شعبنا في الجنوب وفي مقدمته قوى الثورة السلمية سوى مواصلة النضال السلمي الجنوبي و تصعيده حتى التحرير والاستقلال واستعادة الدولة وبكامل حقوقه وسيادته واضعاً في الاعتبار ما يلي:
1- إن القضية الجنوبية قضية شعب كامل لأتقبل المساومة ولا تسقط بالتقادم.
2- إن سياسات وممارسات السلطة منذ الحرب وحتى وقتنا الراهن قد قضت على عوامل التعايش والمصالح المشتركة وحتى الآمال, وإن الإصرار على استمرار الوضع القائم لن يخدم أي من الطرفين, ومن الحكمة عودة كل طرف إلى وضعه الطبيعي قبل يوم 22 مايو 1990م .
3- إن خيار النضال السلمي الديمقراطي لإزالة الاحتلال هو العنوان الأساسي لأبناء الجنوب, ولكن هذا لا يعني منح النظام في صنعاء تصريحاً بالقتل والاستخدام المفرط للقوة, فلكل فعل رد فعل.
4- إن السلاح الأقوى في مواجهة هذا الاحتلال هو وحدة الصف والتنظيم وتوسيع القاعدة الجماهيرية لقوى الحراك السلمي من خلال استقطاب كل القوى ومنظمات المجتمع المدني القائمة في الجنوب وتفعيلها وإيجاد قواسم مشتركه بينها للعمل معاً عليها.
5- إرساء تقليد العمل الجماعي وضرورة الالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئات القيادية للمجلس ورفض كل الممارسات والسلوكيات الفردية الخارجة عن الإجماع الجنوبي.
6- التأكيد على أنه لأعداء بين أبناء الجنوب بمن فيهم الموظفين الحكوميين العاملين مع نظام الاحتلال, خاصة بعد إرساء مبدأ التصالح والتسامح والتضامن بين أبناء الجنوب جميعاً.
7- عدم السماح بالانزلاق إلى معارك جانبية والتركيز على الصراع مع الخصم ومن الواجب التوقيع على ميثاق شرف الذي أعدى بهذا الخصوص.
8- اعتماد خطاب يجمع بين الصرامة والموضوعية مما يساعد على التعريف بالقضية الجنوبية لكسب الأنصار والأصدقاء والتكامل مع نشطاء الحراك والنضال السلمي الجنوبي في الخارج والتواصل مع الجهات والمنظمات الإقليمية والدولية لشرح القضية وكسب التأييد لها, الأمر الذي يتطلب توحيد الخطاب وصياغة سياسة إعلامية فاعلة وإعداد قاعدة بيانات متكاملة والاعتماد على الأعلام الصادق ذات المهنية العالية.,
9- تصعيد النضال رأسياً من خلال الانتقال من الاعتصامات والمهرجانات إلى المسيرات والمظاهرات والإضراب الجزئي والعام ثم العصيان المدني, وإبقاء بقية الخيارات مفتوحة حسب ما تطلبه الحاجة لكل ظرف وهو ما يستوجب إعادة تنظيم وتأطير شرائح المجتمع الجنوبي كمنظمات مجتمع مدني من خلال إعادة بناء هيئاتها واتحاداتها (اتحاد شباب طلاب الجنوب _ اتحاد نساء الجنوب _ اتحاد نقابات الجنوب _ اتحاد المتقاعدين _ والمبعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين _ وبمثله المدنيين والدبلوماسيين _ اتحاد الفنانين _ اتحاد المعلمين _ اتحاد المزارعين _ اتحاد المناضلين _ اتحاد أسر شهداء وجرحى حرب صيف 1994م والنضال السلمي _ اتحاد مالكي وسائقي السيارات - اتحاد الرياضيين– اتحاد النقابات العمالية.... الخ).
10- النضال بصرامة ضد سياسة الاستيطان في الجنوب والتي أقدمت عليها سلطة الاحتلال والتصدي للمتنفذين الناهبين للأراضي السكنية والزراعية وكشفهم وعدم الشراء منهم.
11- مواجهة الفتاوى الظالمة التي يصدرها علماء السلطة لإباحة دماء أبناء الجنوب كتلك الفتوى التي أصدرها علماء نظام صنعاء خلال حرب صيف 1994م على أبناء الجنوب لاستباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم والتي كشفت طبيعة هذا النظام الانتقامية بالشروع بالقتل والسلب لأبناء الجنوب من خلال تفعيل دائرة الوعظ والإرشاد بالمجلس الأعلى وفروعه بالمحافظات .
12- العمل على مقاطعة ورفض الانتخابات, والتقسيمات الإدارية التي تقتطع أجزاء من أرض الجنوب لصالح أراضي الجمهورية العربية اليمنية والتي تهدف إلى تأكيد أو إعطاء مشروعية للاحتلال.
13- تحدد العلاقة مع الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية بقدر ومن خلال موقفها من القضية الجنوبية.
14- التأكيد على ضرورة الحفاظ على العلاقة الجيدة مع أشقائنا شعب الجمهورية العربية اليمنية والحرص عليها ومع بقية دول الجوار.
الفصل الثاني::
- حق شعب الجنوب في التخلص من الاحتلال:
-
إن شعب (ج.ي.د.ش) يعيش أقسى وأسوا حقبة زمنية في تاريخه نتيجة تعرضه لأسوا احتلال عسكري من قبل الجمهورية العربية اليمنية, هذه التي توجت فشل مشروع الوحدة الكارثي بينها و (ج.ي.د.ش) بغزو دولة الشريك الجنوبي فخسر شعب الجنوب الدولة والاستقلال ليخضع لاحتلال بدائي همجي غادر.
ومما لاشك فيه بأن قيادة دولة (ج.ي.د.ش) ذهبت إلى الوحدة مع سلطة (ج.ع.ي), مجسدة الطموح السياسي العربي في انجاز وحدة عربية تخرج امتنا من حالة التمزق والضعف والانحطاط الحضاري إلى فضاء تاريخي جديد يبني مداميك القوة لاستعادة العزة والكرامة القومية المهدورتين.
وإذ قبل شعب (ج.ي.د.ش) بمضض (الوحدة) عام 1990م مع (ج.ع.ي) التي يزيد سكانها عليه بثمانية عشرة أضعاف وتنقص مساحة أراضيها على مساحة الجنوب ثلاث مرات وبالثروات عشرات المرات تقريباً, فإنما قبل التضحية بكل هذه المميزات التي تخصه من أجل خدمة المصلحة القومية العربية مؤملاً أن تكون تلك الوحدة فاتحة أمل, تقدم نموذجاً يجسد _ في الواقع _ أفضليات الوحدة في خدمة الأمة.
وما كان شعبنا يتصور أن يتحول من صاحب فضل إلى ضحية حلمه القومي, حين تعرض لعدوان عسكري غادر بشع من قبل سلطة ال (ج.ع.ي) الذي قبل أن يقيم نموذجاً للوحدة معهم لغاية أشمل وأسمى هي خدمة أمتنا العربية.
كما أن ذلك الفشل الذي تحول إلى احتلال عسكري لدولة (ج.ي.د.ش) من قبل دولة (ج.ع.ي) لم يسقط أحلام شعبنا في الجنوب وحسب بل ولدى الشعوب العربية الأخرى _ الأمر الذي حول مشروع الوحدة لدى شعب الجنوب إلى كابوس رهيب, عندما وجد نفسه يخضع لاحتلال عسكري اجتبائي استيطاني باسم وحدة ولدت ميتة, وليس منها سوا حرقة بثلاثة ألوان يحتمي بها المحتلون للجنوب في سابقة استعمارية لم يشهد لها التاريخ الحديث والمعاصر مثيلاً .
ولذلك فقد انطلق شعبنا في الجنوب متمسكاً بحقه الطبيعي والمكتسب وحقه الشرعي في النضال للتخلص من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة المغدور بها, من الحقائق السالفة الذكر ومن الحقائق الآتية ذكرها:
1- إن الوحدة السياسية بين الدول والشعوب, عملية خاضعة لظروفها ولقدرتها على تأمين مصالح أطرافها, ولذلك فهي قابله للنجاح بقدر ما هي قابله للفشل ولنأخذ مثلاً: الوحدة التشيكوسلوفاكية التي دامت أكثر من (70 سنه) عاد كل طرف لوضعه السياسي المستقل بطريقة سلمية .. ثم الاتحاد اليوغسلافي الذي شهد تفككاً هو الأعنف في عصرنا, والذي شهد آخر استقلالات مكوناته في استقلال (كوسوفو). وفشل الوحدة المصرية السورية, ولم تلجأ القاهرة إلى القوة لفرض الوحدة على دمشق كما فعلت صنعاء مع عدن, ولذلك فإن مشروع الوحدة السياسية بين دولة (ج.ي.د.ش) و ال (ج.ع.ي) التي فشلت قبل أن تبدأ, ثم توج فشلها الذريع في شن الحرب العدوانية الغادرة من قبل (ج.ع.ي) على دولة الجنوب واحتلال أراضيها عسكرياً, وما تلت ذلك العدوان من ممارسات استباحية للأرض والعرض , إن كل ذلك لايقرر الفشل الكارثي لمشروع الوحدة المعلن في 22/5/1990م وحسب, بل وتحول هذا الفشل إلى جريمة إنسانية بحق شعب ودولة الجنوب.
2- إن إعلان (الوحدة) السياسية بين دولتينا على عقد سياسي (اتفاقيات) دولي بين طرفيها وطالما نكث طرف بالعهد المتفق عليه, فقد سقط ماترتب على ذلك العقد شرعاً وقانوناً بل وعرفاً إنسانيا منذ انتقل الإنسان من عصور الهمجية البربرية إلى بناء مجتمعات تقوم علاقتها السياسية والاقتصادية .... الخ. على المواثيق والعقود والقوانين التي تنظم هذه العلاقات وتحفظ لكل الأطراف حقوقها ومصالحها. أي سقوط (الجمهورية اليمنية) باعتبارها دولة تعاقدية, قامت على معاهدات (اتفاقيات دولية) بين دولتين فكان بقائها مرهون بالتزام اتفاقياتها من قبل طرفيها, أي بنجاح عقدها السياسي, وفشل هذا العقد, لعدم التزام سلطة صنعاء به, يعني فشل الدولة المعلنة بعقد, ويحق لطرفيها العودة إلى ما قبل إعلانها وهو حق شرعي وقانوني لم ولن تلغيه القوة وأطماع المحو والتدمير.
3- إن أجلى فشل مشروع وحدة مايو1990م تقرر في نتائج انتخابات 1993م حيث صوت شعب الجنوب بنسبة 100% لممثلة السياسي الحزب الاشتراكي حينها بينما صوت شعب الشمال لممثليه السياسيين ( حزب المؤتمر و الإصلاح . وهنا تجسد الفشل على صعيد الشعبين كاستفتاء على فشل الوحدة واستحالة الاندماج .. وبالتالي فان مجلس النواب ضم شرعيتين سياسيتين لإرادتين شعبيتين مختلفتين واحدة للجنوب و الأخرى للشمال ، وهذه الحقيقة تكشف زيغ وزيف الشرعية المزعومة لنواب يعبرون عن إرادة شعبية جهويه ( الشمال ) ضد إرادة شعب الجنوب والذي حارب (70) يوماَ للدفاع عن دولته أمام جيوش أل ( ج.ع.ي) الغازية . أي أن حرب بين دولتين : دولة أل ( ج.ع.ي) المعتدية و ( ج.ي.د.ش) المدافعة عن سيادتها لتخضع لاحتلال الأولى.
4- إن سلطة صنعاء لم تكتف بتعطيل اتفاقيات الوحدة وحسب ، بل مارست الإرهاب ضد الشريك وحضرت للحرب ضد الجنوب ولاجتياحها العسكري له واحتلاله قامت بإلغاء اتفاقيات الوحدة وألغت وثيقة العهد و الاتفاق .. الخ .وهو أمر جلى عن إن صنعاء استهدفت ضرب مشروع دولة الوحدة وتدمير دولة الجنوب التاريخية وبسط الهيمنة و النفوذ عليها وتحويلها إلى فيد حرب وغنيمة ونصر للفاتحين كما أثبتت التجربة المرة التي يتجرعها شعب الجنوب على مدى عقد ونيف من القهر و الإذلال و الحرمان في ظل نهج الحرب المستمرة ضده .
5- إن صنعاء بمقاومتها العنيفة للدولة تواصل تاريخها السياسي المعادي لدولة النظام و القانون وتعتبر حربها ضد الدولة العصرية معركة وجود إن هذا العداء يمثل ثقافة سلطة لا تستطيع العيش في ظل دولة مؤسسية وهي ثقافة تصطدم بثقافة شعب الجنوب فغدى خاسراَ دولته واستقلاله ومستهدفاَ في طمس ثقافته ( هويته) ليبقى اليقين ضرورة الخلاص من الجحيم الذي جني عليه حلمه القومي المتمثل :
أ- استحالة كفالة ادني حقوق شعب الجنوب في ظل سلطة تستخدم كل مقومات الدولة للحيلولة دون بناء دولة عصرية وسلطة كهذه لا هم لها غير الاستئثار بالسلطة و الثروة وإباحة الفوضى و النهب و السلب و العدوان يستحيل أن تعترف بحق شعب الجنوب الطبيعي و المكتسب وحقه الشرعي في الحرية و الاستقلال ويستحيل ضمان حل عادل يرضي شعبنا يعيد له عزته وكرامته في ظل الاحتلال العسكري وسلطة تكرس الفوضى وتأييد أشكال الحكم القبلية ما قبل مرحلة الدولة .
