حناجر مقصوفة بقنابل الصمت

[رداد السلامي]

عندما هممت أن أبوح بشيء يعتمل في ذاتي رفضت ان أخرجه كي لا اتعرض للمسائلة والاقصاء وتعمد ابقائي في حالة من السغب الذي يرثى له..

حناجرنا مقصوفة بقنابل الصمت ..وأقلامنا مسكونة بجمود حبر أسود.. وما ينبض في صدورنا ليس الا عضلة ميتة وماكينة تؤدي وظيفتها الاعتيادية كما كل حين..

لا أدري لماذا جف الانسان في أعماقنا ..وتلاشت روح الكلمة لكأنها أزهقت عنوة ليبقى كل شيء مجثوث كأعجاز نخل خاوية ..لا المثقف أدى دوره كما يجب ولا السياسي المعارض أدى دوره كما يجب.. ولا الكاتب أدى دوره كما يجب ..ولا الشعب انتفض بدوره لينقذ ذاته مما هو فيه..

جميعنا مسكون بالشلل والموت.. وجميعنا يرقب المعجزة المستلقية على توابيت المتفرجين ..وينتظر دابة الأأرض كي تأكل منسأة سليمان حتى يخر ساقطا..عند حدود الكلام والكلام لم نغادر حناجرنا باتجاه الفعل الايجابي ..ولم نتجه نحو ما يفعل فينا هذا التأجج المكبوت والانين المخروس.. كل يوم هو موت لنا..في حين ان كل يوم لدى شعوب الدنيا الحية هو ميلاد حياة جديدة....وكل ساعة هي انتظار يائس يقتل في خلايانا المناعة والمقاومة.. كل يوم يمر ونحن هناك نرقب غروب ظلام لم يتحقق بل يتكاثف كي ينتشر..


مشاكلنا تزداد..واحباطاتنا في تناسل مستمر.. ومن اليأس ما قتل ومن الجوع ما نحر ..ومن الجائعين من انتحر.. مجازر يرتكبها الخطأ الموجود على عرش البلاد ..الزلة المفروضة بفعل تعامينا البليد.. ونحن ضحايا نساق الى شفير الهاوية مبصرين..ما من أحدٍ أبدى المقاومة ..الكل يساوم والبعض يقاوم كي يساوم ..كي يبقى أو يربح.. والبعض ينام على الرصيف وفي منافينا الموحشة وأزقتنا المكنوزة بالأنيين أطفال لا يحتوي أجسادهم الغضة لحاف ممزق ..ورجال غادرتهم العقول لا يجدون اشطافا تواري سوءاتهم..

نطبل ..ونزمر.. ونرقص البرع على ايقاع آلآمنا ..ونجيد سلخ بعضنا عصبية وجاهلية اولى..وحين ندعى إلى حسن الاختيار نختار السوء..وننو ء بحمل الايام الثقال التي تسرق مستقبلنا وتنتزع البسمة واللقمة من أفواه اطفالنا.. نمضي في دروب لا نعي الى اين تقودنا.. ومع كل ذلك لازلنا ونحن بصدد دعوى التغيير نعيد انتاج الأسوء : نقدس الكبار ..وندلل أبنائهم الصغار..