د.محسن الجبيري
2013-08-12, 01:27 AM
الأختلاف في الرؤي والتصورات من سنن الله في خلقه. فالبشر خلقوا مختلفين في اشياء ومتشابهين في اشاء اخرى, كما خلقوا شعوبا وقبائل ليتعارفوا. ومن الطبيعي جدا ان يختلف البشر في التفكير, لكن الغريب ان يسعى البعض الى تحويل الناس الى نسخ متكرره لبعضها البعض, حتى يوافق بعضهم البعض الآخر ولا مجال لغير ذلك. وما جعل الله لرجل من قلبين في جوف واحد...ان الممارسات السياسية وتراكماتها لبعض القيادات الجنوبية عموما, طبعت الجنوبي بسلوك اقل ما يقال عنه انه أناني وعدواني تجاه الآخر لا يقبل من يخالفه الرأي. فكل صاحب رأي مخالف هو عدو وخائن بالضرورة يجب تتبع عوراته لا لشيء سوى لادانته وتدميره ونبش ماضيه وامور لا علاقة لها بموضوع الاختلاف ولا بجوهر النقاش ولا بهدف النضال المشترك. فبمجرد ان يختلف جنوبيان في الرأي او يتسابقان من اجل التزلف والتملق,حتى يروح كل منهما ينبش في ماضي الآخر ويسيء اليه. فلا يتواني احدهما او كلاهما في شتم الآخر والتشكيك في وطنيته وما الى ذلك من الاساليب الهابطة لادارة نقاش كان من المفروض الا يخرج عن نطاق مناطحة الأفكار والحجج والبراهين. للأسف اصبحت شعارات الثورة والثوابت عند البعض سجل تجاري يتلاعب به لتحقيق المكاسب والتقرب من السلطان, وتحولت ايضا تهم الخيانة عند هؤلأ الى سجل للأبتزاز والتهديد مهما كانت باطلة ومزوره. لقد طغت ثقافة التخوين وانتشر الباطل وعم البهتان جراء انحسار ثقافة الحوار وقبول الآخر والأعتراف بالقيم الأنسانية لمحك لتحديد الخطاء والصواب. ذلك انه عندما يعجز المرء عن ادارة الخلاف الفكري والسياسي بأدواته الحقيقية الحضارية اي الحوار والنقاش والجدل بالتي هي احسن, وتضعف حجته يلجأ الى استعمال طرق ووسائل غير مشروعه وغير حضارية وغير اخلاقية, ليحقق بها نصرا مزيفا غير شريف عجز عن تحقيقه بالطرق الحضارية. ان اللجؤ الى هذه السبل لتسيير الخلاف وحسمه هي قمة الأنهزامية وضعف الحجة, وادانة ثابته لمن يتخذها سبيلا للأنتقام لنفسه. هذه الظاهرة التي عمت الساحة الجنوبية شوهت العمل النضالي السلم الحضاري (الذي كان لشعبنا شرف ابتكاره قبل ثورات الربيع العربي), فاصبحت مظاهر هذه الثقافة عند البعض تميز نشاطه النضالي, وفي نهاية المطاف شعبنا هو من يدفع ثمن تلك السلوك الغير اخلاقيه. والطامة الكبرى ان بعض المثقفين والكتاب والصحفيين سقطوا نفس السقط, وراحوا يناقرون بعضهم البعض... يا ناس متى نرتقي ونتعلم ونستفيد من صراعات الماضي ومآسيه التي كانت ولا زالت سبب معاناة شعبنا, ومتى نتعلم الدروس من ظلم واذلال الأحتلال, ومتى نتأقلم مع العصر ومتغيراته والأهم متى نرتقي الى مستوى نضال شعبنا العظيم المتسامح...