ب- التحرر الكفاحي من كل المسلمات و الأساطير التي أوصلتها إلى هذا المصير المهين بعد أن بلغ شعب الجنوب اليقين وسط فاجعته بتصادم ثقافته وموروثة الحضاري مع اشقائة في أل ( ج.ع.ي) والذين حاكوا ( قلدوا) في احتلالهم لدولة الجنوب حروب غزوات ( مملكة سبأ) ليحضى علي عبد الله صالح في اللاشعور السياسي للقبيلة بدور المكمل لدور ( سبأ ) بعد ( ثلاثة الآلاف سنة ) .
6- إن استمرار ارتكاب الجرائم و المذابح ضد الإنسانية بحق شعبنا ومواصلة نهب وسلب وتملك أراضيه وثرواته وتدمير مكتسبات دولته يعطي له كامل الحق للتحرر من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة على كامل ترابها و الحصول على التعويضات الكاملة عن الثروات و الممتلكات المنهوبة الخاصة و العامة و التعويض العادل عن معاناة شعبنا التي بلغت حد الفاجعة من قبل الاحتلال فضلاَ عن ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية بحق شعبنا حتى يقدموا للمحاكمة في المحاكم الدولية كغيرهم من مجرمي الحروب في العالم وسالبي ثروات الشعوب ومغتصبي الحقوق بالقوة من أصحاب الحق الشرعي .
7- إن حق شعبنا في التحرر والاستقلال في استعادة دولته ، لا كحق إنساني تكفله الشرائع السماوية وقوانين الأرض وحسب ، بل ووفقاَ لقرار فكر الارتباط واستعادة دولة ( ج.ي.د.ش) الصادر عن قيادة دولة الجنوب في 21/5/1994م وهي القيادة ذاتها التي قبلت الدخول في الوحدة الفاشلة مع إعلان الوحدة ، من حيث الشرعية السياسية و القانونية ( فإذا كان قرار قيادة دولة الجنوب في 22مايو 1990م قراراَ شرعياَ ، فان القرار الثاني الصادر في 21مايو 1994م له الشرعية ذاتها ، و العكس بالعكس صحيح ) ومعلوم إن سلطة صنعاء هي المسئولة عن فشل الوحدة ، وشن الحرب على الجنوب ( وعن إعلان فك الارتباط الشرعي واستعادة الشخصية الدولية لدولة الجنوب ( ج.ي.د.ش) .
8- كما يستند شعب الجنوب لنيل حقه بالحرية والاستقلال إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يقر بأي شرعية سياسية لنتائج القوة ( الحروب ) على الغير . وعلى المواثيق و العهود الدولية التي شرعت لنصرة حقوق وحريات الإفراد و الجماعات و الشعوب على السواء . وكذلك على إلمام المجتمع الدولي بجريمة الحرب العدوانية ضد شعبنا التي اتخذ مجلس الأمن الدولي بشأنها القرارين (924- 931) لعام 1994م ولازالت القضية قيد النظر أمام مجلس الأمن الدولي .
9- يؤمن مجلسنا المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب بان خلاص شعبنا من وضع العبودية المادي و المعنوي التي فرضها عليه الاحتلال الهمجي من خلال الاستيلاء على أرضه وثرواته وحرمانه منها وممارسة الإفقار و الإذلال و القمع ضده ، وحرمانه من العمل لتعطيل قدراته وتخريب فعاليته ...الخ . من إجراءات التمييز العنصري الصريحة التي اخضع لها لن يتم الخلاص منه إلا بالنضال الدءوب وهو حق شرعي عادل وليس جريمة . الجريمة هي أن يرغم شعب بكاملة على طمس هويته ومحو وجودة فيخضع للاسترقاق المادي و المعنوي من قبل احتلال بربري حول الحلم الجنوبي والعربي في الوحدة إلى رعب قاتل . فهل يقبل أشقائنا العرب و العالم من حولنا بان يستعبد شعبنا في عصر انتصار حقوق الإنسان وحرياته وسيادة حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ؟
· تلك هي القضية الجنوبية ، وبوجودها الموضوعي غير القابل السقوط بالتقادم . وسيناضل مجلسنا بكل هيئاته وسيضحي مناضلوه بالغالي و النفيس حتى تنتصر إرادة شعبنا الحرة باستعادة الدولة الوطنية الجنوبية وسيادتها على أرضها و التي بها ومن خلالها يستعيد عزته وكرامته ومكانته بين شعوب العالم .ولن يتنازل عن حقه مهما كانت التضحيات ، في التخلص من عقد الاسترقاق الظالم الذي يفرضه علية الاحتلال بديلاَ لعقد الوحدة السياسية المطبق منذ عام الاحتلال بقوة السلاح الذي ينص على : ( كل شي لصالح المنتصر أل ( الجمهورية العربية اليمنية ) وكل شي على حساب المهزوم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) إن هذا اللامعقول في نظر صاحبة (العقد الاجتماعي ) هو ما يطبق على شعب الجنوب منذ (7/7/1994م) . بديلاَ إكراهياَ لعقد الشراكة و التكافؤ بين إرادتين ومصلحة شعبي الدولتين الذي نكثت به سلطة الجمهورية العربية اليمنية ليسقط ما ترتب عنه شرعاَ وقانوناَ ( الوحدة السياسية بين الدولتين ) .
إن هذه الفاجعة الإنسانية التي يناضل شعبنا سلميا اليوم ، للخلاص منها هي قضيته الوطنية الجنوبية ، مناشداَ المجتمع الدولي إلى النهوض بمسئولياته نحو حق شعبنا في الحرية و الخلاص من استعمار متخلف وافد من خارج قيم عصر البشرية الراهن .
الباب الرابع
الحراك السلمي الجنوبي
المقدمة والانطلاقة
الفصل الأول
مقدمات الحراك السلمي الجنوبي
الفصل الاول
مقدمات الحراك السلمي الجنوبي.
1. منذ أن شن نظام صنعاء الاستعماري حربه العدوانية الغادرة على شعب الجنوب في 4 مايو 1994م جابه شعب الجنوب هذه الحرب ببسالة فائقة رغم تباين توازن القوى العسكري والبشري بين الطرفين الذي كان لصالح نظام صنعاء إما المجابهة السياسية لهذه الحرب فقد اتخذت القيادة الجنوبية وبالإجماع وتلبية لرغبة شعب الجنوب قرارها التاريخي في 21 مايو 1994م بإعلان فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب ـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ـ وبالاستناد إلى حقائق التاريخ والجغرافيا ، وإيصال قضية شعب الجنوب إلى المنظمات الإقليمية والعربية والإسلامية والدولية بما فيها أعلى منظمة دولية وهي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي اتخذ قراران هامان وبالإجماع هما : 924 (1994م) و 931 (1994م) . اللذان نصا على عدم شرعية فرض الوحدة بالقوة . وبهذا يكون شعب الجنوب قد امتلك المقدمات الوطنية والعربية والدولية الشرعية نضاله لتحرير وطنه من الاحتلال .
2. على اثر نزوح القيادات الجنوبية المدنية والعسكرية إلى خارج وطنها عام 1994م أودعت لدى المنظمات العربية والإسلامية والدولية وثيقة هامة عبرت فيها عن رفضها لأي تصرفات يقوم بها نظام صنعاء تجاه شعب الجنوب الذي يقع تحت الاحتلال بما يعتبر خرق لاتفاقية جنيف الرابعة ، وحذرت من عقد أي اتفاقيات مع هذه السلطات لان ذلك عمل غير شرعي واشتراك مباشر في نهب ارض وثروات شعب الجنوب .
3. بعد سننين من احتلال الجنوب أي في عام 1996م ظهر أول شكل نضالي جنوبي وهو المنظمة الوطنية الجنوبية ( موج ) وتم الإعلان عنها من الخارج.
4. إعلان الحزب الاشتراكي الشريك في مشروع الوحدة مقاطعته للانتخابات النيابية في 27/4/1997م شارطاً المشاركة في الانتخابات بضرورة عقد مصالحة وطنية وإزالة آثار حرب 1994م لكن سلطات صنعاء رفضت هذه الدعوة. بالمقابل لبت جماهير شعب الجنوب دعوة الحزب الاشتراكي بمقاطعة الانتخابات النيابية وهو الأمر الذي يعني عدم الاعتراف بسلطة صنعاء ورفض استمرار احتلال الجنوب وبروز تيار إصلاح مسار الوحدة.
5. تأسيس حركة تقرير المصير ( حتم ) في 27/7/1997م التي أعلنت بوضوح عن رفضها للاحتلال ومقاومة الغزو العسكري للجنوب من قبل الجمهورية العربية اليمنية من خلال قيامها بعدة أعمال عسكرية ضد معسكرات سلطات صنعاء الموجودة في الجنوب وقدمت كوكبة من الشهداء والجرحى وتم اعتقال بعض أعضائها وشرد الآخرون ، ولأسباب موضوعية جمدت نشاطها بعد فترة قرابة ثلاثة أعوام ، وقد شمل نشاطها كثير من محافظات الجنوب بما فيها العاصمة عدن
6. ظهور حركة سياسية وشعبية جنوبية في حضرموت والمهرة وشبوة أطلق عليها ( جبهة الخلاص ) دعت في بياناتها إلى الخلاص من الاحتلال العسكري للجمهورية العربية اليمنية للجنوب .
7. قيام أبناء الجنوب بإنشاء منتديات ثقافية في منازل بعض الشخصيات الجنوبية كشكل من أشكال النضال السلمي . كما خاض مثقفي الجنوب نضالاً فكرياً واسعا من اجل حرية شعبهم من خلال الاستفادة القصوى من وسائل الإعلام المعبرة عن قضية شعب الجنوب ، ونشر العديد منهم كتباً ودراسات عن القضية .
8. من أرقى أشكال النضال التي ظهرت في الجنوب تجربة اللجان الشعبية التي تأسست عام 2000م, حيث شُكلت أول لجنة شعبية في العاصمة عدن ثم شُكلت في بقية محافظات الجنوب وصدر عنها بيانا في 7/7/2000م حددت فيه مطالبها واتجاهات نضالها , وضمت بين صفوفها صفوة الجنوب من المثقفين والمحامين والصحفيين والنساء والعسكريين والدبلوماسيين,وشكلت لها قيادة موحدة وقامت بعدة أنشطة, فقامت السلطات الاستعمارية باستدعائهم إلى نيابة الصحافة وجندت عليهم فرق الأمن والسفهاء, وسجنت البعض منهم, وفرضت حظر على نشاطها.
9. في 7/7/2004م تم الإعلان عن تنظيم جنوبي علنيي في بريطانيا هو التجمع الوطني الجنوبي ( تاج).
10. اتباع سلطة الاحتلال بصنعاء تجاه الجنوب السياسة الاستعمارية ( فرق تسد ) لتمزيق وحدة شعب الجنوب وتعميق الصراعات الداخلية الجنوبية ، واستخدام أوراق صراعات الماضي حيث قامت في 10/12/2005م بنبش المقابر في عدن، وأبرزتها في وسائل إعلامها اعتقاداً منها أن تلك المخططات سوف تعمق الشرخ الجنوبي، لكن رد شعب الجنوب كان مفاجأة غير متوقعة لها ، فقد عقد اجتماعاً كبيراً في مقر جمعية أبناء ردفان الخيرية بعدن في يوم 13 يناير 2006م حضره جمع غفير من كافة محافظات الجنوب دعا فيه المجتمعون اعتبار يوم 13 يناير يوماً للتصالح والتسامح والتآخي والتضامن وإغلاق صفحات الماضي والنظر إلى المستقبل . على اثر ذلك قامت السلطات الاستعمارية بمداهمة وتفتيش الجمعية وإغلاقها، حينذاك شكل أبناء الجنوب ملتقيات التصالح والتسامح وعقدوا عدة لقاءات شعبية في أبين والضالع وشبوة. كانت كل هذه المقدمات وغيرها أرضية خصبة لانطلاقة مسيرة الحراك السلمي الجنوبي المباركة والمنتصرة بإذن الله
صوت الشعب :خاص
مشروع البرنامج السياسي للمجلس الأعلى الحراك السـلمي لتحرير الجنـوب
الفهرس:
المقدمة
الباب الأول
الاتجاهات العامة للبرنامج السياسي
الباب الثاني
الفصل الأول
سبب فشل الوحدة وإعلان الحرب
الفصل الثاني
الموقف الإقليمي والدولي من الحرب والاحتلال
الباب الثالث
القضية الجنوبية
الفصل الأول
ماهي القضية الجنوبية
الفصل الثاني
حق شعب الجنوب بالتخلص من الاحتلال
الباب الرابع
الحراك السلمي الجنوبي – المقدمات والانطلاقة
الفصل الأول
مقدمات الحراك السلمي الجنوبي
الفصل الثاني
انطلاقة حراك شعب الجنوب السلمي الحضاري التحرري
الفصل الثالث
توحيد الاداه السياسية للحراك السلمي الجنوبي
الباب الخامس
المهام الوطنية لشعب الجنوب
في مرحلة التحرير من الاحتلال
الفصل الأول
اشكال وأساليب النضال السلمي
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ
صدق الله العظيم
مشروع البرنامج السياسي للمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب المقدم إلى المؤتمر العام الأول المنعقد في الفترة من : / / م تحت شعار (( لنواصل نضالنا دفاعاَ عن كرامتنا وتحرير وطننا وتحقيق استقلالنا واستعادة دولتنا ((جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ))
المقدمة
مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب هو الحامل السياسي للقضية الجنوبية وقائد ثورة شعب الجنوب السلمية من اجل التحرر واستعادة دولة الجنوب الوطنية المستقلة ذات السيادة الكاملة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) يظم في صفوفه القوى الشعبية السياسية والاجتماعية والمهنية والثقافية والإبداعية ومختلف الشرائح والفئات الاجتماعية المكونة لشعب الجنوب التي تؤمن بالنضال السلمي أسلوباً ومنهجاً مستمراً للذود عن حق شعب الجنوب في الحرية والكرامة والعزة والهوية والاستقلال .
