تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النهار البنانية الزيدية والتمرد الحوثي


معين الجنوب
2009-10-31, 04:44 PM
الشيعة الزيدية والتمرد الحوثي في اليمن
بقلم حامد الحمود



تمرد الحوثيين في محافظة صعدة والذي بدأ عام 2004 كعملية أمنية للقبض على النائب السابق حسين الحوثي من الساذج ان نعزوه إلى أسباب طائفية، مدعين بأنه تمرد شيعي ضد نظام سني وذلك لأسباب عديدة. أهمها أن غالبية أفراد النخبة الحاكمة في صنعاء تنتمي إلى المذهب الزيدي بما في ذلك رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح. فالمذهب الزيدي هو السائد بين أهل اليمن الشمالي، ومن يقاتل الحوثيين من قبائل وقوات حكومية ينتمي كثير منهم إن لم يكن معظمهم إلى المذهب الزيدي. هذا إضافة إلى أن الزيدية عاشت في وئام مع المذهب السني في اليمن، وذلك يرجع إلى طبيعة العقيدة الزيدية الشيعية وتاريخ نشأتها ورؤيتها لخلافة أبي بكر وعمر مقارنة بالشيعة الإمامية الإثني عشرية. وبمراجعة لتاريخ الزيدية، تتضح طبيعة العلاقة بينها وبين السنة في اليمن، كما يتبين كيف ساعدت طبيعة اليمن الجغرافية الصعبة على حماية المذهب الزيدي من طغيان الأمويين والعباسيين و العثمانين، بل ومنع مصادرته ومحوه من قبل الشيعة الإثني عشرية، الذين انتشر مذهبهم في إيران والعراق وشرق الجزيرة العربية.
الزيدية تسمية أطلقها الأمويون على الثوار الشيعة الذين خرجوا لمناصرة زيد بن علي بن الحسين في الكوفة والذي أرسل الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك لمقاتلته يوسف بن عمر الثقفي، وتمكن من هزيمته عام 122 هـ. ولد زيد بن علي بن الحسين في المدينة المنورة عام 80 هـ، وهو الأخ الأصغر للإمام محمد الباقر - الإمام الرابع للشيعة الإثني عشرية. وقد اجتمعت في زيد الشجاعة والعلم وكوَّن رؤية مختلفة في السياسة والدين عن أخيه الباقر. فقد رأى أن عليّ بن أبي طالب هو أفضل الصحابة، لكن مصلحة المسلمين اقتضت أن يكون أبو بكر أول الخلفاء، وذلك لأن المرحلة كانت تحتاج إلى شخص يتصف باللين. كما أن أبا بكر كان سباقا في الإسلام وقريبا من رسول الله (ص). وقد أخذ زيد العلم عن كثيرين، من بينهم واصل بن عطاء شيخ المعتزلة. وقد انتقده علي أخذ العلم من واصل أخوه محمد الباقر، وذلك لأن واصل يجوّز الخطأ على جده الأكبر علي بن أبي طالب. والزيدية لا ترى أن إمام المسلمين معيّن بالنص كما هي الحال عند الشيعة الإثني عشرية، وبعض فرقها ترى أن الإمامة شورى بين المسلمين وليس بالضرورة أن يكون من أهل البيت.
بعد مقتل زيد بن علي، تمكن ابنه الحسن من الهرب إلى إيران، واستطاع أن يؤسس دولة زيدية في طبرستان استمرت قرنا من الزمان. أما اخوه يحيى، فقد استمر في العراق وقاتل الأمويين إلى أن قتل. وكان يحيى يقول إن الله خصهما بالشجاعة والعلم، بينما خص أبناء عمومته الذين أصبحوا أئمة الشيعة الإثني عشرية بالعلم. ويرى المؤرخون أن عبء جهاد أهل البيت في القرون الهجرية الأولى تحملته الشيعة الزيدية بينما اتجهت الشيعة الإثني عشرية ممثلة بالباقر وابنه جعفر الصادق لتأسيس فقه الشيعة وأصول عقائدها.
وقد اختار أهل اليمن المذهب الزيدي بملء إرادتهم بدعوتهم ليحيى بن الحسين بن القاسم بن إبرهيم (الإمام الهادي) ليكون إماما لهم في نهاية القرن الثالث الهجري والذي كان يعيش في المدينة المنورة. ويرى الدكتور إبرهيم الفيومي في مؤلفه القيم "تاريخ الفرق الإسلامية السياسي والديني" أن مقدم الهادي زرع الاستقرار وأنهى حروبا بين قبائل وفرق متعددة. فعندما وصل إلى صعدة في عام 284 هـ، خطب فيهم داعيا إياهم إلى التطهر من الأحقاد والضغائن التي ولدتها الحروب، وأضاف الدكتور الفيومي أنه كان للخطبة تأثير عظيم فلم ينصرفوا إلا وقد أصلح شأنهم واختلط الفريقان المتحاربان يقبل بعضهم بعضا.
واستمر حكم الأئمة في اليمن إلى سقوطه في انقلاب عسكري قاده عبد الله السلال عام 1962 والذي حصل على دعم بعد ذلك من مصر، بينما حصل من بقي من الأئمة على دعم من السعودية. هذا ويستحق تاريخ الزيدية في اليمن أن يدرس ليس لمعرفة تاريخ اليمن فقط، وإنما لفهم ما طرأ من تحولات على المذهب الشيعي منذ بداياته حتى وصوله إلى السلطة في إيران بقيادة الإمام الخميني في عام 1979.
لقد مات الآلاف وشرد مئات الألوف في محافظة صعدة منذ بداية التمرد عام 2004، واستخدمت حكومة صنعاء العقاب الجماعي أملا منها بالقضاء على التمرد في هذه المنطقة الفقيرة والمهملة من قبل الحكومة المركزية. ويرى كثير من المراقبين أن الإهمال والفقر هما السببان الرئيسان للتمرد، وليس البعد المذهبي، خاصة أن زائر اليمن لا يلاحظ توترا مذهبيا الى درجة أن الشيعة الزيدية في اليمن يصلون في مساجد سنية أئمتها سلفيون.
لا شك في أن اليمن يعاني مشاكل كثيرة، أهمها انتشار السلاح وتآكل الفرد والمجتمع من زراعة القات واستهلاكه. ومن المتوقع أن يتدهور الوضع الى الاسوأ بسبب تناقص الإنتاج النفطي ونضوب خزانات المياه الجوفية. ويقدر خبير ألماني أن مخزون المياه في صنعاء لن يكفي أكثر من عشر سنين، مما سوف يسبب هجرات واسعة خلال السنوات المقبلة. ومع كل هذه المشاكل، فإن التفكير بإصلاح جذري ليس مأمولا، لأن النخبة في اليمن عادة ما تبحث الحلول في جلسات القات. وكما صرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء عادل شجاع لمراسل مجلة تايم "إن جميع القرارات لحل مشاكل اليمن تكون سيئة، لأنه تم اتخاذها من أفراد تحت تأثير القات".
ربما على دول مجلس التعاون ان تبدي اهتماما اكبر بمستقبل هدا البلد الشقيق والذي قد يؤدي تدهور أكبر في اقتصادة وأمنه الى عواقب على المنطقه بأكملها.