· إن مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب يضع أمام شعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبمختلف تكويناته السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الشعبية. وأمام العالم هذه الوثيقة التاريخية ليوضح فيها أن هذا الشعب كان وما زال جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، ويستلهم نضاله الوطني من تراثه الحضاري الضارب في أطناب التاريخ الذي شيده على ارض جنوب جزيرة العرب منذ أكثر من سبعة ألاف سنة.. شعباً يعشق الحرية ويناضل منذ القدم ضد الظلم والاستبداد والاستعمار ، وقدم التضحيات الجسام في سبيل الحفاظ على استقلاله وحماية ترابه الوطني من براثن الغزاة والمحتلين، وكانت أرضه وما تزال مقبرة للغزاة المحتلين ، وان هذا الشعب لم يكن ذات يوم جزء من شعب آخر أو دولة أخرى ، وإنما شعب مستقل في أصول جذوره الإنسانية منذ آلاف السنين . غير انه كان على الدوام محباً في تقديم يد العون للآخرين ويحترم حقوقهم وجيرتهم عليه ، ويقدس انتمائه العربي.
· هذا الشعب الذي كان طموحاً لتحقيق الوحدة العربية والتقارب والتعاضد بين أبناء البشرية جمعا واشترك مع شعب ودولة الجمهورية العربية اليمنية في 22 مايو 1990م في مشروع وحدة سلمية قائمة على الشراكة المتساوية بين طرفين مستقلين اعتقاداً منه أن الطرف الآخر سيبادله نفس المشاعر ، لكن ما حصل هو العكس ، فقد قامت سلطات الجمهورية العربية اليمنية وجيشها بشن حرباً عسكرية استعمارية ظالمة في عام 1994م واحتلال الجنوب أرضاً وأنساناً ضاربة بعرض الحائط اتفاقيات مشروع الوحدة بين الطرفين وقرارات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربي والشرعية الدولية المتمثلة في قراري مجلس الأمن الدولي (924) و (931) لعام 1994م التي رفضت فرض الوحدة بقوة السلاح ، فقتل الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ وشرد عشرات الآلاف من أبناء وقيادات شعب الجنوب إلى خارج وطنهم واستولى على كل ممتلكاتهم العامة والخاصة.
· على اثر احتلال الجمهورية العربية اليمنية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 7/7/1994م قامت سلطات الاحتلال بأبشع الأعمال ضد شعب الجنوب من تدمير لمؤسسات دولته وجيشها والاستيلاء على الأرض ، ونهب ثرواته وتدمير ومحو لحضارته وتاريخه وأذلال كرامتة اعتقاداً منها أن هذه التصرفات التي لم يقم بها الاستعمار البريطاني ضد شعب الجنوب كفيلة بضمان استمرار احتلالها لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، غير أن شعب الجنوب اعتبر احتلال وطنه قضيه مقدسة، وبدأ نضاله من اجلها منذ اللحظة الأولى لشن الحرب عليه، حيث ظل يقاوم ببسالة ولمدة ( 70) يوماً ، ثم اتخذ نضاله أشكال وأساليب متعددة ، ومنها ظهور حركات سياسية وفعاليات شعبية ، فقدم شعبنا خلال هذه الفترة قوافل من الشهداء والجرحى وآلاف المعتقلين ، وحيث شكلت هذه الأشكال النضالية إرهاصات أولية لانطلاقة الحراك السلمي الذي عبر شعب الجنوب عن دعمه لها بالتفاف شعبي غير مسبوق ، وروح مسئولة رائعة من خلال تطبيق مبدأ التصالح والتسامح والتضامن والتخلص من أثار صراعات الماضي.
· لقد كان توحد قوى الحراك السلمي الجنوبي في كيان سياسي واحد تم الإعلان عنه في 9 مايو 2009م هو مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب ، الذي عبر عن هويته وتوجهاته ورؤيته على الصعيدين الداخلي والخارجي من خلال هذا البرنامج الذي يحدد معالم المهام المرحلية النضالية لشعب الجنوب وأدواتها وأساليبها وهدفها الاستراتيجي والمتمثل في تحرير شعب الجنوب لأرضة واستعادة دولته المستقلةـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ـ ذات السيادة على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية ، ونظامها السياسي الديمقراطي التعددي وسياستها الداخلية وعلى مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والدفاعية والأمنية ، ومنطلقات سياستها الخارجية على المستويين العربي والدولي ، وإنها ستكون عامل بناء في نشر السلم والاستقرار الإقليمي والدولي .
الباب الأول
الاتجاهات العامة للبرنامج السياسي
· تلبية لنداء الوطن واستشعاراَ بالمسئولية الوطنية العليا الملقاة على عاتق تكوينات الثورة الشعبية السلمية التحريرية لشعب الجنوب ، وتطلعاته وتضحياته داخل الوطن المحتل وفي الشتات وعلى قاعدة الإرادة الشعبية المشروعة لأبناء الجنوب الداعية إلى وحدة الصف الجنوبي وقوته المتعاظمة و الاستمرار في تأدية مهامه الكفاحية ووحدة إرادة مختلف التكوينات لمناضلي الجنوب الأحرار في مواجهة قوات الاحتلال ، فقد تجسد بالفعل توحيد القيادة السياسية لثورة شعب الجنوب السلمية في 9/5/2009م في مدينة زنجبار وإعلان قيام (مجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب ) لقيادة ثورة الجنوب الشعبية السلمية بقيادة المناضل \علي سالم البيض الرئيس الشرعي لدولة الجنوب .
· لقد شكلت هذه الخطوة المتقدمة انتقال نوعي لتنظيم وتوحيد كفاح ونضال شعبنا الجنوبي السلمي للفترة القادمة وانتصار عظيم لهذا الشعب المكافح في خيارات نضاله الأكثر فعالية ، وبوحدة مناضلي القوى السياسية و الاجتماعية الجنوبية بإعلان مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب الذي جاء لمحصلة حوارات بين مكونات الثورة السلمية نتج عنها اتفاق زنجبار (9 مايو 2009 ) .
ويعتبر المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب ، هو القيادة السياسية والشعبية الجنوبية المعبر عن حق شعب الجنوب الشرعي و العادل في النضال من اجل التحرير من الاحتلال العسكري الهمجي المتخلف ( الجمهورية العربية اليمنية ) ويقود نضال شعب الجنوب ، لنيل الاستقلال واستعادة دولته الوطنية ذات السيادة على كامل ترابها ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) سوف يؤدي مهمته التاريخية في قيادة النضال السياسي السلمي حتى تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الوطني المشروع لشعب الجنوب الأصيل .
· يؤكد المجلس إن الوطن يتسع لكل أبنائه دون استثناء ولا مكان فيه للإقصاء والاستبعاد والتخوين و التشكيك .
و يدعوا جميع فئات وشرائح المجتمع الجنوبي الباسل من أحزاب ، ومنظمات المجتمع المدني ، ومشايخ و سلاطين و وجاهات اجتماعية ورجال أعمال ورجال دين ورجال فكر وصحافة وأكاديميين وتجار ومثقفين وطلاب وعمال رجالاَ ونساء شباباَ وشيوخَ للمساهمة الفعالة في نضال شعبنا السلمي الهادف إلى التخلص من الاحتلال ونيل الاستقلال واستعادة دولتنا الوطنية .
· ويرى المجلس أن الوطن المغتصب أمانه في أعناق كل أبنائه في الداخل و الخارج وان الواجب الوطني و الأخلاقي و الديني يدعوهم للإسهام في النضال المستمر للخلاص من الاحتلال وان يسهم كل منهم حسب قدراته وإمكانياته في أي وقت وأينما كان لتحرير وطنه وإنقاذ شعبة من وطأة ما حل به من الامتهان من قبل المحتل الهمجي المتخلف نظام الجمهورية العربية اليمنية .
· إن مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب ، يشكل إطاراَ جامعاَ لوحدة المناضلين الجنوبيين . المقتنعين بالأهداف النبيلة التي يؤكدها هذا البرنامج السياسي ,ويعمل المجلس بوعي عالي الأهمية الخاصة لتطوير أسس البناء التنظيمي و السياسي لتكويناته – كحامل سياسي منظم – يرقى إلى مصاف الهدف النبيل المجسد للإرادة الشعبية الغالية لجنوبنا الذي ألحقت به واقع الاحتلال فاجعة لم يعتادها في تاريخه الحديث و القديم .
.
· إن ما يميز مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب اتساع قاعدته الاجتماعية الشعبية ، حيث شملت مختلف قرى ومناطق ومديريات ومحافظات الجنوب وعلى نحو غير مسبوق, هذه القاعدة التي تخوض نضالاَ سلمياَ وهاهي اليوم تشرف على نهاية العام الثالث على التوالي دون انقطاع وهي بذلك تهيئ الظروف المناسبة للانتقال إلى الإشكال النضالية الأرقى و الأوسع من إشكال النضال السلمي .
· أن مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب يلتزم التزاماَ صارماَ بمبدأ العمل للحيلولة دون السماح لأي عمل يسهم في إعادة إنتاج الماضي والصراعات السياسية وسوف يعمل المجلس على تقوية أواصر الصلاة الايجابية مع وبين كل قوى الجنوب الحية ، ملتزماَ إرادة شعب الجنوب الواعي في طي صفحات الماضي الأليم و الاستفادة من دروسه وعبرة ، و الالتزام بقيم التصالح و التسامح و التضامن الجنوبي وتحويله إلى ممارسة في الوعي و السلوك ، هذا الفعل الإنساني الأخلاقي النبيل المجسد لثقافة جنوبية حضارية متميزة تشكل الجسر المادي و المعنوي الذي توحدت عليه إرادة الشعب وانتفضت دفاعاَ عن وجودها من نزوع الطمس و التدمير العنيف في ثقافة غزاة 7/7 .
· وسيناضل المجلس يد بيد مع كل قوى الجنوب السياسية و المدنية و الشعبية المؤمنة بحق شعب الجنوب بالحرية و الاستقلال واستعادة الدولة وسيعمل بإخلاص وتفاني على تيسير كل السبل لوحدة الإرادة النضالية في إطار كفاحي واحد ، لاستعادة دولة (ج.ي.د.ش) وعلى كامل السيادة يلتزم مجلسنا بالآتي:
1- احترام الرأي و الرأي الأخر باعتبار جميع أبناء الوطن شركاء فيه حاضراً ومستقبلاً مؤمناَ بان التعدد و التنوع سنه الله في خلقة وعامل حماية من الاستبداد و الطغيان في المجتمعات وعامل تراء في المجتمعات غير المتعسفة لمبدأ التنوع في إطار الوحدة الجنوبية .
2- تجسيد قناعاته المبدئية الرافضة للاستبداد بكل اشكالة من خلال إسهامة العملي في نشر وترسيخ ثقافة التعدد والرؤى المختلفة من خلال التزام قاعدة الاعتراف المتبادل بحق التعدد و الاختلاف في الرأي و التنوع على صعيد الذات ومع الأخر الوطني و الخارجي .
3- الالتزام بلغة الحوار بأبعادها الحضارية باعتبارها لغة العصر .
4- منح ثورتنا السلمية الشعبية إبعادها الإنسانية و الأخلاقية وبما يجسد ثقافة شعبنا في
الجنوب وأخلاقياته وعاداته الأصيلة ومشروعية نضاله وعدالة قضيته .
5- مناشدة كل أبناء الجنوب و على اختلاف انتماءاتهم السياسية – الاجتماعية الفكرية ا- المهنية الارتقاء إلى حجم ومكانة قضية شعبنا وحقه في التحرر و الاستقلال واستعادة الدولة وبهذا الخصوص يرى مجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب إن وحدة القيادة السياسية التاريخية في الخارج ووحدة جهودها وجهود كل أبناء الجنوب في الخارج من شأنه وحدة الأداة وتكاملها مع الداخل تحت قيادة الرئيس المناضل / علي سالم البيض وتقوية نضال شعبنا وتقريب يوم الخلاص .
· يرفض المجلس ما تقوم به سلطة الاحتلال (ج.ع.ي) من رعاية وتفريخ للإرهاب و استدعاء خلاياه النائمة وزعزعة الأمن و الاستقرار و السلم الاجتماعي واستهداف الأرواح البشرية و محاولة إلصاقه بأبناء الجنوب وهي محاولات مفضوحة ومكشوفة ومعلومة للرأي العام المحلي و الإقليمي و الدولي ويحذرها من مغبة استمرار اللعب بالنار ، معا تأكيدنا على رفض أبناء شعبنا للإرهاب والعنف وعدم الانجرار إليه .
ويؤكد مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب تمسك شعبنا بمواصلة النضال السلمي كخيار امثل اختاره عن وعي و قناعة وتصعيده باشكالة ووسائله واساليبة المتعددة حتى العصيان المدني و الانتفاضة و الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة على انه وفي حال واصلت سلطة الاحتلال القوة المفرطة وإرهاب الدولة ضد نضالات شعبنا السلمية فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن إجبار شعبنا في تبني خياراته الشرعية الأخرى المكفولة لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال عملاَ بقولة تعالى ((فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) صدق الله العظيم
· إن مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب الذي يضم في صفوفه مناضلين يدركون جميعاَ حجم واجباتهم ومسؤولياتهم وإنها تكمن في خوض النضال السلمي التحرري حتى الاستقلال واستعادة الدولة فقط وان شعبنا في الجنوب وبعد استعادة دولته هو من يقرر مصيره بنفسه ويحدد مستقبلة.
· وعلي صعيد الموقف العربي و الإقليمي و الدولي:
يعمل المجلس على بناء دولته الحضارية المستقلة التي ستكون بإذن الله عامل أمن واستقرار ونما في المنطقة وفي العالم كجزء فاعل في المنظومة الإقليمية و الدولية . وقائمة على احترام القوانين و المواثيق و المعاهدات الدولية وحقوق الإنسان وراعية مصالح الشعوب و الأمم واعتماد مبدأ الديمقراطية و التعددية السياسية و الحزبية و التداول السلمي للسلطة واحترام حرية الرأي والرأي الآخر و الصحافة القادرة على تحمل مسئولياتها في محاربة الإرهاب و الفساد بكل صورة وأشكاله. ومن أجل قضية شعبنا في الجنوب يؤكد مجلس الحراك السلمي الأعلى لتحرير الجنوب مجدداَ على استمراره في دعوة الهيئات و المنظمات العربية و الإقليمية و الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي و الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بعدم السكوت على معانات شعب الجنوب الواقع تحت الاحتلال الهمجي الغاشم الذي يسيطر على الجنوب الأرض و الإنسان وتدمير مكتسبات دولته جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالقوة العسكرية منذ 7/7/1994م واستمرارة في مناشدة الأشقاء و الإخوة العرب بسرعة تحريك ملف الجنوب في مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الإجراءات القانونية وفقاَ لقرارات مجلس الأمن رقم ( 924، 931) والموقف العربي و الإقليمي إثناء الحرب وعلى قاعدة فك الارتباط سلمياَ .
الباب الثاني
الفصل الأول
سبب فشل مشروع الوحدة واعلان الحرب
سبب فشل الوحدة وإعلان الحرب
لقد توحده أجزاء من جغرافية المنطقة في الفترة السابقة واللاحقة للإسلام ولكن المعلوم في الأمر أن الكيانات التي توحدت بالقوة العسكرية لأتلبث أن تنتهي وتفكك بالوسيلة نفسها .
وبالتالي لايمكن القول أن المساحة الجغرافية الحالية (الجمهورية اليمنية )كانت تخضع لسلطة نفوذ لدولة واحدة عبر التاريخ .
وفي العصر الحديث قامت حروب عدة بين (ج.ي.د.ش) و(ج.ع.ي) كان أولها حرب 1972 م وحرب 79 19 م نتج عن تلك الحروب اتفاقيات وحدوية بدا من اتفاقية القاهرة وبيان طرابلس واتفاقية الكويت وبيان 30 /نوفمبر/1989 م (بيان عدن) الذي كان لهذا البيان الحدث الأهم لتحضيرات إعلان مشروع الوحدة التي صاغت آليات ومحطات ملزمة للانتقال إلى دولة إلى الوحدة في أطار وجود دولتين والاستفتاء على دستور دولته الوحدة وانتخاب مؤسساتها الدستورية (مجلس النواب ,الرئاسة, الحكومة ) وجاءت الاتفاقية الموقعة في 22/مايو 90 م انتهاكاً صارخا للاتفاقيات الوحدوية السابقة بوجه عام وتلغي نصوص اتفاقية عدن وكل الاتفاقيات التي قبلها .
ويعتبر إعلان الوحدة اليمنية يوم 22/مايو/90 م خرقاً دستورياً فاضحاً ومرتجل متجاوزا كل الأعراف الدولية وحمل في طياته بذور الأزمة منذ إعلان مشروع الوحدة 22/مايو/90 م الذي اغفل وبشكل متعمد حق شعب الجنوب ومنها:
اولاً: مصادرة الحق الثابت والشرعي لشعب الجنوب المتمثل بالاتي
أـ مصادرة حق الشعب بالاستفتاء على الوحدة قبل إعلانها لكي يقول كلمته بنعم أو لا .
ب ـ عدم مراعاة حق شعب الجنوب بالمساحة والثروة مقابل عدد سكان جمهورية عربية يمنية .
ج ـ إغفال مبدى الشراكة دستورياً في المناصب السياسية السيادية مثل مجلس النواب ,الرئاسة ’ الوزراء ,الثروة , والمؤسسات المدنية والعسكرية .
د ـ أحرام الجنوبيين من الحق المكتسب والمثبت قانوناً قبل دولته الوحدة
مثل التطبيب والتعليم المجاني وصناديق الرعاية ودعم الأسعار .
هـ ـ عدم معالجة أوضاع العاملين في جميع المرافق المدنية في مجال , الزراعة ’ التعاونيات , السياحة , والخ......
وـ لم يراعا الفوارق بين شعب (ج.ي.د.ِش)و(ج.ي.ع) سياسياً , ثقافياً ,اقتصادياً,واجتماعياً.
زـ الاستعجال في إعلان يوم 22/مايو متجاوزاً كافة الأسس والقواعد الدستورية والقانونية وعدم مراعاة خصوصية كل شعب من الشعبين الماتلفين (ج.ي.د.ش) و(ج.ع.ي) ملغياً بذلك كل لاتفاقيات السابقة سالفة الذكر يدل دلالة واضحة على النوايا الانتقامية المبيتة التي تحيكها سلطة (ج.ع.ي) ضد شعب ودولة (ج.ي .د.ش) ولمؤامرة إقليمية تم الإفصاح عنها بعد حرب الخليج .
ثانياً: استهداف قادة الجنوب والتمرد على مشروع الوحدة .
انه ومنذ اليوم الأول لإعلان مشروع الوحدة بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية والتحام قيادة الدولتين بقيادة واحدة تسمى مجلس الرئاسة ,النواب ,الحكومة ,الشورى . وانتقال قيادات الجنوب إلى صنعاء بدئ شريك الوحدة سلطة الجمهورية العربية اليمنية بالتمرد على اتفاقيات الوحدة ووضع العراقيل أمام كل الجهود الرامية إلى دمج مؤسسات الدولتين المدنية والعسكرية على أساس وطني لبناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون .
وبالإشارة إلى اتفاقية 22 /ابريل 90 م صنعاء التي حددت توزيع السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بين دولتين وتحديد مرحلة انتقالية لفترة سنتين ونصف امتدت إلى ثلاث سنوات وأجراء انتخابات تشريعية يوم 27/ابريل 93 م عسى أن تكون الفترة الانتقالية قد حسمت كافة الأمور سواءً في دمج المؤسسات المدنية والسكرية وبناء الدولة الحديثة المتفق عليها قبل إعلان الوحدة واستكمال التشريعات المنظمة لهذه الدولة ولكن مرت سنوات المرحلة الانتقالية والأمور تزداد تعقيدياً وتسويفاً للجنوبيين وذلك من خلال التهميش والإقصاء والاستهداف وفرض واقع نظام الجمهورية العربية اليمنية تشريعاً ومالياً وإدارياً المنافي لعقد الشراكة وكا مقدمات لإقصاء الشريك الجنوبي من المعادلة السياسية التي بدأت سلطة الجمهورية العربية اليمنية بالأعمال التالية :
1ـ بدا عملية الاغتيالات السياسية لقادة الجنوب الذي بلغ (150)شهيد تقيد ضد مجهول .
2ـ العمل بمعيارين تجاه المؤسستين العسكرية والأمنية لدولتين المعيار الأول تجاه المؤسسة العسكرية للجمهورية العربية اليمنية يتم العمل تجهاها على تعزيز قدراتها من حيث التنظيم والتسليح ورفع جازيتها فنياً وقتالياً المعيار الثاني تجاه المؤسسة العسكرية والأمنية لدولة الجنوب يتم العمل المنظم على تعقيد الاجرائات الإدارية والمالية ونخر جازيتها القتالية وعدم ترتيب وضعها الوظيفي والمعيشي وخلق حالة التذمر القصوى لجميع المقاتلين .
3ـ إصرار شريك الوحدة الممثل بالجمهورية العربية اليمنية ببقاء الأوضاع على ما هي علية قبل الوحدة لجهاز الدولتين المدني والعسكري والاحتفاظ بكل مقومات دولة الجمهورية العربية اليمنية المادي والبشري عكس دولته الجنوب التي سلمت جميع مقوماتها وبدون أي تحفظ لشريك الوحدة بما في ذلك التنازل عن الكرسي الأول والعاصمة والعملة والمساحة والثروة وجحود قلماً وجد مثيلاً له في التاريخ لذلك فان سلطة الاحتلال قد أسقطت شرعية الإعلان الطوعي السلمي لمشروع الوحدة بعد ضم الجنوب وإقصاء شعبة ونهب ثروته بديلا عن الشراكة والاتحاد الطوعي
4ـ استغلال خلو اتفاقية الوحدة من أي ضمانات تؤمن حقوق ومصالح الطرفين ومصداقية الجنوبيين للوحدة ا قدم ألجميع إلى انتخابات 93 م تلك الانتخابات يمكن أن تفرز توازن سياسي يضمن استمرار مشروع الوحدة ولكن كانت نتائج تلك الانتخابات قد إعادة الوضع إلى ماقبل 22/مايو /90 م حيث صوت الجنوبيين لقادة الجنوب حتى لمن كان له موقف من تلك القيادة وكذلك شعب الشمال صوت لقيادته
5ـ أثارت الصراعات القبلية والسياسية الضيقة بين أبناء الجنوب بهدف تمزيقهم.
6ـ وبناء على ماتقدم أن وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في عمان 20/فبراير /94 م كا مشروع إنقاذي جديد ومخالف للاتفاقيات الوحدوية السابقة هي الأخرى لم يلتزم بها الشريك الأخر الممثل بالجمهورية العربية اليمنية بعد أن حسم خيارة بحل الخلاص ف مع الشريك الجنوبي عن طريق الحرب والحسم العسكري .
ثالثاً : الحرب على الجنوب ودفن مشروع الوحدة .
ما أن مر شهر على توقيع وثيقة العهد والاتفاق وبعد أن جرى الإعداد والتحضير للحرب من قبل رئيس الجمهورية العربية اليمنية علي عبد الله صالح الذي أعلن الحرب يوم 27/ابريل ـ94 م في ميدان السبعين في صنعاء على الجنوب وبعد ساعات فقط الموقف عسكرياً في عمران وكانت البداية في الحرب والطلقة الأولى في نعش الوحدة وكان لهذا الحرب الأهداف التالية :
1ـ الانقلاب على عقد الشراكة بين (ج.ي.د.ِش) و(ج.ع.ي) .
2ـ القضاء على قوى الحداثة التي كانت ترغب في بناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون .
3ـ الاستيلاء للقوى المتنفذة على مقومات دولة الجنوب من أصول ثابتة ومتحركة .
وفي 4/مايو 94 م قرر الجنوبيين خوض الحرب دفاع عن الكرامة وبمقاومة شعبية جنوبية عنيفة أدى إلى إعلان الرئيس علي سالم البيض فك الارتباط بين شعب الجمهورية العربية اليمنية وشعب جمهورية اليمن الديمقرا طيه الشعبية يوم 21 /مايو /94 م وقد ترتب على ذلك القرار التاريخي إصدار عدد من المواقف الايجابية المساندة شعب الجنوب ومنها :
1,ـ بيان صادر عن وزراء مجلس التعاون الخليجي يوم 25 /مايو /94 في خميس مشيط مضمونة فقد رحب مجلس التعاون الخليجي بالوحدة اليمنية عند قيامها بالتراضي بين الدولتين في مايو 90 م وبالتالي فان بقائها لا يمكن أن يستمر ألا بتراضي الطرفين ورافق هذا الموقف موقف مصر الذي كان أكثر وضوحاً رافضاً للحسم العسكري لضم الجنوب بالقوة .
2ـ مع استمرار العملية العسكرية على الجنوب تم إصدار قرارات الشرعية الدولية لمجلس الأمن الدولي المتمثلة بالقرارين (924ـ 931) وكذا جهود وتقارير السيد الأخضر الإبراهيمي مبعوث وممثل ألامين العام للأمم إضافة إلى مداخلات الدول الخمس دائمة العضوية والمثبتة في محاضر مجلس الأمن وخاصة جلسة 29 /يونيو 94 م برقم 3394 وفيها أجمعت هذه الدول على عدم جواز فرض الوحدة بالقوة .
ومع غروب يوم 7/7/94 م خرج الجنوب من المعادة السياسية لدولة الوحدة وتعرضت كل مكوناته ومؤسساته لتصفية الممنهجة حيث قام المنتصر في الحرب منذ اليوم الأول بأبشع الممارسات والسلوكيات المناقضة لأي توجه وحدوي آو مواطنة متساوية .وتم استبدال مضمون الوحدة السلمية بوحدة الضم والاحاق واستباحة كامل أراضي الجنوب وثرواته للفيد والنهب وطمس الهوية والتاريخ .
الفصل الثاني: الموقف الاقليمي والدولي من الحرب والاحتلال
· بعد أن رفض نظام الجمهورية العربية اليمنية كل الدعوات الصادرة عن الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والقيادة المصرية التي كان موقفها واضحاً ورافضاً لفرض الوحدة بالقوة، واستمرار الحرب الهادفة إلى تدمير واستباحة أرض الجنوب ومنجزات شعبه ونهبها وقتل النساء والأطفال والشيوخ من قبل الآلة العسكرية للجمهورية العربية اليمنية عقد مجلس الأمن الدولي عدة اجتماعات لبحث الحرب الدائرة بين الدولتين واصدر قراره رقم (924) في الأول من يونيو 1994م، وكانت أهم بنوده، تأييده لجهود ودعوات الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والوقف الفوري لإطلاق النار، وأن الخلاف بين الطرفين لا يمكن حله باستخدام القوة وإنما بالمفاوضات والوسائل السلمية، وأن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن ذلك في فترة لا تزيد عن أسبوع، ويقرر إبقاء المسألة (الملف) قيد النظر الفعلي.
وعلى ضوء قرار مجلس الأمن الدولي عين الأمين العام للأمم المتحدة السيد الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً له لحل الخلاف بين الطرفين.
· كما عقدت الدورة (51) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربي يوم 3 يونيو 1994م وأصدر بيانا نص على أنه ((انطلاقاً من أن حقيقة الوحدة مطلباً لأبناء الأمة العربية فقد رحب مجلس التعاون الخليجي بالوحدة اليمنية عند قيامها بالتراضي بين الدولتين في 22 مايو 1990م وبالتالي فإن بقائها لا يمكن أن يستمر إلا بالتراضي بين الطرفين )) وأيد البيان ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم (924) لعام 1994م.
· في يوم 27 يونيو 1994م عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً للاستماع إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي أوضح بأن السلطات في صنعاء قرنت موافقتها على نص القرار الدولي بوضع عدة شروط لا يمكن للجنوب القبول بها، وبالمقابل أوضح التقرير إنه ((وبينما كان المبعوث الخاص بالمكلا أجتمع بمجموعة من الزعماء السياسيين الجنوبيين يمثلون 22حزباً سياسياً ومختلف المنظمات أعرب هؤلاء الممثلون عن دعمهم للسيد علي سالم البيض ولإعلان الدولة الجديدة في 21 مايو 1994م )) وعن موقف الدول العربية أضاف التقرير بأنه ((ذكًر جميع الزعماء المبعوث الخاص أن جميع البلدان رحبت بالإجماع بالوحدة ودعمتها عندما تحققت بين الدولتين وأعلنوا تأكيد موقفهم أن الأمر يتوقف على الشعب وعلى زعمائه الذين هم أطراف في النزاع لكي يقرروا بأنفسهم عن طريق الحوار السلمي إذا كانوا سيعيشون في دولة موحدة أو يعودون إلى الحالة التي كانت قائمة قبل 22مايو 1990م عندما كانت هناك دولتان مستقلتان كل منهما عضو في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة بلدان عدم الانحياز)) وأوضح التقرير أن رأي الزعماء العرب ورأي الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد على ضرورة إرسال مراقبين دوليين للفصل بين القوات وبما يضمن ووقف دائم للقتال والدخول في حوار يفضي إلى حل عادل.
· إن أهم ما أفصح عنه كل من قرار مجلس الأمن الدولي رقم (924) والتقرير الأول للأمين العام للأمم المتحدة ما يلي:
1. اتخاذ مجلس الأمن الدولي لهذا القرار وبالإجماع وتأكيده على عدم مشروعية الحرب التي شنتها الجمهورية العربية اليمنية ضد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هو بمثابة رفض قاطع من العالم لفرض الوحدة بالقوة.
2. لم يرضخ المجتمع الدولي لمطالب نظام صنعاء بإدانة فك الإرتباط واستعادة دولة الجنوب يوم 21 مايو 1994م كما فعل ذلك في وقائع قرارات أخرى. عندما أدانت أربعة قرارات لمجلس الأمن الدولي محاولة انفصال كاتنجا عن الكونغو عام 1960م وأكدت على وحدة الكونغو,. وكذا الحال محاولة انفصال بيافرا عن الإتحاد النجيري عام 1970م. ويعود السبب في عدم إدانة مجلس الأمن لقرار استعادة دولة الجنوب، لأن هذا القرار نتاج لقرار الحرب غير المشروعة التي شنها الطرف الآخر، ولأن دولة الوحدة قامت على أساس تعاقدي بين دولتان عضوتان في الأمم المتحدة ، وقبولهما بتلك الصفة في المنظمة الدولية اعتراف من أعضاء المنظمة بأهليتهما الدولية كدولتين مستقلتين ذات حدود وشعب وهوية متميزة وإلا لكان تم تمثيلهما في دولة واحدة.
· لقد كشفت سلطات صنعاء عن نواياها المسبقة الحاقدة على الجنوب والهدف المخفي من دخولها مشروع الوحدة من خلال عدم استجابتها لقرار المجتمع الدولي واستمرار الحرب دون مراعاة لأبسط المعاهدات الدولية أثناء الحرب من قتل وتدمير للجنوب بشرياً ومادياً، ولاسيما القصف المتواصل لعاصمة الجنوب مدينة عدن، مما جعل مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا أخرا في 29 يونيو 1994م واتخذ قراراً ثانياً هو القرار رقم (931) الذي جاء في مقدمته إن المجلس ((إذا يؤيد بقوة النداء الموجه من الأمين العام للأمم المتحدة من أجل الوقف الفوري والتام لقصف مدينة عدن..وإذ يدين عدم الاكتراث بهذا النداء)) وأكدت بنود هذا القرار: ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والشجب بقوة لإيقاع إصابات ودمار بين المدنيين نتيجة للهجوم المستمر على عدن، وإنشاء آلية مقبولة للجانبين ويفضل أن تشترك فيها بلدان من المنطقة لرصد وقف إطلاق النار، وأكد قرار مجلس الأمن الدولي ((تأكيده أن الخلافات السياسية لا يمكن حسمها عن طريق استعمال القوة)) وإنما بالحوار وبدون شروط مسبقة، و إعادة التأكيد على أن تبقى هذه المسألة قيد النظر الفعلي. وتكليف الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقريراً مرحلياً عن تنفيذ هذا القرار بأسرع ما يمكن وعلى أي حال في غضون 15يوماً من اعتماد هذا القرار. وبهذا يكون المجتمع الدولي قد أوضح ما يلي:
1. هول الجريمة التي أرتكبها نظام صنعاء بحق شعب الجنوب وإنها كانت بحق حرب إبادة بشرية ومادية واستهداف متعمد من القصف بمختلف وسائل التدمير الجوية والبحرية والبرية لمدينة عدن كرمز تاريخي وسياسي لشعب الجنوب، وإن اعتراف المجتمع الدولي بهذه الواقعة يعطي لشعب الجنوب حق المطالبة بتقديم المجرمين إلى محكمة الجنايات الدولية.
2. عبر المجتمع الدولي عن رفضه للشروط المسبقة التي كان الطرف الآخر قدمها للقبول بالحوار مع الطرف الجنوبي، وبين اعتراف المجتمع الدولي بالجانبين كطرفين متساويين.
3. تبني المجتمع الدولي لإنشاء آلية مراقبة دولية للفصل بين القوات (مراقبين دوليين) أثبات آخر عن اعترافه بالطرفين المستقلين.
4. إبقاء المسألة (قيد النظر) هو تأكيد على عدم اعتراف المجتمع الدولي بأي حلول قائمة على الحسم العسكري في حينها وفي المستقبل.
· في ظل الرفض المطلق من قبل المجتمع الدولي لفرض الوحدة بالقوة كانت قيادة الجمهورية العربية اليمنية تتعامل مع الموقف الدولي نظرياً وترفضه عملياً متخذه أسلوب المماطلة والحوار غير الجدي، فقد وافقت على توقيع اتفاقية مع قيادة الجنوب في موسكو بتاريخ 30 يونيو 1994م نصت على الوقف الفوري لإطلاق النار والقبول بمراقبين دوليين لوقف الحرب، لكنها وقعت عليها لمجرد كسب الوقت، أما على الأرض فقد كانت حربها على الجنوب مستمرة وتهدف إلى إخضاع شعب الجنوب، ولاسيما عندما اشتدت مقاومته مع ما تبقى من وحدات جيشه دفاعاً عن العاصمة عدن والمناطق المجاورة لها، فسخر الطرف الآخر الدين الإسلامي أبشع استخدام من خلال إصدار الفتاوى الدينية التي أباحت قتل المواطنين الجنوبيين المدنيين واعتبرت الجنوب دار كفر يحق قتل شعبه ونهب ممتلكاته العامة والخاصة، ولهذا تم قصف المصادر المزودة لعدن بالمياه، ومستودعات المواد الغذائية وفرض حصار كامل على مدينة عدن لعدة أسابيع، ومنذ بداية الحرب صدرت الأوامر العسكرية بالسماح للمعتدين بنهب كل ما يمكن لهم الحصول عليه كعامل تشجيع لحثهم على مواصلة القتال.
رغم إن الجمهورية العربية اليمنية أعلنت يوم 7 يوليو 1994م يوم انتصارها على شعب الجنوب واحتلالها لأرضه معتقدة إن ذلك الإعلان هو نهاية المطاف، لكنها كانت واهمة، فقد عبر شعب الجنوب عن رفضه لذلك منذ ذلك اليوم المشئوم الذي أصبح يوم إعلان موت ودفن مشروع الوحدة واحتلال الجنوب من قبل الشريك الآخر( ج. ع. ي) .
· كما أن المجتمع الدولي كان واضحاً في قراراته بأن القضية ستظل قيد النظر الفعلي. وهذا ما تجلى بأن مجلس الأمن الدولي حتى بعد إعلان صنعاء انتهاء الحرب عاد ليناقش القضية من جديد بالاستناد إلى قراره رقم (931) وذلك من خلال التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي في منتصف شهر يوليو 1994م الذي حمل بين دفتيه الحقائق التالية:
1. فقرات التقرير والوثائق التي سبقته عندما كانت تشير للقيادة في صنعاء تقول الجانب اليمني وعندما تشير القيادة في عدن تقول زعماء الجنوب وهي بذلك تعطي لكل جهة صفتها الحقيقة كطرفين مستقلين.
2. أن حكومة صنعاء قبلت بوجود مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار والإعلان في ثمان مرات عن قبولها بوقف إطلاق النار لكنها ترفضه على الأرض فقد جاء في التقرير ((وحيث أنه كان من الواضح أن أحد الطرفين أقوى بكثير من الطرف الآخر،أخذ يتضح أنه يجري ألتماس حل عسكري ويجري تجاهل القرارين 924(1994م) و931(1994م))).
3. بعد قصف مصادر المياه لعدن أن الحياة فيها خطيرة للغاية لعدم توفر البديل ولا المعدات القادرة على ضخ المياه. وأن السلطات في صنعاء رفضت طلب منظمة الصليب الأحمر بهدنة مؤقتة لوقف إطلاق النار للسماح لها بتزويد المدينة بالمياه والمواد الغذائية والطبية ودفن جثث الموتى.
4. إنه رغم توقف القتال إلا أنباء موثوقة بعث بها مراسلو الصحف تؤكد القيام بأعمال نهب وخرق للقانون وإضرام حرائق مما أثر على الكثير من الممتلكات العامة واستهداف الممتلكات الخاصة بما في ذلك منازل زعماء الجنوب.
5. بما أنها لا توجد إحصائيات دقيقة للأشخاص الذين فقدوا أرواحهم وأصيبوا إلا إنه من المعروف أن هناك عدداً كبيراً وللغاية من القتلى والمصابين وكثير ممن دمرت منازلهم ومن اضطروا إلى الفرار بعيداً عن ديارهم للنجاة بعد أن لحق الدمار والخراب بممتلكاتهم
6. من الملفت للاهتمام إن الأمين العام للأمم المتحدة كان يدرك أن انتهاء الحرب ليس نهاية المطاف وان قضية الجنوب سوف تعود إلى سطح الأحداث ، فقد جاء في تقريره انه أثناء اتصاله برئيس الجمهورية العربية اليمنية قال (( أعربت عن الأمل أن تترجم بسرعة الالتزامات التي قطعتها حكومة صنعاء على نفسها إلى عمل ، وأشرت أيضا إلى إن وقف الأنشطة العسكرية لن يؤدي في حد ذاته إلى إنهاء الأزمة في اليمن ، ومن اللازم على سبيل المثال الاستعجال لتحقيق الوفاق وإجراء حوار سياسي بين الطرفين ...الخ ).ويضيف في تقريره(( إن انتهاء القتال في حدا ذاته لا يشكل الحل الدائم ولن يتسنى التوصل إلى هذا الحل إلا عن طريق إجراء حوار سياسي بين الجانبين حسبما طلب بإلحاح القراران 924 ( 1994م ) و931(1994م) )) .
إن عنجهية سلطات الجمهورية العربية اليمنية بعد احتلالها لأرض الجنوب رفضت كل هذه النصائح التي هي أغلى من أن تكتب بماء الذهب ورفضت العمل بقرارات الشرعية الدولية ، وعبرت بذلك عن عقلية استعمارية عنصرية مارقة ضد شعب الجنوب الذي بالمقابل يعتبر قرارات المجتمع الدولي هي المرجعية الأولى لقضيته العادلة .
في يوم7 يوليو 1994م قدمت حكومة الجمهورية العربية اليمنية رسالة إلى المجتمع الدولي أعلنت فيها انتهاء الحرب والتزمت بتحقيق عدة مطالب ، لكنها لم تعمل بأي واحدة منها ولو في حدها الأدنى. بل مارست أبشع الأساليب الاستعمارية ضد شعب الجنوب، ولا زالت الحرب ونهج الحرب مفروضة على الجنوب حتى اليوم .
الباب الثالث
القضية الجنوبية
الفصل الأول
ماهية القضية الجنوبية:
القضية الجنوبية هي قضية حق طبيعي ومكتسب قضية أرض وشعب ودولة وهوية وتاريخ سياسي وتراث كفاحي وثقافي (دولة تاريخية) أخضعت بالغدر والعدوان لاستعمار بدائي هو أسوا من الاحتلال الأجنبي .
وهي قضية حق سياسي وقانوني وجيو/ثقافي وتاريخي وهي قضية موضوعيه الوجود تختزن شروط وعوامل قوتها من شرعيتها وعدالتها بمواجهة القوة, هذه القوة التي أثبتت التجربة التاريخية الانسانيه عجزها عن أن تخلق الحق, بمقابل قدرة الحق على خلق أسباب القوه وهذه الحقيقة أثبتتها التجربة ألمعاشه اليوم بمقاومة شعب الجنوب ورفضه للهيمنة العسكرية لسلطة الجمهورية العربية اليمنية, منذ بدء الاحتلال, ليخرج منذ ثلاثة أعوام بقضه وقضيضه يناضل سلمياً لاستعادة عزته وكرامته رافضاً للاحتلال ومطالباً بالاستقلال واستعادة دولته المستباحة من قبل سلطة الاحتلال.
وإذا كانت القضية الجنوبية, قد بدأت كما يرى المجلس الأعلى لقيادة مجلس الثورة في الجنوب, مع إعلان قيام(الجمهورية اليمنية) في 22/5/1990م الناتجة عن اندماج (ج.ي.د.ش) مع (ج.ع.ي) تلك الوحدة التي حملت بداخلها كمشروع أسباب فشلها بسبب الاندماج الذي لم يراعي أبسط شروط الوحدة بين الشعوب لتأمين مصالح الطرفين مما شجع سلطة صنعاء على اعتبار الوحدة مجرد عودة الفرع إلى الأصل معتبراً أل(ج.ع.ي) أصل و أل(ج.ي.د.ش) فرع وهو أمر متعارض مع مبدأ الوحدة السياسية بين الكيانات السياسية. وعلى هذا كانت مؤشرات القضية الجنوبية واضحة من خلال محاولة هيمنة سلطة صنعاء على السلطة بالتنصل عن اتفاقيات دولة الوحدة المعلنة محولاً ظهره لكل الاتفاقيات الوحدوية. وقد كان اعتكاف البيض الأول بعد أشهر من إعلان الوحدة احتجاجاً على ممارسات نظام صنعاء أول مؤشر عن موت إعلان الوحدة. ومحاولة لإعادة الحياة لها. دون جدوى, وقد استمرت أزمة الوحدة بصوره متزايدة مما أعاق دمج مؤسسات الدولتين العسكرية والمدنية بل ظلت كل دوله محتفظة بمؤسساتها, وفتح الباب من قبل سلطة صنعاء لمفاقمة الفوضى الأمنية فشجع على الاختطافات والاغتيالات والحروب القبلية ثم انتقل إلى استهداف القيادات الجنوبية بالاغتيال فقتل منهم أكثر من 153 شخص حتى تمكن من إضعاف القيادة الجنوبية ووضعها في موقف العاجز عن دفع الخطر عن ذاتها ناهيك عن القيام بمسؤوليتها مما سهل عليه إعلان الحرب الشاملة ضد الجنوب من ميدان السبعين في 27 ابريل 1994م رافضاً كل القرارات والمناشدات الدولية لوقف الحرب وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن 924 و 931 . وكذا دعوة مجلس التعاون الخليجي ومواصلاً الحرب حتى أتم احتلال أراضي دولة الجنوب في 7/7/1994م وتم اعتبار هذا اليوم يوماً مقدساً, لتصبح حربهم مقدسة وممارستهم للسلب والنهب والقتل والسفك في الجنوب أداءً لشعائر مقدسه, واعتراض الجنوبيين لها يمثل في إنجيلهم _ كفر مقدس ولكي تصبح الجرائم المرتكبة بحق الجنوب : الأرض والإنسان والتاريخ _ وبالقوة _ ضرب من أداء الواجب الديني, أسنده المقدسات بوعيد الموت وخطوط الدم والعيون الحمر ووو.... وما شابه.
وتهمة "الردة" جاهزة إذا مارفع الجنوبيون أنينهم أو طلبوا حقهم فالحكم عليهم بحد الردة وفق تعاليم آلهة (الوحدة _ الغنيمة) و(الغنيمة _ الوحدة).
ومن التكريس العصابي للمقدسات الزائفة لتقرير مصير الشعب الجنوبي في دور القربان الجماعي لآلهة الغنيمة السبئيه المعاصرة, إلى فرض ثنائيات الإلغاء من قبيل: الأصل /الفرع, هذا المفهوم المصطنع يجلي بقوه ثقافة تنزع _ بالفعل _ إلى التدمير الشامل للآخر (الجنوب) + الاغلبيه/ الاقليه + دار إيمان/دار كفر... الخ.
فضلاً عن ممارسة التمييز العنصري الصريح ضد شعب الجنوب, الذي منح مكانة (الفرع) في الشجرة الأم (الأصل) وهو مايعني أن الأرض تخص الأصل دون الفرع . وهو مايجري العمل به لتحويل شعب الجنوب إلى شعب بلا أرض, لا هوية له ولا وجود, هكذا تجلت الأهداف المبيتة لدى (ج.ع.ي) من وراء قبول إعلان (الوحدة) وتكشفت أكثر في أهداف حرب احتلال الجنوب المسنودة بفتوى دينيه _ صكت من دير المطامع السياسية لقوى الحرب القبلية _ الاسلامويه _ أباحت الأرض والعرض والدم.
فجرى تقاسم أراضي الجنوب الخاصة والعامة كإقطاعيات بين أمراء الحرب ونافذي الاحتلال بملايين الأمتار وتم تحاصص حقول النفط الجنوبية حتى البحر لم يسلم من المحاصة فنهبوا الأرض بالكيلومترات من أملاك الدولة وأراضي المواطنين وأراضي الجمعيات الزراعية, لأفرق, فالجنوب كله عندهم فيد حرب وغنيمة نصر مباح للفاتحين. كما نهبوا كل مصانع ومؤسسات الدولة ومزارعها وتعاونياتها بأصولها الثابتة والمنقولة وألقوا بأصحاب الحق (العمال الجنوبيين) إلى أرصفة الجوع والمهانة فسلبوهم مصادر عيشهم وحرموهم من ثروات وأراضي بلادهم التي يتملكها الفاتحون الوافدون من خارجها, زد إلى ذلك تصفية الجنوبيين من كل أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية والنزوح ألقسري للآلاف من كوادر وأبناء الجنوب ليصبح شعب الجنوب بأكمله يعيش حالة اغتراب معطل القدرات مصادر الحقوق مسلوب الإرادة منتهك الكرامة محضرو على أبنائه الحلم والطموح الإنسانيين, شعب محروم من أرضه وثرواتها مفروض عليه أن يعيش في سجن الهزيمة العسكرية مقطوع الصلة بماضيه منفي قسراً من حاضره.
ومعلوم أن شعباً بلا ماضي لا حاضر ولا مستقبل له, ولكي يتم ذلك نفذ الاحتلال عملية سياسية ممنهجة لتدمير القيم الوطنية والمدنية الجنوبية وزرع ثقافة القبيلة التي تمثل محور الفكر السياسي لسلطة الجمهورية العربية اليمنية فقام بإعادة إنتاج العلاقات القبلية بدلاً عن العلاقات المدنية وثقافة القانون السائدتين في الجنوب من خلال فرض المشايخ والعقال في الريف والمدينة حتى مدينة عدن ذات الثقافة المدنية في تسامح وتعايش كل الأجناس والأديان فيها جرى أريفتها ابتداءً بتعيين مشايخ وعقال الحارات وانتهاءً بإهمال المكتبات والمسارح وهذا ما لم تعرفه عدن طوال تاريخها.
لقد قامت سلطات الاحتلال بإحياء وتشجيع الاحتراب والثأر القبليين كممارسة لسياسة فرق تسد الاستعمارية بأسوأ صورها وبأخبث المقاصد وأرذلها وليس بغريب على سلطة الاحتلال أن تقوم بالعدوان على حرمة موتانا حيث نبشت المقابر لإثارة الفتنة بين أبناء الجنوب ثم قيام رئيس ال (ج.ع.ي) ذاته بالتحريض في م/أبين على الثأر من خصوم الماضي السياسيين فأين علماء الدين من قوله تعالى: (( والفتنه أشد من القتل )) صدق الله العظيم وقد تم ذلك بالتزامن مع تدمير قيم المدنية في الجنوب بفرض قيم الماضي المعادية لقيم عصرنا الراهن ومثله العلمية والعقلانية قام الاحتلال بتدمير المعالم التاريخية والرموز والآثار الثقافية الجنوبية القديمة والحديثة كعملية سياسية منظمة تستهدف طمس هوية الجنوب ومحو وجوده من خريطة الحاضر ولان ذلك غير ممكن كان لابد من شطبه من ذاكرة التاريخ (معالم ورموز وآثار ومآثر وإنجازات حضارية مادية وثقافية ومعنوية) ولم يقف نزوع التدمير عند هذا الحد بل يعمل بجهد على تزوير التاريخ تحت شعار سياسي مغتصب وزائف عن واحديه التاريخ وواحدية الثورة اليمنية ولم تسلم أيضاً متاحف الجنوب وثورته وشهدائه من حمى التدمير فأشهر وأقدم مسجد في مدينة عدن (مسجد أبان) تم هدمه وإعادة بنائه بطريقة تقضي على وجودة التاريخي كما تم المساس بمنارة عدن التاريخية كما حولوا متحف الثورة في ردفان إلى مخبز عسكري أما معسكر 14 أكتوبر في العند فقد تم تحويل اسمه إلى معسكر 7 يوليو.
إن شعباً من شعوب العالم لم يتعرض لجريمة تدمير رموزه ومعالمه وتزوير تاريخه مثلما تعرض له شعبنا منذ أن اخضع لما هو أسوا من الاحتلال في 7/7/1994م الأسود.
وفي الجانب الاقتصادي:- استولى المحتلون على كل شيء: مصانع ومؤسسات ومزارع الدولة وتحاصصوا الأرض وحقول الأرض وتملكوا البر والبحر فارضين بالقوة ميزان ظلم لامثيل له في التاريخ ينص على أن أرضهم لهم وأرض الجنوب وثرواتها لهم, ولأن شعب الجنوب كان يخضع لنظام سياسي ركز الملكية بيد الدولة ولم يسمح بنمو الرأسمالية في القطاع الخاص فقد تم احتلال الجنوب وليس فيه رؤوس أموال لا تجارية ولا صناعية وفوق ذلك لم يسمح للرأسمال الجنوبي المهاجر بالاستثمار والمنافسة بل تعرض للنهب وكلاء الشركات الأجنبية الجنوبيين بإرغامهم على التخلي عن وكالاتهم ومحاربة أي نشاط اقتصادي جنوبي سابق أو لاحق فأستأثر الاحتلال بالسلطة والثروة ليفرض اقتصاداً استعماريًا على الجنوب تبدأ دورته في صنعاء وتعود أرباحه وفوائده إليها لتكتمل أركان المحو للجنوب الغنيمة بحرمان شعب الجنوب الشامل من السلطة والثروة والمكانة والدور والفرصة أي إرغام إرادته على التسليم بإرادة الاحتلال طالما سلب كل أسباب القوة المادية والمعنوية التي تمكنه من استعادة عزته وكرامته المسلوبتين كما قدر عقل القوة المهيمن على ثقافة الاحتلال وهو تقدير أنطلق من واقع الجمهورية العربية اليمنية وتاريخ الإخضاع المهيمن اللذين فرضهما الأئمة والقبائل الزيدية على المناطق الشافعية (تعز وإب وتهامة) ولم يأخذ في الاعتبار أن شعب الجنوب يمتلك ثقافة أخرى علاوة على أن قضيته لها وجود موضوعي كدولة تحت الاحتلال لن يتنازل عن حقه الطبيعي المكتسب وسيواصل كفاحه مبدعاً عوامل وأسباب أخرى بديله عن قوة المال والسلاح والسلطة حتى تنتصر إرادته وليستعيد حقه الشرعي غير المنقوص والحرية والسيادة على أرضه مستنداً إلى الأسباب الحقائق التالية:
1- تحرير القضية الجنوبية من أسر الغموض وتعدد التعاريف وقطع دابر التردد بين الموقف الجنوبي الواحد المعترف بأنه يخضع لاحتلال عسكري والاختلاف في فهم الخلاص منه.
2- إخراج الحركة الشعبية من حالة العفوية إلى التنظيم بتحمل مجلسنا مهمة الحامل السياسي والشعبي لنضال شعب الجنوب الموحد حول الهدف المعلن.
3- تجسيد الإرادة الشعبية الجنوبية التواقة إلى الاستقلال وتحرير دولتها من الاحتلال بإعلان المجلس الأعلى لقيادة الثورة السلمية الجنوبية.
4- توحيد الخطاب السياسي وفق وحدة الهدف الواضح غير القابل لتعدد التفسيرات.
5- وضع شعبنا أمام مسؤولية حماية تضحياته والانتصار لإرادته التي يعتقد مجلسنا جازماً إنه جزءً من الشعب لأنه جسد إرادة غالبية شعب الجنوب التواقة للانعتاق والمستعدة للتضحية إلى بلوغ هدفها الكبير في الحرية والاستقلال واستعادة الدولة ومن أجل ذلك سيتحمل مجلسنا مخاطر وتبعات النهوض بخيار الإرادة الشعبية الجنوبية التي نهضت من تحت أنقاض الدمار والخراب كطائر الفينق للخلاص من احتلال بدائي هو الأسوأ والأقسى في تاريخنا القديم والحديث.
6- لقد أدت حرب صيف 1994م ونتائجها وتداعياتها إلى تدمير الوحدة السلمية التي أعلنت في 22 مايو 1990م وإفراغها من مضامينها التاريخية السياسية كمشروع حضاري حداثي لدولة عصرية وقد تحول الجنوب إلى ساحة غزو وفيد ونهب للثروات والحقوق وطمس منظم للهوية والثقافة والتاريخ السياسي للجنوب, وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وخلالها تم تشريد واعتقال واغتيال الكثير من المواطنين والقيادات الجنوبية وتهميش أبناء الجنوب وجعلهم أتباعاً لا يملكون حق القرار ليس على مستوى الوزارات أو الدوائر فحسب ولكن حتى على مستوى أصغر الوحدات الإدارية على أرضهم وكذلك ممارسة سياسة الإفقار والتجويع الممنهج بحقهم.
7- تستمد القضية الجنوبية مشروعيتها وقوتها من كونها تناضل من أجل الحق وكونها تحظى بتأييد شعبي واسع داعماً ومؤيداً لها وأصبح مايهم الجنوبيون ليس فقط استعادة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المهدورة ولا التعويض عن كل الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم بسبب الوحدة لكنهم يتطلعون إلى دولتهم المستقلة ذات السيادة وإلى حياة كريمة لهم ولأبنائهم من بعدهم على أرضهم ولذلك وتأكيداً لهذا الرفض فقد لعب المفكرون والكتاب السياسيون الجنوبيون وبعض الصحف الأهلية دوراً بارزاً في كشف النوايا المبيتة بعد الحرب وما تلاها من ممارسات مشينة أدت إلى الهيمنة والسيطرة على الثروة وإلغاء الهوية الجنوبية وتاريخها.
ولقد استحوذ نظام صنعاء على الجنوب حيث وجدت وترسخت مصالح كبيرة غير مشروعة ليس من السهل أن يتنازل عنها بسهولة وعليه فليس أمام شعبنا في الجنوب وفي مقدمته قوى الثورة السلمية سوى مواصلة النضال السلمي الجنوبي و تصعيده حتى التحرير والاستقلال واستعادة الدولة وبكامل حقوقه وسيادته واضعاً في الاعتبار ما يلي:
1- إن القضية الجنوبية قضية شعب كامل لأتقبل المساومة ولا تسقط بالتقادم.
2- إن سياسات وممارسات السلطة منذ الحرب وحتى وقتنا الراهن قد قضت على عوامل التعايش والمصالح المشتركة وحتى الآمال, وإن الإصرار على استمرار الوضع القائم لن يخدم أي من الطرفين, ومن الحكمة عودة كل طرف إلى وضعه الطبيعي قبل يوم 22 مايو 1990م .
3- إن خيار النضال السلمي الديمقراطي لإزالة الاحتلال هو العنوان الأساسي لأبناء الجنوب, ولكن هذا لا يعني منح النظام في صنعاء تصريحاً بالقتل والاستخدام المفرط للقوة, فلكل فعل رد فعل.
4- إن السلاح الأقوى في مواجهة هذا الاحتلال هو وحدة الصف والتنظيم وتوسيع القاعدة الجماهيرية لقوى الحراك السلمي من خلال استقطاب كل القوى ومنظمات المجتمع المدني القائمة في الجنوب وتفعيلها وإيجاد قواسم مشتركه بينها للعمل معاً عليها.
5- إرساء تقليد العمل الجماعي وضرورة الالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئات القيادية للمجلس ورفض كل الممارسات والسلوكيات الفردية الخارجة عن الإجماع الجنوبي.
6- التأكيد على أنه لأعداء بين أبناء الجنوب بمن فيهم الموظفين الحكوميين العاملين مع نظام الاحتلال, خاصة بعد إرساء مبدأ التصالح والتسامح والتضامن بين أبناء الجنوب جميعاً.
7- عدم السماح بالانزلاق إلى معارك جانبية والتركيز على الصراع مع الخصم ومن الواجب التوقيع على ميثاق شرف الذي أعدى بهذا الخصوص.
8- اعتماد خطاب يجمع بين الصرامة والموضوعية مما يساعد على التعريف بالقضية الجنوبية لكسب الأنصار والأصدقاء والتكامل مع نشطاء الحراك والنضال السلمي الجنوبي في الخارج والتواصل مع الجهات والمنظمات الإقليمية والدولية لشرح القضية وكسب التأييد لها, الأمر الذي يتطلب توحيد الخطاب وصياغة سياسة إعلامية فاعلة وإعداد قاعدة بيانات متكاملة والاعتماد على الأعلام الصادق ذات المهنية العالية.,
9- تصعيد النضال رأسياً من خلال الانتقال من الاعتصامات والمهرجانات إلى المسيرات والمظاهرات والإضراب الجزئي والعام ثم العصيان المدني, وإبقاء بقية الخيارات مفتوحة حسب ما تطلبه الحاجة لكل ظرف وهو ما يستوجب إعادة تنظيم وتأطير شرائح المجتمع الجنوبي كمنظمات مجتمع مدني من خلال إعادة بناء هيئاتها واتحاداتها (اتحاد شباب طلاب الجنوب _ اتحاد نساء الجنوب _ اتحاد نقابات الجنوب _ اتحاد المتقاعدين _ والمبعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين _ وبمثله المدنيين والدبلوماسيين _ اتحاد الفنانين _ اتحاد المعلمين _ اتحاد المزارعين _ اتحاد المناضلين _ اتحاد أسر شهداء وجرحى حرب صيف 1994م والنضال السلمي _ اتحاد مالكي وسائقي السيارات - اتحاد الرياضيين– اتحاد النقابات العمالية.... الخ).
10- النضال بصرامة ضد سياسة الاستيطان في الجنوب والتي أقدمت عليها سلطة الاحتلال والتصدي للمتنفذين الناهبين للأراضي السكنية والزراعية وكشفهم وعدم الشراء منهم.
11- مواجهة الفتاوى الظالمة التي يصدرها علماء السلطة لإباحة دماء أبناء الجنوب كتلك الفتوى التي أصدرها علماء نظام صنعاء خلال حرب صيف 1994م على أبناء الجنوب لاستباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم والتي كشفت طبيعة هذا النظام الانتقامية بالشروع بالقتل والسلب لأبناء الجنوب من خلال تفعيل دائرة الوعظ والإرشاد بالمجلس الأعلى وفروعه بالمحافظات .
12- العمل على مقاطعة ورفض الانتخابات, والتقسيمات الإدارية التي تقتطع أجزاء من أرض الجنوب لصالح أراضي الجمهورية العربية اليمنية والتي تهدف إلى تأكيد أو إعطاء مشروعية للاحتلال.
13- تحدد العلاقة مع الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية بقدر ومن خلال موقفها من القضية الجنوبية.
14- التأكيد على ضرورة الحفاظ على العلاقة الجيدة مع أشقائنا شعب الجمهورية العربية اليمنية والحرص عليها ومع بقية دول الجوار.
الفصل الثاني::
- حق شعب الجنوب في التخلص من الاحتلال:
-
إن شعب (ج.ي.د.ش) يعيش أقسى وأسوا حقبة زمنية في تاريخه نتيجة تعرضه لأسوا احتلال عسكري من قبل الجمهورية العربية اليمنية, هذه التي توجت فشل مشروع الوحدة الكارثي بينها و (ج.ي.د.ش) بغزو دولة الشريك الجنوبي فخسر شعب الجنوب الدولة والاستقلال ليخضع لاحتلال بدائي همجي غادر.
ومما لاشك فيه بأن قيادة دولة (ج.ي.د.ش) ذهبت إلى الوحدة مع سلطة (ج.ع.ي), مجسدة الطموح السياسي العربي في انجاز وحدة عربية تخرج امتنا من حالة التمزق والضعف والانحطاط الحضاري إلى فضاء تاريخي جديد يبني مداميك القوة لاستعادة العزة والكرامة القومية المهدورتين.
وإذ قبل شعب (ج.ي.د.ش) بمضض (الوحدة) عام 1990م مع (ج.ع.ي) التي يزيد سكانها عليه بثمانية عشرة أضعاف وتنقص مساحة أراضيها على مساحة الجنوب ثلاث مرات وبالثروات عشرات المرات تقريباً, فإنما قبل التضحية بكل هذه المميزات التي تخصه من أجل خدمة المصلحة القومية العربية مؤملاً أن تكون تلك الوحدة فاتحة أمل, تقدم نموذجاً يجسد _ في الواقع _ أفضليات الوحدة في خدمة الأمة.
وما كان شعبنا يتصور أن يتحول من صاحب فضل إلى ضحية حلمه القومي, حين تعرض لعدوان عسكري غادر بشع من قبل سلطة ال (ج.ع.ي) الذي قبل أن يقيم نموذجاً للوحدة معهم لغاية أشمل وأسمى هي خدمة أمتنا العربية.
كما أن ذلك الفشل الذي تحول إلى احتلال عسكري لدولة (ج.ي.د.ش) من قبل دولة (ج.ع.ي) لم يسقط أحلام شعبنا في الجنوب وحسب بل ولدى الشعوب العربية الأخرى _ الأمر الذي حول مشروع الوحدة لدى شعب الجنوب إلى كابوس رهيب, عندما وجد نفسه يخضع لاحتلال عسكري اجتبائي استيطاني باسم وحدة ولدت ميتة, وليس منها سوا حرقة بثلاثة ألوان يحتمي بها المحتلون للجنوب في سابقة استعمارية لم يشهد لها التاريخ الحديث والمعاصر مثيلاً .
ولذلك فقد انطلق شعبنا في الجنوب متمسكاً بحقه الطبيعي والمكتسب وحقه الشرعي في النضال للتخلص من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة المغدور بها, من الحقائق السالفة الذكر ومن الحقائق الآتية ذكرها:
1- إن الوحدة السياسية بين الدول والشعوب, عملية خاضعة لظروفها ولقدرتها على تأمين مصالح أطرافها, ولذلك فهي قابله للنجاح بقدر ما هي قابله للفشل ولنأخذ مثلاً: الوحدة التشيكوسلوفاكية التي دامت أكثر من (70 سنه) عاد كل طرف لوضعه السياسي المستقل بطريقة سلمية .. ثم الاتحاد اليوغسلافي الذي شهد تفككاً هو الأعنف في عصرنا, والذي شهد آخر استقلالات مكوناته في استقلال (كوسوفو). وفشل الوحدة المصرية السورية, ولم تلجأ القاهرة إلى القوة لفرض الوحدة على دمشق كما فعلت صنعاء مع عدن, ولذلك فإن مشروع الوحدة السياسية بين دولة (ج.ي.د.ش) و ال (ج.ع.ي) التي فشلت قبل أن تبدأ, ثم توج فشلها الذريع في شن الحرب العدوانية الغادرة من قبل (ج.ع.ي) على دولة الجنوب واحتلال أراضيها عسكرياً, وما تلت ذلك العدوان من ممارسات استباحية للأرض والعرض , إن كل ذلك لايقرر الفشل الكارثي لمشروع الوحدة المعلن في 22/5/1990م وحسب, بل وتحول هذا الفشل إلى جريمة إنسانية بحق شعب ودولة الجنوب.
2- إن إعلان (الوحدة) السياسية بين دولتينا على عقد سياسي (اتفاقيات) دولي بين طرفيها وطالما نكث طرف بالعهد المتفق عليه, فقد سقط ماترتب على ذلك العقد شرعاً وقانوناً بل وعرفاً إنسانيا منذ انتقل الإنسان من عصور الهمجية البربرية إلى بناء مجتمعات تقوم علاقتها السياسية والاقتصادية .... الخ. على المواثيق والعقود والقوانين التي تنظم هذه العلاقات وتحفظ لكل الأطراف حقوقها ومصالحها. أي سقوط (الجمهورية اليمنية) باعتبارها دولة تعاقدية, قامت على معاهدات (اتفاقيات دولية) بين دولتين فكان بقائها مرهون بالتزام اتفاقياتها من قبل طرفيها, أي بنجاح عقدها السياسي, وفشل هذا العقد, لعدم التزام سلطة صنعاء به, يعني فشل الدولة المعلنة بعقد, ويحق لطرفيها العودة إلى ما قبل إعلانها وهو حق شرعي وقانوني لم ولن تلغيه القوة وأطماع المحو والتدمير.
3- إن أجلى فشل مشروع وحدة مايو1990م تقرر في نتائج انتخابات 1993م حيث صوت شعب الجنوب بنسبة 100% لممثلة السياسي الحزب الاشتراكي حينها بينما صوت شعب الشمال لممثليه السياسيين ( حزب المؤتمر و الإصلاح . وهنا تجسد الفشل على صعيد الشعبين كاستفتاء على فشل الوحدة واستحالة الاندماج .. وبالتالي فان مجلس النواب ضم شرعيتين سياسيتين لإرادتين شعبيتين مختلفتين واحدة للجنوب و الأخرى للشمال ، وهذه الحقيقة تكشف زيغ وزيف الشرعية المزعومة لنواب يعبرون عن إرادة شعبية جهويه ( الشمال ) ضد إرادة شعب الجنوب والذي حارب (70) يوماَ للدفاع عن دولته أمام جيوش أل ( ج.ع.ي) الغازية . أي أن حرب بين دولتين : دولة أل ( ج.ع.ي) المعتدية و ( ج.ي.د.ش) المدافعة عن سيادتها لتخضع لاحتلال الأولى.
4- إن سلطة صنعاء لم تكتف بتعطيل اتفاقيات الوحدة وحسب ، بل مارست الإرهاب ضد الشريك وحضرت للحرب ضد الجنوب ولاجتياحها العسكري له واحتلاله قامت بإلغاء اتفاقيات الوحدة وألغت وثيقة العهد و الاتفاق .. الخ .وهو أمر جلى عن إن صنعاء استهدفت ضرب مشروع دولة الوحدة وتدمير دولة الجنوب التاريخية وبسط الهيمنة و النفوذ عليها وتحويلها إلى فيد حرب وغنيمة ونصر للفاتحين كما أثبتت التجربة المرة التي يتجرعها شعب الجنوب على مدى عقد ونيف من القهر و الإذلال و الحرمان في ظل نهج الحرب المستمرة ضده .
5- إن صنعاء بمقاومتها العنيفة للدولة تواصل تاريخها السياسي المعادي لدولة النظام و القانون وتعتبر حربها ضد الدولة العصرية معركة وجود إن هذا العداء يمثل ثقافة سلطة لا تستطيع العيش في ظل دولة مؤسسية وهي ثقافة تصطدم بثقافة شعب الجنوب فغدى خاسراَ دولته واستقلاله ومستهدفاَ في طمس ثقافته ( هويته) ليبقى اليقين ضرورة الخلاص من الجحيم الذي جني عليه حلمه القومي المتمثل :
أ- استحالة كفالة ادني حقوق شعب الجنوب في ظل سلطة تستخدم كل مقومات الدولة للحيلولة دون بناء دولة عصرية وسلطة كهذه لا هم لها غير الاستئثار بالسلطة و الثروة وإباحة الفوضى و النهب و السلب و العدوان يستحيل أن تعترف بحق شعب الجنوب الطبيعي و المكتسب وحقه الشرعي في الحرية و الاستقلال ويستحيل ضمان حل عادل يرضي شعبنا يعيد له عزته وكرامته في ظل الاحتلال العسكري وسلطة تكرس الفوضى وتأييد أشكال الحكم القبلية ما قبل مرحلة الدولة .
ب- التحرر الكفاحي من كل المسلمات و الأساطير التي أوصلتها إلى هذا المصير المهين بعد أن بلغ شعب الجنوب اليقين وسط فاجعته بتصادم ثقافته وموروثة الحضاري مع اشقائة في أل ( ج.ع.ي) والذين حاكوا ( قلدوا) في احتلالهم لدولة الجنوب حروب غزوات ( مملكة سبأ) ليحضى علي عبد الله صالح في اللاشعور السياسي للقبيلة بدور المكمل لدور ( سبأ ) بعد ( ثلاثة الآلاف سنة ) .
6- إن استمرار ارتكاب الجرائم و المذابح ضد الإنسانية بحق شعبنا ومواصلة نهب وسلب وتملك أراضيه وثرواته وتدمير مكتسبات دولته يعطي له كامل الحق للتحرر من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة على كامل ترابها و الحصول على التعويضات الكاملة عن الثروات و الممتلكات المنهوبة الخاصة و العامة و التعويض العادل عن معاناة شعبنا التي بلغت حد الفاجعة من قبل الاحتلال فضلاَ عن ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية بحق شعبنا حتى يقدموا للمحاكمة في المحاكم الدولية كغيرهم من مجرمي الحروب في العالم وسالبي ثروات الشعوب ومغتصبي الحقوق بالقوة من أصحاب الحق الشرعي .
7- إن حق شعبنا في التحرر والاستقلال في استعادة دولته ، لا كحق إنساني تكفله الشرائع السماوية وقوانين الأرض وحسب ، بل ووفقاَ لقرار فكر الارتباط واستعادة دولة ( ج.ي.د.ش) الصادر عن قيادة دولة الجنوب في 21/5/1994م وهي القيادة ذاتها التي قبلت الدخول في الوحدة الفاشلة مع إعلان الوحدة ، من حيث الشرعية السياسية و القانونية ( فإذا كان قرار قيادة دولة الجنوب في 22مايو 1990م قراراَ شرعياَ ، فان القرار الثاني الصادر في 21مايو 1994م له الشرعية ذاتها ، و العكس بالعكس صحيح ) ومعلوم إن سلطة صنعاء هي المسئولة عن فشل الوحدة ، وشن الحرب على الجنوب ( وعن إعلان فك الارتباط الشرعي واستعادة الشخصية الدولية لدولة الجنوب ( ج.ي.د.ش) .
8- كما يستند شعب الجنوب لنيل حقه بالحرية والاستقلال إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يقر بأي شرعية سياسية لنتائج القوة ( الحروب ) على الغير . وعلى المواثيق و العهود الدولية التي شرعت لنصرة حقوق وحريات الإفراد و الجماعات و الشعوب على السواء . وكذلك على إلمام المجتمع الدولي بجريمة الحرب العدوانية ضد شعبنا التي اتخذ مجلس الأمن الدولي بشأنها القرارين (924- 931) لعام 1994م ولازالت القضية قيد النظر أمام مجلس الأمن الدولي .
9- يؤمن مجلسنا المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب بان خلاص شعبنا من وضع العبودية المادي و المعنوي التي فرضها عليه الاحتلال الهمجي من خلال الاستيلاء على أرضه وثرواته وحرمانه منها وممارسة الإفقار و الإذلال و القمع ضده ، وحرمانه من العمل لتعطيل قدراته وتخريب فعاليته ...الخ . من إجراءات التمييز العنصري الصريحة التي اخضع لها لن يتم الخلاص منه إلا بالنضال الدءوب وهو حق شرعي عادل وليس جريمة . الجريمة هي أن يرغم شعب بكاملة على طمس هويته ومحو وجودة فيخضع للاسترقاق المادي و المعنوي من قبل احتلال بربري حول الحلم الجنوبي والعربي في الوحدة إلى رعب قاتل . فهل يقبل أشقائنا العرب و العالم من حولنا بان يستعبد شعبنا في عصر انتصار حقوق الإنسان وحرياته وسيادة حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ؟
· تلك هي القضية الجنوبية ، وبوجودها الموضوعي غير القابل السقوط بالتقادم . وسيناضل مجلسنا بكل هيئاته وسيضحي مناضلوه بالغالي و النفيس حتى تنتصر إرادة شعبنا الحرة باستعادة الدولة الوطنية الجنوبية وسيادتها على أرضها و التي بها ومن خلالها يستعيد عزته وكرامته ومكانته بين شعوب العالم .ولن يتنازل عن حقه مهما كانت التضحيات ، في التخلص من عقد الاسترقاق الظالم الذي يفرضه علية الاحتلال بديلاَ لعقد الوحدة السياسية المطبق منذ عام الاحتلال بقوة السلاح الذي ينص على : ( كل شي لصالح المنتصر أل ( الجمهورية العربية اليمنية ) وكل شي على حساب المهزوم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) إن هذا اللامعقول في نظر صاحبة (العقد الاجتماعي ) هو ما يطبق على شعب الجنوب منذ (7/7/1994م) . بديلاَ إكراهياَ لعقد الشراكة و التكافؤ بين إرادتين ومصلحة شعبي الدولتين الذي نكثت به سلطة الجمهورية العربية اليمنية ليسقط ما ترتب عنه شرعاَ وقانوناَ ( الوحدة السياسية بين الدولتين ) .
إن هذه الفاجعة الإنسانية التي يناضل شعبنا سلميا اليوم ، للخلاص منها هي قضيته الوطنية الجنوبية ، مناشداَ المجتمع الدولي إلى النهوض بمسئولياته نحو حق شعبنا في الحرية و الخلاص من استعمار متخلف وافد من خارج قيم عصر البشرية الراهن .
الباب الرابع
الحراك السلمي الجنوبي
المقدمة والانطلاقة
الفصل الأول
مقدمات الحراك السلمي الجنوبي
الفصل الاول
مقدمات الحراك السلمي الجنوبي.
1. منذ أن شن نظام صنعاء الاستعماري حربه العدوانية الغادرة على شعب الجنوب في 4 مايو 1994م جابه شعب الجنوب هذه الحرب ببسالة فائقة رغم تباين توازن القوى العسكري والبشري بين الطرفين الذي كان لصالح نظام صنعاء إما المجابهة السياسية لهذه الحرب فقد اتخذت القيادة الجنوبية وبالإجماع وتلبية لرغبة شعب الجنوب قرارها التاريخي في 21 مايو 1994م بإعلان فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب ـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ـ وبالاستناد إلى حقائق التاريخ والجغرافيا ، وإيصال قضية شعب الجنوب إلى المنظمات الإقليمية والعربية والإسلامية والدولية بما فيها أعلى منظمة دولية وهي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي اتخذ قراران هامان وبالإجماع هما : 924 (1994م) و 931 (1994م) . اللذان نصا على عدم شرعية فرض الوحدة بالقوة . وبهذا يكون شعب الجنوب قد امتلك المقدمات الوطنية والعربية والدولية الشرعية نضاله لتحرير وطنه من الاحتلال .
2. على اثر نزوح القيادات الجنوبية المدنية والعسكرية إلى خارج وطنها عام 1994م أودعت لدى المنظمات العربية والإسلامية والدولية وثيقة هامة عبرت فيها عن رفضها لأي تصرفات يقوم بها نظام صنعاء تجاه شعب الجنوب الذي يقع تحت الاحتلال بما يعتبر خرق لاتفاقية جنيف الرابعة ، وحذرت من عقد أي اتفاقيات مع هذه السلطات لان ذلك عمل غير شرعي واشتراك مباشر في نهب ارض وثروات شعب الجنوب .
3. بعد سننين من احتلال الجنوب أي في عام 1996م ظهر أول شكل نضالي جنوبي وهو المنظمة الوطنية الجنوبية ( موج ) وتم الإعلان عنها من الخارج.
4. إعلان الحزب الاشتراكي الشريك في مشروع الوحدة مقاطعته للانتخابات النيابية في 27/4/1997م شارطاً المشاركة في الانتخابات بضرورة عقد مصالحة وطنية وإزالة آثار حرب 1994م لكن سلطات صنعاء رفضت هذه الدعوة. بالمقابل لبت جماهير شعب الجنوب دعوة الحزب الاشتراكي بمقاطعة الانتخابات النيابية وهو الأمر الذي يعني عدم الاعتراف بسلطة صنعاء ورفض استمرار احتلال الجنوب وبروز تيار إصلاح مسار الوحدة.
5. تأسيس حركة تقرير المصير ( حتم ) في 27/7/1997م التي أعلنت بوضوح عن رفضها للاحتلال ومقاومة الغزو العسكري للجنوب من قبل الجمهورية العربية اليمنية من خلال قيامها بعدة أعمال عسكرية ضد معسكرات سلطات صنعاء الموجودة في الجنوب وقدمت كوكبة من الشهداء والجرحى وتم اعتقال بعض أعضائها وشرد الآخرون ، ولأسباب موضوعية جمدت نشاطها بعد فترة قرابة ثلاثة أعوام ، وقد شمل نشاطها كثير من محافظات الجنوب بما فيها العاصمة عدن
6. ظهور حركة سياسية وشعبية جنوبية في حضرموت والمهرة وشبوة أطلق عليها ( جبهة الخلاص ) دعت في بياناتها إلى الخلاص من الاحتلال العسكري للجمهورية العربية اليمنية للجنوب .
7. قيام أبناء الجنوب بإنشاء منتديات ثقافية في منازل بعض الشخصيات الجنوبية كشكل من أشكال النضال السلمي . كما خاض مثقفي الجنوب نضالاً فكرياً واسعا من اجل حرية شعبهم من خلال الاستفادة القصوى من وسائل الإعلام المعبرة عن قضية شعب الجنوب ، ونشر العديد منهم كتباً ودراسات عن القضية .
8. من أرقى أشكال النضال التي ظهرت في الجنوب تجربة اللجان الشعبية التي تأسست عام 2000م, حيث شُكلت أول لجنة شعبية في العاصمة عدن ثم شُكلت في بقية محافظات الجنوب وصدر عنها بيانا في 7/7/2000م حددت فيه مطالبها واتجاهات نضالها , وضمت بين صفوفها صفوة الجنوب من المثقفين والمحامين والصحفيين والنساء والعسكريين والدبلوماسيين,وشكلت لها قيادة موحدة وقامت بعدة أنشطة, فقامت السلطات الاستعمارية باستدعائهم إلى نيابة الصحافة وجندت عليهم فرق الأمن والسفهاء, وسجنت البعض منهم, وفرضت حظر على نشاطها.
9. في 7/7/2004م تم الإعلان عن تنظيم جنوبي علنيي في بريطانيا هو التجمع الوطني الجنوبي ( تاج).
10. اتباع سلطة الاحتلال بصنعاء تجاه الجنوب السياسة الاستعمارية ( فرق تسد ) لتمزيق وحدة شعب الجنوب وتعميق الصراعات الداخلية الجنوبية ، واستخدام أوراق صراعات الماضي حيث قامت في 10/12/2005م بنبش المقابر في عدن، وأبرزتها في وسائل إعلامها اعتقاداً منها أن تلك المخططات سوف تعمق الشرخ الجنوبي، لكن رد شعب الجنوب كان مفاجأة غير متوقعة لها ، فقد عقد اجتماعاً كبيراً في مقر جمعية أبناء ردفان الخيرية بعدن في يوم 13 يناير 2006م حضره جمع غفير من كافة محافظات الجنوب دعا فيه المجتمعون اعتبار يوم 13 يناير يوماً للتصالح والتسامح والتآخي والتضامن وإغلاق صفحات الماضي والنظر إلى المستقبل . على اثر ذلك قامت السلطات الاستعمارية بمداهمة وتفتيش الجمعية وإغلاقها، حينذاك شكل أبناء الجنوب ملتقيات التصالح والتسامح وعقدوا عدة لقاءات شعبية في أبين والضالع وشبوة. كانت كل هذه المقدمات وغيرها أرضية خصبة لانطلاقة مسيرة الحراك السلمي الجنوبي المباركة والمنتصرة بإذن الله